الخليجيون يرغبون في التأكد من أن التزامات الدوحة الجديدة ليست مجرد 'حيلة' لتأمين انعقاد القمة الخليجية بالدوحة لا غير. موقف خليجي حكيم وبعيد النظر الرياض تعهدت قطر صراحة بوقف "الحملات الإعلامية العدائية لدول الخليج"، ومنع قناة الجزيرة على وجه التحديد من الاستمرار في الإساءة إلى أي دولة خليجية وإلا فإنها لم تكن لتقدر على إقناع السعودية والإماراتوالبحرين باتخاذ خطوة إعادة سفرائها إلى الدوحة. وقال مصدر خليجي كان قريبا من مداولات الاجتماع الذي عقد في الرياض ليلة الأحد/الاثنين برئاسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان تعهد "بوقف الحملات الإعلامية ومنع قناة الجزيرة من الإساءة إلى أي دولة خليجية وبذل الجهود لتعزيز التعاون الخليجي"، الأمر الذي شجع القادة الخليجيين على إعطاء الدوحة فرصة أخرى لتطبيق ما هو مطلوب منها منذ فترة وترددت كثيرا في الاستجابة اليه. وأقدمت قطر في عملية إيحاء إلى أنها قبلت بتنفيذ "اتفاق الرياض الأصلي" على إبعاد عدد من قادة الإخوان المسلمين المقيمين على اراضيها والذين طالبت السعودية والإمارات بإبعادهم لأنهم كانوا يشكلون عامل تهديد لاستقرار المنطقة بأسرها، كما يبدو أنها تتجه لمنع آخرين ممن لايزالون على ارضها من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي رئيس ما يعرف باتحاد علماء المسلمين الذي صنفته الإمارات نهاية الاسبوع الماضي منظمة ارهابية، من الإساءة للسعودية والإمارات على خلفية الموقف من تطورات الوضع المصري، حيث دعم البلدان ثورة الشعب المصري وجيشه الوطني على نظام حكم الإخوان قبل اكثر من سنة. لكن الدوحة رفضت الى حد مساء الاحد تنفيذ الشق المتعلق بنهج قناة الجزيرة في دعم الإخوان بشكل تحريضي ضد كل من يرفض اسلامهم السياسي ومنهجهم في التفكير وتكالبهم على السلطة في اكثر من بلد عربي، وهو ما استدعى وفقا لبعض المحللين، تمكينها من فرصة جديدة في إطار "اتفاق الرياض التكميلي" لإثبات جديتها في تغيير موقفها من دعم الإخوان المسلمين كتنظيم مصنف إرهابيا في السعودية والإمارات وضرورة أخذ هذا المعطى المهم في الاعتبار في علاقاتها الخليجية والكف عن المناورة في هذا الشأن لأن مثل هذه المناورات لم تعد تنفع القيادة القطرية مطلقا مع تزايد الدلائل على أن الإخوان المسلمين هم جزء أصيل من الكيانات الممارسة للإرهاب في المنطقة وفقا للدور الموكول لهم بين مختلف تشكيلات الاسلام السياسي المؤمنة والمروجة لدولة الخلافة مع الفارق في السلوك الموصل لهذه المرحلة من الهيمنة الشاملة على الدول والمجتمعات إن "سلميا للضرورة القاهرة" أو بانتهاج خيار العنف، مثلما يحصل في عدد من الدول العربية مع تنظيم "الدولة الاسلامية" الإرهابي الذي اعلن الحرب على الجميع شرقا وغربا. وأعلنت دول مجلس التعاون الخليجي في بيان رسمي صدر مساء الاحد عقب القمة "فتح صفحة جديدة في العلاقة بينهم لحماية أمنهم واستقرارهم الجماعي. وقالت في بيان في نهاية الاجتماع إنه "تم التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يصب في وحدة دول المجلس ومصالحها ومستقبل شعوبها ويعد إيذانا بفتح صفحة جديدة ستكون مرتكزا قويا لدفع مسيرة العمل المشترك والانطلاق بها نحو كيان خليجي قوي ومتماسك، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها". وتابع البيان "وبناء عليه، فقد قررت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين عودة سفرائها إلى دولة قطر"، كما أن "القمة الخليجية ال22 سيتم عقدها كما هو مقرر في الدوحة". وأكد البيان على أن القادة اجتمعوا "لترسيخ روح التعاون الصادق والتأكيد على المصير المشترك وما يتطلع إليه أبناء دول مجلس التعاون الخليجي من لحمة متينة وتقارب وثيق". ويقول مراقبون إن الدول الخليجية وخاصة السعودية والإماراتوالبحرين تكون بهذا الموقف الاستراتيجي والذي يتسم ببعد النظر، قد وفرت لقطر فرصة للعودة "مكرمة" للحضن الخليجي وبالمحصلة فإن دعوتها لأخذ مسافة من الأدبيات المنتجة للإرهاب سيخدم استقرارها قبل أي دولة اخرى لأن الأحداث أثبتت أن الإرهاب لا يستثني دولة في المنطقة حتى ولو اتخذت منه موقفا "إجابيا" عبر دعمه ماديا وإعلاميا. وعلى هذا الأساس، فإما ان تعود الدوحة عن "ضلالها" فيشكل ذلك انتصارا لحكمة قادة الدول الخليجية الغاضبين من سلوكها ويعفيها من مشاكل لا حصر لها، وإما ان تفرط في هذه الفرصة التي أعطيت لها لإصلاح ما أفسدته من علاقاتها الخليجية وهي فرصة لن تتوفر لها مطلقا إذا ما بدت التعهدات التي قدمها الشيخ تميم الأحد في الرياض هي مجرد "حيلة" جديدة لتأمين انعقاد القمة الخليجية في الدوحة لا غير.