الخرطوم : الدكتور وجدي كامل المتخصص في مجال السينما، كان آخر المستضافين في الاتحاد العام للكتاب السودانيين قبل أن يتم إلغاء ترخيصه، وفقا لخطاب صادر من وزارة الثقافة السودانية يوم الخميس الماضي. وانتقد كتاب ومبدعون سودانيون هذا القرار، وتأسف وجدي كامل عليه قائلا: «يبدو أنني كنت آخر المستضافين بعد الشاعر المغربي محمد بنيس باتحاد الكتاب السودانيين». ولمح الشاعر والكاتب عبد المنعم الكتيابي إلى أن القرار مرتبط باستضافة الاتحاد للشاعر المغربي محمد بنيس، واصفا الخطوة بالغريبة والمريبة وقال: «الغريب في الأمر أن يرجح أحد موظفي مكتب المسجل أن يكون سبب الإغلاق وسحب التسجيل هو استضافة الاتحاد للشاعر والمفكر المغربي محمد بنيس»! لكن الأمين العام للاتحاد عثمان شنقر يقول إنهم لا يعرفون لماذا حدث ذلك ولم يتلقوا من الجهة التي أبلغتهم سببا واضحا. وهو يرى أن السبب الحقيقي لحظر أنشطة الاتحاد وإلغاء تسجيله، هو أن «النظام ضاق ذرعاً بممارسة أي عمل مستقل لا يعبر عن توجهاته»، ويستدل على ذلك بأنه لم يجد جواباً عند استفساره عن ماهية تلك «الأنشطة المخالفة». ويلفت الكاتب والروائي عماد المليك الانتباه إلى أن هذا هو «القرار رقم واحد» لعام 2015 لوزارة الثقافة السودانية، متوقعا المزيد من القرارات ضد العمل الثقافي هذا العام. أما الكاتب عبد اللطيف علي الفكي فيقول، إن أكثر الجماعات خوفاً من الوعي والثقافة والكتابة هم الإخوان المسلمون. ويضيف : «لقد صدر في بيان انقلابهم عام 1989 حل اتحاد الكتاب السودانيين». وطالب بألا ينصاع الكتاب لهذا القرار الذي يلوي حقيقة الواقع. ويقول الكاتب المقيم في استراليا عفيف إسماعيل، إن هذه السلطة غير شرعية وليس لها الحق في تعطيل نشاط أكبر منها عمرا وعطاء للوطن، وأهدى الشاعرعصام عيسى رجب قصيدة جديدة إلی اتحاد الكتاب السودانيين وقال: «هل يغلق أحد باب الحرف والفكرة التي تدير وجهها أبدا للشمس...؟». ويرى عبد الخالق النويري أن الحكومة هي العدو الأول للثقافة والأدب، وهي لا تؤمن بالشعر والمسرح والفنون عموما، لذا تقوم بقمع المبدعين ومؤسساتهم الثقافية. ويقول إن ما جرى لاتحاد الكتاب من إغلاق وهو انتهاك واضح للحقوق الإنسانية، مشيرا إلى أن الفعل الثقافي والأدبي لا ينفصل عن العمل السياسي، وطالب المثقف بأن يكون واعيا في المطالبة النضالية من أجل الحقوق السياسية والمدنية والثقافية، كما نصت عليها المواثيق الدولية ووقعت وصادقت عليها دولة السودان عام 1986. وتداول الكتاب السودانيون في جميع أنحاء العالم هذا الخبر وانتشرت صورة الخطاب الذي حل بموجبه الاتحاد في صفحات المبدعين السودانيين وغيّر الكثيرون بروفايلاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي متضامنين مع الاتحاد، ومنهم الكاتب والشاعر يحيى فضل الله والروائي عبد العزيز بركة ساكن، الذي منعت رواياته من الطبع والتداول في السودان وحظي هذا الموضوع بأكبر قدر من التعليقات. وأدانت شبكة الصحافيين السودانيين بأقوى العبارات قرار مسجل الجمعيات الثقافية بإغلاق اتحاد الكتاب السودانيين وإلغاء تسجيله، وقالت في بيان لها إن القرار لا ينفصل عن الهجمة المستمرة والكيد البائن ضد حرية التعبير من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة واستهداف منابر الوعي. وأعلنت شبكة الصحافيين وقوفها إلى جانب اتحاد الكتاب السودانيين ضد القرار الذي وصفته بالجائر وبأنه يكشف مدى ضيق السلطات بالرأي وحرية الكلمة. ويجيء إيقاف نشاط الاتحاد العام للكتاب السودانيين ضمن القيود التي تفرضها السلطات السودانية ضد أنشطة المجتمع المدني، وقد سبقه قبل أيام منع نشاط مركز محمود محمد طه وإلغاء احتفالية بذكرى اغتياله، وفي العام الماضي تم منع إعلان جائزة الطيب صالح بمركز عبد الكريم ميرغني. وينضم اتحاد الكتّاب لسلسلة طويلة من المراكز الثقافية التي تم إغلاقها أو تعطيل نشاطها ومنها مركز الدراسات السودانية ومركز الخاتم عدلان، مطعم بابا كوستا وجماعة مفروش للكتاب. ويقول ناشطون إن هذه الاجراءات تتنافى تماما مع ما تقوله الحكومة من اتجاهها لبسط الحريات وإتاحة الفرصة للآراء المخالفة لها، وينفي عثمان شنقر أن يكون الاتحاد قد قام بممارسة أنشطة تخالف أحكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية ونظام الاتحاد الأساسي، ويقول إن مجابهة هذا القرار متروكة لاجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إيقاف نشاط الاتحاد بعد أن تم حله بوصول نظام الإنقاذ للسلطة في الثلاثين من حزيران/ يونيو عام 1989 وعاود الاتحاد نشاطه بعد خمسة عشرعاما ليتم إلغاء ترخيصه يوم الخميس الماضي. صلاح الدين مصطفى القدس العربي