الخرطوم - أفراح تاج الختم يسهم القطاع المطري بنسبة 74.8% من الصادرات الزراعية و42% من إنتاج السودان الزراعي. وحسب تقارير وزارة الزراعة تبلغ مساحة هذا القطاع 24.4 مليون فدان، وتعادل المساحات المزروعة 73.4% فقط من مساحة القطاع المطري المقنن، كل هذه الإحصاءات لا غبار عليها، ولكن ليتحقق كل ذلك لابد من آلة تحرث الأرض في المقام الأول، ولما كان سعر المحراث (التراكتور) الجديد لا يتناسب في كثير من الأحيان مع ظروف المزارع البسيط، لذا يتجه هؤلاء المزارعون إلى شراء تراكتورات مستعملة، تأتي من أوروبا مباشرة.. وتعمل موديلات التراكتورات القديمة في كل بقاع السودان، ولسعرها المناسب وجودتها بات عليها طلب أكثر في المناطق النائية والهامشية، (الزراعة المروية في التروس العليا في شمال السودان ومناطق الزراعة المطرية المختلفة) والنوع الملائم والمرغوب منها في السوق السودانية الإنجليزي الصنع من ماركة (ماسي فريجسون) وهي لا تحتاج معدات أو تجهيزات خاصة للصيانة. غير أن الأمور لم تسر كما يشتهي موردو التراكتورات ولا المزارعون المستهلكون لها، إذ تعثر دخول التراكتورات إلى السودان، بسبب قرارات جمركية. وفي الواقع تكررت مثل هذه القرارات المتعلقة بحجز التراكتورات، أو منع دخولها، وفي كل مرة تحل الإشكالية، بعد زيادة الرسوم، غير أن هذه المرة تم حجز كمية كبيرة منها، بعد أن وصلت ميناء بورتسودان، وأكبر خطر يواجه موردي التراكتورات والأفراد في الوقت الحالي هو خطر التخلص من تكدس الحاويات عبر البيع بالدلالة في أي وقت إذ أن هناك الكثير من الحاويات ظلت محجوزة في الميناء لأكثر من 3 أشهر مما ساهم في شل حركة الموردين والتجار والمزارعين الذين لا يثقون في التراكتورات الجديدة. ويبلغ عدد التراكتورات المحتجزة في ميناء بورتسودان حوالي 850 تراكتورا، وقد كونت لجنة من ديوان المظالم العامة للنظر في الموضوع، وصرح مدير ديوان المظالم مولانا أحمد التيجاني ل(اليوم التالي) بأنه سيتم عقد مؤتمر صحفي لتوضيح الحقائق حول موضوع التراكتورات المحتجزة، وقد صدر قرار سابق من مجلس الوزراء بمنع استيراد بعض الآلات شملت التراكتورات. زيادة ثمانية أضعاف وفي السادس من يونيو المنصرم صدر قرار بوقف تخليص التراكتورات، وبعد حوالي شهر صدرت تسوية التخليص الجديدة وتم تحديدها ب110% وحسابها ب68000 جنيه (تقييم التراكتور 60,000 جنيه، بالإضافة ل2000 جنيه مصاريف أخرى). في حين كان التسوية القديمة تتراوح بين 10-20% أي 6000-12000 جنيه للتراكتور، بدأت في عام 2012 حينما صدر قرار تحديد أجل الموديل بخمس سنوات فقط، ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف إدخال التراكتورات بل كانت هناك استثناءات من وزارة التجارة حيث تمت تسويات ل(فرق الموديل) في الجمارك بدأت ب2-3% إلى أن وصلت 10-20% (أي أن غرامات التأخير للتراكتور لثلاثة أشهر تبلغ 10,000+20,000) ضرب 3 أشهر = لتبلغ حوالي 90,000 جنيه – بالتفسيم على متوسط 7 تركتورات للحاوية تكون القيمة 13,000 جنيه تضاف لها التسوية 68,000، لتصبح القيمة 81 ألفا، واليوم قفزت التكاليف من متوسط 10,000 إلى 80,000 جنيه للتراكتور (بزيادة ثمانية أضعاف) مع ملاحظة أن 80,000 جنيه للتراكتور أكثر ب10,000 جنيه من أقل سعر للتراكتور المعروض حاليا في السوق، مع ملاحظة ارتفاع الرسوم والجبايات الحكومية الأخرى في الشهور الماضية، بالإضافة لارتفاع كافة التكاليف الأخرى مثل التخليص، التفريغ والمناولة والنقل البري (تضاعفت خلال ال6 أشهر الماضية) ناهيك عن ارتفاع سعر صرف الدولار. إحجام عن الشراء للمعلومية فإن أسعار التراكتورات في السوق المحلي (في أول يونيو 2015) تتراوح بين 70,000 و125,000 جنيه للتراكتور، ولا يوجد حاليا معروض في السوق والكثير من مزارعي القطاع المطري أحجموا عن شراء التراكتورات في الموسم المنصرم إما لارتفاع السعر أو لانعدام النوعيات الجيدة. وأن هناك ارتفاعا في الأسعار بحوالي 10-20% منذ بدء الأزمة ومن المتوقع أن تزيد الأسعار مع بدء التجهيز للموسم الشتوي. كما أن هناك ارتفاعا في أسعار كل الأنواع بما فيها الجديد المعفي تماما من الجمارك والقادم من إيران وباكستان والموديلات المقلدة ذات الجودة الأقل القادمة من تركيا والهند مع أنها كلها كانت نوعيات غير مرغوبة في السوق وكان يسوق لها عن طريق التسهيلات المصرفية (هناك ماركات تركية وهندية وباكستانية وإيرانية ممتازة لكنها مرتفعة السعر وهي صناعات تحت ترخيص شركة ماسي فريجسون العالمية). منخفضة السعر وللتراكتورات المستعملة مميزات اقتصادية بجانب انخفاض سعرها مقارنة بالجديد، أهمها أن التجار المحليين يقومون بتمويل شرائها وفق صيغ متعارف عليها محليا تساعد صغار المزارعين على تملك التراكتورات، وأنها لا تضر بالحالة الاقتصادية لمالكيها بل تنعكس إيجابا على الحالة الاقتصادية لكل المجتمع المحلي، فهناك مئات من المجتمعات المحلية النائية تتحول من زراعة البلدات محدودة المساحة التي تزرع يدويا للإعاشة إلى مجتمعات تزرع محاصيل نقدية في مساحات أكبر، وذلك بفضل تملك أحد أفرادها تراكتور، موفرا حراثة أرخص وفي مرات عديدة حراثة بثمن آجل. كما أن توفر وتنوع مصادر قطع الغيار ساعد في وفرتها وانخفاض سعرها، إذ لا توجد أي جهة تحتكرها، وتتوفر قطع الغيار في كل المناطق الزراعية، فلا يتكلف المزارع أي أموال إضافية أو زمن للحصول عليها، ونجد أن معظم الموردين تجار صغار أو تحالف بين مزارعين وأفراد، ومعظم الأفراد شباب صغار السن مهاجرون في أوروبا يمارسون أعمالا هامشية هناك ويحاولون أن يزيدوا من دخلهم ويحسنوا من الوضع الاقتصادي لأسرهم. اليوم التالي