القاهرة – الفوز الساحق للرئيس السوداني عمر البشير، وحزبه الحاكم، هي النتيجة المعروفة مسبقا لدى 13 مليون ناخب سوداني قرر أغلبهم عدم المشاركة في التصويت بالانتخابات التي بدأت الاثنين الماضي لاختيار رئيس جديد لبلادهم، وممثليهم في المجلس التشريعي، حسب اجماع المراقبين. ولا تختلف التوقعات كثيرا بين ملايين السودانيين المقيمين في مصر. ورفضت أحزاب المعارضة التي قاطعت الانتخابات الاعتراف بشرعية النتائج مسبقا، وقالت إن الاقبال الضعيف دليل على نجاح دعوتها إلى المقاطعة، وان غياب الناخبين الواضح منذ انطلاق العملية يعود لعدم الاكتراث الشعبي، وانتشار المظاهرات والاضطرابات في مناطق النزاع، وان الوضع الذي تشهده البلاد لا يسمح بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة. أما النظام السوداني فاعتبر ان مقاطعة المعارضة ترجع إلى ضعف تمثيلها وخشيتها من انفضاح ذلك ان شاركت في الانتخابات. وحسب دبلوماسي مصري مخضرم فضل عدم ذكر اسمه، فان «القاهرة قررت ان تغض الطرف عن المسرحية التي يسميها نظام البشير انتخابات، لانها ببساطة تحتاج إليه في الاستمرار في جهود الوساطة في ملف سد النهضة الذي مازال يشهد عراقيل فنية وسياسية عديدة، على الرغم من الضجة الإعلامية التي صاحبت توقيع مذكرة التفاهم بين مصر واثيوبيا في الخرطوم الشهر الماضي». ويضيف «ان السودانيين المقيمين في مصر ويقدر عددهم بين مليونين وخمسة ملايين، وهم يعيشون هنا منذ أجيال عديدة، ويعتبرون انهم يعيشون في بلدهم، يشعرون بمرارة شديدة من الموقف الرسمي المتواطئ للحكومة المصرية ، وخاصة منذ قمع البشير للانتفاضة السلمية التي شهدها السودان العام الماضي». ومن جهته قال هاني رسلان، وهو كاتب وباحث سوداني مقيم في مصر، ورئيس وحدة دراسات دول حوض النيل بمركز الأهرام ان «هذه الانتخابات تخص نظام حزب واحد هو المهيمن والمسيطر على مفاصل الدولة، وهذه ليست الانتخابات الاولى التي تتم بهذه الطريقة فكل الانتخابات السابقة تمت بالطريقة نفسها، فشرعية هذه الانتخابات امر واقع» . وأضاف «ان الأوضاع الحالية في السودان يحكمها حزب المؤتمر الوطني وهو حزب كبير مهيمن ويسيطر على الدولة بصورة كاملة من سلطة تنفيذية وأمنية وحالة اقتصادية وغيرها، وبالتالي فإن الأزمة الحالية هي نتاج لهذا الحكم بمراحله المختلفة والتي بدأت منذ عام 1989 ومن غير المنتظر ان يكون هناك حدث هام خارج سياق الأزمة التي تعيد انتاج نفسها في الوقت الحالي». واشار إلى ان «نظام البشير لم يفعل شيئا هاما حتى يتمتع بدعم اقليمي، وما فعله فقط هو انه يحاول اصلاح العلاقات بينه وبين مصر والسعودية والخليج بشكل عام وانتقل من المحور القطري التركي إلى المحور الآخر، لانه يواجه ضائقة اقتصادية وتحديات أمنية في الداخل ولذلك فإنه يريد معالجة هذه الأمور ويقلل من الضغوط التي يتعرض لها ولكن لا يوجد دعم اقليمي بالمعنى المتعارف عليه». اما عبد اللطيف قوعشرين، الأمين العام لاتحاد المحامين العرب من مقره في االقاهرة فقال «أن إجراء الانتخابات في السودان يعد حدثا تاريخيا مهما باعتبار أن الإيمان بالاستحقاق الدستوري والاقتراع والتصويت واحترام إرادة الشعوب هو القاعدة الديمقراطية الحقة» ، وأضاف «إن هذه الانتخابات تجسد حرية الرأي، مشيرا إلى أنها تزامنت مع الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ومنهم رئيس تحالف الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى، والذي شغل منصب الأمين العام للمحامين العرب على مدى ربع قرن». على صعيد متصل اتهمت تقارير اخبارية سودانية الحكومة المصرية بمنع السودانيين من التصويت في مدينة حلايب المتنازع عليها، في أول يوم لبدء عمليات الاقتراع للانتخابات السودانية بسبب رفض السلطات المصرية خروج السودانيين من المناطق الخاضعة لسيطرتها والادلاء بأصواتهم. وشهدت المناطق التي جرت فيها عمليات اقتراع بمحلية حلايب إقبالا فاترا وخلت معظم المراكز بالمحلية من وجود ناخبين. وأفتتحت المفوضية العامة للإنتخابات السودانية (35) مركزاً بالمحلية، بينما يبلغ عدد المواطنين الذين يحق لهم التصويت (70) ألفاً. وقالت التقارير من بلدة اوسيف التي يوجد بها مقر إدارة محلية حلايب، «لم يتمكن معظم السودانيين في المناطق الخاضعة للسيطرة المصرية من الحضور لمراكز الإقتراع بسبب تواجدهم داخل الأراضي المصرية». إلى ذلك، كشف المرشح المستقل في الدائرة القومية (1) حلايب، محمد عثمان الحسن، عن خروقات من قبل منسوبي حزب المؤتمر الوطني الحاكم بإضافة أسماء لناخبين. منار عبد الفتاح القدس العربي