قال الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح إن المظاهرات التي تشهدها بلاده والتي تطالب برحيل نظامه، تندرج في إطار حرية الرأي المكفولة في اليمن، في ذات الوقت نصب آلاف الأشخاص خياما في ساحة جامعة صنعاء الجديدة للاعتصام حتى رحيل النظام، ويضاف هذا الاعتصام إلى اعتصام مماثل في مدينة تعز بوسط البلاد وآخر في حي كريتر بمدينة عدن. وأكد الرئيس اليمني أن ما يحدث في اليمن منذ أيام من اعتصامات ومظاهرات، يندرج في «إطار التعبير عن الرأي، وفي إطار حرية الصحافة»، وقال في مؤتمر صحافي بصنعاء، أمس، إن «بلدنا بلد تعددي ونظامه السياسي قائم على التعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي مكفولة لكل مواطن، وكل مواطن من حقه أن يعبر بالطرق السلمية والديمقراطية دون اللجوء إلى العنف والفوضى وحرية التعبير السلمي عن الرأي كفلها الدستور والقانون». وبشأن العلاقة مع أحزاب المعارضة والحوار السياسي، أشار صالح إلى أنهم في الحزب الحاكم قدموا حزمة من الإصلاحات والتي أعلن عنها في اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى مطلع الشهر الجاري، وهي التي أعلن خلالها عن عدم التمديد لفترة رئاسية أخرى أو توريث الحكم لنجله، وأن حزمة الإصلاحات هذه «جاءت بناء على طلب من الإخوة في المعارضة، وبالذات أحزاب اللقاء المشترك ولكن للأسف الشديد، بعد أن قدمت هذه الإصلاحات وحظيت بتأييد شعبي من عامة أبناء الوطن، ارتفع سقف المطالبات من قبل الإخوان في أحزاب اللقاء المشترك، وكلما لبت القيادة السياسية المطالب التي تتقدم بها أحزاب اللقاء المشترك ارتفع سقف المطالب ومنها مطالب غير مقبولة وعلى سبيل المثال يطالبون برحيل النظام». وأضاف صالح: «نحن ندعو إلى الحوار وهم يرفضونه ويقولون في بياناتهم لا حوار في ظل البندقية والهراوات وهذا غير وارد، الهراوات موجودة معهم؛ مع المتظاهرين الآخرين وأصحاب العربيات يبيعون الهراوات لكل من هب ودب»، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تعمل على «رأب الصدع بين المؤيدين والمعارضين، والأجهزة الأمنية حصيفة وتتحمل مسؤوليات، ولديها تعليمات صارمة من مجلس الدفاع الوطني بعدم استخدام القوة إلا في حالة الدفاع عن النفس»، وجدد صالح أن على من يريد الوصول إلى السلطة فعن طريق صناديق الاقتراع دون أن «تلجأ إلى الغوغاء والفوضى»، واعتبر ما يجري في المنطقة «عدوى» و«مثل الإنفلونزا». وأردف: «هذه عدوى، وليست من تراثنا ولا من ثقافة الشعب اليمني، وإنما هي عدوى هبت من تونس إلى مصر ومجرد أن تجلس مع واحد مصاب بالإنفلونزا تنتقل العدوى إليك، وشعبنا شعب حضاري وعظيم يفرق بين الغث والسمين، وهؤلاء مقلدون وكل ما قدمته الدولة مرة أخرى من تنازلات ارتفع سقف المطالب»، مؤكدا، أيضا، أن السفارات الغربية «لن تكون هي الحكم وإنما الشعب اليمني هو من سيكون الحكم من خلال صناديق الاقتراع»، وردا على سؤال ل«الشرق الأوسط» بشأن تعليقه على انضمام حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) المعارض إلى ما سميت «ثورة الشباب» حتى إسقاط النظام، رد صالح بمثل شعبي يمني: «ارحبي يا جنازة فوق الأموات»، ثم أنهى المؤتمر مع بدايته وانصرف. وتواصلت، أمس، الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في عدة محافظات أبرزها: صنعاء، تعز، عدن والحديدة، وفي حين سارت الأمور بهدوء دون حوادث أمنية في صنعاء وتعز، فإن من يوصفون ب«البلاطجة» اعتدوا على المئات من المعتصمين في مدينة الحديدة، دون أن تتوفر معلومات بشأن سقوط ضحايا، وفي مدينة عدن أفادت المعلومات بسقوط قتيل وعدة جرحى في مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، وفي عدن أيضا دهست حتى الموت، مدرعة عسكرية تسمى «حميظة» مواطنا من عمال النظافة عندما كان يقوم بتنظيف الأماكن التي شهدت أول من أمس، مواجهات ومظاهرات مطالبة برحيل النظام. وانضم الحوثيون، أمس، إلى الأصوات المطالبة برحيل نظام الحكم، فقد شهدت مدينة ضحيان بمحافظة صعدة، مظاهرة حاشدة لأنصار الحوثي الذين رفعوا لافتات تتهم النظام اليمني ب«العمالة» وكتب عليها شعارات ك«الشعب يريد إسقاط النظام»، وأخرى كتبت بالإنجليزية: « GO out Ali Saleh ». وصدر عن المظاهرة الحوثية التي يقول منظموها إن عشرات الآلاف شاركوا فيها، بيان أكد فيه المتظاهرون على «وقوفهم مع خيار الشعب المطالب بإزاحة النظام»، وأشاد البيان بدور الطلاب ومنظمات المجتمع المدني «الذين بادروا بإطلاق هذه الثورة المباركة ضد الاستبداد»، والذين «استطاعوا بفضل صمودهم وتضحياتهم أن يوصلوا الثورة الشعبية إلى مرحلة اللا عودة»، حسب البيان الذي أكد فيه الحوثيون «للجميع عنوان التلاحم والسير قدما مع بقية أبناء الشعب لنرفع عنا الظلم والاستبداد الذي جرع الشعب اليمني وعلى طول حكمة المستبد النكد والولايات والحروب والأهوال»، حسب تعبير البيان. إلى ذلك شجب الاتحاد الأوروبي في بيان محلي صدر عنه من صنعاء، أمس، قمع المظاهرات التي تخرج في اليمن، وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه يدين «وبشدة استخدام العنف ضد المحتجين السلميين ويدعو السلطات اليمنية للوقف الفوري لهجمات قوات الأمن والمجموعات المسلحة المؤيدة للحكومة على المحتجين السلميين والصحافيين»، ودعا إلى «تجنب أي تصعيد»، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي «يشجب بشدة فقدان الأرواح ويدعو الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالهدوء لتفادي المزيد من الإصابات والعنف»، وأضاف أنه يذكر ب«التزامات اليمن لحماية حق الأفراد في الحياة والأمن وحقوق حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والتجمع السلمي».
