الطيب زين العابدين : الأحزاب المشاركة ليس لديها المقدرة ولا تضمن الفوز بأي من الدوائر الجغرافية ما لم تستعن بدعم المؤتمر الوطني منذ هذه اللحظة يتبقى مقدار 52 يوماً من بدء عملية الاقتراع في 13 إبريل القادم لانتخابات 2015، و التي تواجه عدة مأزق، منها هشاشة وضعف الأحزاب المشاركة من حيث القاعدة الجماهيرية والفعل السياسي، وحملة المقاطعة التي أعلنتها قوى الأحزاب التاريخية المعارضة ذات الوزن والثقل الجماهيري. الحلقة الشريرة على الرغم من العثرات والعقبات التي تواجه الممارسة الديمقراطية نجد أن السودان من أوائل الدول الإفريقية والعربية الذي طرق أبواب التجربة الديمقراطية ، إلا أن هذه التجربة في سياق تاريخها اعترضتها العديد من الانتكاسات التي أدت إلى إضعافها ومن ثم انقطاعها وعدم تطورها، الشيء الذي فتح الباب على مصراعيه لخيار الانقلابات العسكرية كبديل للتجربة الديمقراطية. يبدو جلياً أن الحكومات السلطوية التي أعقبت فترات الحكم الديمقراطي، بدورها فطنت لتطور من مقدرتها في سيطرتها على الدولة، و استعارت شعارات الديمقراطية لمجرد المظهرية وأضفت صفة الشعبية على مؤسستها الاجتماعية والسياسية حتى تواكب وتلائم ما يساير العصر في إدارة الدولة، الشيء الذي زاد من التباس و قتامة الوضع لدى الكثيرين، وأدى إلى خلط جعل من الصعب التفريق بين ما هو ديمقراطي و ما هو شعار مظهري للديمقراطية. انتخابات إبريل القادم وبحسب رأي محللين سياسيين يسودها خلط والتباس المفهوم الديمقراطي شكلاً وموضوعاً، وذلك لطبيعة نوع السلطة المدمجة والمتحكمة في إمكانات الدولة ، لذلك رهنت المعارضة السودانية مشاركتها بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على تعديل الدستور والقوانين ومن ثم إجراء انتخابات معترف بها. و ستقام الانتخابات والمشهد السياسي يعاني من انقسام وعدم توافق قومي حولها ومقاطعة من قبل الأحزاب الفاعلة و ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة، مما يؤدي إلى ضعف المشاركة والإقبال عليها وعدم جاذبيتها للشعب. ويذكر أن انتخابات إبريل القادم ستبدأ يوم الإثنين 13 من إبريل وتستمر حتى الأربعاء 15 منه ، وستبدأ عملية فرز الأصوات في يوم الخميس 16 إبريل، وتعلن النتيجة في السابع والعشرين من الشهر نفسه. و يشترك فيها 43 حزباً مسجلاً لدى المفوضية القومية للانتخابات من جملة 77 حزباً مسجلاً لدى مجلس الأحزاب وأن المفوضية اعتمدت 15 مرشحاً للرئاسة بينهم ستة ينتمون لأحزاب والآخرون مستقلون من جملة 18 مرشحاً قدموا أوراقهم ، وجملة المرشحين في الانتخابات للمجلس الوطني والمجالس الولائية والقوائم النسبية بالولايات بلغ عددهم 8748 وأن هنالك 7133 مركز اقتراع في جميع أنحاء البلاد ، و سبعين ألف صندوق اقتراع، و ثماني بطاقات لكل ناخب سوداني، والمتوقع من المسجلين للانتخاب 13 مليون نسمة، وتقدر جملة بطاقات الاقتراع ب140 مليون بطاقة و 40 إلى 50 ألف موظف للعملية الانتخابية، إلى جانب إحدى عشرة ألف لجنة ، كما أن هنالك قناة مخصصة لخدمة العملية الانتخابية. وستستمر عملية الاقتراع 3 أيام ، وتبلغ جملة ميزانية انتخابات إبريل القادم 800 مليار جنيه. ويرى مراقبون أن الحزب الحاكم سعى لإقامة الانتخابات بإشراك أحزاب ضعيفة من حيث القاعدة الجماهيرية وغير فاعلة في الساحة السياسية و معظمها لم يسمع بها الناخب مما يقلل من فرص التنافس المتوازن بينها وبين حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، وفي الوقت الذي يدشن فيه الحزب الحاكم حملة لإقامة وإنجاح الانتخابات نجد في الجهة الأخرى الأحزاب ذات القاعدة الجماهيرية الكبرى تدشن حملتها من أجل إنجاح مقاطعة الانتخابات. ضعف الأحزاب في هذا السياق يرى المحلل السياسي بروفسير الطيب زين العابدين أن الأحزاب المشاركة في انتخابات إبريل القادم ليس لديها المقدرة ولا تضمن الفوز بأي من الدوائر الجغرافية ما لم تستعين بدعم و مساندة المؤتمر الوطني لها ، و يمضي زين العابدين في قوله ‘ حتى لو تنازل المؤتمر الوطني للحزب المشارك عن دائرته، فسيطلب الحزب المشاركة من المؤتمر الوطني المساعدة للفوز بالمقعد أو الدائرة ، ويسند زين العابدين ذلك إلى ضعف وهشاشة الأحزاب المشاركة وعدم مقدرتها المالية وضعف كوادرها وعدم وجودها وسط الجماهير، ويقول إن دافع المشاركة في الانتخابات للكسب المادي و تحسين دخل الفائزين بالمقاعد. مقاطعة أما عن حملة المقاطعة يقول زين العابدين إن القوى السياسية المعارضة تشكك في نزاهة وشفافية الانتخابات وهذا يرجع لانتخابات 2010 التي حصلت فيها مخالفات، ويرى أن مفوضية الانتخابات منحازة بالكامل للمؤتمر الوطني عكس ما كانت عليه مفوضية أبيل لير وعبد الله أحمد عبد الله في 2010 التي اتسمت ببعض المصداقية، ويعتبر أن حملة المقاطعة لها أسبابها وهي عدم الاستقرار السياسي، واستمرار الحروب في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ويصف المقاطعة بأنها تحصيل حاصل لأن الانتخابات محسومة سلفاً للمؤتمر الوطني، ويضيف زين العابدين أن انتخابات إبريل القادم لن تجد اعترافاً من المجتمع الدولي لمقاطعة الاتحاد الأوربي و الأممالمتحدة والمنظمات الحقوقية لها ولن تجد هذه المرة مراقبة دولية لتعطيها نوعاً من المشروعية. في ذات المنحى يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد علي جادين ، أن حملة المقاطعة ستؤثر في انتخابات إبريل القادم من زاوية أن الأحزاب المقاطعة ذات قاعدة جماهيرية كبيرة، ويضيف أن التأثير سيكون في مصداقية الانتخابات وخاصة أن هنالك رأي و موقف دولي وإقليمي من زاوية التمويل و المراقبة. ويقول جادين إن الحزب الحاكم ترك 30% من الدوائر البرلمانية للأحزاب المشاركة مقدماً، مما يجعلها مشاركة ديكورية لتعكس أن المنافسة على رئاسة الجمهورية منافسة حقيقية. التيار