الخرطوم روما : التزمت الحكومة السودانية الصمت التام حيال ما أشيع عن اعتقالها للرجل الخطأ بعدما أعلنت، أول من أمس الأربعاء، تسليمها السسلطات الإيطالية رئيس أكبر عصابات الإتجار بالمهاجرين لأوروبا، في عملية شاركت فيها بريطانية وإيطاليا. لكن صحيفة «الغارديان» البريطانية نشرت أن الرجل الذي تم القبض عليه هو مدهني تيسفا مريم كيدين، وليس ميريد مهديغو مدهاني المطلوب الحقيقي. وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صور للشخصين (مدهني ومدهاني) مع تعليقات متباينة يدور حولها الزعم بوجود صفقة بين الاتحاد الأوروبي وحكومة السودان لتضييق الخناق على المهاجرين لأوروبا، وهو مانفته حكومة السودان من قبل. وأشارت بعض التقارير إلى شروع الشرطتين الإيطالية والبريطانية في التحقق من هذا الأمر، بينما لم تصدر أي تصريحات من السلطات السودانية حول الموضوع. ووفقا لبيان مشترك من السفارتين البريطانية والايطالية بالخرطوم ووزارة الداخلية السودانية، فإن عملية القبض على المتهم «تمت بفضل التعاون الدولي المكثف بين الشرطة السودانية ووكالة المملكة المتحدة الوطنية للجريمة، والعمل جنبا إلى جنب مع نيابة باليرمو (التابعة للشرطة الإيطالية) ووزارات العدل والداخلية السودانية والإيطالية. وطبقا للبيان فإن السلطات الإيطالية في بالريمو قامت بعمليتين هما «جلاوكو وجولاوكو 2» لجمع المعلومات وتوصلت إلى أدلة قوية تؤكد الدور المحوري الذي لعبه مدهاني في عمليات الإتجار بالبشر. وقال البيان إن التحقيقات الإيطالية أشارت إلى تورط مدهاني المتكرر في ترتيب الرحلات عبر البحر المتوسط إلى شواطيء صقلية. وقد اظهرت الأدلة حسب البيان أنه ينسق بصورة مباشرة مع تجار البشر الآخرين المسؤولين عن الطرق البرية في أفريقيا، كما ينسق مع شركاء يعملون في أوروبا، ومعظمهم من هولندا والدول الإسكندنافية. وفي روما ذكر ممثلو الإدعاء الايطالي، أمس الخميس، أنهم يتحققون من تقارير وسائل الإعلام البريطانية التي تفيد بأنهم أمسكوا بالرجل الخطأ في عملية كبيرة أدت إلى اعتقال وترحيل شخص جرى تقديمه على أنه مهرب المهاجرين المطلوب. وأعلنت وكالتا مكافحة الجريمة الايطالية والبريطانية أمس الأربعاء اعتقال ميريد مهديغو الذي تم إلقاء القبض عليه في السودان وجرى نقله جوا إلى ايطاليا ليواجه المحاكمة. لكن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وصحيفة الغارديان ذكرتا أنه ربما يكون هناك خطأ في تحديد هوية الرجل. وقال فرانشيسكو لو فوي النائب العام في باليرمو: «نحن نجري الفحوصات اللازمة»، بحسب وكالة أنباء «انسا» الايطالية. وأضاف: «ما يمكننا قوله في هذه اللحظة هو أننا حصلنا على معلومات بشأن هوية الهارب واعتقاله وتسليمه وترحيله إلى ايطاليا من قبل وكالة الجريمة الوطنية (البريطانية) والسلطات السودانية «.وقالت وكالة إنسا إن المشتبه به محتجز في سجن ريبيبيا في روما وسيتم استجوابه للمرة الأولى اليوم الجمعة. وقال متحدث باسم وكالة الجريمة الوطنية في لندن إن من السابق لأوانه للغاية التعليق على تقارير وسائل الإعلام وحول مزيد من الأسئلة إلى السلطات الايطالية. وأضاف أن وكالة الجريمة ساهمت في الاعتقال عن طريق «تقاسم المعلومات «. وكان يعتقد أن المشتبه فيه يبلغ 35 عاما ومن اريتريا. ووصفته السلطات الايطالية والبريطانية بأنه مجرم همجي مشهور بلقب «العقيد»، وهو اسم اطلقه على نفسه واستوحاه من الرئيس الليبي معمر القذافي. وقالت وكالة الجريمة الوطنية في بيان لها إنه «أحد أكثر مهربي البشر المطلوبين عالميا»، بينما قال مفوض الشرطة الايطالي ريناتو كورتيس في مؤتمر صحافي، أول من أمس الأربعاء، إنه «ترأس شبكة إجرامية تقدر أعمالها بملايين اليوروهات». وفي الخرطوم يقول المحلل السياسي، عبد الله رزق عن القبض على ميريد مهديغو مدهاني: «من المفترض أن تكون السلطات السودانية تحققت من شخصيته، بعد التحقيق معه حول التهم المنسوب اليه، أو الجرائم التى يمكن ان يكون قد ارتكبها في السودان. ويضيف: «من الطبيعي ان تقوم السلطات المختصة بفتح بلاغات في مواجهته، لتتم محاكمته في السودان، أولا، وليس في ايطاليا. وليس واضحا طبيعة الاتفاق الذي تم بموجبه ترحيله لايطاليا، وهذا الأمر يحتاج لبيان واضح من وزير العدل السوداني. ففي وقت سابق ألقي القبض في الخرطوم على صادق أوقووشيى، وهو نيجيرى متهم بتفجيرات في ابوجا وتم ترحيله بعد تردد، لكن المحكمة شطبت الدعوى في مواجهته لضعف البينات، وضعف التحري تحديدا». وفي غضون ذلك تمضي السلطات السودانية في جهودها للحد من جريمة الاتجار بالبشر. فقد بحث مساعد رئيس الجمهورية، موسى محمد احمد، ووزير الداخلية، الفريق اول عصمت عبد الرحمن، ترتيبات قيام مؤتمر الاتجار بالبشر الذي سيعقد بالخرطوم خلال الاسابيع القادمة بمشاركة الجهات ذات الصلة وولاة الولايات المعنية. واوضح وزير الداخلية في تصريحات صحافية أن المؤتمر يهدف لوضع سياسات واضحة لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر. وأوضح أنه أبلغ مساعد رئيس الجمهورية على نتائج ورشة الاتجار بالبشر التي عقدت في الخرطوم في آيار / مايو الماضي بمشاركة بعض الدول الأوروبية. وأكد مساعد رئيس الجمهورية ضرورة انعقاد اللجنة الفنية لمراجعة اوراق العمل لرفعها للجنة العليا توطئة لتحديد موعد انعقاد المؤتمر الذي سيأخذ طابعا وطنيا، في ما يتعلق بالسياسات والتشريعات الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر. وعلى صعيد متصل أصدر حيدر أحمد دفع الله، رئيس القضاء في السودان قرارا بتشكيل محاكم خاصة بجرائم التهريب والاتجار بالبشر والاسلحة والمخدرات وذلك بجميع ولايات السودان. «القدس العربي»