السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه ميت
نشر في الراكوبة يوم 28 - 03 - 2015

كانت قطعة كالصحراء لكنها ليست صحراء، فهي أرض مقطوعة مليئة بالبقايا والجدال، وأصوات الحيوانات ونباحها، حتى الذئاب اشتركت في سيمفونية التأليف..
قدما المقاتل تنحوان نحو جثت متناثرة مختفية المعالم.. وجوهها ممحوة.. تبدو بعض الأسنان لامعة.. وأخرى لاشيء.. سوى الركام
الدخان.. روائح شواء تنبعث من أجساد بشر.. يشوون ببطء على نار الانفجارات.. آهة مختفية بين الكتل البشرية المكومة على بعضها.
الرجل كان يبحث عن مكان يهدأ فيه نفَسُه المتقطع المتسلسل.. نظر نحوه.. التلال موزعة.. توارى العسكري بعيدا.. عصب الرجل المشارك في المعركة رأسه بعمامة باهتة.. يداه متشظفتان بانت عروقهما كأنها خراطيم مياه.. غير أنها خراطيم لدماء باتت تعاكس بعضها في الاتجاه، انتفخت أوداجه واتضح وجهه كالحا أسمر اللون.
عيناه تقاطعتا في شكل مثلث منكسر الزوايا، جلس القرفصاء على التراب بعد أن جمع حزمة من حطب وظل ينفخ فيه محدثا ارتفاع دخانه.. أواره.. صوت صدره أصدر كحة جافة كادت تقطع أنياط قلبه، غير أن البلغم خفف من وطأة السعال بعد أن قذف بكل ما يملأ ريقه على التراب «مترخما» بدون وعي أو إدراك أخرج علبة السيجار.. اقترب منه صاحبه وبين يديه كيسٌ مليء بأشياء يحتاجونها في مثل هذا الوقت.. أخرج الإبريق وضع ماءً من «المطرة» التي يحملها معلقة على خصره، كان يضع يده بين وقتين متلاحقين في كيس صغير يحتوي على شاي أسود وضعه في الإبريق ملحقا به السكر.
قال لصاحبه: لا وقت لدينا يجب أن نضع الأشياء مترادفة تلو بعضها ونقطع الجوع والبرد الذي أخذ منا كل مأخذ.. كيف سننهي المعركة ونحن بهذا الجسد خائر القوى؟
قال صاحبه: أواه.. أواه من هذه الطاحونة
نفخ النار.. اتسعت وازداد الضوء ليشمل المكان في ذلك الممتد المظلم.. ظهر رأس إنسان.. إنه رأس محارب.. بانت نواجذه وعيناه كمن يشاهد شيئا ما...
ارتعد المقاتل – نظر في وجهه
ما بك؟
قال الرجل: رأس إنسان
ضحك صاحبه بما يشبه نبرة الاستهزاء... وماذا تريد رأس حيوان؟
إنها الحرب لا تخلف سوى الرؤوس المبتورة من على أجساد أصحابها.. هي تواقيع وترانيم لموسيقاها النحسة
أرسل الرجل نظره محدقا في الرأس المبتورة.. قام من مكانه متجها صوب الرأس.. كانت الدماء وقتها لاتزال تقطر من جمجمته.. أدمعت عينا الرجل! استرسل ناظرا.. عينا الرأس تنظران نحو الرجل الذي جلس قبالتهما.. وأسنانه ظهرت صفراء.. يبدو أن حولها بقايا طعام وأثر شاي أسود.. شفتاه تمزقتا عن زرقة.
قال: كان يحب السيجارة كثيرا
دنا صاحبه واضعا كلتا يديه في جيب بزته الجلدية.. رفع رأسه فظهرت دمعتان تعومان في تجويف العين. ويحب الشاي كثيرا
اختنق بالعبرة.. لاحظ صاحبه تهدج صوته تأثرا.. .التفت نحوه أخذ عود رتم.. نكز أسنانه.. أظهر الطعام من بينهما.. ثم أشار بالعود نحو صاحبه: آخر ليلة أكل لحم دجاج.. وشرب البيبسي كولا.. بعد ذلك تمدد على التراب البارد أشعل النار.. وضع الإبريق.. ثم صبّ كأس شاي.. بعد ثلاث رشفات مازال يتأمل السماء.. يتصفح جواله.. ينظر في رقم حبيبته.. قال في نفسه: لقد تخلت عني.. لم تعد تتصل بي كعادتها.. أدخل الجوال في جيبه.. بعد صراخ وأصوات حرب.. كان يقول دعوني.. ثم صمت كثيرا بعد أن وضع رأسه بين ركبتيه.. بكى كثيرا.. كاد أن يهلك نفسه بكاء.. وعاد يقول:
ثم... تدحرج رأسه، كان صاحبه يقف خلفه يداري دموعه.. نهض متما دفن الرأس..
قال : يبدو لي أن الشاب ضحية، وجهه يوحي بأنه من الشباب الذين لا يحبون الصخب.. التفت نحو صاحبه وجده قد أخفى دموعه. وضع يده على كتفيه واتجها نحو إبريق الشاي.. جلسا متقابلين بينهما النار وإبريق يغلي.. ترتعش ظلالهما على تراب أرض رائحتها اختلطت بدم وبشر وشايً.
حرّك النار الميتة بعود رتم، ثم قال: إنها الحرب تخرب كل شيء حتى وجه الصحراء.
قاصة من ليبيا
سعاد الصيد الورفلي
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.