في أمسية ثقافية سودانية أصيلة أقامت منظمة نسوة اللندنية ندوة ثقافية تناولت فيها أثر التراث في تشكيل الشخصية السودانية وذلك يوم الأحد الموافق 24 يوليو الجاري 2016م، في دار أبرار بلندن. قد كان ضيف الندوة المتحدث هو الأستاذ الفنان أحمد الفرجوني. وكان ذلك الضيف المدهش .. رمزاً للشخصية السودانية الأصيلة التي نشأت وترعرعت في ظل الفنون والآداب .. حيث كان الفن يشكّل الشخصية السودانية بترسيخ المبادئ والقيم وإتباع المفيد من التقاليد السمحة وكانت الفنون كافة تلعب دورها المنوط بها في التربية والتنشئة .. ووسيلتها الإعلام الناضج ذو النظرة الثاقبة الواعية الذكية .. والذي يتوجب أن يظل يلعب هذا الدور الهام .. كانت هذه الفكرة بإختصار من الأستاذ أحمد الفرجوني .. ودعمها بأبيات ونماذج حية من الشعر السوداني وأغنيات الحقيبة الغنيّة بالمفردات والمعاني والبلاغة والقيم الحميدة والتي نالت إعجاب وإستحسان الحضور فملأوا القاعة بالتصفيق. شهدت الفعالية حضوراً كبيراً من الجنسين شغلوا كل مقاعد الصالة التي اجتمع فيها كل المهتمين بالتراث الشعبي والفن السوداني الأصيل الذي تخصص فيه الفنان الفرجوني، رجل القنص والبادية والشعر الشعبي المتفرد. التأمت الندوة تحت مظلة "سوق الناقة" حيث زخرت طاولات العشاء بأطباق اللحم المشوي والكبدة النيّة والدجاج المشوي .. والسلطات .. كما كانت الأكواب ممتلئة بمشروبات سوق الناقة الشعبية الأصيلة من الكركدي والشربوت والغُباشة ويزين الصالة بجانب نساء "نسوة الجميلات" "وضيوفهن المميّزيين والمميزّات"، الفنان المرهف الفرجوني وباقات الورود والجبنات وفناجين القهوة وعبق البخور السوداني يعطر الأجواء. جلس على المنصة الرئيسية كل من الأستاذه سهير شريف والفنان الأستاذ أحمد الفرجوني والأستاذ حسن تاج السر والإعلامي البارز عمر عبدالعزيز. تحدثت الأستاذه سهير شريف مقدمة الفنان الفرجوني في كلمة قصيرة معبرة. بعد ذلك بدأ الأستاذ الفرجوني حديثه الشيق الذي لا يمل. وتناول في حديثه عن التراث السوداني القيم الجميلة فيه والتي هي دروس ثمينة لتربية النشء والأطفال وغرس روح المحبة والإحترام فيهم ليشبوا مملؤين بالثقة والإعتزاز بتراثهم وتقاليدهم الحميدة من احترام للكبار وعطف على الصغار حتى يكونون فخراً لأهلهم ووطنهم. وتناول الفرجوني أيضاً الجوانب الإيجابية في الشعب السوداني حيث ذكر أنه لا زال بخير ويرجى منه الكثير بالرغم من وجود بعض السلبيات هنا وهناك. كما انتقد بتهذيب شديد ما كان يعرض في الماضي في وسائل الإعلام من شخصيات تترك أثراً سلبياً على النشء مثل "تور الجر" وبت قضيم"، وانتقد المصطلحات القديمة التي تطلق على كبار السن والتي تتهكم فيهم بينما هم قدوة ومكان تقدير واحترام من الجميع. وروى الفرجوني القيم السودانية الأصيلة بحكاوى جميلة رائعة غير ممله وامتازت روحه بشفافية وطبعه بتواضع وأدب وتهذيب عندما ألقى الضوء علي جانب الأسرة وتنشئة الأطفال وغرس روح المحبه واﻻحترام فيهم. لقد أثبت الفنان أحمد الفرجوني للحضور بأنه الأستاذ والفنان ذو العطاء المتفرد والذوق والفهم والإنسانية والإحساس المرهف .. الرجل الذي يجمع شخصيتين في شخص واحد كلا منهما أجمل من الأخرى .. يجمع ما بين رجل البادية عاشق الإبل والمدرك بكل كوامنها .. ورجل القنص الذي يحمل السلاح ويجري خلف الصيد .. ويدوبي في نجاد ووهاد الصحارى ووديانها .. وبين الرجل الأنيق الباهي الرقيق متدفق المشاعر الحنينة ويفيض رقة وجاذبية مسكون بأصالة ووطنية صارخة وطاغية تسيطر على كل مرتادي صالونات الإبداع والفكر .. التحية والتجلة لهذه القامة الشامخة التي تجبرك لتفتخر بأنك سوداني .. حفظ الله الفنان أحمد البنّا الفرجوني دوماً بوافر الصحة والعافية .. ولكم كنّا محظوظين بلقائه فله ولمنظمة نسوة التي استضافته منا الشكر الجزيل.