الدراسة التطبيقية والدراسة النظرية وجهان لعملة واحدة، هي الدراسة الجامعية.. ولا بد من وجودهما جنباً إلى جنب حتى نحصل في النهاية على خريج صاحب مقدرات عالية ومتمكن في مجاله. لكن ماذا إذا غابت الدراسة التطبيقية «العملية» عن الجامعات وعن التخصصات التي تحتاج إلى تطبيق.. وما مدى تأثُّر الطلاب بغياب هذه الدراسة؟ لمعرفة جوانب هذا الموضوع استطلعت «الأهرام اليوم» فئة من الطلاب والأساتذة الجامعيين، وخرجت بهذه الحصيلة: بداية قالت «آلاء أحمد» بقسم علم النفس: إن الدراسة النظرية لا تفيد كثيراً مقارنة بالدراسة العملية، وكثير من الطلاب لا يهتمون بالمعلومات النظرية التي يدرسونها إلا عند الامتحانات، بينما الدراسة العملية تفيد الطالب في حياته المهنية. ويرى «هشام البدوي» أن هناك سلبيات موجودة في التعليم العالي في السودان، منها أن كثيراً من الكليات التطبيقية تهمل الجانب التطبيقي، وهذا مرده إلى ضعف الإمكانيات المادية، مع إصرار سياسات التعليم العالي على التوسُّع في التعليم النظري في ظل عدم توفير الأدوات والمعامل التي يحتاجها الطالب لكي يقوم بالدراسة الميدانية، وهذا عكس ما يحدث في الدول المتقدمة التي تهتم بالبحث العلمي وتستفيد منه. وفي ذات السياق يقول «مطيع كباشي» بقسم الجغرافيا، إن الجانب التطبيقي يقود إلى المزيد من المعرفة في مجال التخصص ويثبّت المعلومات، والتطبيق يجعل العلم جزءاً من تركيبة الطالب، ومن هنا تبدأ مرحلة الإبداع. فيما ترى «صفاء طه» أن الدراسة النظرية فقط لا تكون لها جدوى وهي مجرد دراسة تجارية للامتحانات، أما الدراسة التطبيقية فتكون راسخة في الذهن، والضرورة تحتِّم وجود دراسة عملية إلى جانب الدراسة التطبيقية في التعليم حتى يستفيد الطالب. ويرى «مروان نمر» بقسم الإعلام أن معظم الجامعات لا توفِّر معامل، وذلك يرجع إلى الكثافة العالية بتراكم أعداد كبيرة من الطلاب في نطاق ضيِّق، ما يصعّب على الجامعات توفير الأدوات اللازمة للدراسة التطبيقية، ومعظم الطلاب يفضلون الدراسة النظرية على التطبيقية لنيْل الشهادة فقط، ولا تهمهم الكفاءة من عدمها، بمعنى أن دراستهم تجارية. وتؤكد «سُهى بابكر» أن غياب الدراسة التطبيقية لطلاب الجامعات يؤثر سلبياً في مستوى إدراك الطالب الجامعي ووعيه بمتطلبات الدراسة، ويجعله بذلك مقتصراً على الدراسة الأكاديمية مثله مثل طالب المدارس الثانوية والأساس، وهذا الأمر يجعل الخريج الجامعي غير منافس في سوق العمل، فكل مجالات العمل المختلفة تكون من شروطها الأساسية الخبرة، وهذا ما لا يملكه الخريج الذي اعتمد في دراسته على المجال النظري دون تطبيق لما يقوم بدراسته. أما «إسلام محمد» فتؤكد أن غياب التطبيق مشكلة حقيقية باعتباره أساس إتقان المجال المتخصص فيه، وأن انعدام التطبيق يؤدي إلى خريج لا يملك من سنوات دراسته سوى ورقة يُعلِّقها على حائط غرفته تكون دليلاً على المدة التي قضاها داخل الحرم الجامعي. فيما شخَّص الدكتور بدر الدين طه عثمان، المحاضر بكلية الآداب بجامعة الخرطوم، الأمر بقوله: إن التطبيق مهم ولكي يتوفر لا بد من وجود أساتذة بمهارات عالية مع وجود المعامل والأدوات والأجهزة الرقمية وغيرها، ولا بد من أن توفر الجامعة مشاريع بحثية يجد فيها الطالب الحظ الأوفر وتكون هذه المشاريع والبحوث في إطار تعامل وانفتاح ثقافي وعلمي مع المجتمع الخارجي، ولا بد من ربط هذه الدراسة التطبيقية بالجهات التي تصنع القرار في الدولة ومدى استعداد هذه الجهات لدعم البحوث والمشروعات، ومدى استفادة الدولة من هذه الدراسات والبحوث التي يقوم بها الطالب. وغير ذلك تكون كل الدراسات التي يخضع لها الطالب غير ذات جدوى على الإطلاق.