مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى اسماعيل : الثورات تخرج من المساجد ..المساجد في السودان لا تدخلها المعارضة، بل يدخلها الحزب ..معظم قيادات المعارضة أبعد ما تكون عن المساجد
نشر في الراكوبة يوم 02 - 06 - 2011

أكد مستشار رئيس الجمهورية؛ الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، أن الأوضاع في أبيي لن تنفجر إلى حرب بين الشمال والجنوب، وأن الحركة الشعبية لا ينفع معها إلا لغة الاحتجاج والحسم حتى لا تظن أنها انتصرت، موضحاً أن قضية دارفور كانت أكبر أكذوبة، وأنه لو انتهت الدوحة فسوف يعود الإقليم إلى طبيعته, مشيراً إلى أن هناك من ينتظر التاسع من يوليو في الداخل والخارج لتتحقق أمانيهم في عدم استقرار البلاد، مبيناً أنه لا يوجد أي انشقاق داخل المؤتمر الوطني، الثورات في البلدان العربية خرجت من المساجد، وأن الحزب الحاكم في السودان هو الذي يذهب للمساجد.
وقال إسماعيل في حوار خاص ل (الأهرام اليوم) يجب أن نظهر البعد الشعبي في علاقتنا مع مصر، حتى يكون صمام أمان العلاقة في المستقبل، مضيفاً أن الرأي العام في البلدين يريد تطوير هذه العلاقة. وفيما يلي نص الحوار..
{ دكتور مصطفى: الأحداث في أبيي تطورت بشكل ملحوظ بما ينذر بنسف إتفاق السلام وعودة الحرب بين الشمال والجنوب مرة أخرى.. فماذا يحدث بأبيي وهل تنوون الحرب على الجيش الشعبي؟
- الأحداث في أبيي لن تنفجر بالصورة التي ترجع الأوضاع إلى مربع الحرب بين الشمال والجنوب، ما يحدث هناك أن قيادات الحركة المنتمية إلى أبيي تقود الشعبية لهذا التوتر الدائم بين الشمال والجنوب، والحركة الشعبية على أعتاب تأسيس دولة جديدة، وأنها سوف تحدث انفلاتاً هنا أو هناك، إلى أن تقتنع أنه لا بد أن تتعامل بواقعية وبالحوار مع الحكومة في الشمال، والحركة الشعبية تعمل بالتكتيك أكثر من النظرة الإستراتيجية، وتتعامل مع الشمال بهذه النظرة القصيرة، فعندما حدثت انتخابات في النيل الأزرق وفاز "مالك عقار" قبلنا بذلك، وتعاملنا معه واستمرت الأوضاع، وفي جنوب كردفان طلبوا تأجيل الانتخابات، وتم التأجيل، وشاركت الحركة الشعبية في الانتخابات الثانية، وعندما رأت أنها لن تفوز انسحبت، وتريد إلغاء الانتخابات، وهذا تكتيك، ومنطقة أبيي تقع في جنوب كردفان، وكان الاتفاق أن تكون تابعة لرئاسة الجمهورية، وأن تظل كذلك إلى أن تحل مشكلتها، وقد تم الاتفاق في "كادقلي" أن القوات المسلحة من الطرفين تنسحب وتترك المنطقة للقوات المشتركة إلى أن يجرى الاستفتاء، وجاءت قوات الجيش الشعبي وشنت هجوماً على القوات المسلحة وقتلت منهم 22 جندياً، ولو قبلنا بذلك سيقولون إنهم انتصروا علينا، وسوف يستمرون في الضغط، حتى نقبل بما يريدونه، والسؤال الآن ماذا يريد أهل المنطقة؟، الحركة الشعبية تريد أبيي للدينكا، والمسيرية يعتبرونها أرضهم، والحكومة لو قبلت بجعل أبيي جنوبية ستكون هناك حرب أهلية طاحنة، وموقف الحكومة أن يكون هناك اتفاق يرضي الطرفين. وإلى أن يتم هذا الاتفاق ستظل أبيي تابعة لرئاسة الجمهورية، لو لاحظنا سنجد أن الحركة الشعبية عملت خريطة رسمت أبيي تابعة فيها للجنوب، وعندما احتج الشمال مسحوها، فالحركة لا تفهم إلا هذه اللغة، ولو سمحنا لهم أن ينفصلوا ويكونوا دولتهم، وقررنا أن تكون هناك علاقات جيدة بيننا، ومن الواضح أن هناك من يريدون اللعب بالنار، والصحيح أن أبيي تتبع للشمال حتى يتم الحسم.
{ وكيف تتعاملون مع عدم اعتراف الحركة الشعبية بنتائج الانتخابات في جنوب كردفان؟
- منطقة جنوب كردفان جزء من الشمال، والحركة الشعبية لا شأن لها بها، الواقع يقول إنه كانت هناك انتخابات بجنوب كردفان، وكانت مراقبة من مؤسسات داخلية وإقليمية ودولية، والمواطن في المنطقة قال كلمته في هذه الانتخابات، وليس من حق الحركة الشعبية الحديث بعد ذلك.
{ ما تعليقك على حديث الدكتور الترابي بأن الشمال سوف يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة بعد الإعلان الرسمي لانفصال الجنوب في التاسع من يوليو المقبل بعد أن يذهب البترول للجنوبيين؟
- صحيح أنه بعد هذا التاريخ سيأخذ الجنوب نصيبه من البترول بالكامل، ولكن الشمال غني بالموارد الأخرى غير البترول، ومن خلال هذه الموارد سنتمكن من أن نواصل مسيرة التنمية وجذب الاستثمار في البلاد، والترتيبات وضعت بالفعل لمواجهة مثل هذه الإشكاليات.
{ دعنا ننتقل لملف دارفور هناك حديث من جانبكم بأنكم ستظلون بالدوحة إلى نهاية الشهر الجاري من يريد التوقيع يوقع ومن لا يريد فلن يجد فرصة أفضل. الواقع في الدوحة يقول إن الجاهز للتوقيع هي حركة التحرير والعدالة وباقي الحركات غير راضية عن الوثيقة التي وضعت. فهل ستوقعون مع التحرير والعدالة فقط وتذهبون؟ ألا ترون أن ذلك لا يحل الأزمة بل يعقدها أكثر؟
- نحن حريصون في الدوحة على حضور ممثلين من كل المجتمع المدني بدارفور، ونقول إن الجاهز للتوقيع على الوثيقة الآن يوقع، وسوف نأتي بالاتفاق لأهل دارفور يستفتون عليه، أما الحركات التي لم توقع الآن فسنجد لها معالجة سياسية، فعندما يكونون جاهزين للتوقيع سنجد لهم مدخلاً لذلك، فالمرتكزات الأساسية لحل أزمة دارفور أنها توضع لكل أهل دارفور، وأي حركة تريد أن تنضم ليس لدينا مانع من أن تأتي من خلال الدوحة. نقول إن الدوحة إذا انفضت ستعود دارفور إلى قضية طبيعية، تحتاج لمعالجة داخلية، فقضية دارفور أكبر أكذوبة للرئيس الأمريكي الأسبق بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، فالاثنان أرادا أن يحولا أنظار العالم عن فشلهم في العراق لقضية أخرى، فكبروا دارفور، وكانت استراتيجية إسرائيل أن يظل الصراع محتدماً بها، والذي يؤكد ذلك ما قاله وزير الأمن الداخلي الإسرائيل بأن إسرائيل هي التي بدأت الحرب في دارفور، وكانت علاقتنا بدول الجوار متأثرة جداً، فعندما كانت سيئة مع تشاد، صعدت المحكمة الجنائية الدولية، الآن علاقتنا جيدة مع تشاد، وخليل إبراهيم في طرابلس يسخر عناصر من حركته بأن تقاتل مع القذافي، ولكن تطورات الأوضاع في ليبيا، واحتلال الثوار لمدينة الكفرة قطعت الطريق أمام خليل للوصول إلى الدوحة، فإذا أحكمنا علاقتنا مع دول الجوار، وأنهينا الدوحة سيكتمل الاتفاق، وسوف تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي.
{ كيف ذلك والكل يتوقع أن دارفور سوف تنفجر بعد الإعلان الرسمي لانفصال الجنوب، وأن كل الأنظار ستتجه هناك بعد ذلك؟
- هذه هي التحليلات الغربية، فعندما سجل المدعي العام للجنائية أوكامبو مذكرات اعتقال بحق الرئيس البشير قالوا إن السودان ينتظره العنف، وعندما اقتربت الانتخابات توقعوا حدوث عنف أيضاً، وهكذا الاستفتاء، والواقع أنه لم يحدث شيء مما توقعوه، فهي أمنيات غربية، لا تريد للسودان أن يستقر.
{ وما رأيك في أن الداخل السوداني يتوقع ثورة عليكم على غرار ما حدث في تونس ومصر بعد التاسع من يوليو؟
- الكل ينتظر التاسع من يوليو، فالمعارضة تنتظر هذا التاريخ، فهي أماني خارجية وداخلية، ونحن أيضاً ننتظر ماذا سيحدث، أقول إن الجنوب كان نزيفاً لنا وكنا نتحمله قرابة الخمسين عاماً في الشمال بمفردنا، واتهمنا بتوسيع الرق هناك، والاغتصاب ونشر الإسلام بالقوة، والجنوب أخر علاقتنا بالغرب وأفريقيا.
{ إلى أي مدى وصل الحوار الوطني الداخلي بالسودان؟
- ناقشنا معظم القضايا في الأجندة الوطنية مع حزب الأمة، وتبقت نقاط نتحاور حولها، وسوف نصل فيها إلى اتفاق، وعندما نصل لاتفاق سوف ندعوهم للدخول معنا في الحكومة، وبعد التاسع من يوليو سنشكل حكومة وسندعو الجميع للمشاركة فيها، فمن يريد نرحب به، وسوف نتشاور معهم في الدستور الدائم، فمن منهم مستعد لإدارة البلاد معنا نرحب به، ونعد بإجراء انتخابات شفافة بواسطة مفوضية محايدة.
{ يتردد هذه الأيام أن هناك انشقاقاً داخل المؤتمر الوطني بعد إعفاء الفريق أول صلاح عبدالله قوش من منصبه.. ما صحة هذا الحديث؟
- ليس هناك انشقاق داخل المؤتمر الوطني، وقوش عضو بالمجلس الوطني، وهو بنفسه صرح أنه ما زال عضواً بالمؤتمر الوطني، وبالتالي هو ملتزم في الوطني. ظاهرة الخروج في الأحزاب السودانية موجودة، والمؤتمر الوطني لم يسلم منها، فقد خرج الترابي، وكان الأمين العام للمؤتمر الوطني وخرج عنه ولم يحدث شيء، وكذلك فعل مبارك الفاضل عن الصادق المهدي، وحدث ذلك أيضاً في الاتحادي الديمقراطي، فموضوع الخروج ظاهرة موجودة في السودان وعادية.
{ كيف نقرأ العلاقات السودانية الأمريكية هذه الأيام؟
- التجربة مع الولايات المتحدة لا تشجعنا أن نقول إنها سوف توفي بتعهداتها معنا، فرفع السودان من قائمة الإرهاب، ورفع العقوبات عنا ليس أول التزام لأمريكا تجاهنا، ففي عام 2005 بعد توقيع اتفاق السلام وعدتنا، وتراجعت وقالت عندما تنتهي دارفور، وفي 2006 وقعنا أبوجا، ولم تفي، الآن لا أستبعد أن تتخذ من أبيي ذريعة لعدم الالتزام، فلسنا واثقين فيها، صحيح أن الرئيس أوباما جاء بلغة تصالحية معنا وأقل عدوانية من بوش، ولكنه لم يستطيع فعل شيء، فما زال حوله المعسكر القديم في الإدارة الأمريكية وكذلك اللوبي الصهيوني. ونقول لو صدقوا فنحن حريصون على علاقة جيدة معهم.
{ ألا تخشون أن ينتقل ما يحدث في محيطكم العربي من ثورة على الحكام إلى السودان؟
- أولاً أود أن أقول إن عملية الإصلاح طرحت منذ وقت مبكر للقادة العرب، والذي طرحها عمرو موسى بعد توليه منصب الأمين العام للجامعة العربية، فالرجل طرح الإصلاح بقوة في كل القمم العربية في عهده، بدءاً من تونس حتى الدوحة، وكان يدعوا للإصلاح بجدية، ولو كان القادة العرب أخذوا هذا الحديث مأخذ الجد لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.
{ مقاطعة عفواً دكتور هل أخذ السودان هذا الحديث بجدية؟
- الشعب السوداني لديه تجارب في الديمقراطية والليبرالية، وجرت انتخابات عديدة، ولديه تجربة في الثورات الشعبية في ثورتي أكتوبر وأبريل، ولديه تجارب في الانقلابات، ولدينا حركة إسلامية حديثة، هذه التجارب جعلت الحكم الحالي يأخذ بعملية الإصلاح في عام 98 فقد أقر دستوراً للتعددية السياسية، ورد الأمر للشعب مرة أخرى، وعادت كل القيادات من الخارج، وأسست أحزاباً وتمارس نشاطها السياسي داخل البلاد، ووقعنا اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية، وعندما أتت الانتخابات لم تجر تحت إشراف وزارة الداخلية كما يحدث في بعض البلدان، ولكن باختيار مفوضية مستقلة توافق الجميع على اختيار القائد الجنوبي مولانا أبيل ألير لرئاستها، واتفقنا على قانون الأحزاب والانتخابات، وعند إجراء الانتخابات دعونا منظمات إقليمية ودولية ومحلية لمراقبتها، وأقرت هذه المنظمات بأن هذه الانتخابات نزيهة، واتفقنا أن تجرى انتخابات البرلمان كل 4 أو 5 سنوات، إذن نحن بدأنا الإصلاح منذ وقت مبكر، في مصر وتونس كانت القيادات بعيدة كل البعد عن القاعدة العريضة، أما في السودان فنجد أن الرئيس البشير يعيش وسط الناس يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، والحزب غير منقطع عن قواعده، ولذلك لا يمكن أن نقارن الأوضاع في السودان مع مصر وتونس.
{ إذا سلمنا بما تقوله أليس لديكم قلق من أن هذه الثورات أصبحت تقليداً سوف يجتاح كل المنطقة؟
- هذه الثورات تخرج عادة من المساجد يوم الجمعة، لكي تؤكد هويتها، فلم تخرج السبت أو الأحد، والمساجد في السودان لا تدخلها المعارضة، بل يدخلها الحزب الحاكم، أما معظم قيادات المعارضة فهي أبعد ما تكون عن المساجد.
{ لو لاحظنا سنجد أن الثورات العربية خرجت من الشارع ثم انضمت إليها أحزاب المعارضة فهل أنتم واثقون من الشارع السوداني؟
- إذا كانت المسألة في الشارع، فالمؤتمر الوطني يستطيع أن يجمع عشرات الأضعاف ما تستطيع المعارضة جمعه. فنحن أخذنا عملية الإصلاح بجدية، وإذا كانت الثورات قد قامت لمحاربة الاستبداد والظلم والفساد والمحسوبية والتبعية للغرب، فلو أخذنا التبعية للغرب لا يستطيع أحد أن يزايد علينا في عدم تبعيتنا للغرب، وعدم هذه التبعية كلفنا الكثير، أما الاستبداد والظلم فالأنظمة في مصر وتونس كانوا يقولون إن لديهم ديمقراطية في الوقت الذي يمنعون فيه الإسلاميين من المشاركة، فمنعت الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة بقيادة الغنوشي في تونس، في السودان الكل يشارك دون استثناء، ومع ذلك لا نقول إن كل ما نفعله صحيح، ولكن لا يقارن ببلدان تحدث فيها الثورات، وعندما زارنا الوفد الشعبي المصري وضعنا له في البرنامج مقابلة بعض أحزاب المعارضة، وعندما قابلوهم قالوا لنا إن المعارضة السودانية صعبة جداً، فقلنا لهم نتحاور مع المعارضة باعتبارها جزءاً من الإصلاح السياسي. فنجد أن أحزاب المعارضة يهاجمون الحكومة ليل نهار في وسائل الإعلام، فليس لدينا استبداد بالسلطة، أما المحسوبية والفساد فلا أقول إن هناك مجتمعاً خالياً من الفساد والمحسوبية، ولكن أقول إن التحدي أن نحاربه، قبل فترة قالوا إن البشير لديه 9 مليارات دولار في البنوك البريطانية، وبعد ذلك كذب البنك نفسه هذا الحديث وكذلك الحكومة البريطانية. العاقل يقول الآن بأننا يجب أن نسرع في وتيرة الإصلاح، ويجب أن يستفيد الجميع مما حدث في المنطقة، فليس هناك مجتمع عربي محصن مما حدث في مصر وتونس، ويجب على الجميع أن يعود إلى عملية الإصلاح.
{ ما توقعاتك لمستقبل المنطقة في ظل ما يحدث بها من تغيرات جذرية الآن؟
- هذه الثورات قطعاً ستحدث أثراً إيجابياً على المنطقة، والغرب سوف يعمل حساباً لأنه كان يتعامل مع أنظمة تدعم وجود إسرائيل، أما هذه الثورات فقد أحيت شعار التكامل والوحدة في الأمة العربية، والشعوب عندما تعطى حريتها تعبر عن هويتها، وخروج الثورات يوم الجمعة من المساجد عبر عن الهوية الدينية، فهناك قواسم مشتركة للثورات، والغرب لم يكن راضياً عن هذه الثورات، ويريد أن يتعامل معها الآن، ويريد أن يحجمها بمعنى أن تكون الثورة المصرية هي مصرية والليبية هي ليبية والتونسية هي تونسية وهكذا، وإذا نجحت الثورات في أن توحد الأمة ستكون خطراً كبيراً على إسرائيل لصالح فلسطين وسوريا ولبنان، والقوى الغربية تريد أن تؤطر هذه الثورات في إطار ثقافتها الغربية، لا تريد أن تعبر عن ثقافة أصيلة نابعة من الداخل، تريد أن تكون الديمقراطية الغربية، والثقافة الجنسية والحرية والاقتصاد الغربي أهم ملامح هذه الثقافة، فلا بد ألا يقتطف الغرب ثمار هذه الثورات، ولا بد ألا نسمح بذلك، ولا للتدخلات والفتن الطائفية. وعلى الإخوان المسلمين في مصر ألا يتركوا ذلك يحدث.
{ لماذا توجه حديثك إلى الإخوان المسلمين في مصر تحديداً؟
- الإخوان جزء من النسيج المصري، ولا أدعوها هي وحدها بل أدعو الجميع في مصر للالتفاف حول ثورتهم حتى تصل إلى مبتغاها، ومصر دولة في الوطن العربي، فلو استطعنا تحقيق العدالة والديمقراطية في مصر ستتحقق في باقي الدول العربية لأنها قلب الأمة العربية.
{ ماذا تريدون للعلاقات المصرية السودانية بعدما أظهرتم عدم رضا عنها في نظام مبارك؟
- لو وصلنا إلى الشعوب استطعنا أن نتجاوز الخلافات، فلا بد أن نظهر العلاقات الشعبية بيننا حتى تكون صمام أمان للأمام، فنحن تأكدنا أن هذه هي رغبة الرأي العام في البلدين، فتطوير العلاقات رغبة شعبية، وما يؤمن ذلك هو بعدها الشعبي، والذي يمثل عمق العلاقة وحافظتها من أي خلاف في العلاقات الرسمية، ولذلك أتوقع أن تنعقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في الأسابيع القليلة القادمة في القاهرة برئاسة نائب رئيس الجمهورية؛ علي عثمان محمد طه، و الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري، وسوف يشهد اجتماع اللجنة العليا القادم إجازة العديد من المشروعات التي سوف تطرح من الخبراء والمسؤولين بالبلدين، وسوف تغطى مجالات عديدة في الزراعة والصناعة والبنى التحتية والأمن الغذائي، وغيرها من المشاريع لصالح الشعبين، واتفاق الحريات الأربع الذي كان ينفذ كاملاً من الجانب السوداني، سوف ينفذ أيضاً كاملاً من الجانب المصري، وهذا الأمر سوف يسهل حركة انتقال المواطنين بين البلدين، وأن يتملك كل منهما في بلد الآخر، وهناك حركة دائبة بين القاهرة والخرطوم الآن استعداداً لانعقاد اللجنة العليا، والعلاقات الآن تتجه اتجاها إستراتيجياً في مجال الأمن الغذائي وفي الاهتمام المشترك في مياه النيل والأمن القومي، وهناك اتفاق على رؤية حول منطقة حلايب لصالح الشعبين حتى تكون منطقة حرة للاستثمار والتكامل. فهناك روح جديدة بعد زيارة الرئيس البشير لمصر كأول رئيس عربي بعد الثورة، وبعد زيارة الدكتور عصام شرف للخرطوم في أول خروج له بعد توليه حكومة الثورة في مصر.
{ رغم حديثك عن معاني البعد الشعبي إلا أننا نجد رفضاً من بعض قطاعات الشعب السوداني لتخصيصكم لمساحة مليون فدان لزراعتها من قبل المصريين؟
- نحن نعطي الصينيين والقطريين على أساس الاستثمار، والسؤال لو أردنا تطوير العلاقات مع مصر ماذا نفعل؟ ونجد أن الأمن الغذائي ركيزة أساسية في هذا التطور، فكيف سنحقق ذلك بدون هذا التعاون؟ فنحن نريد أن يأتي الفلاحون من مصر ونعطيهم الأرض لنحقق التكامل مع بعضنا البعض، فالأراضي كثيرة وتكفي الجميع، وإذا أحسن التنظيم والترتيب والإدارة للموارد والإمكانيات الموجودة والمتوفرة في السودان سوف تكفي جميع أبناء الشعب، وكذلك الاقتصاد المصري فهو واعد جداً إذا أبعد عنه الفساد، وإذا أحسنت إدارته سيكون من أقوى الاقتصادات، وسيمنع مصر من أي منح ومعونات. لماذا ننادي بتطبيق قانون الحريات الأربع إذن؟ والذي به بند للتملك، فكيف يأتي إلينا المصري دون تملك؟، فلا بد أن تكون النظرة شاملة، فهي لمصلحة الطرفين.
{ دكتور انتهت أسئلتي هل تود إضافة شيء؟
- أهنئ الدكتور نبيل العربي بتوليه منصب الأمين العام للجامعة العربية، فهو خير خلف لخير سلف، وأريد أن أشكر السيد عمرو موسى، فهو لم يقصر أبداً في القضايا العربية عامة والقضايا السودانية على وجه الخصوص أثناء ولايته للجامعة، واستطاع أن يعطي زخماً للجامعة العربية، رغم أن تحركاتها مرتبطة بالإرادة والسيادة لقادة الدول العربية، ونأمل أن يستكمل الدكتور نبيل العربي هذا الدور، وأن يملأ الفراغ الذي تركه في الخارجية المصرية شخص قادر ومتميز مثلما كان العربي، حتى تتقدم مصر، وننتقل بالأمة العربية إلى الأمام.
الاهرام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.