لم أستطع أن اغير لهجتي العراقية، نحن نفهم اللهجات العربية فلا بأس من أن يتعلم أخواننا العرب لهجتنا. ونحن أمة واحدة ذات لغة خالدة أليس كذلك؟ بالمناسبة زارتني صديقة لبنانية في بيروت، رحبت بها وزدت المجاملة، مرحباً بهالجيّة، جيتك عزيزة، يا هلا بجيتك يا حبيبي ويا هلا. خزرتني، وبنظرة عاتبة قالت: كتّر خيرك. أنا مجوية؟ آخ مجوية، وجيتك إذن ليست من فعل جاء. إنها تعني قذارة، وسخ باللهجة اللبنانية. وحين قلت انّشلت البارحة .... صاحت صاحبتي: كم؟ (فهمتها هي من معنى النشالين) قلتُ لها، لا ... (أعني أصابني البرد) قالت: ها ... تعنين رشّحتِ. وعند عودتي لبغداد وكان موسم الانتخابات، أردت أن أتباهى بلبنانيتي، قلت لصديقتي لن اخرج معها لأني مرشحة. سألتني : عن أي منطقة؟ في المغرب، قلت لسائق التاكسي – وأنا انظر الى سلال التين على جانب الطريق – رجاءً توقف هنا أريد أن اشتري (تين). قال: يا مدام ... لا تقولي تين عيب. هذا (كرموس) فقلتُ له: هل قرأت القرآن؟ قال نعم، قلت فهل قال ربكم «والكرموس والزيتون وطور سنين؟». وفي المغرب يكتب على التاكسي (طاكسي)، والأوتيل (أوطيل)، ولكن طنجةالمدينة يكتبونها (تانجه) والبطيخ (بتيخ). حين دعيت الى تونس 1971 في الصباح الأول سألني نادل المطعم هل تريدين هريسة؟ فتذكرت الهريسة العراقية وبخاصة أيام عاشوراء، وقلت نعم نعم ... وانتظرت ولم تحضر الهريسة، سألت النادل: رجاءً .. أين الهريسة أنا منتظرة ... أشار الى صحن صغير جداً فيه مهروس الفلفل الأحمر والزيت، وقال: الهريسة ها هي أمامكِ. ثم سألني هل تريدين (عظام)؟ قلت له باستغراب: أنا ضيفتكم وتريدون أن افطر عندكم على عظام؟ هات عظامك لا بأس، فجاء بصّرة من الخبز الرقيق مقلية داخلها بيضة حتى بدت وكأنها صرة حقيقية. وكانت طيبة وبلا عظام. قليلة هي الكلمات التي نعثر بها خطأ في البلاد العربية، ولكن اخوتنا في لبنان يكثرون منها، حتى انهم يسمون حبيبهم كاظم الساهر، قازم الساهر، وألف سنة ما يتعلمون يلفظون الجيم مثلثة النقاط في (الباجه) أكلة العراقيين المفضلة. لماذا نذهب بعيداً ... هل نعرف ونحن في بغداد لهجة تكريت وعانة وحديثة؟؟؟ ولماذا لغة أهل الموصل وهي أقرب اللهجات الى الفصحى ويتكلمون دائماً بالقاف .... لماذا يقولون فقط بدل بقرة (بكره) ويسوق السيارة (يسوگ)؟ الإمام الأوزاعي لبنان أرادت صديقتي السيدة ضيا طيارة أن تعرفني على فنانة ترسم على الحرير، ودعتنا الفنانة وزوجها الى غداء سمك. وفي طريقنا إلى المطعم جنوباً – وكان زوجها يسوق السيارة وأنا وصديقتي ضيا نجلس في الخلف وكنت ساكتة طول الطريق ... مررنا بمرقد الأمام الأوزاعي فقالت السيدة الفنانة: أحب الأمام الأوزاعي، كلما طلبت منه طلباً تحقق لي. فأجبتها طبعاً، لأنك تطلبين الأمور السهلة من الأوزاعي، بينما تطلبين الأشياء الصعبة من زوجك. التفت الزوج ونظر إلى الخلف موافقاً وكأنه يشكرني.لأنني أصبت . ٭ أديبة عراقية تقيم في كاليفورنيا لميعة عباس عمارة القدس العربي