الباحث المغربي يؤرخ في كتابه لمفهوم التخييل عبر مجمل الخطابات المعرفية وأجهزتها النظرية وأدواتها المنهجية والتطبيقية. ميدل ايست أونلاين لحظة التأصيل مراكش (المغرب) غاية كتاب "مفهوم التخييل في النقد والبلاغة العربيين الأصول والامتدادات" للكاتب والأكاديمي المغربي د. يوسف الإدريسي، وضع تأريخ ذاتي لمفهوم التخييل يتابع مختلف لحظات تشكله واشتغاله وامتداده عبر مجمل الخطابات المعرفية وأجهزتها النظرية وأدواتها المنهجية والتطبيقية، وذلك بالتمييز بين أربع لحظات في كينونته الاصطلاحية، 1- لحظة النشأة؛ 2- لحظة التأصيل؛ 3- لحظة التكامل النظري والمنهجي؛ 4- لحظة الامتداد؛ وبغاية بناء الكيان المفهومي لمصطلح التخييل اعتمد على مقتضيات المنهج الحفري التاريخي. توزع الكتاب إلى مقدمة وخاتمة وأربعة فصول: يتابع الفصل الأول تشكل مفهوم التخييل في السياقين البياني والفلسفي، ويقف الفصل الثاني عند التأصيل الفلسفي لمفهوم التخييل من خلال جهود الفارابي وابن سينا وابن رشد، ويتناول الفصل الثالث التأصيل البياني لمفهوم التخييل لدى عبد القاهر الجرجاني والبلاغيين المتأخرين غير المتأثرين بالفلسفة، ويعرض الفصل الرابع لتكامل مفهوم التخييل في البلاغة المعضودة بالمنطق لاسيما مع حازم القرطاجني وبلاغيي الغرب الإسلامي، وذلك من خلال قراءتهم للتراث البياني في ضوء المقولات الفلسفية ومصطلحات الشعرية الأرسطية كما شرحها ولخصها فلاسفة الإسلام. صدر الكتاب عن منشورات مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، والكتاب من الحجم الكبير ويقع في 416 صفحة. يقول د. عبدالجليل هنوش في تصديره للكتاب: «يعد مفهوم "التخييل" واحدا من المفاهيم الإشكالية المكونة لشبكة المفاهيم المعقدة في التراث النقدي العربي؛ وذلك لتعدد مساراته وتجذره في كل الكتابات البلاغية والنقدية والفلسفية. وقد كان من الضروري تتبع جذوره وتشكلاته المختلفة في التراث، وهي مهمة تولاها الأستاذ يوسف الإدريسي في هذا الكتاب باقتدار، بحيث تتبع هذه الجذور والتشكلات في التراث العربي بدءا من نصوصه المؤسسة وإلى حدود المسارات الفكرية والمنهجية التي ارتادها الفكر العربي في مجالاته المختلفة النقدية والبلاغية والفلسفية والكلامية. ويتابع د. عبدالجليل هنوش قائلا، وفي نظرنا، يظل الكتاب الراهن، مرجعا أساسا في إدراك مسارات مفهوم "التخييل" في تراثنا النقدي والبلاغي، فقد استوعب فيه الأستاذ الإدريسي الاجتهادات التي سبقته وأضاف إليها جهدا في تتبع جذور المصطلح وتقلباته في البيئات التي عرفها ذلك التراث، وقد اختصر هذه البيئات في بيئتين اثنتين هما: البيئة البيانية التي مهد لها بدراسة تأصيلية للمفهوم في النصوص المؤسسة للبيان العربي، ثم عالجه في قمة تشكله مع شيخ البلاغيين وإمامهم عبدالقاهر الجرجاني. والبيئة الفلسفية التي مهد لها من خلال حفر في النصوص الأولى للترجمات العربية للموروث اليوناني وجهود الفلاسفة المسلمين، ثم وقف مع المفهوم في قمة تبلوره مع شيخ النقاد العرب وإمامهم حازم القرطاجني. وبذلك يكون، في رأيي، قد أحاط إحاطة تامة بالسياق المعرفي المؤطر لهذا المفهوم الإشكالي. ولذلك يعد هذا الكتاب لبنة أساسية في مراجعة المفاهيم الإشكالية الأخرى المكونة للتراث البلاغي والنقدي، والتي تحتاج إلى بحث بالطريقة التأصيلية نفسها، حتى نتمكن في النهاية من استيفاء هذه المفاهيم في صورتها التكاملية. وهو مشروع نسأل الله العون لإكماله، ونشكر الأستاذ الإدريسي لافتتاحه.» يشار إلى أن الدكتور يوسف الإدريسي أستاذ باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، المغرب، وكتابه مفهوم التخييل في النقد والبلاغة العربيين الأصول والامتدادات كان في الأصل أطروحة لنيل الدكتوراه، وهو خامس كتاب له بعد: عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر (ط1، 2008/ ط2، 2015)؛ والتخييل والشعر حفريات في الفلسفة العربية الإسلامية (ط1، 2008/ ط2، 2012)؛ وامتدادات المفهوم الفلسفي للتخييل عند البلاغيين المغاربة (ط1، 2009)، والخيال والمتخيل في الفلسفة والنقد الحديثين (ط1، 2005).