قرار نزع أسلحة الجيش الشعبي خاطئ لأنه يقود إلى الحرب..! التمرد لا يزول بنزع السلاح وإنما بالحلول السياسية مقاطعة نتائج انتخابات "التكميلية" كان سليماً لأنها انتخابات مزورة الحرب ليست عملية آحادية وإندلاعها يعتمد على أجندة الطرف الآخر (السلاح) مؤمن ببنود الاتفاقية ولانتزاعه هناك ترتيبات سياسية وأمنية جديدة برنامجنا يتضمن تحقيق دستور دائم للشمال يشارك في إعداده الجميع نسعى لتضمين المشورة الشعبية وآلية لحل قضية دارفور في الدستور الدائم الجديد حزبنا سيحرص على إقامة علاقات وثيقة ما بين حكومة الجنوب ودولة الشمال المشورة الشعبية من أهدافها في المنطقتين تحقيق الحل النهائي للنزاع المسلح سماء مدينة الدمازين ، الزاهية هذه الايام ، بالغيوم المترعة و المبشرة بخريف واعدٍ بالخير والنماء . كانت تتكلم بلغة نقيض ، لماهو متوقع من أحداث مدلهمة فى سماء الفعل السياسى هذه الايام ، ومفاجآته التى قد تنشب فى أية لحظة. وقد جالت بخاطرى هذه المقارنة الطريفة ، بين ما هو متوقع من مستخرجات سماء الطبيعة وما هو متوقع من مستخرجات سماء السياسة ! وأنا أتأهب لملاقات سعادة الفريق مالك عقار إير رئيس الحركة الشعبية فى شمال السودان ووالي ولاية النيل الازرق لإجراء هذا الحوار معه فى هذا الظرف الاستثنائى جدا الذى تمر به العلاقة بين شريكي الحكم ونيفاشا. حيث إحتشدت أجندة الحوار معه بالعديد من الأسئلة الساخنة حول ماجرى ويجرى فى جنوب كردفان ، وهل تنتقل الاحداث المؤسفة الى ولايته فى النيل الازرق ، وما هى الترتيبات اللازمة لقيام حزب الحركة الشعبية المستقل فى الشمال بعد 9 يوليو، أسئلة المشورة الشعبية ومستقبلها ، العلاقة السياسية بالمؤتمر الوطنى بعد الانفصال والمساهمة السياسية للحركة الشعبية فى حل أزمة دارفور وبناء التحول الديمقراطى فى سودان ما بعد الجنوب ؟؟. أسئلة ومحاور عديدة طرقناها مع سعادة الفريق مالك عقار فى هذاالحوار الذى يجئ فى مرحلة تاريخية وحرجة وقد أجاب سعادته عنها بكل بهدوء ووقار وصراحة . والى مضابط الحوار: أجرى الحوار بالدمازين: أحمد عبد المكرم سعادة الفريق مالك عقار والي النيل الأزرق ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال.. ماذا حدث ويحدث بالضبط في جنوب كردفان؟؟ الفريق مالك: الذي حدث في جنوب كردفان بدأ مع إشكالية الانتخابات التكميلية هناك والتي بدأت بمشكلة التعداد السكاني والسجل الانتخابي والانتخابات ذاتها ونتائجها.. وبصرف النظر عن أي اتهامات.. نقول بأن هذه النتائج كانت غير مقبولة للحركة الشعبية.. وقد قدمت الحركة طعوناً في هذا المجال لمفوضية الانتخابات القومية ومفوضية انتخابات جنوب كردفان لكن للأسف في النهاية لم تجد هذه الطعون أي أذن صاغية.. والحركة الشعبية قررت بذلك أنها لن تكون جزءاً من التشكيل الحكومي لجنوب كردفان من الناحية التنفيذية ومن الناحية التشريعية وصارت الأمور على هذا النحو، وهو جانب واحد أما الجانب الثاني فمرتبط بما حدث يوم 25 مايو الماضي، حيث جاء توجيه من السيد رئيس الجمهورية عبر المؤسسة العسكرية ويحمل إمضاء السيد رئيس هيئة أركان الجيش السوداني.. وهذا التوجيه يتعلق بإنهاء وجود القوات المشتركة في المنطقتين منطقة جنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق، وهذا الإنهاء بيشمل حسب منطوق الفقرة التي تضمنها هذا التوجيه انسحاب قوات الحركة الشعبية في المنطقتين إلى جنوب خط عرض 1/1/1956م. وهذا التوجيه المناط بتنفيذه القوات المسلحة في المنطقتين بالنسبة لولاية النيل الإزرق فإن القوات المسلحة لم تتحرك في إتجاه نزع السلاح وتنفيذ تحريك القوات ل(1/1/1956م) ربما لإشكاليات تتعلق بمسائل لوجستية أو لإشكاليات خاصة بهم. (طيب) هذا هو الوضع عندكم في ولاية النيل الأزرق فماذا حدث في جنوب كردفان؟؟ الفريق مالك: في جنوب كردفان بدأ الأمر بتعبئة عسكرية وتجهيز عسكري لنزع السلاح من قوات الجيش الشعبي الموجودة في المنطقة وهي القوات المشتركة وقوامها (3) آلاف جندي داخل مدن جنوب كردفان بالإضافة إلى قوات الحركة في منطقة (جاوة) والمفروض بحسب التوجيه أن تتحرك كلها إلى (1/1/1956م). وهذه العملية أزعجت الجيش الشعبي لأنها عملية إزاحة دون علاج الترتيبات الأمنية بالنسبة للمنطقتين، وهي ترتيبات كان المفترض أن تتم خلال أربع سنوات في عمر المرحلة الانتقالية وكذلك المشورة الشعبية والأخيرة مناط بها مراجعة الاتفاقية من حيث تنفيذها وتطبيقها واذا برزت فيها نواقص وقصور تساهم المشورة في تعديلها وتصحيحها بحيث يكون هناك حل نهائي للنزاع المسلح في منطقة جنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق. هل "المشورة الشعبية" قادرة على تحقيق حل نهائي للنزاع المسلح؟؟ الفريق مالك: طبعاً المناط بها ذلك، المناط بها والهدف منها هو معالجة النزاع المسلح وتسويته.. إن إطلعت على وثيقتها فهي تنص على الآتي "تسوية نهائية للنزاع المسلح والسياسي في المنطقتين" وهذا هو المفترض أن يحصل.. والمشورة لم تتم وبالتالي كل الترتيبات الأمنية والترتيبات الإدارية لم تتم أيضاً وبالرغم من ذلك فإن المشورة الشعبية في النيل الأزرق قطعت شوطاً كبيراً، وقد تم تنفيذ مراحل مهمة منها مثل مرحلة أخذ الرأي ومرحلة البيانات. وتبقت مرحلة أو مرحلتين للإنتهاء منها. وهذه الفترة التي أمامنا المتبقية إلى يوم 8 يوليو 2011م فترة قصيرة جداً لا تمكن من إكمال عمليات المشورة الشعبية والتي ينتهي أجلها رسمياً في هذا التاريخ الذي ذكرناه. هل أجل المشورة الشعبية حسب الاتفاقية ينتهي في هذا التاريخ؟ الفريق مالك: نعم قبل يوم من تاريخ 9 يوليو 2011م وهي كان يفترض أن تنتهي قبل سنتين من استفتاء جنوب السودان وذلك لتفادي كافة هذه المشاكل المرتبطة بجنوب السودان والمرتبطة بموضوع الجيش الشعبي والمرتبطة بهذه الإدارات حيث كان وقتها يسهل معالجتها. سعادة الفريق عفواً إسمح لي بمقاطعتك هنا، هل عدم تنفيذ الاتفاقية في مواعيدها المشروطة هو السبب في خلق هذه المشاكل "قضية المشورة وقضية جنود الجيش الشعبي" ومن ناحية أخرى هل ترى أن موقف الحركة برفض نتائج الانتخابات التكميلية في جنوب كردفان موقفاً صحيحاً. ومن الناحية السياسية سليماً؟؟ ثم ماذا بعد المقاطعة؟؟ الفريق مالك: نحن في الحركة الشعبية نشعر بأن هذا الموقف سليم من الناحية السياسية وذلك لأن الانتخابات في نظرنا هي انتخابات مزورة وليست هذه هي النتيجة الحقيقية للانتخابات، وأنا يخيل لي أن سؤالك اذا كنت قد طرحته بصورة أخرى مثل: هل ما حدث سيؤثر على المشورة الشعبية وتطبيقها؟؟.. وهنا أنا يمكن أن أجاوبك بأن المشورة وتطبيقها وعملية المشاركة في الحكومة ليست مسألة أساسية في ذلك لأن الشيء الأساسي هو مبدأ التفاوض في علاج هذه المشاكل وعلاج المشاكل المتبقية من اتفاقية السلام هي كثيرة وليست فقط عملية "المشورة الشعبية" لأن المناط بالأخيرة هو معالجة هذا القصور الموجودة والذي يمكن تعداد مظاهره لفترة طويلة دون أن نخلص "دا نفذناه ودا ما تم تنفيذه وذلك تم تنفيذه جزئياً وهكذا.. وهكذا".. فهذا تقرير كان يجب أن يذهب إلى المفوضية عبر اجراءات المشورة الشعبية للبت فيه.. أما قرار الحركة بالمقاطعة فأنا أرى بأنه قرار سليم. لأن هناك في "زول" يشعر بأن حقه الديمقراطي قد سلب بطريقة غير عادلة وبالتالي لم يلجأ إلى إثارة المشاكل وإنما قرر رداً على سلب هذا الحق ممارسة حقه في المقاطعة وعدم المشاركة في الحكومة لا من الناحية الدستورية ولا من الناحية التنفيذية، وإلى هذا الحد كانت العملية قد انتهت "والواحد يضع عليه Full stop كبير". طيب دعنا ننتقل إلى نقطة أخرى.. الإسبوع الماضي في تجمع الإدارات الأهلية (تجمع الككر) الذي انعقد هنا في الدمازين بقاعة مالك الثقافي تعهدت بعدم إنطلاق طلقة واحدة في النيل الأزرق طالما أنت على رأس الولاية، وأكدت خطأ قرار نزع أسلحة الجيش الشعبي وطالبت بحل سياسي لهذه القضية كيف ترى إمكانية تحقيق هذا الحل السياسي؟؟ الفريق مالك: نعم القرار في اعتقادي قرار خاطئ لأن الجيش الشعبي الذي تريد إنتزاع سلاحه هو (جيش) يعني قوة مسلحة.. وبالتالي ليس في الإمكان نزع سلاح (4) آلاف مقاتل بمثل هذه السهولة.. فالقرار الصائب في مثل هذا الوضع هو أن تكون هناك ترتيبات أمنية جديدة وترتيبات سياسية جديدة وبموجبها يمكن لهؤلاء الناس وضع السلاح.. وذلك ببساطة لأن عساكر الجيش الشعبي "ما ناس مشوا للجندية بغرض حل مشكلتهم الاقتصادية".. فهم أفراد دفعهم إلى حمل السلاح الأوضاع غير العادلة في مناطقهم وبالتالي تمردوا على تلك الأوضاع.. فهم (متمردون) واذا لم تتغير هذه الأوضاع فإن التمرد لن يزول ومن الناحية الأخرى فإن مثل هذا (المتمرد) عارف أنه يستطيع منازلة الحكومة أيّاً كانت قوتها وأيّاً كان نوعها. فإنسان كهذا "ما ممكن تقول ليهو أنزع سلاحك!".. لأنه منذ البداية لم يستأذن من (زول) عندما قرر حمل السلاح وبالتالي كان الأوفق مخاطبة إنسان كهذا بحل قضيته حتى لا يتسبب هذا السلاح في خلق مشاكل الآن هذا السلاح مُحيّد ولا يتسبب في أي مشكلة. وذلك منذ (2005م) والترتيبات الأمنية الموجودة والمضمنة في إتفاقية السلام وعملية القيادة والسيطرة وعملية وقف إطلاق النار الموجودة وكان المفروض استثمار مثل هذه الاجراءات بحيث يكون هناك نقاش حول كيفية معالجة الترتيبات الأمنية وكيفية معالجة القضية السياسية للمنطقتين فذلك كان أكثر سهولة من أنك تذهب إلى خيار الحرب.. والقرار الذي يقود إلى الحرب هو قرار خاطئ. "طيب" وماذا عن مقولة (إطلاق الطلقة الواحدة) وهل تتوقع انتقال عدوى جنوب كردفان إلى النيل الأزرق؟؟ الفريق مالك: الكلام طبعاً صحيح أنا قلت مع وجودي على رأس هذه الولاية لا يمكن أن تنضرب طلقة لكن العملية ليست هي أُحادية الطرف، فهناك جهة ثانية لديها أجندتها وهذه الجهة إن سعت إلى محاولة نزع السلاح بالطرق غير السليمة والطرق غير السياسية وعبر المفاوضات، فبالضرورة سيكون هناك صدام وبالتالي ليس هناك انتقال عدوى ولسنا نحن في عملية مرض. لأن المشكلة هنا هي (منو.. البعمل في شنو.. ومتين) ولو إفترضنا أن الجيش حاول أن يفرض سيطرته على الجيش الشعبي بنزع السلاح سيلقي مقاومة وهذه المقاومة هي (حرب) في النهاية. والقضية تبقى ليست مجرد عملية إنتقال عدوى والقتال في جنوب كردفان لو ما القوات المسلحة تحركت نحو نزع السلاح لما كان هناك صدام. والوضع في ولاية النيل الأزرق لم يقع فيه صدام لأن القوات المسلحة هنا لم تتحرك لنزع السلاح. بعد 9 يوليو سنشهد قيام دولة الجنوب ما هو الوضع بالنسبة لكم في الحركة الشعبية في الشمال وما هي الآليات المنتظرة لتأسيس الحزب؟؟ وهل سيكون على ذات العقيدة السياسية أم عقيدة جديدة؟؟ الفريق مالك: طبعاً ليس لدينا نقاش حول قضية كهذه (الحزب باقٍ أم غير باقٍ).. فالحركة الشعبية باقية ما بقي السودان، أما الجنوب فقد اصبح دولة قائمة بذاتها.. وبالتالي عضوية الحركة الشعبية الآن مكونه من القيادة وإلى القواعد من سودانيين شماليين. وفي شمال السودان أنا اليوم رئيس للحركة الشعبية وعبد العزيز آدم الحلو نائب لرئيس الحركة الشعبية وياسر سعيد عرمان السكرتير العام وقد بدأنا في تكوين مكاتبنا في الوقت الحالي وبدأنا بالفعل في عملية إعادة التنظيم ومعالجة النقص الناجم عن ذهاب عضوية جنوب السودان. بعد إسقاط أسمائها، واليوم الحركة الشعبية في الشمال هي حزب شمالي يمارس نشاطه وفقاً لعقيدته المعروفة "فكر السودان الجديد" وبالنسبة لنا أن هذا الفكر يتعلق بكيفية إدارة التعددية والإجابة على سؤال: كيف يدار السودان؟؟ وليس من يدير السودان؟؟. وهذا هوالمهم وقد نادينا بأهمية البحث عن كيفية حكم السودان ولابد من البحث عن آلية تقودنا أو توصلنا إلى دستور دائم ودستور جامع تشارك في إعداده كافة السحنات والفعاليات والقوى السياسية، وهذا الدستور قلنا لابد أن يكون فيه (المشورة الشعبية في المنطقتين) وتحل فيه قضية دارفور لأن قضية دارفور مهمة جداً ولابد أن تضمن في هذا الدستور، وكذلك لابد أن يكون فيه ترتيبات تشارك فيها الأحزاب من أجل تحقيق التحول الديمقراطي لكل السودان. ونحن في أمر هذا التحول الديمقراطي نقول: هناك حزب حاكم في الوقت الحالي ونحن لا مانع لدينا أن يقود هذا الحزب هذا التغيير أو عجلة قيادة هذا التغيير المنشود وآخر شيء تحدثنا فيه هو لابد من وجود علاقات ما بين حكومة الجنوب وحكومة الشمال علاقات وثيقة.