جاءت توقعات منظمة أوبك وتصريحات عدد من كبار المنتجين الخليجيين، بمثابة وداع لأسوأ مراحل أزمة أسعار النفط العالمية. وهو ما دفع منظمة أوبك لزيادة توقعات نمو الطلب على نفطها، رغم خفضها لتوقعات نمو الطلب العالمي. العرب لندن – تزايدت المؤشرات على أن أزمة أسعار النفط العالمية تجاوزت أسوأ مراحلها منذ تأكيد تراجع الإنتاج الأميركي وانحدار الاستثمارات في الحقول المرتفعة التكلفة وانخفاض عدد الحفارات في الولاياتالمتحدة. وقفزت أسعار النفط العالمية أمس، ليقترب خام برنت من حاجز 53 دولارا للبرميل، بعد توقعات مفاجئة من منظمة أوبك، تؤكد تزايد الطلب على النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء، رغم أنها توقعت تباطؤ نمو الطلب العالمي. ورجحت أوبك في أحدث تقاريرها الشهرية أمس أن ينمو الطلب على نفطها بفارق كبير عن توقعاتها السابقة، نتيجة تضرر منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة وموردين منافسين جراء استراتيجيتها القائمة على السماح للأسعار بالهبوط. وتوقعت أن ينمو متوسط الطلب على نفطها خلال العام المقبل إلى 30.82 مليون برميل يوميا بزيادة 510 آلاف برميل يوميا عن التوقعات السابقة. وتتزايد أهمية تلك التوقعات، لأن أوبك رجحت أن تنخفض الإمدادات من خارج المنظمة بواقع 130 ألف برميل يوميا في العام المقبل مع انخفاض الإنتاج من الولاياتالمتحدة وروسيا وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق وأفريقيا وعدد من بلدان الشرق الأوسط وأوروبا. ويبلغ الخفض في توقعات الإمدادات من خارج أوبك نحو 290 ألف برميل يوميا، لأن المنظمة كانت تتوقع في تقريرها السابق ارتفاع بواقع 160 ألف برميل يوميا. وقالت أوبك في تقريرها إن "من شأن ذلك أن يقلص الإمدادات في السوق ويقود لطلب أعلى على خامات المنظمة، مما يسفر عن توازن أكبر بين العرض والطلب في السوق". وتأتي زيادة الطلب على نفط أوبك في ظل نمو أضعف للطلب العالمي بشكل عام. وقد دفع المنظمة إلى تقليص توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بواقع 40 ألف برميل يوميا إلى 1.25 مليون برميل يوميا في 2016 نتيجة تباطؤ النمو في الصين. في هذه الأثناء أكد وزير النفط الكويتي علي العمير أمس أنه ليست هناك حتى الآن أي دعوات من أعضاء أوبك لتغيير سقف الإنتاج الذي اتفقت عليه المنظمة وأن خروج كميات كبيرة من النفط عالي التكلفة من السوق سيساعد في تحسن الأسعار في 2016. كما أكد محمد بن صالح السادة وزير الطاقة القطري أنه يرى مؤشرات على احتمال ارتفاع أسعار النفط مع انتعاش الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب. وقال إن أسعار النفط "بلغت أدنى مستوى لها" وأنه يرى علامات تحسن في السنة القادمة. وأضاف أن أسعار السوق المنخفضة حاليا دفعت شركات النفط إلى خفض نفقاتها بحوالي 20 بالمئة هذه السنة من 650 مليار دولار في 2014. وكانت تصريحات مماثلة قد صدرت في الأيام الماضية عن الإمارات والسعودية اللتين أكدتا أنهما ماضيتان في استثمارات كبيرة لتعزيز وزيادة الطاقة الإنتاجية. وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي إن بلاده مستمرة في الاستثمار في جميع مراحل صناعة النفط والغاز، حتى مع الانخفاض الحالي في الأسعار، إضافة إلى الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. وأكد أن منتجي النفط الأكثر كفاءة والأقل تكلفة سيهيمنون على صناعة النفط على حساب المنتجين الأقل كفاءة. كما أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي أن انخفاض أسعار النفط لن يؤثر على خطط الإمارات لزيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة. وعبر مرارا عن ثقته بأن قوى العرض والطلب ستعيد التوازن إلى أسواق النفط. وتتفق وكالة الطاقة الدولية التي تقدم الاستشارات للدول الصناعية، مع أوبك في ترجيح انخفاض الإنتاج من خارج المنظمة. وقد توقعت انخفاضا أكبر للإمدادات في العام المقبل. ومن المقرر أن تصدر تقريرا جديدا اليوم الثلاثاء. وقالت أوبك أمس إن إنتاج الولاياتالمتحدة، التي سجلت أكبر زيادة في الإنتاج من خارج أوبك في السنوات الأخيرة تراجع نتيجة تقليص أنشطة الحفر وتشديد شروط الائتمان ما حد من قدرة الشركات على الحصول على تمويل. وأكدت أن أوبك ضخت 31.57 مليون برميل يوميا في سبتمبر بزيادة 110 آلاف برميل عن أغسطس وأكثر بنحو مليوني برميل يوميا عن توقعاتها للطلب على خامها في العام الجاري. وتوقعت أن يتراجع الفائض في المعروض العام المقبل، مع نمو الطلب على خاماتها، ليبلغ 750 ألف برميل يوميا، إذا استمر إنتاج المنظمة عند مستواه في سبتمبر، مقارنة بفائض يبلغ 1.23 مليون برميل يوميا في تقرير الشهر الماضي. ورجحت المنظمة أن يرتفع الطلب على خامات أوبك في العام المقبل إلى 31.50 مليون برميل يوميا في المتوسط، وهو ما يعني عدم وجود أي فائض في السوق تقريبا، إذا استمر إنتاج أوبك عند المستويات الحالية. وأبلغت السعودية، وهي القوة الرئيسية وراء رفض أوبك خفض الإنتاج، أنها قلصت الإنتاج في شهر سبتمبر إلى 10.23 مليون برميل يوميا. وتبدو منظمة أوبك مصرة على عدم التراجع عن سياستها بعدم خفض الإنتاج وترك السوق لعوامل العرض والطلب لحين إجبار المنتجين من الحقول المرتفعة التكلفة مثل النفط الصخري، على خفض الإنتاج.