تصريحات عقار .. هذا الضفدع من ذاك الورل    طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    عزمي عبد الرازق يكتب: قاعدة روسية على الساحل السوداني.. حقيقة أم مناورة سياسية؟    الحلو والمؤتمر السوداني: التأكيد على التزام الطرفين بمبدأ ثورة ديسمبر المجيدة    هلالاب جدة قلة قليلة..لا يقرعوا الطبل خلف فنان واحد !!    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    عقار يلتقي وفد المحليات الشرقية بولاية جنوب كردفان    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    (شن جاب لي جاب وشن بلم القمري مع السنبر)    شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا    اكتمال الترتيبات لبدء امتحانات الشهادة الابتدائية بنهر النيل بالسبت    كيف جمع محمد صلاح ثروته؟    اختيار سبعة لاعبين من الدوريات الخارجية لمنتخب الشباب – من هم؟    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    شاهد بالفيديو.. القائد الميداني لقوات الدعم السريع ياجوج وماجوج يفجر المفاجأت: (نحنا بعد دا عرفنا أي حاجة.. الجيش ما بنتهي وقوات الشعب المسلحة ستظل كما هي)    المريخ السوداني يوافق على المشاركة في الدوري الموريتاني    شاهد بالفيديو.. مستشار حميدتي يبكي ويذرف الدموع على الهواء مباشرة: (يجب أن ندعم ونساند قواتنا المسلحة والمؤتمرات دي كلها كلام فارغ ولن تجلب لنا السلام) وساخرون: (تبكي بس)    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني أبو رهف يلتقي بحسناء "دعامية" فائقة الجمال ويطلب منها الزواج والحسناء تتجاوب معه بالضحكات وتوافق على طلبه: (العرس بعد خالي حميدتي يجيب الديمقراطية)    شاهد بالفيديو.. بصوت جميل وطروب وفي استراحة محارب.. أفراد من القوات المشتركة بمدينة الفاشر يغنون رائعة الفنان الكبير أبو عركي البخيت (بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة) مستخدمين آلة الربابة    مصر ترفع سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ 30 عاما    السلطات السعودية تحذر من نقل أو ايواء مخالفي انظمة الحج    هكذا قتلت قاسم سليماني    الكعبي يقود أولمبياكوس لقتل فيورنتينا وحصد لقب دوري المؤتمر    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الأربعاء    خبير سوداني يحاضر في وكالة الأنباء الليبية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي محمود حسنين : ليس هنالك في الشريعة شيء يسمى الدستور الإسلامي، هذا الوصف بدعة يقول بها بعض المتاجرين بالدين، ..أنا لا أنتمي لحزب طائفي أصلاً، أنا لست ختمياً مثلاً على سبيل المثال
نشر في الراكوبة يوم 28 - 05 - 2011


صباح موسى- عزمي عبد الرازق
صورة الشيخ المقاتل والممسك بجمر القضية هي صورة علي محمود حسنين والتي انطبعت في المخيلة العامة، وعززتها مواقفه السياسية الأخيرة وصوته الذي ظل يقطع المسافات محملاً بكل هذا السخط المتنامي ضد الأنظمة الشمولية، ما يفجر عاصفة من الأسئلة بخصوصه: من هو؟ وماذا يريد؟ ولماذا يكره (الإنقاذ)؟ حسنين ابن المنافي والمهاجر وابن المدينة الديمقراطية الفاضلة التي تعشش في روحه ، هو في ذات الوقت ابن أرقو تلك الأرض التي وصفها عمه الشاعر التجاني سعيد بأنها قطعة من الجنة... مضى نائب رئيس الحزب الاتحادي إلى بريطانيا قبل شهور لبناء جبهة عريضة تهدف لإسقاط الإنقاذ ومن ثم عاد للقاهرة التي يعشقها، محملاً بالحنين ولكن للغرابة عصفت بكيانه الخلافات وتمرد البعض عليه مشهرين لافتة مكتوب عليها (نريد إسقاط حسنين) ... حسنين الذي كان في نظرهم المناضل الشريف يتحدثون عنه اليوم بأنه يريد أن يدير الجبهة كما يدير (بقالة) في سوق أم درمان!!.
بمجرد أن علمنا بموعد وصوله وأدركنا أنه هبط مصر ليتزود من ميدان تحريرها ومن ثم يعود ليقود المقاومة مخلفاً وراءه سبعين عاماً من المواجهات والمعتقلات والمرافعات في شتى المحاكم .. سارعنا لطلب الحوار معه .
قبل الموعد المضروب بدقائق وصلنا (الشقة) التي يملكها ويقطنها، فتح لنا الباب بنفسه، وجدناه رجلاً في منتهى البساطة والترتيب، يعيش وحيداً ويرتدى جلباباً سودانياً من القطن والعرق يبلل شعره الأبيض الوقور، ويضع في المنضدة ترمساً وقهوة وحلوى بطعم الجنزبيل، حاولنا أن نقلب معه في هذا الحوار كل الصفحات المبعثرة، التاريخ الذي يضج بالحكايات والحاضر بدروبه الوعرة والمستقبل المجهول، والجبهة العريضة والوطن المثخن بالجراح، والحزب الاتحادي الديمقراطي الذي قرر أن يتمرد عليه دون أن يُغضب ذلك رئيسه مولانا الميرغني ... فإلى مضابط الحوار مع أفريقيا اليوم
{ دعنا نعود بك للوراء قليلاً في بداية دراستك الجامعية كنت تنتمي لجماعة الأخوان المسلمين ولكنك سرعان ما تركتهم لأسباب ليست معروفة فماذا تبقى من تلك الأيام؟
- كنت جزءاً من الاتجاه الإسلامي وهناك فرق كبير بين الاتجاه الإسلامي والأخوان المسلمين، في ذلك الوقت لم تكن الحركة الإسلامية حزباً سياسياً، وقد أصبحت حزباً سياسياً بعد أكتوبر في العام (1965) عندما أنشئت جبهة الميثاق الإسلامي، وقد كانت قبل ذلك دعوة دينية تربوية وبعد ثورة أكتوبر ترشحت في دائرة دنقلا نيابة عن الحزب الوطني الاتحادي الذي كنت أحد قياداته وترشح ضدي الأستاذ محمد صالح عمر عن جبهة الميثاق الإسلامي.
{ أظنك كنت رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم أيضاً؟
- نعم كنت رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم لدورتين أيام عبود الذي كنا نقاتله بشراسة وبعد أن تخرجت أصبحت قاضياً.
{ الغريب في الأمر أن طرحك بخصوص الدين والدولة يصنفك في خانة العلمانيين مع أنك بدأت إسلامياً وانتهيت في حزب طائفي بظلال دينية؟
- أنا لا أنتمي لحزب طائفي أصلاً، أنا لست ختمياً مثلاً على سبيل المثال وإنما أنتمي للطريقة الصوفية الإدريسية الأحمدية نسباً وأهلاً وعقيدة.
{ ولكن الحزب الاتحادي الذي تنتمي إليه يوصف من قبل البعض بأنه حزب طائفي ورئيسه هو شيخ الطريقة الختمية؟
- الحزب الاتحادي الديمقراطي أصلاً ليس حزباً طائفياً لكن في رئاسته مرشد الطريقة الختمية، وحزبنا لا يمكن أن يكون طائفياً وإن كانت هنالك محاولات الآن لجعله حزباً طائفياً، ونحن نرفض هذا، فالحزب الاتحادي هو حزب الحركة الوطنية وأول ما نشأ في العام (1944) وبالتالي فهو أول حزب سوداني عندما كان يسمى حزب الأشقاء، ومن المعروف أنه تشكل في ذلك الوقت من المثقفين والمستنيرين.
- دين ودولة
{ لا يزال الجدل يدور في السودان بخصوص مسألة الدين والدولة وأنت بخلاف الحزب الذي تنتمي إليه لديك رؤية مغايرة تماماً كيف ذلك؟
- أنا أمثل الضمير الاتحادي والحركة الاتحادية .. دعك من الآخرين الذين وفدوا إلى الحزب ويتحدثون بما شاءوا، أولاً: أنا لست مع العلمانية لأنها تعبير نشأ في مجتمع غير إسلامي وبالتحديد نشأ في أوروبا بسبب سيطرة الكنيسة على الحياة العامة والحياة السياسية وكانت الكنيسة تقوم بقهمر المثقفين والعلماء، وبالتالي قامت دعوة ضد الدين وكانت تعني في بدايتها الإلحاد والكفر بالأديان، وبالتالي ظل هذا الفهم سائداً وأصبح الذين مع الكنيسة هم المتدينين ومن هم ضد الكنيسة وضد الدين هم العلمانيين، استمر هذا الفهم فترة طويلة من الزمان ولكن في العام (1840) قام فريدرك الكبير في أوروبا وقال لا لمحاربة الدين وإنما يجب على الدولة رعاية جميع الأديان والاعتماد على الحقوق الديمقراطية وحق نشر الدعوة دون تدخل من الدولة ونشأت في العام (1940) ما عرفت بالعلمانية المحايدة وهى ليست ضد الدين ولكنها أيضاً ليست راعية للدين وظل هذا هو الأساس للحقوق الديمقراطية الأوروبية واستمرت هذه العلمانية المحايدة حتى قامت الثورة الشيوعية وارتدت العلمانية إلى الفكر الإلحادي السابق، وإذا كان الحديث عن العلمانية المحايدة ، فهى مقبولة لأنها مبدأ شبيه بالدولة المدنية التي تصلح للعالم العربي ولكن لماذا نستعمل اصطلاحات؟ فنحن لسنا مجبرين على ذلك اللغط المثار دون أن يكون هنالك معنى محدد متفق عليه، ولذلك فالمعنى الذي نرتضيه هو الدولة المدنية التي تقوم فيها كافة الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دونما تمييز وأن التشريع يكون بالإرادة الحرة للشعب وهذه الدعوة لا تتناقض مع أي دين.
{ في نفس هذا الاتجاه برزت تصريحات لبعض قادة الحكومة تتحدث عن تمكين الشريعة وتحكيم الدستور الإسلامي بعد الانفصال ما طبيعة الدستور الذي ترتضونه للمرحلة القادمة؟
- ليس هنالك في الشريعة شيء يسمى الدستور الإسلامي، هذا الوصف بدعة يقول بها بعض المتاجرين بالدين، الدستور هو الذي يحدد شكل الدولة ومؤسساتها والعلاقة بين هذه المؤسسات ومن ثم إثبات الحقوق الديمقراطية للمواطنين ولكن الإسلام لم يحدد شكل مؤسسات الدولة ولم يحدد طريقة معينة للانتخابات بدليل أن الخليفة أبوبكر الصديق تم انتخابه في مجلس السقيفة وبايعه الصحابة ثم جاء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بالتعيين وتمت مبايعته ثم جاء سيدنا عثمان الذي تم اختياره عبر مجلس من (6) أشخاص وجاء الخليفة الرابع سيدنا علي بن أبي طالب عن طريق البيعة الشعبية والملاحظ أنها كلها أساليب ابتدعها المسلمون في ذلك الوقت ولو كان هنالك نص في السنة أو القرآن على كيفية اختيار الخليفة لالتزم بها الناس وتقيدوا به، فهو أمر متروك لاجتهاد المسلمين في أي زمان، وليس هنالك شكل هيكلي بالدولة، فهل الدولة أساساً يحكمها فرد بسلطات مطلقة أم بسلطات مقيدة؟ وبالتالي فالحديث عن الدستور الإسلامي حديث مضلل لأن الإسلام تحدث عن قيم ومبادئ العدلة والشورى وحقوق الإنسان وغيرها من الحقوق وعدم التجسس والاغتياب والشتيمة، كما يفعل الآن البعض، أخلص إلى أن أي شكل من الحكم يلتزم بهذه القيم فهو نظام يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
{ هل من هذا المنطق يمكن أن نقول إن النظام في السودان غير إسلامي؟
- قطعاً ليس له علاقة بالإسلام لا ممارسة ولا شكلاً، هو يتاجر بالإسلام وكل ممارساته ضد الإسلام الذي قام على العدل الذي هو مبدأ فوق الدين وقام على الحرية والمساواة، وبالتالي فالنظام في السودان قائم على الظلم والقبيلية والعنصرية، ممارساته هى التي تسببت في فصل الجنوب وإشعال الحرب في دارفور وأؤكد لكم أن الجنوبيين عندما صوتوا للانفصال لم يصوتوا ضد الدولة وإنما صوتوا ضد المؤتمر الوطني.
{ هذا يعني أنه بذهاب المؤتمر الوطني سيعود الجنوب للشمال؟
- مؤكد ذلك لأنه ستكون هنالك أرضية وعندما تنفصل الدولة كونها تعود عن القرار فهذا أمر يحتاج إلى زمن طويل ولكن ذهاب المؤتمر الوطني يخلق أرضية جديدة للنقاش الموضوعي بخصوص الوحدة بين الشمال والجنوب في سودان يحترم فيه الجميع.
- أحزاب طائفية
{ في تصريح شهير جداً لك وصفت الأحزاب الطائفية بأنها لا تتمتع بالديمقراطية في داخلها وأن قيادتها لن يزيلها إلا عزرائيل.. هل ما زلت عند اعتقادك هذا؟
- نعم فالقيادات الموجودة الآن أخذت وقتاً طويلاً وفي تقديري أنه آن الأوان لتداول سلمي للسلطة، ليس في إطار الدولة فحسب، وإنما في إطار الأحزاب نفسها، وعندما ننظر لقيادات الأحزاب نجد أنها منذ أن اعتلت هذه المواقع العليا ظلت فيها إلى الآن دونما تغيير، بعضهم يعقد مؤتمرات ويقول إن القيادات جددت له التفويض ولكنه تجديد إلى ما لا نهاية، وبالتالي فإن هذه الأحزاب لا تمارس الديمقراطية بداخلها ولذلك أصبحت غير قادرة على مواجهة الأنظمة الشمولية لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهذه الأنظمة الشمولية لا يقاومها إلا من يؤمن بالديمقراطية.
{ بالرغم من النقد الذي توجهه لتلك الأحزاب ومع ذلك أنت نائب لرئيس الحزب الاتحادي الذي يعاني من نفس الأعراض والأمراض التي ذكرتها؟
- أنا مع النظام الحزبي والتعددي ولن تقوم ديمقراطية في السودان إلا في ظل نظام حزبي تعددي، وبالتالي فأانا لست ضد الأحزاب وإنما لكي يكون هنالك نظام ديمقراطي حزبي فلا بد من إصحاح المسار، فنحن لا نتدخل في الشأن الداخلي للأحزاب ولا نوجه الأحزاب في أفكارها ولكن يجب أن تكون هنالك ضوابط في انعقاد المؤتمرات وعدم احتكار رئاسة الحزب.
تكتلات اسقاط الإنقاذ
{ من الملاحظ أن المعارضة السودانية طرحت مجموعة من الكيانات لإسقاط الإنقاذ، ابتداء بالتجمع الوطني ومروراً بالجبهة العريضة وانتهاء بتحالف قوى الإجماع الوطني.. لماذا فشلت كل هذه التكتلات؟
- الصحيح أن نقول انتهاء بالجبهة العريضة، فمن المهم القول بأن الجبهة العريضة لم تفشل وهى تعمل في الشارع وإن شاء الله هذا النظام سوف تسقطه الجبهة العريضة لأنها ليست كياناً سياسياً وإنما اصطفاف للشعب السوداني وعندما يصطف الشعب السوداني ويسقط هذا النظام تكون الجبهة الوطنية العريضة هى التي فعلت ذلك، ونحن عندما كوّنا الجبهة العريضة أخذنا في بالنا هذا السؤال : لماذا فشلت التنظيمات السابقة في إسقاط النظام ؟ والإجابة أن السبب كان واضحاً وهو أن كل التنظيمات السابقة كانت عبارة عن تجمعات أحزاب، وهذه التجمعات في نهاية المطاف تمثل أحزاباً لكل واحد فيها أجندته المتقاطعة مع الآخر وهواه، ولذلك تلك الأحزاب بدأت تتساقط شيئاً فشيئاً.
{ هل لدى الجبهة العريضة نشاط داخل السودان ومن هم أبرز قادتكم؟
- بالطبع غالب السودانيين معنا ولدينا قيادات في الخرطوم وفي كل مكان ولكنني لن أخبرك بأسمائهم.
- مأزق الجبهة العريضة
{ الجبهة العريضة الآن في ذات المأزق تعصف بها الخلافات فقد توارت منها حركة العدل والمساواة وكيان القاهرة المنفصل عن الجبهة في ظل اجتماعات مستمرة وقد صدرت من قبل مذكرة تطالب بإبعادك من الرئاسة ألا يعني ذلك أنها تمضي إلى ذات المصير والمسار؟
- لا لا، الجبهة العريضة ليست مكونة من كيانات كالتنظيمات السابقة إذا خرج حزب ضعفت الجبهة، الجبهة الوطنية العريضة ليست مجموعة كيانات وإنما اصطفاف جماهيري من الشعب السوداني، الإنسان السوداني كفرد عضو في هذه الجبهة، الأحزاب لو جاءت مرحب بها، المنظمات مرحب بها، وكذلك الحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني فهى كيان يستوعب كل مكونات الأمة والذي يخرج من الجبهة لا يؤثر في قوتها، فهى منتشرة داخل السودان في كل قرية وفي كل مدينة، ومن أول أهداف الجبهة العريضة إسقاط النظام وهو هدف لا رجعة فيه، كما أن أي كيان يتحاور مع النظام فهو يعترف بشرعيته وتسقط عضويته من الجبهة تلقائياً.
{ ولكن العدل والمساواة تحاور النظام؟
- لهذا تجمدت عضويتها في الجبهة العريضة وبطلب منها لأنها تحاور النظام في الدوحة.
{ الذي يقال أن حركة العدل والمساواة خرجت لأنها تريد الرئاسة وأنت تريد الرئاسة؟
- هذا الكلام غير صحيح وهذه الجبهة أنا ظللت أدعو لها خلال أربع سنوات ودعوت لهذا المؤتمر الذي ضغط علي وبالإجماع لأكون رئيساً، أنا لست متطلعاً لموقع إنما أنا رجل مقاتل في هذه السن، اختاروني وظل المؤتمرون يصفقون لمدة (15) دقيقة عندما قبلت هذا التكليف، ومن المعروف أن الجبهة قامت بمؤسساتها وهيئة قيادة حدد المؤتمر العام كيفية اختيارها وهى التي تختار المناصب ما دون الرئيس وتنتخب نواب الرئيس والأمين العام، وحركة العدل والمساواة لم تترشح ولم تختار لهذه المواقع.
بالنسبة للمؤتمر الذي دعت له الجبهة في لندن لم يكن هو المتوقع ويعتبر بأنه قد فشل والدليل هو الحضور الضعيف الذي شهده ؟
_ مسألة فشل المؤتمر الخاص بالجبهة دعاية روج لها المؤتمر الوطني ، فالذين دعوناهم للمؤتمر حوالي (500) شخص حضر منهم (400) شخص حوالي مائة لم يحضروا ليس لان لديهم موقف وانما لانهم لم يحصلوا على التأشيرة ولم يتمكنوا من دفع نفقات السفر، وجلهم أرسلوا مذكرات أيدوا مقررات المؤتمر.
+ ولكن الإتهام الموجه للجبهة العريضة بأنها فشلت في إستقطاب الشارع السوداني وإخراج مظاهرة واحدة على الأقل ؟
نحن في الجبهة الذين نحدد متى تخرج المظاهرة وكيف تخرج وفي أي مكان تخرج ولا يحددها لنا المؤتمر الوطني وبالتالي نحن لا نستجيب للاستفزازات .
+ وهل تري أن المشهد في السودان مهيأ لثورة او انتفاضة الأن ؟
نحن الذين نسعى أن يكون المسرح مهيأ اكثر فأكثر ، ونحن عندما نخرج لا نعود الا وقد سقط النظام ، وبالتالي فأننا لا نخرج في مظاهرات ، فالمظاهرات التي تخرج نؤيدها لتسخين الشارع لا أكثر .
+ بخصوص ميزانية الجبهة العريضة من أين تتوفر لكم مصادر التمويل ؟
ليس لنا لدينا ميزانية ولا تمويل مطلقا .
+ إذن كيف مولتم المؤتمر الذي إنعقد في لندن ؟
لعلمكم نحن اجرنا فندقا في بريطانيا كلفت كل فاتورته للضايفة (19) ألف جنيه استرليني وقد جمعنا هذا المبلغ بالاشتراكات من الذين حضروا الى المؤتمر ومن الذين ارسلوا تبرعات من اماكنهم وكانت المبالغ تراوح بين (10) دولار (100) دولار سددت للفندق بالأقساط .
+ أنت تريد أن تطيح بالنظام فكيف لا تتوفر لديك المعطيات والأموال لتمويل التحركات المطلوبة ؟
أنا لا أطيح بالنظام بالمال وإنما بايمان الشعب والشباب .
+ بالنسبة لك أنت سيد حسنين تبدو شبه عاطل عن العمل فكيف لك بالأموال التي تسير به شئون الجبهة وشئونك الخاصة ؟
أنا في بريطانيا على سبيل المثال كنت أبيع عقارات أمتلكها في السودان لكي أعيش ولكي اوفر ثمن تذاكر السفر ، وهى نفقاتي الخاصة التي ادخرتها في شبابي وكادت أن تنفد إن لم تكن قد نفدت ، فنحن جندنا انفسنا لقضية لا نتراجع عنها والان قد بلغت من العمر (72) عاما وليس لي طموح في هذه الدنيا غير ان اساعد في بناء سودان ديمقراطي حقيقي يستطيع الشباب ان يجد فه مكانهم الطبيعي واللائق في ادارته .
+ هنالك كيان صغير انشق عن الجبهة في القاهرة وقد أطلقوا على انفسهم الجبهة الوطنية العريضة ؟
هؤلاء لم ينشقوا ، ومؤتمرهم شهده (9) أشخاص فالجبهة الوطنية عندما أصدرت ميثاقها بواسطة المؤتمر وبعد مدة تقارب الشهر برز شخصان وقالا ان المؤتمر اجاز مسألة فصل الدين عن الدولة ، والمؤتمر اجاز فصل الدين عن السياسة وهم لم يناقشوا هذا في اطر التنظيم وانما ارادوا ان يثيروا قدر من اللغط خارج اطار مؤسسات الجبهة وقد اعترضت عليهم بأن هذا الموضوع يجب أن يناقش داخل المؤسسات التي تقرر هذه المسألة ، ثانيا ادانت هيئة القيادة هذا السلوك وقالت ان هذا الامر لم يتم نقاشه خارج الاطار وأن الجبهة سوف تتخذ بشأنهم اجراء ولكن تواصلت نقاشاتهم بطريقة لا تفيد قضية الجبهة وانما تعطل مسيرة المواجهة ضد النظام وقلنا لهم نحن لا نقرر نيابة عن الشعب السوداني والا نكون قد انتهجنا سياسة الانقاذ نفسها وبالتالي فهذه قضية انصرافية تخدم خط المؤتمر الوطني .
+ هل يعني هذا أن المؤتمر الوطني اخترق الجبهة ؟
لك ان تفسري لوحدك ، فهيئة القيادة اجتمعت وقررت فصل ثلاثة اشخاص من الجبهة ليس لأن لديهم قناعات سواء كانوا ملحدين او علمانين فهذا شئ يخصهم ولكن لخروجهم من المؤسسة واثارتهم الخلافات مما يضر بعمل الجبهة الوطنية .
+ بالمناسبة الجبهة العريضة معروفة بالعدل والمساواة وأنتم .. فمن غيركم من مجموعات ؟
لا لا فانا ظللت ادعو للجبهة العريضة لاربعة سنوات ، منظمات وافراد وحركات مسلحة ، ومعنا اليوم تنظيمات كردفان وبعض حركات دارفور وتنظيم (كاد) ، وتنظيم منبر جبال النوبة ومؤتمر البجا .
+ ولكن من الملاحظ أن هذه تنظيمات جهوية وهى نفس الفكرة التي ظللت تعترض علي الانقاذ لانتهاجها (الجهوية) ؟
الصحيح انها تنظيمات جهوية اردنا أن نرتقي بها لتكون جزءا من تنظيم وطني جامع ، فالدولة السودانية مكونة من قبائل وجهويات وهدفنا أن تنصهر في جبهة عريضة ، والحقيقة اننا لم نهبط للتنظيمات الجهوية وانما خرجنا بها الى فضاء الوطن الفسيح .
+ بالنسبة لجدل المركز والهامش والثروة والسلطة هل توصلتم لصيغة تفاهم بخصوص تلك الاشكالات المزمنة ؟
_ نعم فنحن عالجنا في طرحنا كافة قضايا اقاليم السودان بالاتي ، دعونا من ناحية هيكلة الدولة أن يكون السودان مكونا من (6) أقاليم وكل اقليم ان رغب له الحق في انشأ ولايات داخليه او محافظات ، وبالتالي الولاية ليست مؤسسة دستورية وانما مجرد اقليم ، ثانيا قلنا أن رئاسة الدولة يجب أن تكون مجلس رئاسي ، ويكون هنالك رئيس منتخب على اساس قومي وكل اقليم ينتخب نائب لرئيس الجمهورية من داخل الاقليم ، وبالتالي فان رئيس الجمهورية ومعه (6) نواب للاقاليم هو المجلس الرئاسي الذي يمثل السلطةالعليا في البلد ، وقلنا ايضا انه حتى رئيس الجمهورية يجب في كل دورة انتخابية أن يأتي من اقليم مغائر وبالتالي فان الدورة الرئاسية للحاكم دورة واحدة ، وحتى عندما ينتخب الرئيس من الاقليم فان هذا لا يسقط حقه في ان يكون له ايضا نائب رئيس ، وبهذا نضمن ان لا يكون هنالك صراع محتدم على السلطة بين ابناء البحر والجبل ، وفيما يخص توزيع الثروة قلنا بأن أي اقليم يستأثر بالثروة الخارجية اما الثروات الموجودة في باطن الأرض يجب ان تكون هنالك نسبة في الدستور محددة لكل اقاليم السودان يأخذ الاقليم نسبة منها وتذهب البقية للمركز يوزعها على باقي الاقاليم ، وهذه الرؤية لا يمكن تمكينها لا با سقاط هذا النظام ، قد يزعم البعض أن الانقاذ لن تسقط ، ولكن سقوط نظام حسني مبارك وبن علي ضرب فرضية المستحيل خصوصا وأن السودان يعيش ظروف أسوأ بعد أن انفصل جنوب السودان ، الوضع في السودان اكثر هشاشة من ذلك .
+ وهى نفس المفارقة التي ضربت فرضية سقوط النظام او قيام ثورة مما يعني أن الوطني يمسك بمفاصل الدولة بقوة ؟
_ هنالك أسباب كثيرة تعطل هذه العملية وليس القهر وحده ، فالسودانيون اسقطوا أنظمة اكثر بوليسية ولكن هنالك متعلقات لازالت قائمة فالغرب كله حريص بأن لا يدعم أي تحرك في السودان قبل قيام دولة الجنوب .
+ هذا يعني انكم تعتمدون على قوى خارجية ؟
_ لا لا ابدا نحن نتحرك وسوف نحقق هدفنا قبل ذلك الموعد ، وفي تقديري أنه بمجرد أن نهيئ الشارع للمواجه فلن نتوقف .
+ ولكن ثمة من يعتقد أن الوضع غير مهيأ الأن للثورة فالوضع هش جدا وكثير من الحركات المسلحة تنتظر لحظة الفوضى لتنقض على البقية ؟
_ للأسف الشديد هنالك عناصر مخذلة فبعض قيادات الأحزاب السياسية التي لا تستطيع أن تستقطب الشارع تعمل على مناقشة الأمر مع المؤتمر الوطني بحوارات متعددة فكان لها دور تخذيلي .
+ هل تقصد حزب الأمة والحزب الاتحادي الذي أنت جزءا منه ؟
_ أنا لا اتحدث عن حزب معين فغالب القوى السياسية متورطة ، أنا هنا ارتدي جلباب السودان ولا ارتدي جلباب حزبي أي كان فالقضية الوطنية هى الأساس ، وبالتالي فإن فكرة الحوار بالنسبة لنا مرفوضة تماما ، واي شخص يحاور النظام لا نعتبره دافعا لحركة المقاومة الوطنية .
+ بنفس هذا المنطق لماذا أنت حريص أن تكون نائبا لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي ؟
_ جماهير الحركة الاتحادية الأن (%90) منخرطين في الجبهة العريضة وفاعلين .
+ ولكن قوة الحزب الاتحادي تتركز في الميرغني وأسرته ؟
_ هذا خطأ اعلامي ، نحن في الاعلام العربي المتخلف تقاس لدينا الدولة برئيسها ، هنالك قواعد وجماهير ، ونحن لا ندخل في صراعات مع قيادات الأحزاب وانما ندعوها أن تقلع من الجلوس مع المؤتمر الوطني ولا تحاوره وأن تنضم الى مسيرة المقاومة .
+ هنالك وجهة نظر تتبني فكرة الاصلاح لا التغيير ، الاصلاح من داخل النظام وترويضه بشكل تدريجي وهى وجهة نظر موجودة لدى بعض قوى المعارضة فما هو رايك انت ؟
_ نحن لا نؤمن بانقاذ محسنة مطلقا ، فالقيادات السياسية طوال حوارها مع المؤتمر الوطني كانت تهدف الى انقاذ محسنة ، وذلك الحوار يخرج فئة من خانة المعارضة الى خانة السلطة ويظل الحال في حاله ، فالانقاذ منذ العام (1989) لم تتغير وانما ترتدي ملابس مختلفة مرة تلبس بنطلوب ومرة تلبس عمة ومرة تلبس (عراقي) ولكنها هى هى .
+ ولكن الترابي الذي هو عراب الانقاذ وكان يمثل روحها انخرط في صف المعارضة ؟
_ الترابي عندما كان موجودا خلق مؤسسة قهرية وعندما خرج ترك تلك المؤسسة في مكانها ، وهو لم يأخذ الاستبداد في جيبه ، فقد ترك المشروع الغير حضاري كما أسميه وهو الأن يكفر ما صنعت يداه
+ هنالك من يعتقد أن المشهد برمته مجرد تمثيلية بحيث قرر الاسلاميون أن يصبحوا حكومة ومعارضة وحركة مسلحة ؟
_ أنا لا اعتقد هذا وانما هنالك صراع بين الترابي وأخوانه سواء كان شخصيا او مبدئيا المهم هنالك صراع .
+ ما الذي تريد أن تفعله من خلال زيارتك للقاهرة ؟
_ انا اصلا لا انقطع عن القاهرة وسوف التقى بالأحزب السياسية وشباب الثورة وسوف أسعى لمقابلة المسؤلين في النظام الجديد ، وقد التقيت بعدد من ابناء السودان في القاهرة .
+ هل ستعود للسودان في الفترة المقبلة ؟
_ أنا موجود داخل السودان ، فاليوم العالم تغير وجميع اجتماعاتنا تدور عبر الوسائط الالكترونية وأنا التقي مع كل قرى ومدن السودان يوميا وأخاطب الندوات ، وسوف أعود للسودان قريبا ، قرييا جدا .
+ هنالك من يعتقد أن لديك أسباب شخصية في معارضة الانقاذ بسبب الاعتقالات او لأسباب أخرى ؟
_ لمن يعرفني عن قرب فأنا لا أحمل في قلبي ذرة حقد على احد ، ومشكلتي مع الانظمة الشمولية فقط .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.