أصبح عمالقة التكنولوجيا يقتحمون كل يوم ميدانا جديدا، في إطار تعزيز قدرتهم التنافسية على استقطاب الزبائن. وكان آخر هذه الميادين تطبيقات صناعة الأخبار ونشرها في محاولة لاستقطاب مستخدمي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. العرب لندن – تسارع سباق شركات التكنولوجيا العملاقة نحو تطوير طرق أحدث وأسرع في نشر الأخبار، بعد التحولات الكبيرة لسلوك المستهلكين الذين أصبحوا ينفقون وقتا أطول مع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية على حساب ما ينفقونه من وقت في مشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف. ويرى محللون أن هذا التحول يطرح أكبر تهديد جدي لمستقبل الصحف والمؤسسات الإعلامية التقليدية، التي بدأت أرباحها وجدواها الاقتصادية تتضاءل يوما بعد يوم. ونتيجة لنسب المتابعة العالية التي كانت تحظى بها تطبيقات الصحف والمواقع الإخبارية، وجدت شركات التكنولوجيا أن اقتحام الصناعة الجديدة أصبح هدفا يمكن أن يحقق عوائد كبيرة، إضافة إلى تعزيز ولاء زبائنها. وظهرت آثار ذلك مبكرا في تراجع عوائد صحف الإعلانات المبوبة في الولاياتالمتحدة، التي هبطت من 19.6 مليار دولار في عام 2000 إلى نحو 6 مليارات دولار في عام 2010 وهي مقبلة حتما على تراجعات أكبر. الأخبار على الهاتف وتقول سندي كروم مديرة شركة موبايل موكسي للاستشارات إن "ربط صناعة الأخبار بالهاتف الذكي يجذب أكبر عدد من القراء، لأن أغلب الناس يبدأون يومهم بقراءة آخر الأخبار على الهاتف والكومبيوتر اللوحي". ويسعى عدد كبير من تطبيقات الأخبار لدخول السباق لاستقطاب القراء، وأيضا الأرباح التي يدرها جذب شركات الإعلانات نتيجة لهذا الإقبال. ومن بين هذه التطبيقات "أبل نيوز" الذي أطلقته شركة أبل ضمن تحديثات نظام التشغيل الجديد آي.أو.أس 9. وينقل التطبيق الجديد الأخبار أولا بأول بالشراكة مع أكثر من 50 مؤسسة إعلامية، على رأسها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية وفانيتي فير وفوغ. ريك إدموندز: التأثير بعيد المدى لشراكات الصحف مع شركات التكنولوجيا مازال غير واضح وأطلق موقع فيسبوك مطلع العام تطبيقا باسم "إنستانت أرتيكلز" بالشراكة مع مؤسسات إعلامية لإيصال الأخبار إلى مستخدمي الموقع بسرعة تفوق 10 مرات في المواقع الإخبارية. وتستعد غوغل لإطلاق نظام مماثل بالشراكة مع تويتر يسمح بتحميل الأخبار والمقالات على الهواتف الذكية في جزء من الثانية، مقارنة بنحو 10 ثوان في المواقع التقليدية. ويعكس التطور المتسارع للمنتجات الإخبارية تحول الهاتف الذكي الى مسرح الصراع الأهم بين عمالقة التكنولوجيا الذين يتطلعون إلى جذب أكبر عدد من المستخدمين لتوسيع نطاق تأثيرهم من خلال أكبر عدد من المنتجات والخدمات والإعلانات. وقالت شركة إي ماركتر للأبحاث إن هناك "منافسة شرسة للاستحواذ على الوقت الذي يقضيه الزبائن مع هواتفهم الذكية". وذكرت أن الأميركيين يقضون حوالي 3 ساعات يوميا في تصفح هواتفهم الذكية، بينما لا تتجاوز متابعتهم لأجهزة الكومبيوتر العادية ساعتين فقط. نموذج جديد كما اتسع تنافس شركات الإعلانات على مستخدمي الهواتف الذكية. ومن المتوقع أن يصل الإنفاق على الإعلانات في قارة أميركا الشمالية إلى 61 مليار دولار بحلول عام 2018، مقارنة بنحو 20 مليارا العام الماضي. سندي كروم: أغلب الناس يبدأون يومهم بقراءة آخر الأخبار على الهاتف والأجهزة اللوحية وحتى في العالم العربي، تقلص عدد متابعي الصحف المطبوعة، بعد أن اتجه نحو 25 بالمئة من جمهورها إلى الإنترنت. ودفع ذلك المؤسسات الإعلامية إلى جعل منتجاتها الجديدة تتماشى مع معايير الهواتف الذكية. وقررت صحيفة نيويورك تايمز منح متابعي تطبيق أبل نيوز فرصة تصفح 30 خبرا أو مقالا يوميا، بينما تواصل السماح بفتح 10 تقارير مجانية فقط لقراء تطبيقها. ورغم ذلك مازال من غير الواضح ما إذا كانت التطبيقات الجديدة ستستهم في مساعدة المؤسسات الإعلامية في العثور على عوائد تمكنها من الاستمرار في العصر الرقمي. محنة الإعلام التقليدي ويقول مركز "بيو" الأميركي للأبحاث إن الإقبال على الصحف الأميركية المطبوعة تراجع خلال العقد الماضي بنسبة 19 بالمئة، وانخفضت نسبة الإعلان فيها أيضا بنسبة 60 بالمئة. وبات على المؤسسات الصحفية والإعلامية أن تقرر ما إذا كانت ستسعى للوصول إلى القراء على الإنترنت منفردة، أو من خلال عقد شراكات مع شركات التكنولوجيا الباحثة عن توسيع قاعدة مستخدميها. ومع انتشار التطبيقات الإخبارية، يبدو أن الناشرين قد لجأوا إلى خيار التحالف مع شركات التكنولوجيا العملاقة. وعند عقدهم شراكات مع أبل أو فيسبوك، سيكون بمقدور الصحف ووكالات الأنباء حصد مئة بالمئة من عوائد الإعلانات التي يستطيعون التوصل إلى اتفاق لنشرها بأنفسهم، و70 بالمئة من الإعلانات التي يتم استقطابها بواسطة شركتي التكنولوجيا الشهيرتين. ويقول ريك إدموندز، محلل شؤون الإعلام في معهد بونتر للدراسات "يبدو التحالف مع شركات التكنولوجيا مغريا للصحف ومؤسسات الإعلام". لكنه قال أيضا إن "التأثير بعيد المدى لتلك الشراكات مازال غير واضح على الاشتراك أو شراء مقالات تم عرضها مسبقا للبيع من قبل الصحف بشكل مباشر. هذا السؤال يبقى عالقا". وقالت صحيفة نيويورك تايمز "من المهم التأكد من أن الصحيفة تظل متاحة في عدد متنوع من الأماكن التي يلجأ إليها الناس للبحث عن الأخبار". ورغم ذلك مازال مستخدمو أهم التطبيقات مثل فليب بورد وميكروسوفت أم.أس.أن وغوغل بلاي نيوزستاند، غير قادرين على الاطلاع على الصحيفة. وترى سندي كروم أن "على المؤسسات الإعلامية أن تعيد طرح نفسها بأسلوب يتناسب مع الطريقة التي يحب الناس تصفح الأخبار من خلالها".