صرح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الثلاثاء، إنه يجب العمل على "سحب الشرق الأوسط من حافة الانهيار" مؤكدا أن "قطر جزء لا يتجزأ من المنطقة، وتهتم بشكل كبير بأمنها واستقرارها" وهي "تمثل حجر الأساس للاستقرار في بحر من الاضطراب". وذكر الأمير في مقاله "عندما ألتقي الرئيس باراك أوباما في واشنطن، كجزء من زيارة رسمية إلى الولاياتالمتحدة، رسالتي ستكون واضحة ألا وهي: يجب أن نعمل معا لسحب الشرق الأوسط من حافة الانهيار، وهذا يتطلب التزاما جريئا على أساس رؤية طويلة الأجل من العدل والأمن والسلام لجميع شعوب المنطقة". وبيّن أن "قطر على استعداد للقيام بكل ما يلزم للمساعدة في تحقيق هذه الرؤية، وتحقيقا لهذه الغاية سيكون لدينا علاقة ثنائية قوية توفر أساسا متينا للتعاون بين أميركا وقطر، سواء في المنطقة أو خارجها، وبالفعل فقد تعمقت شراكتنا الإستراتيجية في السنوات الأخيرة رغم الاضطرابات الإقليمية". وكان أمير دولة قطر قد وصل إلى واشنطن، الاثنين، في إطار زيارة رسمية له للولايات المتحدة لبحث قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية. وقد التقى الأميرُ الرئيسَ الأميركيَ بُعيد نشر هذه المقالة بصحيفة نيويورك تايمز، والتي حثّ فيها الشيخ تميم أوباما على التعامل مع الأسباب العميقة لظاهرة الإرهاب التي تتغذى من الدكتاتورية والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، وفقا لمراسل الجزيرة. وأوضح الشيخ تميم في مقاله الذي جاء تحت عنوان "رسالة قطر لأوباما" أن منطقة الشرق الأوسط تشهد أزمنة صعبة، مع استمرار العنف بسوريا والعراق أضيفت إليه الأزمات الجديدة في ليبيا واليمن، ناهيك عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر "بلا هوادة". واعتبر أن هذا الوضع الذي وصفه بالسيئ "سيشهد مزيدا من التدهور، خاصةً أن الدول المحبة للسلام في العالم لا تتصرف بسرعة لكبح جماح قوى الفوضى والعنف". وبشأن دور قطر بالمنطقة، قال الشيخ تميم إن بلاده "جزء لا يتجزأ من المنطقة، ونهتم بشكل كبير بأمنها واستقرارها، وقد انضممنا إلى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا ضد الإرهاب، ومتحدون مع شركائنا في الخليج لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله، وللحفاظ على دورنا كوسطاء بين الفرقاء الإقليميين. ونحن قمنا بخطوات نشيطة في الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات التي طال أمدها بالأماكن التي تمزقها الصراعات مثل السودان ولبنان واليمن". وبيّن أمير قطر أن بلاده تتفق مع موقف أوباما الذي يعتبر أن "الحلول العسكرية لا تكفي وحدها لدحر الإرهاب ومواجهة التحديات الإستراتيجية التي تواجه الشرق الأوسط والعالم بشكل ضخم". وذكر أن المشكلة لا تكمن في الإسلام الذي ينظر إليه الغرب كسبب مباشر للتهديد "الإرهابي" قائلا "بوصفي مسلما يمكنني أن أقول لكم إن المشكلة ليست في الإسلام، بل في حالة اليأس". ولفت أمير قطر إلى أن اليأس الذي يجتاح مناطق وقرى عربية أنهكتها الحروب وأحياء فقيرة في أوروبا وأميركا، لا يعرف دولة ولا دينا، وأضاف "نحن بحاجة إلى معالجة هذه المشكلة إذا أردنا وقف موجة الإرهاب". وأكد أن هذا الأمر ليس ذريعة للإرهاب، وجدد التذكير بأن قطر "أدانت بقوة الأعمال الوحشية التي ترتكبها المجموعات المتطرفة، وأكدت ثباتها في دعم المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، لكن استعمال الرصاص والقنابل وحدهما لا يمكن أن يؤدي إلى كسب الحرب على الإرهاب". وبيّن الأمير في السياق ذاته أن "معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب تتطلب طريقة أعمق على المدى الطويل ونهجا أكثر إستراتيجية" مضيفا "سيتطلب هذا الأمر من القادة السياسيين أن يكون لديهم الشجاعة للتفاوض التعددي والشامل ووضع حلول لتقاسم السلطة للنزاعات الإقليمية، وسوف يتطلب هذا الأمر محاسبة الطغاة". كما أعرب الشيخ تميم عن أسفه لأن الحرب على "الإرهاب" تساعد في بعض الحالات في الحفاظ على الدكتاتوريات الملطخة بالدماء التي ساهمت في ارتفاع هذه الحركات "الإرهابية" معربا عن اعتقاده بأن "المعركة ضد التطرف العنيف لن تنجح إلا إذا اقتنع سكان المنطقة بالالتزام بإنهاء الأنظمة الاستبدادية من أمثال بشار الأسد في سوريا". وبيّن أن "مسؤولية القيام بذلك يجب ألا تتحملها الولاياتالمتحدة وحدها، وعلى الدول العربية أن تعمل معا لإيجاد حل سياسي في سوريا". وأكد "ضرورة العمل أيضا على إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات التي طال أمدها والتي تعمق عدم الثقة وتغذي الإحباط الذي يولد التطرف". وختم الأمير مقاله بالتأكيد أن "شباب العالم العربي لا يزال صامدا وملتزما بمستقبل أفضل، ولا يزال يأمل في العيش بشرق أوسط يحترم الكرامة الإنسانية ويحقق عدالة فعلية" على الرغم من أن "المجتمع الدولي وقف موقف المتفرج أمام توقه (الشباب) للحصول على الحرية والعدالة والأمن الاقتصادي الذي تعاملت معه القوى السياسية بازدراء". غير أن أمير قطر ذكر أن هذه الآمال لن "تستمر إذا لم نتحرك كما يجب، ونسعى لاستعادة ثقته ودعمه من خلال تجديد التزامنا بالقيم التي تظاهر من أجلها في الربيع العربي".