كيف ولماذا عاد الكيزان الي المشهد ..    في خطوة أثارت استياء إسرائيل.. 3 دول أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية    شاهد بالفيديو.. ماذا قال قائد متقدم سنار عندما تفقد القوات في الخطوط الأمامية؟    واقعة جديدة لتحرش سائق نقل خاص بفتاة في مصر.. والداخلية تكشف الملابسات    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    المدير العام لقوات الشرطة يلتقي بمكتبه ناظر عموم قبائل وعموديات البجا    ترتيبات لتفويج الحجاج بالفاشر    ودقَّتْ طبول انتخابات الرئاسة الأمريكية    استطاع اهل التكينة تدمير أربعين عربة للجنجويد وقتل عدد كبير منهم    المدير العام لقوات الدفاع المدني؛ قواتنا تواصل العمل في تطهير المؤسسات الخدمية الخاصة والعامة ومساكن المواطنين    قرارات إجتماع مجلس الإدارة برئاسة معتصم جعفر    حسين خوجلي: وما زالت الجزيرة في محطة الانتظار المفضوح    تبيان توفيق: من ذاكرة التاريخ .. ولقاءات الطاهر    البليهي يرد على التشكيك في قوة الدوري السعودي    البطل محمد صديق ..هل تم تسليمه..؟    ولاية الخرطوم تشرع في إعادة البناء والتعمير    شاهد بالصورة والفيديو.. سائق "أوبر" مصري يطرب حسناء سودانية بأغنيات إيمان الشريف وعلي الشيخ الموجودة على جهاز سيارته والحسناء تتجاوب مع تصرفه اللطيف بالضحكات والرقصات    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة وهي تدخن "الشيشة" على أنغام (مالو الليلة) والجمهور يتغزل: (خالات سبب الدمار والشجر الكبار فيه الصمغ)    شاهد بالفيديو.. الناشطة السودانية الشهيرة (خديجة أمريكا) ترتدي "كاكي" الجيش وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية "الإنصرافي"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الثلاثاء    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    الحقيقة تُحزن    بعد مصرع رئيسي بحادث المروحية.. كيف يعمل النظام السياسى في إيران؟    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هو الفرق بين حوار قاعة الصداقة 2015 وحوار خارطة الطريق القادم؟
نشر في الراكوبة يوم 31 - 07 - 2016


أستاذ العلوم السياسية
بعد إجتماعات المعارضة في باريس 18-21 يوليو 2016 وماصدر عنها من بيان ختامي حمل تقديرات المعارضة بظهور (مستجدات) من شأنها أن تحمل المعارضة على التوقيع على خارطة الطريق للحوار مع الحكومة والتي كانت قد رفضتها في السابق، ثار جدل كثيف حول جدوى التوقيع وجدوى المفاوضات وعن هذه (المستجدات) وعن الفرق بين الحوار في صورته السابقة المرفوضة والحوار المزمع.
إن النواقص التى كانت تراها المعارضة في خارطة الطريق تتلخص إجمالاً في: (ضرورة قيام مؤتمر تحضيري في الخارج يضع التصورات الأساسية للحوار وهياكله ومضوعاته ورئاسته ...ألخ، وتهيئة الأجواء للحوار عبر إطلاق الحريات الأساسية وتعديل القوانين المناغضة لها وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسياً...ألخ، وضمان تنفيذ مخرجات الحوار عبر حكومة قومية إنتقالية وغيرها)، وترى المعارضة أن هذه الممهدات ضرورية لأي حوار مثمر يقود لتحول ديمقراطي حقيقي ويحل مشكلات البلاد.
لقد طالبت القوى المعارضة بتعديل خارطة الطريق لتضمين هذه المطالب حتى يتثنى لها التوقيع عليها والدخول في الحوار مع الحكومة، ثم عادت وتنازلت للقبول بملحق للخارطة يتضمن هذه الملاحظات، وقد رفضت هذه المطالب جميعها من قبل الحكومة ومن قبل الآلية الأفريقية التى تقوم بدور الوسيط في الحوار.
الآن تتحدث غالب القوى المعارضة عن (مستجدات) قد تحملها على التوقيع على خارطة الطريق بينما يرى آخرون أنه لا جديد، فما هو الفرق بين الحوار في صورته الحالية والذي انخرطت فيه بعض القوى بالداخل، وسمي بحوار قاعة الصداقة أو حوار الوثبة أو حوار 7+7 والذي وصل لمرحلة المخرجات، والحوار الذي كان يمكن أن يكون حال توقيع المعارضة على خارطة الطريق في صورتها السابقة وبدون تعديلات أو ملحق، والحوار المزمع مستقبلاً على ضوء (المستجدات) التى تتحدث عنها المعارضة أو التى لا تتحدث عنها الآن؟
يتخوف الكثيرون من أن التوقيع على خارطة الطريق بصورتها الحالية سيجعل من الحوار الوطني بلا معنى ولا ضمانات وتتحكم فيه الحكومة وتجيره لما تريد، وهذا هو سبب مقاطعة بعض القوى له مثل بعض مكونات قوى الإجماع الوطني من الحزب الشيوعي والبعث وغيرها، وهو حديث تصدقه بنود الإتفاقية، ومخرجات إجتماع باريس، وتجارب المفاوضات السابقة مع الحكومة من لدن أبوجا وملتقى كنانة ونيفاشا وغيرها.
يبقي نجاح المفاوضات هذه المرة مرهون فقط بما أصطلح على تسميته ب(المستجدات) وهى نوعين:
أولاً: المستجدات المرتبطة بخارطة الطريق والوساطة الإفريقية:
وينصب الحديث هنا عن بعض المستجدات فيما يتعلق بالإستجابة لمطالب المعارضة التي شكل غيابها مانعاً لتوقيع المعارضة على خارطة الطريق منذ أديس أبابا مارس 2016، وسيكون الحديث عن هذه المستجدات سابقاً لأوانه لأنها، حسب ما صدر بالبيان، سيتم مناقشتها في إجتماع يتم الترتيب له بين قوى نداء السودان والآلية الأفريقية (الوسيط)، بالتالى لا نستطيع الحكم عليها إلا بعد إقامة هذا الإجتماع والنظر في مخرجاته، ولا يمكن إتخاذ موقف من الحوار أو الحكم عليه قبل هذا الإجتماع. سيكون التحدى في الإجتماع القادم كبيراً أمام الحكومة والآلية الإفريقية للوصول إلى ضمانات أو تطمينات فيما يتعلق بمطالب المعارضة الواردة أعلاه (المؤتمر التحضيري في الخارج، تهيئة الأجواء، الحكومة الإنتقالية، شمولية الحوار للقوى المعارضة الأخرى)، وهل سيتم تعديل خارطة الطريق؟ أم سيتم تضمين هذه المطالب في شكل ملحق لها أم ماذا؟
بالتالي، فمن الواضح حتى الآن أن هذه (المستجدات) تقبع في خانة النوايا الحسنة، وهو ما لا يمكن البناء عليه في مفاوضات صعبة وقضية شائكة كقضية الحرب والسلام والتحول الديمقراطي في السودان إلا إذا تم توثيقها والتوقيع عليها بأى صورة من الصور في الإجتماع الذي يجري الترتيب له بين نداء السودان والآلية الأفريقية.
لقد جاء في خطاب لد. جبريل إبراهيم أنه قد: (رحّب المجتمع الدولي ممثلاً في المبعوث الأمريكي والسلطات الإثيوبية بالمرونة التي أبدتها قوى نداء السودان، ووعد بالتبشير بمذكرة التفاهم، وضمان قبولها من الأطراف. و قد حدث ذلك في الاجتماع الذي عُقد في أديس أبابا يومي 19 و 20 من شهر يونيو المنصرم بدعوة من المبعوث الأمريكي). مذكرة التفاهم المشار إليها هنا تحتوى رؤية المعارضة لحوار بناء ومثمر وأنه حال الإستجابة لها والتوقيع عليها ستوقع هي على خارطة الطريق وتنخرط في الحوار الوطني، وهو ما لم يتم بعد ولاندرى كيف يتم.
جاء في خطاب جبريل إبراهيم أيضاً أنه قد: (قام المبعوث الأمريكي بالسفر إلى جوهانسبيرج لمقابلة الرئيس أمبيكي واقناعه بعدم التمترس في المواقف، و بمعقولية ما جاء في مذكرة التفاهم. واتفق معه علي ترتيب يعفي الوساطة من التوقيع على مذكرة التفاهم، ولكن يُلزمها بما جاء فيها). ويظل السؤال قائماً حول: ليس إلتزام الوساطة فقط، بل والتزام الحكومة أيضاً بهذه المطالب، وكيف يتم ذلك من دون وجود وثيقة موقع عليها؟
ويمضي د. جبريل إبراهيم في توضيحاته ليقول أنه: (إبتعث الرئيس أمبيكي عبدالقادر محمد رئيس موظفي آلية الوساطة ليشرح لاجتماع باريس الأخير، روح خطاب الرئيس أمبيكي لقوى نداء السودان المؤرخ في 23 يونيو 2016، وليؤكّد استعداد الوساطة لأخذ ملاحظات قوى نداء السودان على خارطة الطريق بالجدّية اللازمة، ووضعها في الإطار الذي يضمن للمعارضة إزالة مخاوفها.(
الحديث هنا عن موافقة الوساطة، أما موافقة الحكومة على هذه المطالب، وهي الأهم فغير مذكورة أصلاً، كما أن الإطار الذي تتحدث عنه الوساطة والذي ستضع فيه هذه المطالب غير واضح، ويبدو أنها تشرحه عبارة: (أبدت (الآلية) استعدادها لتحويل هذه الملاحظات إلى أجندة تُطرح في أول أجتماع بين المعارضة و لجنة 7+7.( التى أوردها د. جبريل إبراهيم.
وعموماً، فأن المعارضة يبدو أنها تسير نحو التوقيع على خارطة الطريق دون تعديل فيها، ومن هذه الناحية، فإن المستجدات الوحيدة التى يمكن التركيز عليها هي فقط قبول فكرة الإجتماع التحضيري بغض النظر عن نتائجه، وبدون مشاركة الحكومة فيه كما كانت تطالب المعارضة، فقد جاء في خطاب جبريل إبراهيم أنه: (مارس المجتمع الدولي ضغطاً كثيفاً على الحكومة أجبرها على إصدار خطاب ممهور بتوقيع مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود، وموجّه إلى الرئيس أمبيكي يعلن فيه إبراهيم محمود قبول الحكومة شمول الاجتماع التحضيري وإلزام نفسها بكل ما تتخذها لجنة 7+7 من قرارات في هذا الاجتماع.(
ويبدو أن الحكومة هنا تعول على لجنة 7+7 في عدم إلزام نفسها بشئ في هذا المؤتمر التحضيري، أما (اعتراف الوساطة بقوى نداء السودان كجسم، و مخاطبته باسمه، و إظهار عدم الممانعة في تكوين وفده من قوى المعارضة بالكيفية التي يتراها)، فقد يمكن نداء السودان من ضم قوى ممانعة أخرى للمؤتمر التحضيري كقوى المستقبل مثلاً.
إن التوقيع على خارطة الطريق بصورتها الحالية، بخلاف أنه لا يستجيب لمطالب المعارضة، تواجهه عقبات إجرائية منها:
أ‌. تنص خارطة الطريق على أن الحوار لابد أن يكون شاملاً، أما الآن فهناك قوى ظلت خارج هذا الحوار مثل قوى المستقبل للتغيير وحركة عبد الواحد نور وقوى أخرى أعلنت مقاطعتها له مثل البعث والحزب الشيوعى فكيف يتم دمج هؤلاء في الحوار حتى يكون شاملاً ومستداماً ونهائياً؟
ب‌. خارطة الطريق تنبنى على الحوار الذي إبتدره رئيس الجمهورية في 2015، ثم تأتى الخارطة لتقول بأن لجنة 7+7 المنبثقة عن ذلك عليها الإجتماع بقوى نداء السودان لضمان إدماجها ومشاركتها: المشكلة هي أن لجنة 7+7 قد خرج أقطابها عنها سابقاً وأعلنوا وفاتها أو نهايتها ومنهم حزب الأمة والإصلاح الآن ومنبر السلام العادل وغيرها، ثم نشأت 7+7 جديدة أو مستكملة (يسميها البعض بأنها مزورة).
ت‌. خارطة الطريق في البند 4 لا تتحدث عن نداء السودان ولا عن الآخرين من الممانعين خارجه، بل تتحدث عن إلحاق مجموعات بالإسم هي الحركة الشعبية-شمال وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان-مناوي وحزب الأمة، وفي بنودها الأخرى تتحدث عن شمولية الحوار في تناغض ظاهر، ودون توضيح للكيفية.
بالتالى فإن قبول قوى المعارضة هذه المرة بالتوقيع على خارطة الطريق دون تغييرات ملموسة قد يجد تفسيره في تمنيات ياسر عرمان من القوي المعارضة التي تمانع خطوة نداء السودان في أن: (تتفهم هذه القوى مقاصد هذه الخطوة ولو مستقبلا)، وهى مقاصد بعضها معلن في خطابه وبعضها غير معلن، ومنها الأوضاع الداخلية والإقيمية والدولية وما حدث بها من تحولات، بالإضافة للأوضاع الخاصة بهذه الحركات المقاتله والقوى الأخرى والتعويل على متغيرات الداخل.
ثانياً: المستجدات الأخري غير المرتبطة بمسار الوساطة وخارطة الطريق.
وهى المستجدات التي يمكن أن تحدث الفرق الجوهري بين الحوار الوطني في صوره السابقة والحوار المزمع إجراءه بعد توقيع خارطة الطريق من قبل المعارضة ومنها:
أ‌. تحولات الواقع الداخلى، ومنها إنتشار الوعى الشعبي والضائقة الإقتصادية والفشل المتتابع للحكومة في إدارة الدولة وضعفها وتفككها الداخلي، هذا يمكن أن يشكل بيئة ضغط جديدة تصب في صالح استعادة التوازن بين الحكومة والمعارضة. الوعي الشعبي الكبير بأهمية الحوار واستحقاقاته مدعوماً بوسائل الربط والتواصل الإجتماعي يشكل أقوى ضمانة للحوار إن أحسنت المعارضة تعزيزه وتعبئته وتوظيفه ككرت ضغط لا يسمح للحكومة إلا بالسير في إتجاه واحد: الجدية في الحوار وتقديم تنازلات حقيقية وإلا مواجهة إنتفاضة شعبية عارمة.
ب‌. مخرجات حوار القاعة في صورته السابقة والذي قد أحدث كوة في جدار الحكومة وحشرها في زاوية ضيقة سيصب إنضمام القوى الأخرى للحوار في خانة تعزيزها، بحيث أن هذه المخرجات شكلت خط رجعة لايمكن تجاوزه او التنازل عنه إن لم يتم توسيعه والبناء عليه. يضاف إلى كل ذلك محتويات مذكرة الشخصيات القومية.
ت‌. وجود وساطة ورقابة وعناصر ضغط إقليمية ودولية مشرفة ومراقبة وضاغطة تصعب على الحكومة ممارسة هواياتها القديمة في المماطلة والتنصل عن الإلتزامات، وأهمها وجود المبعوث الأمريكي الذي يمتلك قدرات ضغط كبيرة على الطرفين، بالإضافة للآلية الأفريقية، وهي عناصر لم تكن متوفر للحوار في صورته السابقة.
ث‌. سيكون الحوار هذه المرة مربوط بجداول زمنية تمنع المماطلة والتسويف والمراوقة (الفقرة 5،6 من خارطة الطريق).
والخلاصات هي:
1. إختزال خارطة الطريق ومستقبل الحوار الوطني في السودان في نجاح أو فشل الملتقى التحضيري، فقد أورد د. جبريل إبراهيم أنه: (لا يلزم التوقيع على خارطة الطريق قوى نداء السودان بالانضمام المباشر إلى العملية الجارية في قاعة الصداقة، وإنما يفتح الطريق نحو عقد الاجتماع التحضيري الذي عليه إعادة تشكيل الحوار بصورة تضمن التكافؤ، وتمكّن المعارضة من التأثير في مخرجات الحوار، وتوفير الضمانات الكافية لتنفيذها، بجانب اتخاذ القرارات الكفيلة بتهيئة المناخ الوطني للحوار بإيقاف الحرب، و إخلاء السجون من الأسرى والمساجين والمعتقلين السياسيين، واطلاق الحريات العامة، بما فيها حرية الصحافة والتنقل والاجتماع والتظاهر ..الخ وفق جداول ومصفوفات تنفيذ دقيقة يتم الاتفاق عليها) . وقال أنه: (إذا لم يتحقق الاتفاق على هذه الخطوات وجداول تنفيذها، فإن من العسير الحديث عن مشاركة قوى نداء السودان في حوار يتحكّم النظام في مدخلاته و مخرجاته و طرائق تنفيذها).
2. هناك مستجدات ليست بالضرورة مرتبطة كلها بخارطة الطريق ومسار الوساطة بل بالأوضاع الداخلية المتمثلة في إرتفاع مستوى الوعى الشعبي، والأوضاع الخاصة بالحكومة وبالمعارضة والمتمثلة في تفككهما وفشلهما في تحقيق تقدم مرتبط بأهدافهما، بالإضافة للمتغيرات المحلية والإقيمية والدولية والتى تصب في صالح إنجاح الحوار هذه المرة وتجعل منه مختلفاً عن صورته السابقة.
3. رغم وجود عوامل النجاح المستجدة السابقة إلا أن أطراف الحوار يدخلان للعملية بأهداف مختلفة بل ومتناقضة: حيث أن الحكومة ستدخل إلى الحوار بنية الإحتواء وتمديد بقائها وكسر الحصار الداخلى والخارجي عليها، أما المعارضة فستدخل بنية تصفية النظام مما يجعل من عملية الحوار القادمة الأصعب والأشرس.
4. نتيجة الحوار القادم التي يصعب تجنب توقعها هي التصفية التدريجية للأوضاع الحالية، بالتالي فإن لم يكن أحد الأطراف موافقاً على ذلك فإن دخوله إلى العملية أساساً يصبح من غير معنى.
5. ليس هناك من داع للصراع والمهاترات بين حلفاء الامس وهم لازالو متفقين حول الأهداف وان اختلفوا في الوسيلة.. مع ذلك سيكون وجود كل منهم في موقعه الجديد مفيداً للآخر... فإن حقق المحاورون شيئا من الاهداف المتفق عليها فستكون للجميع.. وإن فشلو فسيستفيد من ذلك مقاطعو الحوار بما يعيد توحيد المعارضة خلف شعار اسقاط النظام. كما أن الحوار سيكون مفيداً للمقاطعين بما يوفره من مساحة حرية للوصل للجماهير والتوعية والتعبئة الشعبية حول ما ينادون به من أهداف... وجود المقاطعين مفيد أيضاً للمحاورين ككروت ضغط.. وفي النهاية فهي ادوار تتكامل ولا تتعارض..
6. إن الحوار سيحقق التلاحم الشعبى وسيعيد للساحة الداخلية حيويتها بعد ان تركت لاستفراد المؤتمر الوطنى بها.. فالوضع الآن مختلف جداً في ظل الوعى الشعبى الجديد ونتائج التجربة مع حكم حزب المؤتمر الوطنى وواقع الحال الضاغط.. وسيكون ذلك في صالح إعادة التوازن بين المعارضة والحكومة.. فدعاوى العمالة والارتزاق والعدوان الخارجي التى درج النظام على استخدامها للتعبئة الداخلية وعزل المعارضة كلها ستسقط.
7. إن في نقل الصراع السودانى - السودانى إلى الداخل وإلى ساحة السلم والحجة والفكر به الخير الكثير، وهو لن يكون خصماً وإضعافاً إلا لمن ظل يمارس الخداع الشعبي وتغبيش الوعي الجماهيري ويعلى من المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة، ولن ينجح الحوار أو الديمقراطية إلا إن حماها وعي ومشاركة شعبية واسعتين في خلقهما وفي حمايتهما مستقبلاً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.