شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يجب على المستثمر الأجنبي معرفته عن الوضع القائم في السودان.. قبل فوات الأوان 1-3
نشر في الراكوبة يوم 29 - 05 - 2016

لدى الانجليز مقولة شائعة تعبًر عن التجربة "too good to be true" و تعني أنً كل ما يبدو جيد جداً هو في الواقع غير حقيقي...، مثلاً إن كنت مستثمراً أجنبيًاً و أتاك من يخبرك بانً حكومة السودان تشجع الاستثمار الأجنبي و تحفز المستثمرين و تفصًل القوانين على مقاسهم،و أنً قيمة فدًان الأرض في أخصب المناطق في السودان تبلغ في المتوسط 4 دولارات لمدًة 99 سنة،و كل مشاكلك محلولة، ستكون معفياً من الضرائب على الأرباح كليًاً أو جزئيًاً لمدًة خمسة أعوام أو حتًى عشر سنوات ،ويمكنك استيراد كل المعدات التي تحتاجها بدون جمارك أو ضرائب، و أنًه يمكنك تصدير ما نسبته 100% من منتجاتك إن أردت، و يمكنك تحويل جميع أرباحك إلى بلدك الأم إن رغبت،..، ليس هذا فحسب، بل أتتك هذه البشريات السًارًة جميعها من أعلى سلطة، الحكومة نفسها و يأتي إليك مندوبوها حتًى مكانك للتأكيد على بضاعتهم،..، بمجرًد سماعك لهذا الخبر الذي يسيل له اللعاب... إن كنت ساذجاً لن تتردًد في شراء اكبر عدد ممكن من فدًانات الأرض الزراعيًة في السودان، شأنك في هذا كشأن أحد أمناء وزارة الدفاع السودانيًة في هذا الزًمن العبُوس.. حيث ضحك عليه بعض الصبية من دولة إفريقيًة قبل عام و نصبوا عليه بعد أن عرضوا عليه خمسة مليار دولار كي يغسلها و في النهاية لم يجني سوى الحسرة و الندامة و معها فضيحة داوية له و لأركان نظامه بخلاف الخسارة الماليًة الكبيرة..، إن كنت بهذه السذاجه و لم تمتلك المال الكافي ستفعل مثله تماماً ، و ترهن أصولك و منقولاتك و تقترض بضمانها لتشتري المزيد من الأراضي الزراعيًة الخصبة الهاملة في دولة المشروع الحضاري..، لكن...بما أنًك مستثمر حقيقي لم يكتسب أمواله بطريقة سهلة أو مشبوهة و تحمَل الكثير في سبيل الحصول عليها بالطرق الشرعيًة و بمقدروك أن تميًز بين الحقيقي و الوهمي بكل سهولة...كما هو شأن معظم رجال الأعمال الحقيقيين....حتماً ستستحضر المقولة الانجليزيًة أعلاه على الفور حتًى و إن لم تسمع بها من قبل تجدها تعبًر عنك بحق..، أمًا عندما تكثر عليك الاغراءات و يتردًد عليك سماسرة الفساد تحت ستار الاستثمار في السودان بكثرة و يستخدمون أساليبهم الكجوريًة و السفليًة معك..ستبدأ في البحث عن إجابات للكثير من الأسئلة التي تدور بذهنك قبل المخاطرة بأموالك..، و طالما أنً السماسرة الذين يداوم مناديبهم عندك و على رأسهم السفراء كما هو حال عبد الحافظ إبراهيم..، و تأتي وفودهم باستمرار إليك فهؤلاء هدفهم نهبك طائعاً كما حدث مع الكثيرين غيرك و تملاً مآسيهم أرض الواقع و فضاء الأسافير مع صور الشيكات و أسماء المستفيدين..، صدِق حدسك و تأكًد أنًهم غير موثوقين للكثير من الأسباب التي قد تعلمها مثل تقاضيهم رشاوى و عمولات ضخمة تذهب لجيوبهم و جيوب رؤسائهم مباشرةً..أو تجهلها، لكنًك إن كانت غريزة فطنة المؤمن تعمل لديك ستعلم يقيناً أنً عرضهم جيد جداً ليكون حقيقي... Too good to be true، إبدأ البحث بنفسك و ابحث عن تجارب الآخرين ممًن سبقوك و لا تقف هنا، ابحث عن أدقً التفاصيل من مصادر محايدة و قارن بينها و بين ما سمعت، و ابدأ بجمع المعلومات التي تهمًك كمستثمر يخطط لأعماله وفقاً لمنهج علمي متعارف عليه.
كمستثمر حقيقي...عليك أن تعرف كل شئ عن السودان و كيف تسير الأمور فيه..حتًى مدلولات الأمثال الشًعبيًة السًودانيًة على شاكلة "الكضًاب أكل الطًمًاع".. "الطًمع فحل العيوب" و "الرخيص بي رخصتو يضوقك مغصتو" إلخ..، عليك أن تقيس عليها تجارباً مثل مشروع دريم لاند ومشروع قلب العالم و غيرها .. خذ العبر منها و استمع بعناية لقصصها و أعرف كيف أنً الحكومة باعت قطعة أرض بمساحة 77.74 كيلو متر مربًع بموجب شهادة بحث صادرة من مسجل أراضي السودان في العام 2004 مقابل ثلاثة ألف دولار لا غير للكيلو متر المرًبع، أي ثلاثة دولار للمتر المربع بهدف إقامة 25 ألف وحدة سكنيًة فاخرة عليها، .. المفاجأة أنً الحكومة لا تمتلك الأرض و بعد أن اشتكى المستثمر المغفًل للحكومة كان ردها إتصرفوا مع المواطنين، و لأنً الغباء متمكن جد من دريم لاند سمعت كلام الحكومة للمرة الثانية فأنطبقت عليها قصًة "الحمار و الأسد"لجأت للتعويضات و المحاكم و تمرمطت أكثر من سبع سنوات، و بعد أن بدأت في التطوير أتتها الحكومة نفسها التي استلمت منها مبلغ الثمن مقدًماً من باب آخر و منعتها البناء قبل دفع رسوم 10 مليار جنيه ثم ألزمتها بتكاليف توصيل الكهرباء 40 مليون دولار ، و تكاليف توصيل المياه 12 مليون دولار، و هذا ليس كل شئ فالباب مفتوح للمزيد...، في النهاية ما كان من دريم لاند إلاً أن تصفي نفسها و تخرج بأقل الخسائر و هى قيمة الأرض.. منهيةً بذلك قصًة حياة مأساويًة دامت ثماني سنوات من المعاناة..،كذلك قصًة ما يعرف بمشروع قلب العالم لبناء أكبر برج في العالم و أكبر مدينة سياحيًة في العالم بأكبر رأسمال في العالم يبلغ 12 مليار دولار في جزيرة مقرسم الذي واجه نفس المصير و أصبح أكبر مشروع وهمي في العالم وضع أساسه عمر البشير في العام 2011.. ستجد التفاصيل عنها و عن آلاف التجارب الخائبة غيرها إن بحثت..، فرق كبير بين القاعدة العامًة و الاستثناءات..ما نخبرك به هنا يمثًل القاعدة العامًة ....
واحدة من الأمور التي تهمك كمستثمر قراءة و تحليل الجوانب التي تعنيك و التي لا تعنيك في البلد الذي تنوي الاستثمار فيه، أول سؤال ستطرحه على نفسك : أين المستثمرين و الرأسماليين المحليين من الاستثمار لتحقيق الربح الذي تبحث عنه أنت في بلدهم ؟ و ما هى استثماراتهم؟ ستأتيك الاجابة على الفور..جميع المستثمرين السودانيين سواء كانوا رجال أعمال حقيقيين أو لصوص طفيليين أو غاسلي أموال قد هربوا إلى دول مجاورة مثل اثيوبيا و بعيدة مثل دبي و ماليزيا، عندها فوراً ستتساءل عن السبب و ستجد إجابتين إحداهما أنً الجزء الأكبر من الأموال الهاربة مملوكة لأهل النظام ، من أين أتت؟...منهوبة من المستثمرين الذين تمً خداعهم مثل دريم و قلب العالم ، أو من غرر بهم مثل المرحوم أسامة بن لادن، أو غاسلي الأموال الذين تمً تجريدهم من أموالهم القذرة مثل جمعة الجمعة و صقر قريش من قبله..أو سرقات من عرق الشعب السوداني، أمًا الجزء الأقل فهو يعود لمستثمرين حقييين ثبت لهم بالتجربة أنً الاستثمار في السودان غير مجدٍ حتًى للسودانيين الذين هم أدرى ببلدهم....و تتعدًد الأسباب..و ستقف عليها إن بحثت قليلاً..خلال بحثك لا تنسى معرفة ترتيب الدولة التي ستستثمر فيها أموالك و موقعها في قائمة الدول الجاذبة للاستثمارات ، و حجم الاستثمارات الأجنبيًة فيها و هل هو متناقص أم متزايد...، فعندما يأتي مستثمر مثلاً و يجد أن ترتيب السودان يقبع في الرقم 159 من أصل 189 دولة من حيث صلاحيًتها للاستثمار، و يتدهور الترتيب كل عام.. أو أنًه يأتي ترتيبه الثاني مشترك من حيث الفساد في العالم، أو رقم 174 من أصل 176 من حيث الشفافيًة والنًزاهة، أو رقم 140 من أصل 140 دولة من حيث الابتكار و لأربعة سنوات على التوالي لم يبارح مركزه (الطيش)...، أو يدرك بأنً آخر موازنة للحكومة السودانيًة تأتي أكثر من 71% من إيراداتها من الضرائب المفروضة على شعب لا يملك قوت يومه..(48.1 مليار جنيه في آخر موازنة) و أنً جميع الايرادات غير الضريبيًة بما فيها المنح تساوي 16.9 مليار شاملة صادرات الذهب التي يتبجحون بها، و عائدات صادر كل شئ أو منحة تأتيهم أي لا تتجاوز جميعها 1.5 مليار دولار.. ، ستعلم حينها أنً حكومة بهكذا مواصفات لا يعنيها الانتاج في شئ و لا تهتم للاستثمار إلاً بهدف التكسب منه لصالح اللصوص المرابون و مدرائهم من سماسرة المحرًمات، و إن نظرت حولك قليلاً ستجد أنً السلع الزراعيًة في السودان تباع بأضعاف قيمتها في دولتك التي هى في الأصل تستوردها من الخارج و مع ذلك لن تغطي تكاليف انتاجها..، و السبب الرئيسي يرجع لارتفاع تكلفة الانتاج و القيمة المضافة من ضرائب و زكاة غير شرعيًة و جبايات لا حصر لها ستطالك أنت بمجرًد أن تطأ أرض الموعد التي يخبرك عنها الكاذبون اللصوص...، ثم ستقرأ في مكانٍ ما أنً قانون الاستثمار مجرد خرقة بالية من كثرة التعديلات التي أجريت عليه و يتم تعديل النسخة الواحدة منه في السنة الواحدة أكثر من مرًة، و أنً جميع المسؤولين من رئيس نظامهم و حتًى أصغر ربًاطي لديهم لا حديث لهم سوى الترويج للاستثمار و أنًه توجد جيوش من اللجان التي تسوق للاستثمار و أنً الصرف السنوي عليها أكثر ممًا تصرفه الحكومة على قطاع تنمية الزراعة التي تريدك أن تستثمر فيها ...، لكن سنفترض هنا أنًك تنظر للأمور من زوايا أخرى قد نجهلها محصلتها أنًك لازلت تفكر في الموضوع و إغراءاته ..، إن بحثت في الانترنت و أطلعت على بعض الوثائق المسرًبة من بعض الدول الخليجيًة ستكتشف أنً دولتك تعلم كل شارة وواردة و لا تنصحك بالمخاطرة بأموالك لأنًها تحت يدها الكثير من التجارب الخائبة لمستثمرين وقعوا ضحيًة النًصب الممنهج الذي تمارسه العصابة الحاكمة في السودان...وقتها حتماً ستتراجع على الفور و تعرف منذ الوهلة الأولى أنً الأمر لا يعدو كونه نصباً و احتيالاً..، لكن سنفترض هنا أنًك ساذج كفاية و نقوم بعناء البحث عنك ، و نقدم لك نصيحة مجًانيًة..و لا نريد منك جزاءاً و لا شكوراً..
أوًل ما ينظر إليه المستثمر هو معدلات التضخم و سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الرئيسية، فمثلاً عندما يلاحظ المستثمر وجود سعرين للصرف بينهما هوًة سحيقة و يرى مثلاً السعر الرسمي 6,200 جنيه للدولارو في السوق الأسود ...كان السعر حتًى بداية العام 2014 (8,800 جنيه) و قفز بنسبة 42% بنهاية العام 2014م، ثمً خلال شهور معدودة تقفر النسبة إلى 85% في نهاية العام 2015 ليصل الدولار إلى 011,45 جنيه للدولار، و كاد أن يصل نسبة 100% في أقل من عامين (سعر السوق الأسود حالياً قارب 15 ألف جنيه (طبعاً قديم) بينما السعر الرسمي حتًى الحكومة لا تستخدمه لكنًها تتعامل على أساسه معك أنت حتًى تكون قسمتك ضيزى تحسباً لخروجك المبكر لأنًك ستجد نفسك مضطراً لقبول شراكة أحد اللصوص حتًى يسهل لك أمورك...، ليس هذا فحسب، أخبرتك الحكومة أنك معفي من الضرائب، لكنًها لم تخبرك بأنًك لا زلت غير معفي من الجبايات الأخرى التي يسمونها زكاة، و زكاتهم لا علاقة لها بالزكاة الشرعية، و لن تغنيك عن الوفاء بها أمام ربًك...، هى مجرًد سلب و نهب، بمجرًد أن تنتج محصولك أياً كان سيعترضك موظفو الجباية و تجد نفسك مضطراً أن تدفع للحكومة بالدولار و يحسب عليك الدولار بالسعر الرسمي إن تساهلوا معك و قبلوا الدفع بالعملة السودانيًة، عندها ستكون دفعت ضعف ما عليك دفعه ، أي أنًك ستدفع 20% من قيمة كل جوال قمح أو بطاطس أو كرتونة طماطم تنتجها ..و إليك المزيد ، يوم حصاد محصولك هو تاريخ الاستحقاق، و في هذا اليوم سيكون سعر محصولك بعيداً عن تغطية نصف تكلفته لأنً القوة الشرائية للمستهلك المحلي واهنة ما فيه الكفاية أمام المعروض في السوق...و لا توجد مواعين تخزين أو تصدير للخارج، أمًا إن فكًرت في تصدير محصولك لبلدك فهذه مسألة أخرى و ستتفاجأ بأنًه من الأفضل لك عشرات المرًات أن تجلس في بلدك و تستورد من دولة أخرى و يصلك ما تنوي زراعته في السودان CIF و بسعر أقل بكثير لأنً تكلفة الانتاج في السودان هى من ضمن الأعلى عالميًاً بسبب إرتفاع أسعار مدخلات الانتاج و القيمة المضافة عليها من ضرائب و جمارك وتمويل حروبات و جبايات أخرى بالاضافة إلى أنًها يجب أن تأتي من الخارج بالعملة الصعبة التي لا مصدر لها غيرك أنت.
ستدور في رأسك الكثير من الأسئلة، رغم أنًك تقرأ و تسمع منذ فترة طويلة عن وعود الحكومة و تعهد رئيسها ووزرائها بتقليص الفجوة بين سعري الصرف و استقرار العملة الوطنيًة ، لكن في كل مرًة ترى بعينيك أنًه يحدث العكس بأن تزيد الهوًة اتساعاً ، و هنا إن كنت فطناً ستتساءل عن السبب فيجيبك أبسط النًاس إجابةً صحيحة و يقول لك لا يوجد اقتصاد حقيقي يقوم على الانتاج لاستعادة التوازن في الإقتصاد الكلي المتدحرج نحو قاع الهاوية، ولا يوجد للدولة موارد تصدرها للخارج لتحصل على العملات الصعبة و أنً مجمل الصادرات لا تتجاوز الملياران في العام و تتخطًى الواردات الثمانية مليارات دولار بخلاف ميزانيًة الحرب التي لا يعرف عنها شيئاً..، و أنً خزينة الدولة مدينة بمبالغ ضخمة لدول مودعة و عليها ديون خارجيًة قاربت الخمسين مليار دولار تتزايد سنويًاً و أنً خدمة ديونها الخارجيًة متوقفة كليًاً.و بعبارة أخرى تبحث عن مغفًلين ليدفعوا لها أي شئ حتًى تمول به حروب الإبادة ضد شعبها ...و هى على استعداد أن تبيع لهم الأرض و سكًانها مقابل لا شئ...
كذلك ستنظر إن كنت مستثمر حقيقي في مصير من تمً خداعهم من المستثمرين من قبلك، إن تمعًنت ستجد غالبيًتهم نفدوا بجلدهم بعد أن تكالبت عليهم المسوخ التي يخيًل لهم أنًها بشر و ما هم ببشر... و منهم من انتهى به الحال في السجون معسراً و منهم من يحاول الانسحاب ولا يجد سبيلاً، و منهم نسبة قليلة جدًاً من الذين صلحت أمورهم بسبب أنًهم في الأصل ليسوا بمستثمرين و إنًما عصابات مافيا ، أو مستثمرين تورُطوا و اضطروا لدفع الكثير من المبالغ الباهظة للمسؤولين أو وجدوا أنفسهم مضطرين لإقامة شراكات مع أفراد النظام الفاسد و عصاباته حتًى تسير استثماراتهم و رغم ذلك لو رجع بهم الزمن للوراء سيتراجعون عن قرارهم الخاطئ ...
تهتم الكثير من الدول العربيًة اليوم بأمنها الغذائي و نظراً لقلًة مواردها سعت جاهدة لإعداد خطط خاصًة بها فكان أكلة السحت كعادتهم كما الذباب حول الموائد المكشوفة..حضوراً دون دعوة، لا يردعهم شئ و لا يردًهم وازع..، رغم أنً كل محاولاتهم البائسة كثيراً ما تكسًرت على جدار ناري محكم صاغته تلك الدول بأن شخًصت جيداً المعوقات المحتملة لاستثمارات مواطنيها و مؤسساتهم في المجال الزراعي خارج حدودها ،استفادت من تجاربها و تجارب غيرها.. و شدًدت على رعاياها من مغبًة الاستعجال و اتخاذ خطوات عمليُة قبل معرفة البلد المستضيف بشكل جيد..و كأنًها تشير إلى سودان المشروع الحضاري ضمناً رغم أنً بعضها أشار إليه صراحةً كما أفادت وثائق ويكليكس المسرًبة من وزارات خارجيًتها على مدى فترات زمنيًة مختلفة..، كانت دراساتها محكمة فراعت عوامل مهمًة كأن تكون الاستثمارات طويلة المدى، تراعي حرية اختيار المحاصيل المزروعة، وتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية تضمن تحقيق أهداف استثماراتها و حظوتها بدعمها الكامل وتمويلها و تشجيعها ، مع مراعاة توفر البنية التحتيًة المطلوبة من مصادر ري و كهرباء وسهولة وانخفاض تكاليف النقل ، والأهم من ذلك أن يتم التخطيط لها وفقاً لأعلى المبادئ والمعايير الاستثمارية ، و توجيه رعاياها للاستثمار في دول جاذبة ذات موارد خالية من المشاكل، وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة، فأثبت الواقع أنً استثماراتها ذهبت بعيداً عن السودان و أتجهت صوب دول مجاورة مثل كينيا و اثيوبيا و أخرى بعيدة مثل دول أمريكا اللاتينيًة...، حتًى أنً واحدة من أكبر الشركات في الشرق الأوسط قالتها بصريح العبارة أنً الحكومة السودانيًة تجاهلت استثماراتهم و لم تحل مشكلاتهم بالتالي وجدوا ما يبحثون عنه في الاستثمار في الأرجنتين و كينيا و جنوب افريقيا و الهند و باكستان و كازاخستان و استراليا و كندا و عشرون دولةً أخرى بعيداً عن السودان و مشاكله التي تبدأ بفساد المسؤولين و معضلتهم الأخلاقيًة و غبائهم المستفحل و الحروبات و المشاكل القانونيًة والتعقيدات البيروقراطيًة و الغياب الكامل للبنية التحتيًة و معدلات التضخم المهولة و تدهور العملة الوطنيًة الخرافي... و لا تنتهي عند نقطة محدًدة.
يهمًك أيها المستثمر الأجنبي الذي تتناوشه ضباع النظام السوداني فاقد الشرعيًة أن تعرف القاعدة العامًة التي يعمل بها المستثمرون الذين لا ينظرون للمسألة من جانب أخلاقي و إنًما جانبها النفعي ، التحقق من صلاحيًة الفرص الاستثماريًة المتاحة و دراستها جيداً و مقارنتها بالفرص البديلة و لا يتخذون قرارات عشوائيًة يندمون عليها لاحقاً... لك أن تعلم بأنهً حتًى المستثمر الجشع الذي لا يمانع بناء امبراطوريًته على ظلم أهل الأرض هو الآخر يهتم بالكثير من الأشياء قبل اتخاذ قراره..، تحقيق الربح يظل الهدف الرئيسي من الاستثمار سواء استثماراً شريفاً أو غير أخلاقي... ، عليك أن تعي جيداً أنً علم الاقتصاد يستخدم معايير مختلفة لقياس ربحية المشروعات ، و بما أنًك مستثمر .. المستثمرون يستعينون بأهل الخبرة في إعداد دراسات ما قبل الجدوى لاختيار المشروع الأنسب لهم من ضمن خيارات متعددة تمثل جميعها فرصاً لاستثماراتهم، ثمً يختارون أفضلها و يخضعونها للمزيد من الدراسات تمثل دراسة الجدوى الاقتصاديًة و الفنيًة للمشروع الذي تم اختياره..و لا سبيل آخر أمامك سوى دراسات الجدوى المبنيًة على بيانات دقيقة تتسم بصفة القطعيًة و مأخوذه من مصادر موثوقة....، لنرى ماذا تقول معايير تحقيق الربحيًة عن الاستثمار في سودان المشروع الحضاري، ثمً ننتقل للحديث عن من مناخ الاستثمار و بيئاته الحاليًة في السودان ، و على وجه التحديد العوامل السياسية والأمنية ، البيئة الإدارية ، البنيات التحتية، الأوضاع القانونية والتشريعية، الأوضاع الاقتصادية والمالية ،بيئة الإعمال وقضايا الإنتاجية والتنافسية...في المقال القادم بمشيئة الله.
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.