له الرحمة ولأسرته الصبر، لم يكن محمد عوض، أول طالب تزهق روحه نتيجة العنف داخل سوح الجامعات، ويبدو أنه لن يكون الأخير إذا ما استكانت السُلطات على الوضع الذي يقترب من الانفجار الكامل، لكن التنظيم الذي ينتمي إليه الطالب محمد عوض، واضح أن الدم ليس عنده سواء، فشتان ما بين هذا وذاك، وبين هولاء وأولئك. ما إن صعدت روح الطالب إلى بارئها، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ببيانات اختارت في افتتاحياتها آيات القتال بعناية بالغة، البيانات التي تدعو بصريح العبارة إلى الانتقام بقوة السلاح، والسلاح متوفر، هي ليست فقط حروف على ورق كما أنها ليست وليدة الحدث العابر لتزول بزوال المؤثر، هي سياسة مكتومة كانت تعمل بصمت لكنها تتنفس الآن بعلانية لا تخشى شئ كونها محمية، كما هي تراكم كراهية ظل باقيا في النفوس لسنوات طويلة، بعضه خرج أفعالاً عنيفة وبعضه يقترب من الانفجار، فقط ينتظر الشرارة، بل إن بعض هذه البيانات المنسوبة إلى تنظيم الطالب محمد عوض،حرضت على التنكيل بالطلاب المناوئين لتيارهم، وبتحديد أوضح، حمل هذا البيان تحريضا عنيفا ضد طلاب دارفور، وكأن كل أبناء دارفور ينتمون إلى الجبهة الثورية، ألا تكفي مثل هذه البيانات الممهورة بتوقيعات أشخاص معروفين، ألا تكفي دليل إدانة واضح يخلو من اللبس، هل هناك أفصح وأوضح من ذلك؟. من أرسى وعزز ثقافة السلاح والعنف داخل الجامعات، من أنشأ الوحدات الجهادية داخل الجامعات، من استخدم المساجد حماية لذلك. من هندس خطاب الكراهية بين أبناء الوطن الواحد. نحن لسنا بصدد سيناريوهات حريق لا يعرفها الشعب السوداني وليست من أخلاقه كما يُقال مرارا في مثل هذه الحالات، لا، نحن الآن نحصد ما زُرع على مدى سنوات طويلة لا أكثر ولا أقل، لكن الفرق في أن الحصاد لن يقتصر على زارعه، لن يستثني أحدا فيما يبدو، حرب البيانات مستمرة والواقع يزيد احتقانا على احتقانه، والسلطة تُمتع نفسها بمشاهد الدم التي تقترب. السلطات التي ينبغي أن تواجه هذا العنف داخل الجامعات لا يبدو أنها قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة وذلك للأسباب التي يعلمها الجميع، ستكتفي فقط بالبيانات التي تدعو وتحث وتطالب، كما أن إدارات الجامعات التي تحتضن العنف لا يُنتظر منها أن ترد المظالم، وحادثة بخت الرضا وغيرها خير نماذج. مطلوب حملة كبرى تنطلق من مواقع التواصل الاجتماعي توقف بحور الدم التي توشك على الفيضان، وتحمي الطلاب المستهدفين بشكل ممنهج وواضح. التيار