قد يكون الحديث فى هذا التحقيق محصورا فى قضية واحده او مايسمى ب(ابراج العمدة) الكائنه بمنطقة الصافية شمال الخرطوم بحرى والمنشية شرق الخرطوم بالاضافة لحلم لم يكتمل بمنطقة الميرغنية ببحرى الا انه يعتبر انموذجا لبعض حالات الشركات المتعددة التى تعمل فى الاستثمار العقارى لتستغل حاجة الناس الى المأوى الراقى وتدخلهم فى دوامة عملية ابتزاز منظمة قد تسهم فيها بعض الجهات الرسمية احيانا دون قصد ويدفعها الى الامام ضعف القوانين المنظمة لحركة العمل التجارى .. عشرات المواطنين الطامحين الى الاستقرار بعضهم من المغتربين الذين جمعوا حصاد العمر ووضعوه فى (شقة) ليعودوا وقد ضمنوا موقع استقرارهم وآخرون باعوا جزءاً عزيزاً من املاكهم ليحصلوا على حلم العمر الذى صنعته بعض تلك الشركات لهم باعلاناتها الجميلة تجربة متفردة نضعها (امامكم) كما قلنا فى بداية الحديث لتسهم مع الجهود العامة فى درء الفساد الذى ضرب العديد من مناحى حياتنا. ----- وضاع شقى العمر (سمية) الاستاذة المساعدة بجامعة السودان تحمل (امر القبض) الصادر من المحكمة لملاك مشروع (ابراج العمدة) وتدور به وهى لاتدرى الى اين تتجه فمن تبحث عنهم تقول تحرياتها بانهم خارج البلاد .. تقول سمية بانها تطارد القضية نيابة عن شقيقها المغترب الذى وضع شقاء عمره (مائة الف جنيه) فى شقة بذلك المشروع ليكتشف فى نهاية المشوار الطويل والمرهق بان ليس هناك شقة ولايحزنون.. وتواصل الاستاذة (سمية) من المؤسف اننا فى البداية تعاملنا بصورة حضارية وطلبنا اعادة المبلغ لنا دون مشاكل فطلبوا منا عمل تنازل عن (الشقة) التى هى غير موجودة اصلا ففعلنا ولكننا فى النهاية لم نتحصل على المبلغ الذى دفعناه من حر مالنا كما اننا لانملك اوراقا تثبت حقنا فى عمارة الاحلام التى تحولت الى كابوس لكثير من الناس . فقدت كل اموالى تخيل لو انك كنت تملك اكثر من اثنين مليار جنيه وفجأة تحول هذا المبلغ الى رماد بل مازالت بقايا نيرانه تحرق اقدامك.. هذا مايمكن التعبير به عما حدث للاستاذ وجدى حسين (الكردى) الذى تكاد الغصة تخنقه وهو يحكى تفاصيل مأساة النفق الطويل الذى دخل فيه يقول وجدى .. نملك انا واخوتى قطعة ارض بمساحة اربعة آلاف متر بمنطقة الميرغنية ممتدة من شارع شمبات وحتى المزارع غربا قمت بتخصيص جزء منها (1643) مترا لتشييد ابراج عليها وبيعها كشقق تمليك بالاتفاق مع شركة (ابراج العمدة) وبعت نصيبى للشركة (بشيكات) وتم منحى بموجب ذلك اربعة شقق ثلاثة ببرج الصافية وواحدة ببرج المنشية بواقع (200) مليون للشقة .. ولكن بعد اختفاء ملاك المشروع اكتشفت ان الارض صارت مرهونة لشركة (جياد) واستلم بموجبها اصحاب الشركة السيخ الذى تم به تشييد ابراج الصافية فى الوقت الذى لم استلم فيه انا الا شقة واحدة قمت بتشطيبها وشقة اخرى مازالت متنازعا عليها مع شخص آخر امام المحاكم.. لقد بعثرت اموالى فى السراب ..! اصل الحكاية .. وبعيدا عن النماذج العديدة التى تدمى القلب يجدر بنا الحديث عن اصل حكاية شركة ابراج العمدة التى قدمت نفسها بطريقة متميزة فالمطبق الذى وزعته كان يحمل احلاماً وردية جميلة .. مداخل وسلالم رخامية مصاعد كهربائية مولدات وخزانات مياه مواقف سيارات داخلية وخارجية ابواب من الخشب الطبيعى المستورد مع منح المستفيدين مجالا واسعا لاختيار او تعديل التصميم للشقة مع الحرية فى اختيار الوان واشكال السيراميك وحتى لون الدهان حسب الذوق.. وعلى ضوء ذلك قامت الشركة باستلام المبالغ لثلاثة مشاريع فى وقت واحد بالمنشية الخرطوم والميرغنية والصافية ببحرى وقطعت شوطا طويلا فى العمل بابراج الصافية بينما بدأت حجر الاساس فى المنطقتين الآخريين قبل ان ينقلب الحال ويختفى مؤسسا الشركة دون سابق انذار. ماذا الآن ..! بناء على تعقيدات الامور فقد عينت المحكمة حارساً قضائىاً على ابراج العمدة تندرج بعض مهامه فى حصر الاشخاص المتضررين ومحاولة حل بعض المشاكل على اعتبار ان هناك بعض الاقساط مازالت متبقية مع البعض وكانت المشكلة الاكبر هى (مسمار جحا) الذى تركه اصحاب الشركة خلفهم، فقد ظهرت شخصية (معروفة) قالت بانها تملك حق الجباية لهذه المتأخرات لفترة وابرزت مستندات من اصحاب الشركة بذلك كما ان هذا الحارس القضائى يواجه بعض المشاكل على اعتبار عدم المصداقية السابق من اصحاب الشركة فى التعامل، كما ان البعض منهم يحاول التحايل لاسقاط المتبقى من الاقساط فى حال انعدام الوزن التى تمضى بها الامور ... هذه التعقيدات التى بذل القضاء الكثير من الجهد لتسويتها ليخرج المتضررون بأقل قدر من الخسارة تحتاج لسنوات طويلة لحلها وتسويتها بينما يظل ذلك هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الازمة المعقدة . المبالغ التى استلمتها الشركة من المتقدمين لم يتم حصرها تماما فليس هناك دفاتر للحسابات الرسمية ولكن الذى تم حصره يقدر بالمليارات بالاضافة الى ذلك فان الشركة استلمت عدة قروض من البنوك وبعض الجهات الرسمية تقدر ايضا بالمليارات .. ومازال الامر مستمرا اذ تظهر كل صباح قضية جديدة , مصائب مهولة .. الاستاذ طارق سيد أحمد المحامي او الحارس القضائي الذي تم تعيينه من المحكمة قال بانه لايدرى تحديدا متى انفجرت القضية ولكن الامر جاء بعد الغرامة الكبيرة التى فرضتها الشئون الهندسية على بناء طابق دون تصديق (مليار ومئتان وعشرون الف جنيه) واختفاء مواد بناء بما يقارب (خمسمائة وخمسين مليون جنيه) من المخازن ولكننا اكتشفنا بعد اختفاء اصحاب الشركة اشياء مهولة فلاتوجد مستندات ملكية ولا ادارة للشركة فبعض الشقق لم يظهر اصحابها حتى بعد الاعلان بوسائل الاعلام وحتى التى ظهر اصحابها فهى متنازعة بين اكثر من شخص واحد بالاضافة الى ان ارض المنشية كانت مرهونة لاحد البنوك وارض الميرغنية لشركة عامة وكل ذلك مقابل اموال خرافية وهناك شقق مباعة بالطابق السابع غير المشيد اصلا فمن الشقق ال(84) لابراج الصافية هناك (62) فارغة وغير مكتملة ثم ليس هناك تصديق مبانى نهائى لذلك لايمكن التأكد هل هذه المبانى مطابقة للمواصفات وحتى الاسانسير الوحيد سقط فيه احد السكان وكاد يموت وكوابل الكهرباء التى كلفت مايقارب (16مليون جنيه ) لم يتم تركيبها وحتى الموجودين بالعمارات يقومون بتوصيل الكهرباء بمجهوداتهم الفردية مع مشاكل بالصرف الصحى واشياء اخرى متعددة..... وختم حديثه بأن المشكلة اليوم تتمثل في أن بعض الملاك يرفضون دفع ما عليهم من اقساط متبقية حتى نتمكن من تسوية الأمر علماً بأن اللجنة السابقة التي قام بتكوينها بعض الملاك وهي غير قانونية أيضاً قد استلمت بعض المبالغ دون ان تقدم شيئاً للسكان. ليس اخيرا .. الفساد الذى ننادى جميعا باجتثاثه ليس محصورا فى المؤسسات الحكومية بل هو اكثر عمقا فى المؤسسات الخاصة ويظهر جليا فى مجالات الاراضى والمقاولات وعلى الدولة اصدار قوانين اكثر صرامة فى هذا المجال والتدقيق فى تصديق الشركات خاصة التى تعمل فى مجال الانشاءات والتمليك العقارى حتى لايتضرر المواطن البسيط الذى يثق فان الدولة هى حامية وقد وضعت الضوابط الكافية حتى لايقع فى فك الاحتيال . الرأي العام