قبل أربعة عقود حسم أنتونين بانينكا لقب بطولة أوروبا لكرة القدم لبلاده تشيكوسلوفاكيا بعد الفوز لأول مرة في تاريخ المسابقة بركلات الترجيح 5-3 على ألمانيا عقب تعادلهما في النهائي 2-2. وسجل بانينكا ركلة ترجيح ساقطة من فوق الحارس بطريقته الشهيرة التي سجلت باسمه فيما بعد ومنذ ذلك الحين حسمت 14 مباراة في بطولات أوروبا بركلات الترجيح من بينها اثنتان في كل بطولة من النسخ الثلاث الأخيرة. وخلال البطولة الموسعة الحالية التي تشهد 15 مباراة في أدوار خروج المهزوم مقارنة بسبع منذ 1996 بات في حكم المؤكد أن فرحة وتعاسة أي شعب ومسيرة اللاعبين ستتحدد بواسطة عشر تسديدات من على مسافة 12 "ياردة" من المرمى. ومثلها مثل الكثير من الألعاب الأخرى ينجح بعض اللاعبين والجنسيات في التألق تحت الاختبارات العصبية والفنية والضغوط بينما يفشل البعض الاخر. وبعد فوزها في 1976 مرت تشيكوسلوفاكيا وبعدها جمهورية التشيك بتجربة ركلات الترجيح مرتين وفازت فيهما وحتى الآن لم تخفق في محاولة واحدة. وتعلم الألمان بالتأكيد من هذه التجربة سريعا وأصبحوا أساتذة فيها وحسموا أربعا من أصل أربع مواجهات في كأس العالم كما فازوا في واحدة في بطولة أوروبا على إنجلترا في قبل نهائي 1996. لكن الدولة التي اخترعت اللعبة باتت أضحوكة في ركلات الترجيح. وخسرت إنجلترا ست من سبع مرات في بطولات كأس العالم وأوروبا وكانت المرة الوحيدة التي حسمت خلالها الفوز عبر ركلات الترجيح على حساب إسبانيا في دور الثمانية لبطولة أوروبا 1996. ويشعر أخرون أيضا برهبة ركلات الترجيح إذ خسرت هولندا خمس من سبع مرات وإيطاليا خمس من ثماني مواجهات رغم أنها تتباهى بهذا الإنجاز الفريد بالخسارة في نهائي كأس العالم 1994 بركلات الترجيح والفوز بلقب 2006 بنفس الطريقة. ومع التأكيد أن التشيكوألمانيا لم يخسروا قط ونادرا ما يضيعون ركلات ترجيح بينما غالبا ما تخسر إنجلتراوهولندا وتهدر ركلات ترجيح إلا أنه حان الوقت لنفي الفكرة الشائعة بأن الأمر برمته قائم على "الحظ". وقال محلل البيانات روبرت أوكونور "أثارت ركلات الترجيح الكثير من محاولات التحليل خلال السنوات الأخيرة في محاولة للوصول إلى الاستراتيجيات المثلى لمنفذ الركلة وحارس المرمى، حيث ينجح المهاجمون بنسبة 83 بالمئة في التسجيل مقابل 73 بالمئة للمدافعين." وأضاف أوكونور الذي يكتب في كيفية استخدام التحليل الإحصائي للوصول إلى نتيجة أفضل في المراهنات الرياضية "اللاعبون تحت 22 عاما ينجحون في التسجيل بنسبة 85 بالمئة بينما يسجل زملاؤهم الأكبر سنا نحو 78 بالمئة من الركلات." ولا يتم تسجيل 30 بالمئة من ركلات الترجيح مقارنة بالتي تحتسب خلال الوقت الأصلي للمباريات، ولا شك في أن ذلك يرجع إلى التوتر العصبي وواقع أنه في كثير من الأحيان ينبري لهذه الركلات لاعبون غير مدربين على هذه المهمة. ورفض جلين هودل مدرب إنجلترا في كأس العالم 1998 فكرة التدرب على ركلات الترجيح لأنه يشعر أنه من المستحيل صنع أجواء التوتر والضغط كما لو كانت في الحقيقة. لذلك لم تكن مفاجأة أن يكون ديفيد باتي -الذي اعترف فيما بعد أنه لم ينفذ ركلة جزاء قط في حياته- واحدا بين الذين أهدروا خلال الخسارة أمام الأرجنتين. ولم تكن مفاجأة أيضا أن جاري لينكر - الذي سدد 50 ركلة جزاء في تدريب قبل المباراة - بين الذين أهدروا ركلة ترجيح في الخسارة أمام ألمانيا في قبل نهائي كأس العالم 1990. وعلى النقيض سجل آلان شيرر الذي كان يتدرب يوميا على تنفيذ ركلات الجزاء ثلاث من ثلاث ركلات مع منتخب إنجلترا. وقال ديفيد أوليري مدافع أيرلندا إنه اعتاد على إنهاء كل تدريب بتسديد ركلة جزاء واحدة ووضعها في نفس المكان كل مرة. وعندما جاء الوقت الحاسم وضع أوليري ركلة الترجيح في مواجهة أيرلندا أمام رومانيا في الدور الثاني لكأس العالم 1994 في نفس المكان الذي تدرب عليه لمدة شهر. واختيرت هذه اللحظة في استفتاء لاحق كأعظم لحظة في تاريخ كرة القدم الأيرلندية.