بعد أسابيع من المراوغة والخداع، داخل ما يسمى المؤتمر الوطني، خرج نائب رئيس الحزب إبراهيم غندور، ليعلن ترشيح البشير كمرشح أوحد لخوض انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في أبريل المقبل 2015، قاطعا الطريق أمام أي صوت ينادي ببديل آخر داخل الحزب الذي يحكم السودان منذ 25 عاما، بعد انقلاب في عام 1989. وقبل أيام من انعقاد المؤتمر العام للحزب الخميس والجمعة المقبلين لاختيار مرشح الرئاسة، حسم ما يسمى بمجلس شورى المؤتمر الوطني، الاختيار لمرشح أوحد وهو البشير، ليجري تصويتا عليه، إلا أن البشير أيضا لم يحظعلى نعم إلا ب 266 صوتا بنسبة 67% فقط من بين 396 عضوا حضروا التصويت، حيث قال له (لا) 130 عضوا يمثلون نسبة 33% ، فيما قال (لا) غيابيا 126 شخصا تغيبوا عن الحضور خوفا من الحرج، حيث أن إجمالي العضوية لمجلس شورى الحزب يصل إلى 522 صوتا. وبهذه النتيجة يتضح أن البشير لم يحصل سوى على نسبة 50.9% من إجمالي عضوية مجلس شورى الحزب، وذلك بعد ضم المصوتين بلا مع المنسحبين باعتبارهم رافضين لكنهم تخوفوا من الحضور. ورغم أن غندور راح يتفاخر بالنسبة التي حصل عليها البشير وسط أنصاره ومؤيديه، مؤكدا أن حصول البشير على هذا العدد من الأصوات هو أمر حاسم وسيقدمه للمؤتمر العام مباشرة لاعتماده رئيسا للحزب ومرشحه للرئاسة في الدورة القادمة، إلا أن غندور بدا منهارا من تراجع البشير وسط أنصاره خاصة أن فوزه بهذه النسبة لا يعني سوى المزيد من التراجع وسط أنصاره ناهيك خصومه من الشعب السوداني الرافض للبشير جملة وتفصيلا. ورغم النتيجة المحسومة لترشيح البشير سلفا إلا أن غندور بالطبع لم يكن يستطيع التلاعب بالأصوات فيما يبدو، لتخرج النسبة محرجة، لكن غندور سارع بالتأكيد على صحة النصاب، وقال النصاب كان مكتملا وبلغ أعلى من النسبة التي حددتها اللائحة الفنية للحزب وهي (75% +1 ) من الجملة الكلية لعضوية مجلس شورى الحزب، كما أن النسبة التي يحتاجها من يفوز للترشيح هي (50%+1)، والبشير حصل على نسبة أكبر من ذلك بكثير حسب قوله. وكعادة غندور وصف عملية الاقتراع التي أجريت في الباحة الخارجية لقاعة الشهيد الزبير، بأنها ديمقراطية وشفافة. والملفت للنظر أن البشير سيخضع مرة أخرى لتصويت في المؤتمر العام الذي تصل عضويته إلى 6000 عضو، وحسب المصادر فإن ما يسمى بمجلس شورى حزب البشير سعى لحسم أمر ترشيح البشير حتى لا يحدث تفلت حزبي، خصوصا من الاصوات التي ترفض التجديد للبشير. واشارت المصادر الى ان كتلة اعضاء المؤتمر العام لحزب البشير البالغة ستة الف يصعب التحكم فيها، عكس مجلس الشورى الذي يضم عدد محدود من الأعضاء كان يتوقع أن تكون كلها في صف البشير، فضلا عن ان اعضاء المؤتمر المناط به تحديد رئيس ومرشح الحزب في الانتخابات، يمثلون اتجاهات فكرية وتيارات مناطقية مختلفة. بجانب ان بعض ابناء الاقاليم البعيدة التي كانت تطمح لان ترى احد ابنائها ضمن كابينة الرئاسة ربما ترفض التصويت لصالح البشير، خصوصا ان الجهوية والمناطقية كانت حاضرة في اجتماع المجلس القيادي لحزب البشير الذي انعقد الاحد الماضي، والذي اختار خمسة مرشحين كلهم من مكونات الشمال النيلي. وكان المجلس القيادي لحزب البشير قد رشّح في اجتماعه مساء الاثنين، رئيسه عمر البشير، بالإضافة إلى نائبه الحالي بكري حسن صالح ومساعد الحالي إبراهيم الغندور، ونائبه السابق علي عثمان طه ومساعده السابق نافع علي نافع، ليكونوا خمسة مرشحين، وحسب غندور سيختار مجلس الشورى ثلاثة ليرفعهم إلى المؤتمر العام، والذي يفترض أن يختار مرشح الحزب في الانتخابات المقبلة. واستحسن غندور عملية اختيار المرشحين من قبل المجلس القيادي، وقال ان حزبه مارس الشوري والديمقراطية في عملية بناء الحزب علي كافة المستويات عبر مؤتمرات قاعدية شملت كل ولايات السودان. واعتبر مراقبون ان اختيار البشير مرشحا في الانتخابات المقبلة، دون ان يعترض على ذلك ودون ان ينسحب، يفضح كذبه بعد ان جزم في حوار سابق مع صحيفة (الراية) القطرية انه لن يترشح في انتخابات العام المقبل، وبعد ان قال انه سيتنحى عن رئاسة السودان لافساح المجال امام رئيس آخر