قال لي صديقي الإعلامي الإريتري- لا داع لذكر اسمه- يعمل ضمن طاقم وكالة أنباء عالمية في لندن: " أنشأت مؤسستنا مكتبا في الخرطوم منذ وقت مبكر، وتفاجأت أن المؤسسة أغلقت المكتب" كان رأي صديقي بعد أن خاض مناقشة مع إداريي المؤسسة حول الأمر، أن هذا القرار يعد خسارة للوكالة، باعتبار أن المؤسسة- الوكالة، عملت بجد في هذه المنطقة، واسست بنية تحتية لمصادر الأخبار والتقارير، غير مسبوقة، مما يتيح لها المنافسة في هذه المساحة بمقدار معقول، قال ذلك ردّا على تعليل الإداريين للإجراء أنه حدث من واقع تقييمهم "أن السودان بات منطقة خارج التغطية الإعلامية- الآن- إقليميا وعالميا"، و وجهة نظر صديقي الإعلامي، حسب المناقشة العفوية التي دارت بيني وبينه، أن السودان، وإن حظيي بهذه الوضعية في الوقت الراهن، لا يعني أن مستقبل الأحداث لن يدفع به لاحقا إلى واجهة المشهد، بشكل أو بآخر، وكان ردُّ أرباب المؤسسة على وجهة نظره "حسنا، سنعمل على فتح المكتب هناك، متى ما أصبح ما تشير إليه واقعا حقيقيا ملموسا"! في مشهد آخر، كانت هناك محادثة عفوية بيني وبين الزميل "عثمان فضل الله" كان رئيسا لقسم الأخبار السياسية بصحيفة "الأضواء- متوقفة الصدور- في صدورها الثاني 2003م- 2006م"*، وكنت رئيسا للقسم الثقافي بالصحيفة، محور المحادثة كان يدور حول الأهمية "زائدة عن اللزوم" في تقديري، التي توليها إدارة الصحف لقسمي "الأخبار السياسية و القسم السياسي" على حساب بقية الأقسام، وأذكر أن "عثمان" قال لي ما معناه، إن الأحداث السياسية التي يعايشها السودان الآن لم يسبق لتاريخ السودان أن عايشها من قبل، وافقت وجهة نظره تلك، وكنت قدمت توّا لصحيفة "الأضواء" من صحيفة "الأيام" قبل أن أغادر الأيام كنت لصيقا بتفجر الأحداث بدارفور أوان ظهور ما يعرف ب "الحركات المسلحة" و ما "حدث في مطار الفاشر من قبل حركة العدل والمساواة بقيادة الراحل د. خليل إبراهيم" وكنت أتابع عن كثب محاولات "المجتمع الدولي" لإطفاء نيران "أطول حرب أهلية" شهدها العالم- أعني إرهاصات مفاوضات "نيفاشا" التي أثمرت لاحقا ما يعرف ب "إتفاقية السلام"- الشهيرة، والتي أفضت، بدورها لاحقا ل "انفصال جنوب السودان عن شماله، دولة مستقلة بعلم ونشيد وطني جديدين، وبالتالي تاريخ جديد تذهب لتأسيس كيانها، نحو "سودان جديد"، هو شعار الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي لم تسلم من الإنشقاق كوننا نحظى الآن ب الحركة الشعبية لتحرير السودان- مؤسسة دولة "جنوب السودان" و ب "الحركة الشعبية- قطاع الشمال، لا تزال تخوض حربا أهلية ضروسا، ضمن تحالف عريض مع حركات مسلحة ضمن إطار ما يعرف ب المناطق الثلاث (دارفور، جبال النوبة، النيل الأزرق) أو ما يحلو لبعض المحللين السياسين بتسميته (الجنوب الجديد)"؛ نعم وافقت زميلي "عثمان فضل الله" وكان "السودان" وقتها: ليس خارج التغطية الإعلامية إقليميا وعالميا! هل "السودان" الآن، خارج التغطية الإعلامية إقليميا وعالميا حقاَ، هذا ما سأعود لتفصيله بعد قليل، وفق ما أقرأ واقع الحال والمآل: سودانيا، وإقليميا وعالميا! 28 تموز/ يوليو 2014م