يظل العدل هو المخرج الوحيد لأي دولة أرادت أن تسمو بنفسها، ولذلك يظل دائمًا المطلب والحلم والأمل لكل الشعوب التي تتشوق إلى حياة مستقرة، ويظل القانون هو الطريق الأمثل لتحقيق العدل، وأية دولة تحترم سلطة القانون تستطيع أن تبني نفسها بتماسك،لأن القانون يغلق كل أبواب الفساد التي تخلخل أركان الدولة وتنخر عمودها الفقري الاقتصاد، وأي دولة تعيش الآن في حالة تخلف وعدم استقرار بأية درجة لا شك أنها تعاني من ضعف أو غياب القانون والعدل وانتشار الفساد .. الحال المزري الذي وصل إليه السودان اليوم وراءه سبب واحد فقط هو الفساد الذي حوله من وطن كبير كان يحلم بكثير من الأمنيات إلى وطن صغير بلا حلم ، وحوّل شعبه من شعب معلم الى شعب متألم يقف عاجز عن فعل اي شيء سواء الهروب عن وطن ما عاد يكبر ولا يتقدم ولا يسمو و يموت فيه الإنسان حيا ، وطن يأتي متاخرا في قوائم الدول الناجحة ومتقدما في الفشل ، ولن يعود أي شيء إلى ما كان عليه إن لم يعالج السبب ويجتث الفساد من جذوره التي تعمقت في المؤسسات وأصبح ينخر في هيكل الدولة السودانية الذي سيأتي اليوم ويسقط وتفنى إن لم يكن هناك حل والآن . ظلت الصحف تكتب عن الفساد والناس تشكو منه، فكل مشكلة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية وراءها قصص فساد يشيب لها الرأس ..الحكومة طيلة 26 سنة لا تلفت وراءها وتراجع سياساتها وتحسب حساباتها للمستقبل، فقد أسكرتها السلطة وظلت تتصرف بعدم اتزان ارتكبت من خلاله أخطاء فادحة أوصلت السودان إلى دولة فوضى تعطلت فيها سلطة القانون حتى تكسّح العدل وأصبح يمضى عكس العالم بلا سياسات وبلا هدف . كم من مرة أعلنت الحكومة انها ستحارب الفساد ثم تمضى الأيام لنكتشف أنها كانت تخدر المواطن بالكلام ، آخر مرة أسست له مفوضية ووضعت لها قانون وما زلنا في انتظار ما ستفعله المفوضية ، ونعلم أن السودان ثريّ بالقوانين وبكوكبة نيرة من أهله يمكنهم أن يجعلوا من السودان دولة يحتذي بها العالم إن منحتهم الحكومة الفرصة وتركت لهم الحرية ليطبقوا القانون كما هو، فهل تفعل في قادم الايام وقد أصبح الأمر ضرورة ملحة . تفاءل الناس كثيرا بخطوة وزير العدل مولانا عوض الحسن النور وفتحه لملف الأراضي ومراجعته ،و اعتبره أهل القانون خطوة في طريق التعافي إن مضى الأمر دون توقف ، كما سادت حالة من السعادة و المباركة بين المواطنين المتعطشين للعدل وسيادة القانون والمنكوين بنار غيابهما ،ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تملك الحكومة الرغبة والعزيمة بما يجعلها تطلق يد وزير العدل ليستمر في فتح كل ملفات الفساد وعلاجها ؟ نرجو ذلك.. فخير للحكومة أن تضحي بكل الفاسدين وهم مجرمون بلا شك ،وتطهر منهم مؤسساتها لتنطلق في الطريق الصحيح بدلا من أن تضحى بالمواطنين الأبرياء الذي فقدوا الكثير وهم 40 مليونا بسبب عدد قليل استولى على حقوق غير مشروعة . ليس هناك طريق آخر لتسلكه الحكومة لتغير من واقع السودان غير طريق القانون وهو الخيار الأمثل ، عليها تجعله فوق كل اعتبار، فهو بمقدوره أن يطهر كل الجراثيم ويستأصل كل الأورام الخبيثة التى سببها الفساد وحرمت السودان العافية ،وسيقدم الدواء الناجع بل ويمنح الدولة المناعة ليواصل السودان مشواره مع العالم . التيار