:: ومن كوارث الزمن، ما أن تقرأ إعلاناً لأهل قبيلة أو قرية إلا وتجدهم يهنئون إبنهم الذي نال ثقة الحكومة وصار ( والياً أو وزيراً)، هذا أو تجدهم يهددون أحد المستثمرين بالطرد أو الويل وعظائم الأمور إن يعوضهم مقابل الإستثمار في أرض - هي في الأصل - ملك الدولة.. هكذا إعلانات القبائل والقرى في صحف بلادنا منذ ربع قرن تقريباً، أي هي إما تهنيئة مراد بها ( كسير التلج لولاة والوزراء) وكذلك ترسيخ لروح القبلية والجهوية في أجهزة الدولة أو ترهيب المستثمرين و إبتزازهم.. ولذلك، كان إعلان أبناء جمعية منطقة حمور وبكبول بالرياض بصحف الجمعة الفائتة غريباً و..(مشرقاً ومشرًفاً)..!! :: بكل إعزاز وفخر، هنأ أبناء منطقة حمور وبكبول بالرياض إبنهم حمور محمد زيادة حمور، فلهم التهانئ قبل حمور لأن إعلانهم يختلف عن إعلانات الآخرين ( شكلاً ومضموناً).. حمور زيادة لم يصبح والياً بالإجماع السكوتي ولا وزيراً بالموازنات القبلية والجهوية، بل أسمى من هذا وذاك بكثير، إذ فاز بجائزة نجيب محفوظ للآداب - للعام 2014 - من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وذلك عن روايته ( شوق الدرويش)..جائزة نجيب محفوظ، أنشأها قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في العام 1996، وحفلها الثقافي 11 ديسمبر من كل عام، وهو يوم ميلاد الكاتب العربي نجيب محفوظ (1911)..ومع الحافز المادي الرمزي، تترجم الرواية الفائزة بجائزة نجيب محفوظ إلى الإنجليزية و تُنشر، وهذه هي ( الجائزة الكبرى)..!! :: و حمور زيادة الذي يتجاوز - بترجمة شوق الدرويش - المحلية والعربية ويقترب إلى العالمية، لم يفز لنفسه عندما وثق اسمه وروايته مع أسماء وروايات مريد البرغوثي وأحلام مستغانمي ويوسف إدريس وخيري شلبي وهدى بركات - وآخرين - في قائمة الفائزين بجائزة نجيب محفوظ، بل فاز لوطنه وأبناء جيله.. ولأن مثل هذا النجاح السوداني جدير بالإحتفاء، ننتظر إحتفاء اتحادات وجمعيات الكتاب والأدباء - وكذلك المؤسسات الثقافية - لنرى كيف يحتفون بهذا الضوء والأمل ؟.. حمور زيادة وأبناء جيله في بلادنا لايكتبون ولا ينشرون في ظروف طبيعية تمد الأقلام ب(مناخ الكتابة) وتفتح للكتابات (أبواب الطباعة)، بل يتحدون ويقهرون كل معيقات الكتابة وعقبات النشر، ولذلك لفوزهم طعم التحدي ورائحة الكد ولون الإرادة..!! :: (شوق الدرويش)، رواية دسمة ونجح فيها حمور زيادة توظيف إحدى حقب الدولة المهدية برمزية تشغل عقل قارئها بالسؤال عما ما يريد أن يقولها الكاتب، وكذلك لم تتجاوز الرواية - التي توثق بعض مشاهد وأفكار تلك الحقبة التاريخية - نقد الحاضر، والمساحة لن تسع سرد تفاصيل حياة بخيت منديل - بطل الرواية - وما فيها من رسائل تحتمل التأويل، وهذا يؤكد أن الكاتب قدم للنقاد (رواية دسمة)، ونأمل أن يتعمقوا فيها ويثروا بنقدها الصفحات الثقافية والأدبية وأماسي بيوت الفنون..شكراً لجائزة نجيب محفوظ وهي تحتفي بحمور زيادة و رائعته السودانية (شوق الدرويش)، وشكراً لقلم وفكر حمور زيادة وهما يصنعان لهذا الوطن الجميل كل هذا الفرح ..!! [email protected]