كثيرا ما يؤكد العلماء على أهمية الأسنان والعناية بها، ولكن الجديد ما ذكرته النشرة الطبية الأميركية عن مدى تأثير الأسنان على المستقبل الصحي للشباب. وقدمت هذه النشرة المهمة إشارة واضحة إلى ارتباط الأسنان كمؤشر شبه دقيق بمستقبل الصحة العامة للفرد. فمن خلال الدراسات المخبرية والتجارب الكثيرة التي قام بها العلماء، على مدى سنوات طويلة، تبيّن أن هناك علاقة وثيقة جدا بين صحة الأسنان في مرحلة الشباب ومستوى الصحة العامة للجسم في مرحلة ما بعد الخمسين. العرب سوسن ماهر القاهرة -حذرت تجارب مختبرية ودراسات طبية من تداعيات مخاطر عدم الاهتمام بالأسنان التي تؤثر سلباً على الصحة العامة للجسم. وقال الدكتور أحمد إبراهيم سليمان، أستاذ طب الأسنان، إنه ليسجديدا التأثير العام للأسنان على الصحة العامة للجسم، ولكن الجديد هو اتساع نطاق هذا التأثير الذي يمكن أن تسبّبه. فهناك العديد من الحالات الصحية التي تؤكد لنا بأن الأسنان كانت من أهم المسبّبات لها، مثل أمراض المفاصل -على سبيل المثال- وعلاقتها القوية بالآلام التي يعاني منها كثيرون في مشط أقدامهم أو في الأصابع. ويمكننا السيطرة على الأوجاع عبر علاج الأسنان بدل الاتجاه مباشرة إلى الموضع الذي يؤلم المريض ومعالجته. وتحدث سليمان عن مريضة في الثامنة والعشرين من عمرها كانت تعاني من سوء الهضم المزمن مع إحساس بالإرهاق ترافقه حموضة شديدة في المعدة. وبعد محاولة علاجها بالأدوية المخصصة لمثل تلك الحالة، تكررت إصابة السيدة بالأعراض، وبعد جدل طويل قرّر المشرفون على حالتها، عرضها على طبيب للأسنان، الذي توصل بعد فحصها، إلى أنها مصابة بنوع من الالتهاب في اللثة يؤدي إلى إفراز مواد كيميائية إلى داخل المعدة. وبعد علاج الالتهاب شفيت من كل تلك الأمراض التي كانت تعاني منها. وتقول د. نيفين إسماعيل، استشارية طب الأسنان، إنه حتى سنوات قليلة مضت لم يكن العلم يهتم أبدا بالربط ما بين الأسنان والأمراض الأخرى التي يمكن أن تصيب الإنسان، حيث كان الاعتقاد السائد أنهما غير مرتبطين عضويا على الإطلاق. ولكن العلماء تمكّنوا من اكتشاف تلك العلاقة الدقيقة التي يمكن أن تتطوّر تدريجيا من مجرد التهاب في الأسنان أو اللثة أو العصب، إلى أمراض أخرى قد لا تبدو من الناحية النظرية مرتبطة. ويمكن أن يمتدّ تأثيرها المرضي لسنوات طويلة أو ما يسمى بالتأثير التراكمي. وأوضحت دراسات علمية، أن من العينات ضمن الشرائح التي شملتها الدراسة، من كانت أسنانهم بصحة جيدة خلال المرحلة السنية ما بين 18 و24 سنة، يعيشون حياة صحية أفضل بنسبة 5 إلى 1 بالمئة من أولئك الذين كان اعتناؤهم بأسنانهم أقل خلال المرحلة نفسها. وفسرت إسماعيل أن هناك بعض الأمراض التي يمكن أن يكون للإنسان الدور المهم في تشكيلها، وربما بمعالجة الأسنان يمكن التخلّص منها، وهي الأرق، التهاب المفاصل، آلام العضلات عند الاسترخاء، الألم الذي يصيب الإنسان أعلى منطقة وجود الكليتين، الفتور الشديد، ألم أصابع القدم، ألم الرقبة والعمود الفقري -خصوصا الجزء الأعلى منهما- أمراض المعدة المختلفة، العصبية المفرطة، الصداع، ضعف النظر. ويقول د. أحمد عبدالحميد، أستاذ طب الأسنان بالقصر العيني: إننا على بداية الطريق الذي يمكن أن يقودنا إلى أن الأسنان ربما تكون سر الحياة الصحية السعيدة التي نحلم بها. فهناك اتجاه قوي بأن كثيرا من الأمراض تبدأ من خلال الأسنان، وربما تنتشر بسرعة وتخرج عن نطاق إمكانية السيّطرة عليها بعلاج الأسنان فيما بعد. ولكن في البداية ربما تمكّننا من السيّطرة عليها لو أننا اكتشفناها مبكرا، أو حاولنا منع حدوثها بنوع خاص من الاهتمام بنظافة وسلامة الأسنان. فمن الممكن جدا أن يكون لإهمال الأسنان في مرحلة الطفولة أو الشباب أثره الكبير على عدد من الأمراض التي تظهر في مرحلة الشيخوخة. إننا لا نستطيع الجزم بذلك نهائيا في هذه المرحلة، لكننا نشعر بأن هذه النظرية حقيقة ثابتة سنتمكّن من إثباتها قريبا. وكشف عبدالحميد بعض الأسباب وراء تردي صحة الفم والأسنان. فعندما يتقيأ المرء مرارا وتكرارا، كما هو الحال مع بعض اضطرابات الأكل، فإنه يؤثّر بشدة على صحة الفم والأسنان. فالقيء يحتوي على مستويات عالية من الحمض والتي يمكن أن تسبّب ضررا للأسنان. وهجمات الحمض من هذا النوع بشكل متكرر تعني أن اللعاب في الفم لن تتاح له الفرصة لإصلاح الأضرار التي لحقت بالأسنان بسبب تعرّضها لأحماض القيء، وبالتالي زيادة شدة تآكل الأسنان. ويوصي أطباء الأسنان الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الأكل غسل الفم بعد القيء في أسرع وقت ممكن للمساعدة في تقليل آثار الحمض. وحذروا من تنظيف الأسنان بالفرشاة مباشرة بعد التقيؤ، وذلك لأنها قد تزيل من المينا الضعيفة. ويساعد استخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد في المحافظة على الأسنان مع الوقت، كما أن مضغ العلكة الخالية من السكر سوف يساعد على زيادة تدفّق اللعاب وتقليل تأثير الأحماض في الفم. وعن الطريقة المثلى للاعتناء بصحة الفم والأسنان، يؤكد د. إبراهيم حمدي الفقي، أستاذ طب الأسنان بالقصر العيني، أنه لا توجد طريقة سليمة ومضمونة 100 بالمئة. ولكن هناك عدد من الإرشادات التي يمكن عن طريق اتباعها أن نتمكّن من المحافظة على صحة الأسنان ونظافتها. ومنها: تغيير معجون الأسنان من فترة إلى أخرى، حتى تتمكّن الأسنان واللثة من الحصول على مختلف المواد التي يحتاجان إليها، التي ليس بالضرورة أن تكون متوفرة جميعها في نوع واحد من معاجين الأسنان، وأيضا تبديل فرشاة الأسنان كل ثلاثة أشهر، مع اختيار الفرشاة التي يمكن أن تتغلغل بين الأسنان وتكون صلبة دون أن تؤدي إلى جرح اللثة، والحرص على تنظيف الأسنان بعد كل وجبة وقبل وبعد النوم، استخدام الخيط السني لإزالة بعض طبقات الجير المتراكمة. فالكثير من الأشخاص يعتقدون أنهم إذا فركوا أسنانهم بالفرشاة مرة في اليوم فإنهم يفعلون كل ما في وسعهم للحفاظ على صحة الفم. ولكن في الواقع الفرك بالفرشاة دون التنظيف بالخيط هو ليس التنظيف الأمثل ويجب استخدام خيط الأسنان مرة واحدة على الأقل في اليوم. وخلافا لفرشاة الأسنان التي تنظف فقط الأسطح المكشوفة، فإن الخيط يدخل إلى عمق الفراغات التي بين الأسنان وهي الأماكن التي لا يمكن لفرشاة الاسنان الوصول إليها. ويوصي الأطباء بالتنظيف بالخيط قبل فرك الأسنان بالفرشاة.