فجعني وأحزنني وحزّ في قلبي خبر مغادرة (11) طالباً وطالبة من بلادنا للإلتحاق بتنظيم (داعش) الإرهابي .. وكما جاء بالخبر فان غالبية هؤلاء الطلاب/ات يدرسون بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا - المعروفة بجامعة (مأمون حميدة) نسبة لصاحبها القيادي الإسلامي ووزير الصحة الحالي في الخرطوم ..! ورغم احساسي بالمرارة والألم في هذا المصاب الجلل .. إلا انني لم اتفاجأ بالخبر .. لأن (داعش) لم تغب يوماً عن بلادنا .. وتعيش معنا منذ أكثر من (25) عاماً .. وذلك عندما هجمت العاصفة (الترابية) – حسن الترابي - على بلادنا واقتلعت أوتاد الأخلاق والدين والعلم من مجتمعنا .. وعاثت فينا تدميراً أفقياً ورأسياً .. ولم يسلم من هذا التدمير المُمنهج حتى تلاميذ وتلميذات المدارس .. الذين اقتلعت العاصفة الشيطانية عقولهم وأدمغتهم وزرعت مكانها عقلا داعشياً لا يعرف سوى مفردات الجهاد والنحر والسفاح والنكاح .. وكان من الطبيعي ان ينشأ هذا الجيل على الكراهية .. كراهية الحياة كما النفس .. لأن الاسلام في نسخته الأخيرة صار محفزاً على الإنتحار بعد ان أصبح منفراً وكريهاً ومقرفاً .. لدرجة انه لا يمكنك الإقتراب منه دون أن تضع يدك على أنفك .. من فرط رائحة الدم والدود والمني والصديد.. لذا فان ما حدث لم يكن مستغرباً عندي بل اعتبره من حصاد ثمارنا وختام صحائفنا وخراج حرثنا .. الحرث العشوائي طوال (25) عاماً في مناهجنا المدنية والتربوية السمحة .. (25) عاماً من إستغلال وإستغفال أفئدة وعقول صغارنا .. (25) عاماً من القمع والوحشية والبهيمية والحيوانية .. وتدمير الذوق الفني والجمالي لمجتمعنا .. وإلغاء الجمعيات الأدبية وفرق التمثيل وحصص الرسم والفنون والتربية الوطنية من مدارسنا .. (25) عاماً من إغلاق المنابر السياسية والثقافية والتربوية بجامعاتنا وفسح المجال لجمعيات الهوس الديني .. ومطاردة المعلمين الأجلاء وتعيين رجال دين من المسخاء والمشوهين مكانهم ..(25) عاماً من مراقبة الكلمة مرئية ومسموعة ومقروءة .. ومن تدمير المسارح ودور السينما والثقافة .. ومن الفساد والشذوذ الأخلاقي كما الفكري .. (25) عاماً من أحاديث الوطء والحور والدبر وكأنما هذا الدين نزل لمخاطبة السرير لا الضمير .. نحن للأسف نواجه مشكلة معقدة تحتاج منا لوقفة شجاعة .. فلا يكفي كي نبرئ أنفسنا القول بان (داعش) لا تمثل الإسلام .. إلا لو أصبحنا كجماعات التكفير الإسلامي وقمنا بإصدار نشرة بإسماء الذين لا يمثلون الإسلام على مر العصور .. لأن بعض قادة التاريخ الإسلامي ارتكبوا من الجرائم والأهوال ما يجعلنا نطلق على (جزار داعش) لقب الرحيم .. كما لا يكف كي نعفي أنفسنا من المسؤولية القول بان هذه الممارسات نتيجة لقرءات وتفسيرات خاطئة للقران والسنة النبوية .. فانا شخصياً – مثلاً - أعرف بان قطع يد السارق عقوبة حدية قررها الله سبحانه وتعالى ولا تحتاج إجتهاداً مني أو من غيري .. ومع ذلك لا أستطيع إقناع ابني بان هذه العقوبة إنسانية تتناسب ومقاييس هذا العصر.. لذا يجب ان نعمل جميعاً ودون تلكك أو تلكؤ من أجل ان يصبح هذا (الدين) وكل دين عبادة فردية بين العبد وربه .. وان نبعده وبقوة عن بلادنا ومدارسنا وجامعاتنا .. وذلك لمصلحة ديننا ومصلحة بلادنا ... وإلا فان البديل ليس دمار بلادنا وتفريخ المزيد من (دواعشها) الصغار وحسب .. بل إنتظار ان نتلقى رسائل من بناتنا وأخواتنا مثل تلك الرسالة التي نشرتها صحيفة (دي فيلت) الألمانية نهاية العام الماضي .. والتي أرسلتها المراهقة النمساوية سامرا كيزينوفيتش (16) عاماً - ملكلة جمال داعش- حيث قالت في (رسالتها الأولى) إلى أهلها عندما هربت منهم إلى سوريا للإنضمام إلى داعش : ( أحبكم .. أراكم في الجنة) ولكن لم يمضي عام على الرسالة الأولى حتى أرسلت لهم رسالة تقول فيها : ( لم أعد أستطيع .. أنا أموت .. انهم يضاجعونني حتى أثناء الدورة الشهرية)! هذا هو الدين الإسلامي في نسخته الأخيرة .. الدين المسنود بالأسطول الأمريكي الخامس .. وأساطيل (البخاري) العديدة .. سامحه الله . [email protected]