تسارع نسق الحياة وتزايد عدد المستهلكين، حول العالم، دفعا بالكثير من الشركات إلى اعتماد المنتجات البلاستيكية التي تقل تكلفتها عن المنتجات الزجاجية أو الخزفية ويسهل حملها وإعادة استخدامها عدة مرات. ومع ارتفاع هامش الربح لمثل هذه الشركات ترتفع المخاطر التي تخلفها منتجاتها المتغلغلة، بشكل كبير، في حياتنا اليومية. فجل الأشخاص يستسهلون حفظ الطعام في العلب والأكياس البلاستيكية وشرب الماء في القوارير البلاستيكية، ثم يلقونها بعد استخدامها المتكرر فتسبب ضررا آخر، أكثر فداحة، على التربة والنباتات. العرب القاهرة - أثبتت جميع الدراسات والأبحاث العلمية أن استخدام المواد البلاستيكية يشكل خطرا حقيقيا على الصحة ويسبب الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة. ويظل الخطر قائما لفترة طويلة، لا سيما وأن المنتجات البلاستيكية لا تتغير بفعل العوامل الجوية، وتبقى مخلفات المواد الكيميائية التي صنعت منها تبث سمومها في كل الكائنات الحية. وأثبتت دراسات أجريت مؤخرا أن القارورة المصنّعة من مادة البلاستيك تحتوي على عناصر مسرطنة تدعى "ديها"، وهي الأكثر نقلا لهرمون الأستروجين، الموجود في الماء أساسا، مقارنة بالماء الذي نتناوله في القوارير غير البلاستيكية. ويؤكد العلماء أن هذه القوارير مؤهلة للاستخدام لمرة واحدة ولكن معظمنا لا يفعل ذلك، ونعرض أنفسنا لكل المخاطر بإعادة استخدامها. وكشفت دراسة علمية أخرى أن مادة البيسفينول الموجودة في البلاستيك الكيميائي قد تكون مرتبطة بانخفاض وزن الفتيات عند الولادة. ووجد الباحثون أن النساء الحوامل اللاتي يمتلكن مستويات مرتفعة من مادة البيسفينول في الدم، ترتفع مخاطر ولادتهن لرضع يعانون من انخفاض الوزن. وقال كبير معدي الدراسة فاسانثا بادمانابهان، أستاذ طب الأطفال وأمراض النساء والتوليد في كلية الطب بجامعة ميشيغان، إن مادة البيسفينول، يمكن العثور عليها في حاويات البلاستيك وإيصالات البنوك. ولفت أن الدراسات السابقة وجدت أن هذه المادة يمكن أن تؤثر على الهرمونات مثل هرمون الأستروجين والتستوستيرون والغدة الدرقية، والأنسولين. وبسبب هذا التأثير السلبي، ظهرت مخاوف من أن التعرض لها في الرحم قد يؤثر على الحمل ونمو الطفل في وقت مبكر. وتؤكد د. ملك صالح، أستاذة بالمعهد القومي للتغذية، أن استخدام العبوات البلاستيكية في حفظ الطعام أو المشروبات يمثل كارثة صحية حقيقية والتي تظهر آثارها على المدى البعيد من خلال الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة ومنها الأورام السرطانية. وأوضحت أن الخطورة تكمن في أن المواد البلاستيكية تدخل في صناعتها الكثير من المواد الكيميائية التي تتسرب إلى الطعام أو السائل المحفوظ في العبوة خاصة الساخن منه وتتفاعل معه وتتحلل إلى مواد سامة داخل جسم الإنسان ما قد يسبب الإصابة بتسمم غذائي والعديد من الأمراض. وتضيف صالح أن إعادة استخدام عبوات المياه المعدنية أو الغازية أو العصائر البلاستيكية تمثل مصدر خطورة آخر، فهذه العبوات صالحة للاستخدام مرة واحدة فقط، والبعض يستسهل ذلك ويقوم بالاحتفاظ بها وإعادة استخدامها. كما تتسبب كثرة الغسيل والاستعمال المتكرر للقوارير البلاستكية في ضعف طبقة البلاستيك وإحداث ثقوب بها، الأمر الذي يدخل السموم والبكتيريا بشكل أسرع إلى الجسم. وقد سبق أن حذر الباحث والطبيب الأميركي جوزيف ميركولا من الاستخدام اليومي للأدوات البلاستيكية وأكياس النايلون الشائعة، نظرا لاحتوائها على الكثير من المواد الكيميائية السامة. وكشف ميركولا في مقال نشره على موقعه الخاص عن بعض المواد السامة التي يحويها البلاستيك، ومنها مادة البيسفينول أو ثنائي الفينول بي بي أيه التي تحاكي هرمون الأستروجين الأنثوي، وهي من أكثر المكونات البلاستيكية خطورة، حيث تعيق عمل الغدد الصماء ما يؤدي إلى تغيرات هرمونية خطيرة. وقد أظهرت دراسة أجريت على 115 حيوانا أن 81 بالمئة من هذه الحيوانات بدت عليها تغيرات واضحة حتى تلك التي تعرضت لأدنى مستوى من ال"بي بي أيه". وأضاف أن التعرض المبكر لهذه المادة يمكن أن يؤدي إلى أخطاء كروموزومية عند الأجنة ويمكن أيضا أن يؤدي إلى تخريب الجينات والإجهاض. وبين أن الفينيل هي إحدى المواد الخطيرة الأخرى التي تدخل في تكوين البلاستيك كمادة صناعية كيميائية مهمتها جعل البلاستيك أكثر مرونة وليونة ليستخدم في تغليف الأطعمة. وتسبب هذه المادة إعاقة عمل الغدد الصماء وقد ربطت بشكل كبير في تغير تطور دماغ الذكور كما ربطت بتغيرات غير طبيعية في تشوهات الأعضاء التناسلية ونقص هرمون التستوستيرون عند الأطفال والبالغين. وقال إن البلاستيك يحتوي على مركبات ثنائية الفينول المتعددة، هذه المركبات الكيميائية تطلق في الجسم هرمونات شبيهة بهرمونات الغدة الدرقية، حيث تنبه إشارات الدماغ الأساسية والهامة للذاكرة والتعلم. كما ترتبط هذه المادة بانخفاض الخصوبة. وأوضح ميركولا أخيرا أن هذه المكونات السامة لا تبقى في البلاستيك بل تنحل وتدخل في الأطعمة والمشروبات التي توضع فيها، وأن كمية هذه المواد تتفاوت بحسب استخدامنا للأوعية البلاستيكية، فمثلا إذا تعرض الوعاء البلاستيكي للحرارة تزيد مخاطره. وأشار إلى أن البلاستيك القديم أو المخدوش يؤدي إلى تسرب المواد الكيميائية منه بشكل أسرع.