اعتدنا ومنذ بداية برنامج «لو غراند جورنال»، الذي يعرض على «كانال بلوس»، على رؤية النشرة الجوية لكي نولي اهتمامنا «المبالغ فيه» بالطقس، ونمعن النظر في جمال المذيعات وأناقتهن الباريسية. وعودتنا القناة كالعادة، على تقديم أجمل ما لديها من «موديلز» يتم اختيارهن لل»شكل»، طبعاً ليتم عرضهن علينا لمدة لا تزيد عن الدقيقتين! دقيقتان فقط «نلتقط» في خلالهما و»نخزن» المناظر الخلابة هذه في الوقت نفسه الذي لا بد من تسخيره «لمعرفة الطقس وتقلباته» سوء الطقس أو شمسه المشرقة، فأمام «العارضات» هذاالهم لم يعد مهما! وشيئاً فشيئا أصبحنا كالمدمنين نتشوق للمزيد من الجمال والإثارة وال»أكشن»، لتقدم لنا المحطة «لويز بورجوان»، التي سحرت قلوبنا بخفة دمها وحسنها منذ «النظرة الأولى» وزادت من سحرها لتهدينا «إثارتها المبالغ فيها» فتتحول من «ميس ميتيو» (آنسة الطقس) إلى «ميس المجون والعهر»، وتظهر لنا علنا مرتدية لتيشيرت شفاف بدون حمالة صدر، وتصرخ مطالبة المشاركين بال»ثورة»، لتساند ضيفة البرنامج، العضو في البرلمان الأوروبي والممثلة للطبقة العاملة أرليت لوجيير. الآنسة الحسناء نجحت في تحقيق هدفها، ولم تعلق السياسية على استخفاف ال»مدموزيل» بالعصبية بل بالضحك، فهي تعذر «الحسناء» وعقلها لخفته التي «لا تحتمل ثقل العمل وهمومه وحقوقه». ولقد نجحت «الصبية» في إثارتها لتترك مكانها فورا كمذيعة للنشرة الجوية وتلتحق بالتمثيل، وتؤدي دورا رئيسيا في فيلم «فتاة موناكو» للمخرجة آن فونتين. وتابعت رحلتها بعد هذا لتؤدي أدوارا أخرى في أفلام فرنسية مع أصدقاء لها يعملون في قناة «كانال بلوس». ولكي تلهينا «كانال بلوس» من جديد وتخفف من حزننا بسبب إعتزال «بورجوان» وهجرها لنا بفجاجة، قامت بتقديم من هي أجمل منها وأخف دما وأكثر حنكة السمراء «دوريا تيلير». وربما سمع بعض المدمنين على «الفوتبول» بإسم الحسناء فما لبثت وأن التحقت بالبرنامج حتى أطلقت تحديها بالظهور عارية تماما في حال تأهل المنتخب الفرنسي للمونديال مؤخرا، وهو ما قامت بفعله حقا، حيث أوفت بوعدها عند فوز الفريق وعرضت فيديو لها عارية تماما، ولكن من زاوية تصوير بعيدة منعا للإحراج. ولم تكتف الجميلة بهذا بل قامت بإحراج الكاتب والمسرحي والمخرج المعروف نيكولاس بيدوس عند استدعائه إلى البرنامج للحديث عن صدور كتابه والذي يذكر فيه «علاقته السطحية» بالمذيعة الحسناء واصفا إياها بالصديقة فقط! لترد عليه دوريا وأمام الملايين من المشاهدين «لم أكن أعلم بأننا نضاجع أصدقاءنا»! لتنشر عبر هذا «السكوب» الفيديو الأكثر شهرة في الإعلام وتحصل على أكبر عدد مشاركات له! وبعد سنتين من العمل كمذيعة للنشرة الجوية، تترك دوريا مكانها كسابقتها لتهديه «للتوب موديل» المانكان الجميلة «رافائيل دوبير» والتي ابتدأت تجربتها كمذيعة للنشرة الجوية بتردد وخجل، رغم تشجيع دوريا ومقدم البرنامج. ولكي لا تُهاجَم وتُنتَقد «لفشلها» وفشل حضورها، رغم كونها «مانيكان» أعلنت لجمهورها «كما ترون أنا لا أشعر بارتياح، وأعدكم بأنني سأكون أفضل بعد سنتين»! ما لم تلاحظه القناة هو استخفافها الواضح بعقل المشاهد الفرنسي، فها هي تسير باتجاه نظام السرعة «الساحق» ولا تتردد بطرد وتغيير مذيعيها واستبدالهم وقتما شاءت، فقط لانهم بنظرها «مملون» و»جديون». ما تريده القناة هو برامج خفيفة وسريعة لا يمكن من خلالها للمشاهد تكوين وجهة نظره ورأيه، فالطقس غير مهم والحسناء «المبتذلة» وإن «خففت دمها» تعد أهم من إعصار يهدد فرنسا أو موجة حر يروح ضحاياها العديد من كبار السن! والأخبار لا يجب أن تكون «جدية» ولا»محزنة» ولا يجب أن تزيد عن دقائق معدودة! وكذلك البرنامج نفسه لا يجب أن يكون «مملا» بل يجب أن تتردد فيه كلمات «تجذب» و»تثير» حتى لو لم يكن لها علاقة بالمواضيع السياسية والاقتصادية! وأذكر ما حدث لمقدم البرنامج «لو جراند جورنال» الخجول، ميشيل دينيزوه، والذي ما لبث وأن استُبدِل بال»مبتذل» و»الكريه» أنتوان ديكوان والذي لا يتردد بعرض «مؤخرته» و»جسده العاري» بسبب أو بدون سبب أمام المشاهدين وخلال تقديم البرنامج! لا أعرف ما تريد كانال بلوس الوصول إليه ولكن كل ما يثير الاهتمام والمساءلة هو عدم انتقاد القناة واستخفافها بالمشاهد من قبل الصحف الفرنسية، باستثناء وك»العادة» القليل من المواقع عبر الإنترنت. «كانال بلوس» ليست الوحيدة في اتباع اسلوب الترفيه وال»مسخرة» هذا فقد سبقتها محطات أخرى كالتي أُذَكِر فيها دوما ومن خلال مقالاتي «إم.سيس» و»تي.إف.أن» ومحطات أخرى كالمحطة الثانية والثالثة!! إلى متى سيظل المشاهد الفرنسي ملتزما الصمت ومنصاعا ل»غسيل المخ» هذا؟! ألم يضرب بهذا المجتمع المثل في القيادة والثورات؟! وإلى حين إيجاد الإجابة أتمنى كل التوفيق للفتاة «المانيكان» الصغيرة، وأخبرها بأن تبهرنا بطرق خلاقة ومبدعة أكثر غير «التعري» الذي أصبح مبتذلاً! القدس العربي