تصاعد أمس الجدل بين المجلس الوطني الانتقالي المناوئ لنظام حكم العقيد الليبي معمر القذافي، والسيدة الليبية إيمان العبيدي، التي تعرضت للاغتصاب على أيدي كتائب القذافي الأمنية قبل بضعة أسابيع في العاصمة الليبية طرابلس. وفيما أعلن المجلس أن قرار ترحيل إيمان التي وصلت أول من أمس إلى مركز لإيواء اللاجئين في رومانيا، تمهيدا على ما يبدو لتوجهها النهائي إلى الولاياتالمتحدة، تم بالتنسيق بين السلطات القطرية والمجلس، قال فرج المنبي زوج إيمان العبيدي ل«الشرق الأوسط» إن قرار الترحيل تم بشكل قسري، واحتوى على إهانة شخصية لإيمان. وشكا المنبي، على حد وصفه، من تعرض زوجته إلى إهانة وصلف من بعض المسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي، وقال إنهم سعوا لاختطاف قضية إيمان سياسيا وإعلاميا وتحقيق مكاسب شخصية من ورائها. وشرح المجلس الانتقالي في بيان صحافي أصدره خصيصا للتعليق على قضية العبيدي أن حكومة قطر استقبلت العبيدي بالتنسيق مع المجلس، وقدمت لها العلاج الطبي، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتزويدها بالعلاج الطبي وجعل وجودها في الدوحة مريحا، وشمل هذا منح والدها تأشيرة للبقاء في قطر، وتلبية جميع احتياجاته، وأن حكومة قطر أبدت كل التفاهم والتعاطف مع محنتها وعما حدث لها، قبل أن يتم تمديد بقائها بناء على طلبها، وبعد أن تم استكمال جميع الإجراءات الطبية. وأعلن المجلس أنه بتاريخ الثالث من الشهر الجاري وبالتنسيق الكامل مع المجلس الوطني الانتقالي، وفقا لانتهاء تأشيرتها، طلب منها مغادرة قطر والعودة إلى وطنها، موضحا أن العبيدي عادت برفقة والدها إلى وطنها وعلى وجه التحديد إلى بنغازي. وشدد المجلس على أنه لا يقيد حريتها في السفر والتنقل، أو الحق في مواجهة المنظمات الإنسانية أو وسائل الإعلام، معتبرا أن إيمان غادرت ليبيا طوعا في الخامس من الشهر الجاري. وطبقا لنص البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فقد قدم المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي اعتذارا رسميا لحكومة قطر عن أي انتهاك لقوانين بلادهم. وأكد المجلس الوطني الانتقالي مجددا عميق امتنانه وشكره العميق لأمير وولي عهد وشعب قطر على دعمهم التاريخي والبطولي للقضية العادلة للشعب الليبي. في المقابل قال المنبي زوج العبيدي إن وصولها المفاجئ إلى مركز لإيواء اللاجئين في رومانيا يرجع لأسباب وصفها بالتنظيمية والفنية. وأوضح المنبي، الذي تحدث أمس ل«الشرق الأوسط» عبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية من مقره في مدينة درنة بشرق ليبيا، أن إيمان قد تتجه في وقت لاحق إلى الولاياتالمتحدة تلبية لدعوات وصلتها مؤخرا من عدة جمعيات ومنظمات حقوقية ونسائية سبق أن تضامنت معها وأعلنت استعدادها لتبني قضيتها. وقال المنبي إن ارتباطه بإيمان ما زال قائما، وإنه مصمم أكثر من أي وقت مضى على استكمال إجراءات الزواج، مشيرا إلى أن إيمان لديها أيضا نفس الموقف، كاشفا أن بعض أعضاء المجلس الانتقالي سعوا لفرض الإقامة الجبرية على زوجته حال عودتها إلى بنغازي الأسبوع الماضي بعدما تم ترحيلها بشكل مفاجئ من جانب السلطات القطرية على متن طائرة عسكرية برفقة والديها. وأضاف: «منعوها من الاتصال بالصحافيين وممثلي وسائل الإعلام، لكني تدخلت على الفور وقلت لهؤلاء هذه زوجتي وأنا المسؤول عنها». وتابع: «الوحيد الذي تعامل معها كما ينبغي هو رئيس المجلس السيد مصطفى عبد الجليل، الذي كان لقاؤه معها قبل يومين في بنغازي أبويا ووديا للغاية». واعتبر أن المعاملة القاسية وغير اللائقة التي تلقتها من السلطات القطرية دفعت بإيمان إلى البحث عن مأوى خارج ليبيا في ظل الأوضاع الراهنة، مضيفا: «تصورنا أن وجودها في الدوحة سيضع حدا لمعاناتها وأنها ستلقى العناية اللازمة، لكن هذا لم يحدث». وزاد قائلا: «مع الأسف التعاطف العربي مع قضية إيمان كان شعبيا أكثر منه رسميا، كنا نأمل في أن يتبنى العرب قضيتها، لكن هذا لم يحدث ومن حقها الآن البحث عن مأوى جديد، لم يكن لديها أي خيار آخر». وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت أن العبيدي غادرت ليبيا مرة أخرى بعد أن تم ترحيلها من قطر إلى هناك في الأسبوع الماضي. وذكرت أن العبيدي نقلت لمركز مؤقت للاجئي الأممالمتحدة بمدينة تيميسوارا الرومانية، وهو الوحيد من نوعه في أوروبا. وقال ممثل المفوضية في رومانيا، ميخائيل سالومونز: «هي حاليا تحت رعاية العاملين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، توجد في مركز طوارئ مؤقت في تيميسوارا إلى جانب لاجئين آخرين أجلوا من عدد من الأماكن الخطيرة في العالم». وأضاف: «جميع اللاجئين في المركز في سبيلهم لإجراء مقابلات لإعادة توطينهم في دول أخرى». فيما قالت مصادر مقربة من العبيدي إنها ستتوجه في نهاية المطاف إلى مركز للمعالجة في أوروبا، قبل أن تغادره متوجهة إلى وجهتها النهائية. وكانت العبيدي قد صرحت الأسبوع الماضي، بعد ترحيلها من دولة قطر، أنها تعرضت للضرب في الدوحة، وتم تقييدها بالأصفاد، مشيرة إلى أنه تمت مصادرة كل شيء منها ومن والديها بما في ذلك الهواتف الجوالة والكومبيوتر المحمول وبعض الأموال. وكانت العبيدي تنتظر الحصول على وضعية لاجئة، وأعدت مفوضية اللاجئين الدولية الأوراق لنقلها من قطر من أجل أن تبدأ حياة جديدة، غير أن السلطات القطرية أخذتها مع والديها من الفندق في الدوحة وأجبروهم على الصعود إلى طائرة عسكرية وغادرت قطر يوم الخميس الماضي.
