بسم الله الرحمن الرحيم المتوكل محمد موسى لقد قلت فى مقالٍ سابق أن صعود اللواء خليفة حفتر فى ليبيا وقيادته لحملة " كرامة" العسكرية التى تستهدف طرد الإسلاميين المتشددين من ليبيا لن يعجب النظام فى الخرطوم وأنه لن يهدأ له بال حتى يتأكد من القضاء على اللواء حفتر بواسطة حلفائه الإسلاميين وله فى ذلك مأربان، الأول هو إرضاء وتنفيذ أوامر دولة قطر والتنظيم العالمى للأخوان المسلمين والثانى وهو الأهم لديها هوعدم فتح نوافذ أمل للحركات المسلحة الدارفورية من أجل الحصول على أى دعم ليبي مستقبلاً بعد أن نجحت فى خنق نشاط الحركات المسلحة فى كل دول الجوار تقريباً، ثم إنه قد رتب مثل هذه الأمور مع حلفائه الذين دعمهم أيام الثورة على القذافى وأن دخول اللواء حفتر على الخط سيفسد كل ما خطط له مسبقاً. أمس الأول أصدرت الحكومة الليبية المؤقتة قراراً بطرد الملحق العسكرى السودانى فى ليبيا، وذلك بعد هبوط طائرة عسكرية سودانية، تحمل إمداداً عسكرياً، فى مطار معيتيقة الذى تُسيطر عليه مليشيات الأخوان المسلمين التى تقاتل الجيش الليبي، وقبل هذا تحدث العميد صقر الجروشى قائد سلاح الطيران الليبي عن دور الحكومة السودانية فى إرسال الرجال والسلاح لأحد أطراف الصراع فى ليبيا، وقبل عدة أيام تحدث أيضاً النائب البرلمانى زياد الدغيم عن دور للحكومة السودانية فى الصراع الدائر، وهكذا تسقط أقنعة الإنقاذ التى ظلت تصك الآذان بأنها تسعى إلى إستقرار دولة ليبيا، فى الوقت الذى ظلت فيه تسهم فى زعزعة الإستقرار، ليس فى ليبيا فحسب، بل فى كل دول الجوار الإقليمى. لقد ظلت حكومة الأنقاذ تعظ الأطراف المتحاربة فى ليبيا، بل أبدت رغبتها فى فى التوسط لحل الأزمة، وقد شاركت فى إجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي والذى إنعقد الأسبوع الماضى فى القاهرة، وقد تمخض المؤتمر المُصغر عن الإعتراف بمجلس النواب الليبي وبالتالى بالحكومة المؤقتة التى شكلها برئاسة السيد عبدالله الثنى، وقد تعهد المجتمعون بدعم البرلمان الليبي وحكومته بوصفهما الجهة الشرعية فى ليبيا، وإمعاناً فى إستخدام سياسة الظهور بعدة أقنعة ووجوه وبإفتراض الغباء فى الآخرين، صرّح وزير خارجية النظام بأنهم على إستعداد للتوسط بين الفرقاء الليبين وأنهم مع الإستقرار فى ليبيا، لكن قبل أن يستقر تصريحه فى الآذان وتتناقله وسائط الإعلام حتى سقط قناع نظام الخرطوم بفضح سر الطائرة العسكرية السودانية فى مطار الكفرة التى طلبت إذن بالتزود بالوقود وبعد إصرار قيادات ليبية على تفتيشها تم تفريغ الشحنة أمام بعض الضباط العسكريين الليبيين وقادة الكتائب بمدينة الكفرة وكانت عبارة عن ذخائر وبعدها تم الإدعاء بأن الطائرة تحمل دعماً لوجستياً عسكرياً للقوات المشتركة الليبية السودانية فى الحدود، وبعد التمويه وبعد إنصراف الشهود، أقلعت نحو وجهتها الأصلية، وقد نسوا أنها كانت مرصودة وأن هناك من سهل إقلاعها من مدينة الكفرة صوب مطار معيتيقة فى طرابلس. مشكلة حكومة الإنقاذ أنها رهنت الوطن لمشيئة دولة قطر ولا تستطيع الفكاك من هذا الإرتهان طالما تساعدها قطر فى التشبث بكرسى السلطة ولا تهتم أو تكترث لما يُسببه مثل هذا الدور القذر الذى تلعبه من تأثير على الشعب السودانى ومن إكتساب عداء الآخرين الأمر الذى ينعكس فى صورة قتل وإساءات جمه يتعرض لها السودانيون فى الخارج جرّاء سياسة العمالة لقطر وتنظيم الأخوان المسلمين العالمى، فقد ظلت تهدر موارد السودان الشحيحة فى إستضافة هؤلاء الذين يحلمون بالسيطرة على العالم الإسلامى وإقامة دولتهم المتوهمة، لقد أضعفت هذه الحكومة الوطن وأزرت به أمام العالمين وفشلها أصبح معلوماً للجميع بعد أن تصدر الوطن قوائم الفشل والفساد وأصبح عرضةً للذى يسوى والذى لايسوى، لقد علقت المواقع الإجتماعية الليبية فى الشبكة العنكبوتية بسخرية على موضوع الطائرة السودانية وقد أجمعت كلها على تعليقٍ واحد هو (حتى السودان !!) متحسرين على حالة ليبيا التى وصلت إليها، أى صغارٍ أوصلتنا إليه عصابة الإنقاذ النجسة؟. معلوم للجميع خريطة تحرك المجموعات المتشددة من دول المغرب العربى مروراً بليبيا وحتى سوريا والعراق، وأن التشكيلات الإرهابية جميعها قد إستمدت قوتها بعد سقوط القذافى وتمكن عناصرها من الليبيين من إحكام قبضتهم على مفاصل السلطة فى طرابلس لتُصبح ليبيا مرتعاً وملاذاً للمتشددين من كل أنحاء العالم، تم كل هذا برعايةٍ قطرية- سودانية، فقطر تُرسل الدعم إلى الخرطوم وبعدها يُمرر إلى التنظيمات المتشددة فى ليبيا، وما كذبة القوات المشتركة إلا من أجل التغطية على الممارسات التى تتم فى الحدود بين البلدين لصالح الجماعات الإرهابية التى تدعمها قطر والسودان فى ليبيا. بعد أن نجحت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى تشكيل تحالف لمناهضة الإرهاب فى منطقة الشام والصومال، وقد بدأت عملياً فى الصومال، على التحالف الجديد، إن أراد لجهوده أن تُثمر، أن يجفف منابع الإرهاب بالقضاء على من يقفون خلفه من أمثال نظام الإنقاذ الذى يستخدم سياسة المخاتلة والبرغماتية فى خدمة الإرهاب العالمى، وفى إخفاء دوره فى خلق الأزمات فى دول الجوار، فهاهو وزير خارجية النظام يُصرِّح بأن نظامه على إستعداد للتوسط بين أطراف النزاع فى ليبيا فى الوقت الذى تطير فيه طائرته العسكرية محملةً بالذخائر والفتن نحو مطار معيتيقة، وقد خاب ظن قنوات الحكومة الليبية التلفزيونية التى نقلت تصريح الوزير، الإيجابى فى ظاهره، بكثيرٍ من الإحتفاء، ولكن قبل أن تكتمل فرحتها بالموقف السودانى صفعتها حكومة الأخوان فى السودان بإرسال العتاد العسكرى إلى مناوئ الحكومة فى طرابلس. حكومة الإنقاذ لا تُخيِّب ظن المجتمع الدولي بأنها ترعى الإرهاب وتُهدد إستقرار وسلام دول الجوار، ولذا ظل إسم السودان مشمولاً فى قائمة الدول الراعية له والمهددة للسلم الدولى لسنوات طوال، وتتصور، بغباءٍ لا يخفى إلا عليها، أن على المجتمع الدولى أن يُصدِّق التصريحات والبيانات الكاذبة التى تُصدرها وزارة خارجيتها، مثلما تطلق أكاذيبها على الشعب السودانى المغلوب على أمره وتستخدم آلتها الإعلامية فى الترويج لها داخلياً وعلى الشعب السودانى أن يُصدٍّق أو لا يُصدِّق ففى آخر المطاف ما يريده النظام الباغى هو الذى يُعتد به، شاء من شاء وأبى ومن أبى من أهل السودان، لكنها نسيت أن المجتمع الدولى لاتنطلى عليه مثل هذه الأكاذيب المُقنَّعة والمخبوءة خلف التصريحات، فهو لديه الوسائل الكافية التى تفضحها، على كل حال حكومة الإنقاذ لن تكف عن التدخل فى الشأن الليبي، مثلما طالبها بيان الحكومة الليبية المؤقتة، لأنها ببساطة مأمورة للقيام بهذا الدور لصالح مخططات دولة قطر وتنظيم الأخوان المسلمين الدولى فضلاً عن مخاوفها من جبهة غرب السودان، ولن ترتاح دول الجوار من سطوة الإرهاب إلا بسقوطها.