عبقريته في التصور والكتابة خلقت منه كاتبا شفيفا ينثر المفردات بكل دفء وحميمية تخرج من كلية القانون جامعة الخرطوم ، و نال إجازة المحاماة وعمل محامياً ومستشاراً قانونياً بكل من بورتسودان، والخرطوم، ودُبي دولة الإمارات العربية المتحدة و نال دورات تدريبية في مختلف المجلات القانونية شملت التحكيم التجاري، التحكيم الدولي، التحكيم الهندسي، عقود الفيدك، الشركات العائلية، العقود الإدارية، عقود التجارة الدولية، المقاولات، التأمين، العلاقات الإيجارية من إصداراته الادبية ذكريات مدام س وأحداث منتصف النهار وزهور البلاستيك وعبقرية سعيد ومقالات في الاقتصاد والقانون والمدخل لدراسة قانون الشركات والشراكة في القانون السوداني والانجليزي والهندي والرهن في الشريعة والقانون الا وهو الكاتب المعروف اسامة رقيعة يجب الا يكون الاديب مصلحا اجتماعيا ولكن عليه ان لا يهدد الذوق العام !! اولا حدثنا عن أسامة رقيعة ؟ أنا ابن أم علمتني صفاء القلب ومحبة الناس ، وابن رجل كافح طويلا من اجل اللقمة الحلال ، كان يعود الى البيت كي يرقد الى جوارنا مرهقا من العمل ، مرهقا ولكنه مثل النيل يجري في صمت شامخ كي يمنحنا الحياة . في روايتك الوتر الضائع طرحت افكار الحرية والكونية المتطابقة ما السر في ذلك؟ المشاهدات الاولية لحركة الكون تثبت لنا ان الحرية هي الاصل ثم بالتمعن قليلا ندرك ان الاطار الخارجي لهذه الحرية منظومة قوانين شديدة الدقة هدفها تقدم الكون ، وكذلك الحال عند الانسان ، والوتر الضائع يبحث عن ما هو مفقود في هذه القوانين التى تكفل حرية الانسان وتكفل له حياة حقيقية . اسامة رقيعة اول من كتب في قانون الشركات السودانية ؟ جامعة الخرطوم علمتنا قيمة العطاء العلمي ، فإليها يعود الجمال كله في محاولاتي للمساهمة في هذا الفرع الدقيق من العلوم القانونية ، كما وللبروفسور عبد الله ادريس لمسة جميلة في التشجيع باسلوبه الشيق في نقل المعرفة الينا آنذاك وفي كلماته المسؤولة التى قالها لي عندما اطلع على نسخة كتاب المدخل لدراسة قانون الشركات ، ومن قبله الشراكة في القانون السوداني والانجليزي والهندي ، ومازلت اذكر كلمات المرحوم رئيس القضاء الاسبق حافظ الشيخ الزاكي وهو يقدم للكتاب بقوله ( لقد سعدت بتصفح كتاب الشّراكة، الذي قام بإعداده ابننا الأستاذ أسامة رقيعة، ويعدّ باكورة الإنتاج في مجاله، وهو جهد مقدر ، نرجو أن ينال به فضل السبق، ونسأل الله أن يتقبل عمله، وينفع به الدارسين والعاملين في الحقل القانوني) وكذلك كلمة الدكتور الطيب مركز رئيس شعبة القانون التجاري بجامعة الخرطوم آنذاك وهو يطالع الكتاب (هذا الكتاب إضافة ثرة في مجال القانون التجاري ، الكتاب يستعرض في أسلوب موجز غير مخل مختلف الجوانب القانونية المتعلقة بقانون الشراكات ) ومن كلماتهم أدركت ان محاولاتي تعد الاولى في مجالها وحقيقة ليس هذا المهم عندي المهم ان تعم فائدتها فعلا . لديك اكثر من (35) مقال في مختلف المجالات الفكرية والاقتصادية والقانونية القي لنا الضوء عليها قليلا؟. كتبت في الصحافة الخليجية وقدمت مقترحا لقانون الجرائم الالكترونية ، وكتبت في مشاكل التمويل الاسلامي ، والصكوك والسندات ، والتجارة الالكترونية ، وغسيل الاموال ، ومكافحة الاغراق ، ومشاكل الشركات العائلية ومعوقات نموها ، والتوقيع الالكتروني ، ومعايير جديدة للربح والخسارة في ظل العولمة ، واقتصاد المعرفة وغير ذلك الكثير واتمنى ان تتحول رؤس الاموال في السودان الى قوة لاستنهاض الهمم ، فالثراء لا يحسب بعدد ما يضاف الى رصيد حسابك النقدي وانما بعدد ما أنت مضيفه من قيم حقيقية للمجتمع ، نحن لن نصبح اثرياء بالمال بل بمقدار مشاركتنا لخلق واقع قيمي أفضل التكالب على المصالح يفسد كل شيء, والناس يقتلها الفقر والجوع والمرض والكذب والخيانة, جئنا لهذه الأرض من أصل واحد ولكن لا ثقة .. ما سر وجودنا الإنساني... ماذا انت قائل؟ كنت ذات مرة مسافرا الى تورونتو الكندية وقد استغرقت الرحلة حوالى اربع عشرة ساعة دون انقطاع وكنت الاحظ اللطف الذي اكتست به علاقتنا نحن الركاب في الطائرة ، الكل يستأذنك بلطف ويتحدث اليك بهمس رغم اختلاف وتعدد جنسياتنا وحتى ونحن على سير التقاط الامتعة كنا نساعد بعضنا دون ان نشعر ، فسألت نفسي كيف يكون الحال لو كنا ونحن في الارض ، وفي المكتب ، وفي السيارة ،وفي الشارع بنفس درجة الانسجام الانساني واللطف، فما الفرق فالطائرة تسير في الجو لمنتهاها ، والارض ايضا تسير في الجو لمنتهاها ، انا لا اؤمن بالافلاطونية ولا ادعو لها ولكن لقد جئنا لهذه الارض لغاية ثم تجاهلناها كثيرا ،فعلت صوت الاختلافات والصراعات والحروب وتفشى المرض والفقر . هل اثرت الغربة على كتاباتك ؟ الغربة اشعلت في حروفي كل الحنين ، وجعلت مساحات الولف تمتد لتغطي كل مسامات الزمن عندي ، فكثيرا ما اكتب بقلم مشتاق لبعيد ، او بمداد الحنين لذكريات يحتضنها تراب الوطن . اسامة رقيعة متأثر بكتابات .د.مصطفى محمود والطيب صالح ما صحة ذلك؟ ان كنت تقصد بالتأثر الاعجاب فذا صحيح ، بل صحيح جدا ، حدثنا عن اصداراتك واي منهم الاقرب الى نفسك؟ كتبت في مجال الرواية زهور البلاستيك ، أحداث منتصف النهار ، خواطر وترحال ، ذكريات مدام س ، الوتر الضائع ، واخير اللحن المفقود ، وقد وقعتها في اكثر من معرض عربي للكتاب في الاردن ، وعمان ، والمغرب ، وابوظبي ، والشارقة ، وقريبا في بورتسودان ويتبعها (ان شاء الله) مدن عربية اخرى ،والاقرب الى نفسي في كل هذه الاصدارات هو ما رغبت في قوله بحروف تخطو في عتباتها الاولى نحو سلم الابداع البعيد . في رأيك ما الذي يهدد القصة اليوم؟ وما الذي يزعجك؟ كل شئ مهدد في عصرنا ليست القصة هي وحدها من تتلقفها سهام التهديد ، لكني سوف اترك الحديث عن النشر ، والتوزيع ، والتسويق ، ورعاية المبدعين فهذا لا يقلقني كشأن المضمون والفكرة وحتى التقنية والتكنيك القصصى والروائي لا يزعجني (اقول هذا سرا دون ان يسمعه النقاد ) فالذي يزعجني هو الخطاب القصصي حينما اجد كاتبة تتحدث بفظاظه عن حالات الاشتهاء او كاتب تتعجرف حروفه كي تحكي عن لقاء احمر مزق فيه الجسد ، أو عن احداث يبرر من خلالها الكذب والخيانة والفضحية هذا يهدد القصة كدوحة ادبية يستطعم فيها القارئ نكهة الابداع الانساني ، انا لا اقول ان يكون الاديب مصلح اجتماعي ولكن عليه ان لا يهدد الذوق العام ، ان الله خالقنا عندما خاطبنا تلمس الذوق فيقول واصفا العلاقة الحسية بين الرجل والمرأة ( فلما تغشاها حملت حملا خفيفا ) انظر الى الجمال ، ويقول مرة ثانية ( او لامستم النساء ) انا لا اقول كل الناس يكونوا قرآنيين ولكن الحد الادني من احترام الذائقة العامة للمكون الانساني . حدثنا عن القصة الشهيرة (ذكريات مدام س)؟ ذكريات مدام س هي باكورة الانتاج الروائي لدي وهي رواية مصغرة مكتوبة في قالب ذكريات أرويها بلسان بطلة القصة عن حياتها وهي طفلة ، وهي حبيبة ، وهي شابة ،وهي زوجة وأصور فيها جوانب الحب الذي كان يسود اسرتها كما أصور حياتهم في المدينة ، والقرية ، والمدارس ، وفي الجامعات والعلاقات بين الزملاء في مختلف مراحل الدراسة ، والبطلة كما صورتها هي إنسانة تتمتع بعقل كبير وأفق ذكي ومشاعر طيبة وهي تحمل في قلبها الكثير من الحب للناس والحياة ولما تزوجت كان لزوجها النصيب الأوفي من ذلك الحب ومما يدل على مشاعرها الطيبة نحو الناس ان صديقة لها أخطأت يوما في المدرسة وكادت أن تضرب فما كان من بطلة الرواية الا ان طلبت من المدرسة أن تضربها هي بدلا عن صديقتها وذهلت المعلمة من ذلك الطلب ولكنها أعفت الطالبة المخطئة من العقاب ، كما انني صورت البطلة وهي مغرمة بالتأمل والتفكير في الناس والحياة ولها آراء وتعليقات تدعونا للوقوف عندها والتفكير فيها وفي ثنايا الكتاب دعوة للحب والتآلف والتعاون والعمل لخير الناس والتجاوز عن أخطائهم وهذا ما اتمناه