تطور الصراع القبلي في دارفور وبات يتخذ منحي يشبه الحرب الدائرة بين النظام والحركات المسلحة, وأصبحت اللغة المستخدمة لوصفه تعكس مدى التعقيد في هذا الصراع، فقد صارت الأسلحة متطورة ولم تعد الجودية تجدي، وبرزت للسطح مفردات مثل: الهدنة وسحب القتلى والجرحى ووقف القتال والتعويضات، ورغم تزايد عدد القتلى والجرحى والمفقودين نتيجة تلك الصراعات وفشل مؤتمرات الصلح العديدة، يبدو النظام وكأن الأمر لا يعنيه، ورغم التصريحات من كبار قادة النظام والاشتراك فى المؤتمرات إلا أن النتيجة صفر، بل ويتفاقم الصراع الدامي حتى بين بطون القبيلة الواحدة. الصراع القبلي في دارفور تعدى مرحلة النزاع التقليدي حول الموارد, الآن بات صراع حول الثروة والسلطة، وهو انعكاس للصراع السياسي والاجتماعي في دارفور, والسودان ككل وسلطة الانقاذ عوضاً عن وضع حد للحرب هناك بمخاطبة جذور الأزمة والاستجابة لمطالب أهل الإقليم تعمل على توسيع شقة الخلاف بين مكوِّنات المجتمع حتى تصبح حرباً مجتمعية أي الانقلاب على فكرة الحوار الدارفوري الدارفوري نفسها, وكل ذلك بقصد إلهاء أهل الإقليم عن أسباب الحرب ومواجهتها بيد واحدة، وتلك هي خطورة الاستمرار في تلك الحروب القبلية التي تعمق الغبن والكراهية وتهدر الموارد الاقتصادية والبشرية، ومامن قبيلة ستجني الثمار سوى المؤتمر الوطني. ومن هنا فأننا ندعو ونناشد القيادات الأهلية في دارفور تفويت الفرصة على المؤتمر الوطني، والنفاذ مباشرة لأسباب الصراع فهو صراع يرتبط بقضية السودان الأساسية وهي السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتلك هي أسس دولة المواطنة التي تتيح إمكانية حل النزاعات المجتمعية بالطرق السلمية والقانونية، والاستفادة من الإرث القبلي الغني للوصول لرؤية مشتركة حول فض النزاعات تفادياً للخسائر البشرية والمادية وآثارها النفسية والاجتماعية المدمرة.