800 مليون جنيه أو 800 مليار بحساب السوق، هذا الرقم الخيالي هو تكلفة الانتخابات المزمع قيامها بعد نحو 5 أشهر من الآن، ولا يبدو حتى الآن أن هناك دواعٍ لتأجيلها، التكلفة وفقاً لما أعلنته مفوضية الانتخابات، الانتخابات سيجري التسابق فيها لحزب واحد والنتيجة معلومة سلفاً- إن جرت الانتخابات أو لم تُجرِ- والذي لا شك فيه أن التكلفة هذه يتحملها هذا المواطن، الذي يعاني كي يتحصل على وجبة واحدة، لماذا كل هذا التبديد؟. هذه الأموال الطائلة كم من مشروع تنموي كان أولى بها؟، وكم من مشروع ملفه قيد الأدراج جُمد لضعف الميزانية وكم وكم؟، صفوف المرضى مشحونة بالصبر في انتظار إصلاح أعطاب ماكينة الغسيل، وصفوف أخرى ملت انتظار أن تأخذ نصيبها من جرعة العلاج الكيماوي، أقسام كاملة غُلقت، ماذا لو تم توجيه هذه الأموال إلى قطاع الصحة الذي لا يحتاج إلى عمل دراسة للكشف عن انهياره؟، أما كان الأولى ذلك، معسكرات النزوح تعاني ما تعاني والمنظمات لا تستطيع الوصول إليها بأمر السلطات، المؤكد أن الغالبية العظمى متفقة حول ترتيب الأولويات، فليس هناك ما يستدعي سرد وتفصيل القطاعات التي تستحق هذه الأموال فليست الصحة وحدها، ولا الأوضاع الإنسانية في مناطق الصراعات التي لا تحسبها السلطات ضمن مسؤولياتها، هناك قطاع التعليم، بل هناك خدمات الماء والكهرباء، بل هناك الحاجة الشديدة إلى أي قرش يُصرف. أرض المتناقضات، يعاني اقتصادها كل الأمراض- إن كان ما هو بين أدينا يُمكن أن يُطلق عليه اقتصاد- بينما المليارات تصُرف في مشروعات نهاياتها معلومة، ليس هناك منطق يجعلنا نطرح سؤال، من أين تأتي هذه الأموال، وما مصادرها؟، فكل الإجابات المنطقية، وغير المنطقية صحيحة. السؤال الجدير بالطرح، كان يبدو غير موضوعياً لكثيرين، هو لماذا نصرف هذه الأموال بينما لن يتغيّر شيء؟- وإن حدث تغيير وفقاً للمعطيات التي تسير إليها الانتخابات فهو تغيير إلى أسوأ دون أدنى شك، حسناً، لماذا لا نقبل بالنتيجة قبل الخوض فيها، ونوفر هذا المبلغ الكبير الذي يحتاجه المواطن في جميع خدماته، ابتداء من قطرة ماء، حتى جرعة دواء، ما دام أن النتيجة معلومة للجميع، لماذا يخسرون، ونخسر، ولا طرف رابح؟، من الرابح في انتخابات الأصم هذه؟، بصراحة الأولى توفير هذه الأموال الطائلة لأن شيئاً لن يتغير، وليس المعنى فقط أن المناخ غير مهيأ للانتخابات بحساب الحرب والصراعات في أطراف البلاد، وليس كذلك للاحتقان السياسي الذي تعانيه الساحة، وليس لأن البلاد جميعها غير مستعدة للانتخابات، لكن لأن النتيجة معلومة ولو خاضت الانتخابات أكبر الأحزاب، وانتخابات الحزب الحاكم الأخيرة كانت أنموذجاً مكتملاً.. الحاجة الشديدة إلى أموال الانتخابات، وليس الانتخابات. التيار