تذكرت المقولة الشهيرة للفنان عادل إمام في مسرحية شاهد ما شافش حاجة، عندما وقف أمام القاضي ليدلي بشهادته في قضية قتل لا يعرف تفاصيلها، بأن السيدة التي رآها "رقاصة وبترقص"، لكن أوجه الشبه بين ما قاله عادل إمام وبين اكتشاف الحكومة السودانية أن المراكز الثقافية الإيرانية "رقاصة وبترقص وبتشيع" ليس محصورا على الجملة فحسب، بل أجزم أن كل تفاصيل المسرحية الهزلية، تنطبق بنسبة 100% على واقع العلاقة بين الخرطوم وطهران. ولا أدري وكأن شيعة السودان أضحوا بين عشية وضحاها نبتا شيطانيا لم يغرسه نظام الرئيس البشير على مدى 25 عاما، ولم يرو شجرته، حتى جاء اليوم الذي يقف فيه وزير الخارجية السوداني علي كرتي ليدلي بإفادات هامة في القضية المصيرية، ليقول أن "المراكز رقاصة وبتشيع"، وكأنه الآن فقط اشتم وغيره من المسئولين الرائحة النتنة لتلك المراكز، على الرغم أن جريمة القتل وفر لها نظام الخرطوم كل أدوات الجريمة إلى الدرجة التي جعلت كل من يعرفه في المحيط العربي والإقليمي يندد ويشجب "التقارب بين الرقاصة والراقص" ويحذر من الثمن الذي يدفعه أخوان السودان، للبقاء على كراسي الحكم في الخرطوم، حتى وإن كان على جثامين الهوية الإيديولوجية للمجتمع السوداني المعروف بمذهبه السني منذ القدم. وأمس القريب فقط بات التشيع بالنسبة للخرطوم "رقاصة وبترقص" وعلى الحكومة أن تتبع الوصية الشهيرة في نفس مسرحية عادل إمام بأن "تبيت في الشارع"، لكنها نسيت أن مصطلح المراكز الثقافية ليس إلا تبادل ثقافات وترويج ثقافة الغير، فإذا كانت الخرطوم اكتشفت أن التشييع مثل "الجمل الأجرب" فجأة فهل كانت تتوقع من الجمل إذا ما أرادت التخلص منه أن "ينخ" لها رسنه، ويسلم لها رقبته، ليصعد بها إلى قمة الشكر والتقدير بالمقابل المادي من الدول الخليجية، أم أن هذا الأجرب يجب أن ينتقم. بالطبع كرتي ورفاقه هم الوحيدون الذين حصنوا أنفسهم وأبنائهم بلقاح واقي من الجرب، فابتعدوا وحذروا من يحبون من أوكار الرذيلة وشبهات السهر مع ذوات العمامات السوداء، ونسوا في غمرة البحث والتقصي عن تلك المراكز المشبوهة، أن يوزعوا اللقاح الواقي على كل أهل السودان، فوقعت البلد في حمل شيعي غير شرعي. نعرف أنه ليس اليوم سنرى ابنا غير شرعي يولد من رحم أمهات سودانيات ويقول أنا ابن شيعي، لكن حتما سيأتي اليوم الذي يقف فيه كل الأبناء غير الشرعيين الذين ولدوا على مدى 25 عاما، ليطالبوا بحقهم في ميراث أجدادهم، ممن أنجبوهم من خلف مخيمات "الحسينيات" في ربع القرن الماضي. صحيح أن الحسينيات تحت راية المراكز "الرقاصة" انتهت، لكن الأصح أن محاكمة عادل إمام لم تنته، عندما قال عادل إمام للمتهم في قفص الاتهام بأنه لا يعرفه، فقال القاضي وقتها قولته الشهيرة "تعاد المحاكمة مرة أخرى"، نقول للبشير ليس طرد تلك المراكز أنهى المحاكمة، وأزاح عنكم "حبل المشنقة"، وأبقى إيران في قفص الاتهام وحدها، بل ستعاد المحاكمة، لأنكم يبدو أنكم "شاهد ما شافش حاجة" عن وكر مراكز التشييع، أو شاهدتم كل حاجة، وعندها تنطبق فيكم مقولة "الساكت عن الحق.. شيطان أخرس"، وإن خفتم من فضيحة الشيطان والخرس قولوا للعالم، كانت "رقاصة وبترقص"، ولكن لا تنتظروا ردة فعله، فقط راجعوا المسرحية لتعرفوا ما ردة فعل المشاهدين.