البرنامج الذي تقوم بتنفيذه "داعش" في العراق، والذي يطعن في الصميم مفهوم الوطن والوطنية، وكذلك الهجوم على صحيفة التيار الذي تحملت مسئوليته جماعة حمزة للدعوة والجهاد، قادا لفتح كل ملفات التطرف والهوس الديني. وفي الواقع،انتشر التطرف الديني في أنحاء كثيرة من العالم، بما في ذلك افريقيا والبلدان العربية. أنه لم يعد قاصراً على تنظيم القاعدة وحده. ويتذكر الناس في السودان: جماعة الخليفي، وأحداث مسجد الجرافة، والمجموعة التي اعتدت على المصلين في كمبو عشرة بالقرب من مدني، والجماعة التي أهدرت دم عدد من الناشطين السياسيين، وخلية الدندر وغيرها. ويتناقل الناس باستنكار شديد أخبار الإرهاب الذي تمارسه "داعش" في العراق، وخاصة ضد أبناء الموصل المسيحيين.فقد إعتدت على الكنائس، وخيَّرت المسيحيين بين التخلي عن دينهم وأعتناق الإسلام، ودفع الجزية، ومغادرة البلاد، أو مواجهة القتل. أن ظاهرة التطرف والهوس الديني ترتبط مباشرة بتسخير الدين الإسلامي الحنيف لخدمة مصالح دنيوية بحتة. وقد بدأت في التأريخ الإسلامي بدعاوي الملك العضود وخليفة الله في الأرض والمال مال الله. ثم رفدتها لاحقاً الدعاوي المغلوطة التي تدمغ الإسلام نفسه بالإرهاب. وذلك بالتفسير السطحي والخاطئ للآية الكريمة: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) الآنفال-الآية(60). إن هذه الظاهرة هي إفراز للشمولية والإسلام السياسي بعد تعثر وفشل مشروعه الحضاري. ومن ناحية أخرى هي نتاج وثمرة لتواطؤ الإسلام السياسي مع قوى الإمبريالية بهدف قطع الطريق أمام تطور وانتصار الثورات الديمقراطية للشعوب. ان ما يساعد في مكافحة هذا الخطر الداهم ليس فقط الدمغ الواضح لكل التنظيمات التي ترعاه بالإرهاب. فهذا وحده لا يكفي، بل لابد من:- - نشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان والحريات الدينية في مناهج التعليم وأجهزة الإعلام. - تجفيف مصادر الإرهاب بتسطير نهاية للأنظمة الشمولية وفتح الطريق للتحول الديمقراطي. - اعتماد وترسيخ ما دشنته ثورات الربيع العربي حول ضرورة الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.