بالمناسبة :- أين المشروع الحضاري ؟ الصحفي د/ خالد التجاني النور – متسائلا نقول :- دُفن في الفساد والإفساد في تجزئة البلاد وإفقار العباد قيل إنه انتحر وذلك ليس ببعيد ولكنهم نحروه وهذا قول أكيد خطيئة الوصول – مكيافيلية الوسائل لقد كان الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري هو الخيار الخاطئ نحو المنهج الصحيح وذلك لأن الوصول إلى السلطة بالقوة يعني لا سبيل للمحافظة عليها إلا بذلك لتضيع في خضمها مقاصد الإسلام الحقيقية إلا في دعاوي لشعارات تبقى رسما بلا رؤية ثاقبة ولا فعلا نزيها وهذا هو الترابي يصرح قائلا: "ما كنا نقدر خطر فتنة السلطة، وهذه واحدة من أخطائنا" أما د/ علي الحاج فقد صرح قائلا: "الانقاذ خطيئة الحركة الإسلامية". من أجل التمكين السياسي قامت الإنقاذ بتسيس الخدمة المدنية والعسكرية فرفعت شعار الإحالة للصالح العام، فأبعدت وشردت الآلاف ثم عمدت إلى الإحلال والإبدال وكانت معايير الاختيار هي الولاء القائم على الجهوية والمحسوبية والمحاباة دون أدنى مراعاة للكفاءة والخبرة. في مقاله المثقف والسلطة طراد مستدام للدكتور حسن عابدين الذي عمل بالخارجية سفيرا ووكيلا خلال حقبتي مايو والإنقاذ كتب عن "الدبلوماسية الرسالية" وأشار إلى هذه البدعة الدبلوماسية التي جاءت بها الإنقاذ في ظل سياسة التمكين وعن ظواهر الفشل الرسالي في أداء الوزارة وعندما سألته الصحفية نادية عثمان مختار بجريدة التغيير قائلة كنت وكيلا للخارجية وسفيرا سابقا كيف تنظر لأدائها الآن؟ أجاب د/ عابدين قائلا "بائس جدا لأنه انتشرت فيه آفة التمكين وعدد كبير من الشباب الذين تولوا مواقع في الخارجية تم اختيارهم على أساس انهم الدبلوماسيون (الرساليون) وهم يمارسون الدبلوماسية الرسالية وغاب المنهج العلمي في الخارجية وتحولت لإدارة في رئاسة الجمهورية". وتصريحات وزارة الخارجية عن نصب الصواريخ الإيرانية في البحر الأحمر وحكم الردة على مريم يحي وغيرها من التصريحات تقف دليلا قاطعا على بؤس الأداء وصدق ما ذهب إليه د/ عابدين في إجابته على سؤال الصحفية. في مقاله الإيديولوجيا والسلطة يكتب أمير بابكر عبد الله في جريدة الخرطوم قائلا "هل يعتقد أحد ما أن الإنقاذ لم تضع في اعتبارها وهي تصوغ إيديولوجيتها وتعيد تركيب أجهزة الدولة بعد السيطرة عليها، الحراك الجماهيري والمؤسسات السياسية التي يمكن عبرها أن تتم المقاومة فهي صاغت قوانينها ودساتيرها لتحكم وتتحكم في تلك الجماهير من أجل خدمة مصالحها فقط وذلك باستخدام العنف بمقدار "ترهيباً" والإغراء بإسراف "ترغيباً" وهو المنهج الذي استمر لعدة سنوات بعد الانقلاب كما جاء في كتاب الأستاذ فتحي الضو "السودان سقوط الأقنعة" فالترهيب والترغيب شكلان من أشكال العنف يهدفان في النهاية إلى السيطرة ويستطرد قائلا بدم بارد جدا، قامت الإنقاذ بتصفية مؤسسات الدولة من كل البؤر والأوكار التي يمكن أن تضع فيها المعارضة أعشاشا لها لتفرخ من الطير ما يقض مضاجع "الإنقاذ" ويشغلها بمعارك جانبية عن تنفيذ خطتها في أدلجة الدولة. بدم بارد جدا أجهزت الإنقاذ على مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات واتحادات واحتلت دورها وهياكلها، أرجلها وأزرعها لتجعلها كسيحة إلا من فعل مؤيد لسياستها معضدا لإيديولوجيتها متفاعلا مع أهدافها. بدم بارد جدا تمدد أخطبوطها الاقتصادي ليعتصر من لا يواليها ويخرجه مرغما من دورة المال والإنتاج ليصبح حكرا عليها دون غيرها. كل ذلك صاغته مراسيم دستورية ودساتير وقوانين شرعتها لإدارة مصالحها لا لمصالح غيرها، مؤسسة لدولتها وممكنة لسلطتها ومسخرة الآخرين لخدمتها، وضربت بقوة وعنف وجبروت كل من يحاول اختراق المنطقة الحرام مدعية أنها هي وحدها العليم بما ينفع أهل السودان في عالم الغيب والشهادة وما على السودانيين إلا الطاعة والاحتذاء. في مقاله الإسلاميون بين النوستالجيا واستحقاقات عودة الوعي يكتب خالد التجاني النور قائلا "أزمة الحركة الإسلامية الحقيقية التي ينبغي الاعتراف بها هي أزمة فكرية ومنهجية بالأساس ترتبت عليها ممارسة ذرائعية وميكافيلية للسياسة تحت لافتة شعارات إسلامية براقة دون التقييد بما يمليه الوازع الديني أو الأخلاقي المكافئ لمن يتجرأ على رفع مُثل الإسلام التي تتطلب درجة عالية من الالتزام والحس الأخلاقي والضمير الحي" كان كعب أخيل الحركة الإسلامية السودانية هذا الولع الشديد والمبكر بلعبة السياسة والتعجل للوصول إلى السلطة واعتبارها الطريق الأسهل، والأسرع إلى إحداث التغيير الذي ترفع شعاراته متعجلة تحقيقه وفي حسبانها أن السلطان أمضي من القرآن وأفعل ويمضي قائلا ستبقى خطيئة "الحركة الإسلامية" الكبرى وجنايتها التي لا تغفر إقدامها على الانقلاب العسكري في عام 1989م . فى مقال للدكتور غازى صلاح الدين ( صحيفة السودانى بتاريخ 13/11/2012 ) يكتب قائلاً ( كان المؤمل ان ترسم الحركة الإسلامية طيلة عقدين من الزمان رؤية فكرية واخلاقية مستمدة من فكرنا الإسلامي يوجه مسيرة الحكم نحو المقاصد والغايات السامية يهتدى بها اهل الحكم وهم يقودون ذراعها الممسك بالسلطان وهو المؤتمر الوطنى ليتنزل رحمة وخير للمجتمع .لكن تاهت الرؤية وإنحسر المد الفكري مع اشواق السلطة ومنافعها التي ضلت وسط زحام من سوء التدبير ،فسدت معه الذمم وإنعدام الوازع الأخلاقى وتعمقت جذوة الإقصاء واُحتكرت السلطة والثروة فى قلة ممسكة بمقاليد الامور كان عصى عليها ان تتنازل عن السلطة وتفسح المجال للآخرين بمزيد من الحريات وقبول الآخر ، الحرية والعدالة من ارفع القيم الإسلامية والاخلاقية التى توافقت عليها كل المبادئ والقيم الدينية السمحة المشروع الحضاري نحره المبشرون به الذين رفعوه شعارا ولم يحملوه فكرا وقيما وتطبيقا وممارسة – نحروه بالبدايات الخاطئة، بأخطاء وخطايا التمكين، بالفساد والإفساد، بالتية السياسى والتكلس الفكري، بأزمات النظام وصراعاته. [email protected]