سؤال واضح وصريح: "هل تقبل إقالة زميلك المريض من العمل في مقابل زيادة راتبك أو الحصول على علاوة؟"، والإجابة على هذا التساؤل كانت محور الفيلم البلجيكي "يومان وليلة" أو "Deux jours, une nuit". وتتمثل متعة هذا الفيلم القصير (95 دقيقة) بشكل أساسي في عنصر التمثيل الذي احتكرته الممثلة الفرنسية المميزة ماريون كوتيار تقريبا بالكامل منذ المشهد الأول، في ضوء قصة بسيطة وأحداث واقعية مكتوبة بعناية فائقة لا تخلو من التشويق للأخوين داردين، اللذين أخرجا الفيلم أيضا. عمد الأخوان لوك وجان بيير داردين إلى جذب انتباه المشاهد من اللقطة الأولى التي تعلم فيه ساندرا (كوتيار)، الأم الشابة المكافحة مع زوجها التي تتعافى من انهيار عصبي نتيجة لضغوط الحياة على ما يبدو، أن استمرارها في عملها في المصنع الصغير لإنتاج الألواح الشمسية خضع فجأة لاقتراع من قبل زملائها بأوامر من المدير وتهديدات من مراقب العمال. الاختيار ببساطة كان بين فصلها ومنح علاوة للجميع ألف يورو، أو استمرارها وحرمانهم من العلاوة، وجاء الاختيار لكفة المال باكتساح شبه كامل. تعود الحياة لساندرا مجددا مع قبول رب العمل إعادة الاقتراع بعد شكاوى من التلاعب في التصويت، لتجد نفسها أمام تحد جديد لإقناع زملائها ال 16 بتغيير تصويتهم في ظرف 48 ساعة أثناء عطلة نهاية الأسبوع "يومان وليلة"، لتبدأ معركة جديدة للدفاع عن بيتها ومستقبل أولادها وأسرتها اتسمت بتقلبات انفعالية شديدة أتقنتها كوتيار ببراعة. الكاتبان لم يفوتا فرصة تسليط الضوء على عجرفة وغطرسة رأس المال بشكل واضح في المشهدين الوحيدين لمدير المصنع في بداية الفيلم ونهايته. نهاية الفيلم جاءت غير متوقعة لكنها كانت انتصارا للإجابة الأخلاقية الوحيدة التي يجب أن تتبادر للذهن عند طرح السؤال محور الفيلم، الذي وصفه أحد النقاد قائلا إن "هذه النوعية من الأفلام هي السبب في اعتبار السينما فنا". وسينافس الفيلم، الذي بلغت ميزانيته 7 ملايين دولار، رسميا باسم بلجيكا على جائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية هذا العام، كما ترشح لجائزة السعفة الذهبية في الدورة الأخيرة لمهرجان كان، ونال جائزة أفضل فيلم في مهرجان سيدني السينمائي.