تحكي الطرفة السودانية عن أن أحد المصابين بمرض فوبيا الخوف من الموت (و من ضمن أعراضه الإكثار من التحدث عن الموت والحوادث التي تسبب الموت) و لذلك فهو يحرص دائما، كلما سمع بخبر وفاة أو قرأ نعيا في الصحف اليومية، الذهاب فورا لبيت العزاء ليس للمواساة و إنما لمعرفة سبب موت المرحوم و بمجرد الانتهاء من الفاتحة و العزاء و تناول الماء و الشاي و القهوة يسأل أهل العزاء (المرحوم مات كيف؟) و يشعر بالراحة كلما كانت أسباب الوفاة مفهومة له و لها مبررات واضحة كان بالإمكان تجنبها أو الوقاية منها ،،، و يُحكي أنه في بعض المرات ذهب لأحد بيوت العزاء و سأل كعادته عن سبب الوفاة فأجابوه بأن المرحوم مات متأثرا بمرض السُكَّري فأجابهم (هو البخلي يأكل الدهون و يكتِّر من السُكَّر شنو؟ ما كان يعمل حسابه من البداية ما عارف أنو في مرض قاتل اسمه السُكَّري) ،،، و في أحد بيوت العزاء الأخري أجابوه بأن المريض جاتو جلطة عشان كان عندو مرض ضغط الدم و ما جايب ليهو خبر فأجابهم (هو البودي يكتِّر من أكل الشطة و الملح و الدهون شنو؟ ما عارف أنو القلب ما مستحمل و دم البني آدم عايز ليهو مجاري سالكة و الواحد مفروض يعمل حسابو عشان ما ينفجر فيهو شريان يجيب أجله) ،،، و في رده لأهل العزاء في مأتم آخر بعد أن أجابوه (و الله المرحوم كان ماشي في الشارع ضربتو عربية فأجابهم (هو ما كان يخلي بالو ،،، البودي يمشي في شوارع الجماعة ديل المحفرة و مكسرة و ما جايب خبر للعربات الزيتها ناقص و فراملها مجلية شنو؟) ،،، و في مرة ذهب لأحد بيوت العزاء البعيدة و سأل سؤاله المعهود (المرحوم مات مالو؟) فأجابوه و الله المرحوم كان كويس مواطن صالح بصلي و بصوم و بحج و بدفع الضرائب و الزكاة و في حاله و ما عندو حاجة و ما بشتكي من أي شئ و صحته زي الفل و عمره ما مشي لدكتور و لا رقد مستشفي بس كان نائم و بعد المرة جات تصحيهو الصباح لقتو ميت في سريره فأجابهم و هو يعيد رباط عمامته واقفا حائرا يهم بشد الرحال إلي وسواسه العجيب و هو يهمهم (و الله دا البجنن بوبي ذّذذذذذذاتو). و قد ورد أيضا في عمود الكاتب الساخر كمال كرار بجريدة الميدان عدد الخميس 14 أغسطس 2014م ضمن مقاله طريف الظل عميق المعاني بعنوان (حاجة كولن كولن) ما نصه (وإذا تطورت العقد النفسية للأمراض العقلية والنفسية فالأمر يحتاج لكهرباء ذات ضغط عالي، ولكن الدفع مقدماً، والشبكة منتهية، وناس الكهرباء يفرضون علي المستهلك شراء العداد نقداً ثم دفع إيجار شهري قدره 2 ونص جنيه للقطاع السكني، ثم أضافوا عمولة قدرها واحد جنيه يدفعها المستهلك نظير كل فاتورة شراء، وبعد كل هذا لا تدخل قروش الكهرباء لميزانية الدولة ودا الجنن بوبي). و بوبي هنا بالتأكيد غير بوبي الذي يطارد هواجس بطل قصتنا المصاب بمرض فوبيا الخوف من الموت و لكنه قطعا لا يختلف عنه في جوهره و مضمونه و أسباب جنونه ،،، فالموت (و إن كان حقيقة لا مفر منها) إلا أنه ليس هنالك ثمة طريق واحد له ،،، و الجنون أيضا (باعتباره سلوك شاذ يعبِّر عن حالة من حالات عدم السيطرة علي العقل) له عدة طرق و أسباب تؤدي له. أما الإنقاذ (و ما أدراك ما الإنقاذ) فقد تفننت و أبدعت في صناعة أسباب الموت و الجنون. و ها هو بوبي في رواية كاتبنا المبدع كمال كرار محتارا هائما في ذهوله من أمرين الأول من كون المواطن الغلبان يدفع الضرائب و الزكاة و كل الأتوات المطلوبة (و هو صابر) في سبيل الحصول علي الكهرباء و الماء (عداد، فاتورة مسبقة الدفع، رسوم، عمولات و غيرها) بجانب كونه الوحيد الذي يتحمل في نهاية المطاف أعباء كل الديون و القروض الأجنبية التي اقترضتها الإنقاذ و استخدمت القليل جدا منها في بناء أكذوبة خزان مروي و غيره إلا أنه بكل بساطة إما فاقداً لخدمة الكهرباء و الماء بسبب القطوعات الكهربية المتكررة (التي تطارد أحلام ساخر سبيل في مقاله المجنون بعنوان "جنون كهربائي") أو معدماً لا يملك قيمة الفاتورة أو ميتاً بسبب صعقة كهربائية قاتلة في بركة مياه الأمطار المجاورة مباشرة لمنزله المكهربة نتيجة لتهاوي عمود النور المجاور أو سقوط أسلاكه العارية المهملة علي مياه الأمطار، أو بسبب تسرب تيار من سلك عاري في أمية الكهرباء الرئيسية في المنطقة إلي برك الماء التي خلفتها الأمطار. و الذي يزيد من حيرة بوبي و جنونه أن هذه الصعقة الكهربائية القاتلة مدفوعة القيمة و تُقيَّد عليه في حسابات شركة توزيع الكهرباء و عداداتها التي لا تخطئ استهلاكا كهربائيا و لا تغادر قرشا واحدا واجب السداد إلا و أحصته فالمواطن في بلادنا يدفع فاتورة موته مقدما و شركة الكهرباء تربح من كل صعقة كهرباء قاتلة (فمصائب قوم عند قوم فوائد). أما الأمر الثاني و هو الأكثر غرابة و إثارة للجنون يأتي من كون إيرادات شركة توزيع الكهرباء و عائداتها التي لا تحصي أو تعد (كما جاء في حكاية حاجة كولن كولن) لا تدخل في ميزانية الدولة. أما لماذا فهذا ما لم يرد في ذهن حبيبنا بوبي و لم يخطر بباله من الأساس. و رفقا ببوبي و حرصا منا علي سلامته و حتي لا يصاب ما تبقي من عقله الجميل بالجنون نقول له لا تحزن فللكهرباء في بلادنا قصة أغرب من الخيال و كما للجن عفاريت فللكهرباء أيضا عفاريت. و لكنها عفاريت ليست ككل العفاريت التي نعرفها أو كما يقول أهلنا من شمال الوادي (عفاريت إنما إيه !!!). نور و شاشا (و ما أدراك ما نور و شاشا) عفاريتٌ من الجن الرأسمالي الإسلامي الطفيلي (الذي يعيش علي امتصاص عرق عامة الناس و كدحهم دون أن يقدم لهم شيئا) المتيم بحب المال و الثراء و الجاه و النعيم فهي لا تخطئ الطريدة و تعرف جيدا من أين تؤكل الكتف و أين تغرس أنيابها المسمومة و تجيد دغمسة الكلام و توظيف الدين لمصالحها و مراكمة ثرواتها. و بما أن الكهرباء في أي بلد من البلدان تعتبر من القطاعات المربحة المدرة للدخل باعتبار أنها خدمة ضرورية تحتاجها كل القطاعات الإنتاجية و غير الإنتاجية و لا يمكن الاستغناء عنها فقد قامت الإنقاذ بخصخصة قطاع الكهرباء (لأمر في نفس يعقوب و تمهيدا لنهب موارد البلاد و استغلال جهد الناس و مراكمة الثروات لأهل الحظوة من جماعة الإنقاذ و حلفائهم من رأس المال الإسلامي الطفيلي في الداخل و الخارج) حيث أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 169 لسنة 2010م بإلغاء تأسيس الهيئة القومة للكهرباء و أيلولة كل ممتلكاتها و عقاراتها و أصولها و التزاماتها للشركات المنشأة في مجال الكهرباء و منها الشركة السودانية لنقل الكهرباء، الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، الشركة السودانية للتوليد الحراري، الشركة السودانية للتوليد المائي، شركة كهرباء سد مروي، و غيرها و أصبح قطاع الكهرباء منذ وقتها ضمن القطاع الخاص و لا تدخل إيراداته ضمن بند إيرادات موازنة الدولة إلا بقدر حصة الدولة كشريك في هذه الشركات و بقدر ما تدفعه هذه الشركات من ضرائب للدولة (هذا إذا كانت أصلا تدفع ضرائب) في الوقت الذي يتم فيه الصرف علي هذا القطاع من بند المصروفات في الموازنة العامة للدولة حيث بلغت المصروفات علي قطاع الكهرباء و الموارد المائية في عام 2013م (حسبما هو موضح في الجدول رقم (6–7) – مصروفات التنمية القومية حسب القطاعات المختلفة لعامي 2012 و 2013م – التقرير السنوي الثالث و الخمسون للعام 2013 الصادر عن بنك السودان المركزي – صفحة 110) ما قيمته 2075 مليون جنيه أي ما يعادل حوالي 221 مليون دولار (بسعر 9.4 جنيه للدولار) مع ضرورة ملاحظة أن 70% من إيرادات الموازنة العامة هي إيرادات ضريبية يتحملها المواطن الغلبان لوحده في نهاية الأمر حيث تمثل الضرائب المباشرة علي الدخل 7.1% و الضرائب غير المباشرة علي السلع و الخدمات 64.8% و الضرائب علي التجارة و المعاملات الدولية 28.3% و التي هي ضرائب غير مباشرة بالنسبة للمواطن حيث تنعكس علي أسعار السلع و الخدمات المستوردة (حسبما جاء في المرجع السابق ذكره – جدول (6-3) – صفحة 105). علما بأن مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ضعيفة جدا حيث بلغت 2.6% فقط (حسب ما هو مبين أيضا في المصدر السابق ذكره – جدول رقم (7-1) – صفحة 118). و هذا هو الفصل الأول من لعبة الخصخصة. و ملخصه ببساطة خصخصة مؤسسات القطاع العام و تحويلها لشركات خاصة و الصرف عليها من موازنة الدولة التي يدفع المواطن 70% من إيراداتها تحت بند (أكذوبة التنمية) في حين أن إيرادات هذه الشركات لا تدخل في إيرادات الدولة باعتبارها شركات خاصة و من الطبيعي أن تذهب إيراداتها لأصحاب هذه الشركات (يعني من دقنو و أفتلو). أما لمن تذهب إيرادات شركات الكهرباء و كيف فهذا هو الفصل الثاني من لعبة الخصخصة و قبل الخوض فيها أرجو من حبيبنا بوبي أن يحتفظ بوقاره و يتمالك أعصابه حفاظا علي ما تبقي له من عقله خاصةً عندما يكون الحديث عن الجن و العفاريت. نور و ما أدراك ما نور و هي بالتأكيد ليست اسما علي مسمي و إنما أحد تلك العفاريت. و بما أن العفاريت لا تولد إلا من صلب الجان و الشياطين في كثير من الروايات فالعقلية التي جاءت بالخصخصة لا تخلو من أفكار شيطانية، و من ابتكر فكرة نور و قام بهندستها هو بالتأكيد شيطان أخرس يتمتع بالمكر و الدهاء و الخبرة في استغلال الدين و تطويعه من أجل الثراء و نهب موارد البلاد و تسخيرها لقلة من الرأسمالية الطفيلية الإسلامية من خلال ابتكار منتجات استثمارية إسلامية (ليست في الدين من شئ الإسلام منها براء) و تكييفها شرعيا مستعينا بحاشية السلطان من ذوي اللُحَي و العمامات البيضاء الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليكسبوا منها و ارضاءً لأولياء نعمتهم من الطغمة الفاسدة. العفريت نور هو الاسم التجاري لشهادات إجارة أصول الشركة السودانية لنقل الكهرباء المحدودة و تنتمي لقبيلة شهادات شهامة و أخواتها و هي عبارة عن صكوك أو شهادات إسلامية في صندوق اسلامي استثماري متوسط الأجل (ثلاثة) سنوات برأس مال 758 مليون دولار أمريكي بقيمة اسمية 100 دولار للصك أو الشهادة الواحدة بعائد سنوي 7% تدفع كل ستة أشهر بالدولار أو ما يعادله لحملة الصكوك. و هو صندوق يتم بموجبه بيع أصول الشركة السودانية لنقل الكهرباء لمختلف المستثمرين من بنوك أجنبية و محلية و أفراد و رجال أعمال عرب و سودانيين ثم يقوم بإعادة تأجير هذه الأصول إجارة تشغيلية لوزارة المالية عن طريق شركة السودان للخدمات المالية المملوكة لبنك السودان بنسبة 99% و وزارة المالية بنسبة 1% تنتهي بعرض هذه الأصول للبيع في السوق بالسعر الجاري و لوزارة المالية الحق في الشراء. و ما يحدث عادة في أرض الواقع تقوم وزارة المالية بسداد قيمة الإيجار من إيرادات الشركة السودانية للكهرباء و في نهاية المدة تقوم أيضا بإعادة شراء الأصول بالسعر الجاري و تدفع قيمتها أيضا من إيرادات الشركة السودانية لنقل الكهرباء. بمعني أن المستفيد الوحيد من إيرادات شركة نقل الكهرباء التي لا تحصي أو تعد هم حملة شهادات نور علما بأن أغلب المستثمرين في هذه الشهادات هم من البنوك الأجنبية و العرب و الأتراك و غيرهم من المنسوبين للحركة الإسلامية العالمية بجانب كبار تجار المؤتمر الوطني إما بأسمائهم مباشرة أو عن طريق مؤسسات و شركات يمتلكونها أو صناديق لهم فيها أسهم و حصص. مع ضرورة ملاحظة أن هؤلاء المستثمرين يستفيدون مرتين: الأولي من عائد الإجارة التشغيلية الشهري و الثانية: من الفرق بين سعر شراء الشهادات و سعر إعادة بيعه لوزارة المالية في نهاية المدة. و كما يقول المثل (الخيل تجقلب و الشكر لحماد) فالشعب السوداني هو الذي يدفع فاتورة استهلاك الكهرباء دفعا مسبقا و يتحمل أعباء سداد قروض تمويل الخزانات و السدود علي المدي الطويل و المستفيد من الإيرادات في نهاية الأمر هم الطغمة الفاسدة و حلفاؤها في الداخل و الخارج. أما شاشا (و الاسم هنا و بالفعل أشبه بأسماء الجن و العفاريت) فهي أيضا من فصيلة شهامة و أخواتها فهي الاسم التجاري لشهادات صكوك إجارة أصول الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة و التي تعمل بنفس الآلية المذكورة في حالة شهادات نور مع الاختلاف في الأجل و العائد المتوقع فشاشا يمتد أجلها لأربعة سنوات و عائدها 5%. و علي الرغم من أن نور و شاشا تنتميان لفصيلة شهامة و أخواتها إلا أن إيراداتها لا تدخل ضمن بند الإيرادات في موازنة الدولة كما في حالة شهامة و أخواتها حسبما هو وارد في المرجع السابق ذكره جدول رقم (6-8) بعنوان (العجز الكلي للموازنة و مصادر تمويله لعامي 2012 و 2013م) صفحة 112 حيث وردت فيه إيرادات شهامة و أخواتها كمصادر تمويل لعجز الموازنة في العامين علي التوالي و لم يتضمن الجدول شهادات نور و شاشا. علما بأن شهامة و أخواتها لم تكن تدخل ضمن الموازنة العامة في السنوات التي سبقت عام 2012م و أصبح يفصح عنها تحت ضغط تقارير المراجع العام و ما كتب و نشر في الأعلام عن تجاوزات الموازنة العامة و عن فقاعة شهامة و أخواتها. المفارقة في الأمر أن دعاة المشروع الحضاري و عرابي الخصخصة و حاشية الإفتاء يدَّعون جميعا بأن شهامة و أخواتها هي صكوك إسلامية تمثل حصص ملكية في أصول حقيقية مملوكة للدولة أو مؤسسات و شركات تابعة لها و أنها ليست أدوات دين كالسندات المحرمة شرعا و رغم ذلك نجدها (أي شهامة و أخواتها) مفصح عنها في المرجع السابق ذكره – جدول رقم (6-8) – صفحة 112 – كأداة دين و مصدر تمويل لعجز الموازنة العامة. فما الفرق إذن بينها و بين السندات المحرمة شرعا ؟؟؟. إنه أحد الأسئلة الصعبة التي تحتاج لإجابات مستحيلة لكن ممكن بكل بساطة يظهر لينا عفريت و يقنعنا بأنها كانت في البداية صكوك إسلامية و بقدرة قادر اتقلبت لسندات دين ففي عهد الإنقاذ و عالم الجن و العفاريت و الخزعبلات كل شئ جائز و ممكن. و في الختام أرجو أن يكون بوبي قد استعاد توازنه و حافظ علي ما تبقي من عقله الجميل بعد أن عرف الحقيقة. و لكني أخشي عليه من مصير إكروس الذي قضي أجله عندما اقترب من معرفة الحقيقة في الأسطورة الإغريقية القديمة التي تحكي أن والد إكروس ديداليوس قد صنع له جناحا ضخما ليطير و يحلِّق به في السماء محذرا له بعدم الاقتراب من الشمس لمعرفة الحقيقة و أن يلزم حدوده و يسبح في السماء بعيدا عنها و لكنه (كعادة الأبناء) لم يسمع الكلام و دفعه فضوله للاقتراب من الشمس فاحترقت أجنحته و سقط في البحر و مات غرقا لأنه اقترب من معرفة الحقيقة و هي نفس الأسطورة التي استخدمها هنري فيرنويل مخرج فيلم (I as in Icarus) بطولة الممثل الفرنسي ايف مونتان الذي يحكي قصة مقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي التي ثبت أنها تمت بتدبير من وكالة المخابرات الأمريكية و ليس برصاص الشاب الذي تم اعتقاله في سطح المبني المجاور لساحة الجريمة و انتهت القصة بمقتل بطل الفيلم (المحقق العام في قضية مقتل جون كينيدي) و هو في مكتبه واقفا مواجها لشرفته الزجاجية المطلة علي ناطحات السحاب الشاهقة ينتظر رد زوجته عبر الهاتف بعد أن اتصل بها و سألها عن ما هي أسطورة إكروس (بعد أن نمي لعلمه أن المخابرات المركزية تخطط لتنفيذ عملية سرية باسم حركي هو "I for Icarus" و هو لا يعلم أنه هو المستهدف من هذه العملية) و استأذنته الانتظار لحظات علي الخط لإحضار أحد كتب الأساطير اليونانية القديمة من مكتبة المنزل لتحكيها له و لكن رصاصة صائبة و مميتة من قنَّاص ماهر بأحدي الشرفات المطلة علي مكتبه بعد منتصف الليل قبل أن تجاوبه زوجته أصابته في جبهته و أردته قتيلا في الحال. فقد كان ضحية اكتشافه للحقيقة أو اقترابه منها. و لا يفوتني أيضا إلا أن أهني عرَّابِي الخصخصة الدكتور عبد الرحيم حمدي و الدكتور تاج السر مصطفي و كل دعاة المشروع الحضاري علي النتائج الكارثية التي تعيشها بلادنا اليوم و جعلتها تتربع بجدارة علي مؤخرة بلدان العالم في كل شئ و هي تعيش واقعا معقدا و مريرا يغني عن أي سؤآل من جراء سياسة التحرير و خصخصة مؤسسات القطاع العام. و أصالة عن نفسي و نيابة عن بوبي المسكين أذكِّرَهم بقوله تعالي في سورة البقرة الآية (79) (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) صدق الله العظيم الذي يمهل و لا يهمل ،،، [email protected]