حكومة أبوظبي تدير ثروتها بتوازن دقيق بين المخاطرة والأمان في ظل وضع اقتصادي إقليمي متدهور، وتطلق مشاريع تنموية بقيمة 1.1 مليار دولار. العرب أبوظبي – لا يبدو الاحتفال بترسية أعمال 15 مشروعا من مشاريع البنية التحتية في إمارة أبوظبي بتكلفة تتجاوز 1.1 مليار دولار أمرا استثنائيا. بات الحدث روتينيا ينخرط في المنظومة الاقتصادية والسياسية العادية للإمارة. يكفي لأي زائر لأبوظبي أن يلحظ اطرادا لا يتوقف في حركة التنمية، على النحو الذي يبقي الإمارة في صدارة المناطق المتقدمة، ليس على المستوى الإقليمي فقط، بل على المستوى الدولي دون تحفّظ. ويُنقل عن خبراء غربيين في شؤون التنمية المدنية والاقتصاد المجتمعي أن مثابرة دولة الإمارات العربية، بشكل عام، على المضي بخططها في تطوير البنى التحتية وقطاعات التنمية برمتها، رغم الضجيج الدائر حول اقتصادات الدول النفطية الخليجية ولجوئها إلى تدابير تقشفية، يتناسل من فلسفة قديمة أرساها رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في الحرص على الحفاظ على توازن بين الثروة والإنسان واعتبار أن استمرار التنمية، لا سيما في جانبها الاستشرافي الاستباقي، ضمان لحماية الثروة والإنسان معا. ويذكّر باحثون في شؤون سوق المال الدولي أن أبوظبي كشفت حصافة في إدارة ثروتها بعدم الانجرار نحو مغامرات مالية مغرية والتمسك بتوازن دقيق بين المخاطرة والأمان، ما جنب الإمارة التأثر الموجع بالأزمات المالية التي عصفت بالسوق الدولي وسببت انهيارات كادت تفلس دولا وحكومات. ويلفت المراقبون لشؤون أبوظبي أن المشاريع التي أعلن عنها الأحد، والتي تنفذها شركة أبوظبي للخدمات العامة "مساندة"، والتي تعتبر الذراع التنفيذية لمشاريع حكومة أبوظبي، تأتي لتكمل مشاريع نفّذتها الشركة العام الماضي بلغت قيمتها 3 مليارات دولار. وترى المؤسسات المالية الدولية في تقاريرها المتتالية أن تصدّر دولة الإمارات الصفوف الأولى في قطاعات التنمية والاستثمار والبنى التحتية والإدارة والخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية ليس صدفة، بل يتأسس على خطط متوسطة وطويلة الأمد تعتمد على أحدث المقاربات الهندسية والدولية، لكنّ فرادتها تكمن في اعتمادها على كفاءات داخلية على مستوى البلد أو على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، بحيث يأتي التناغم بين القطاعين العام والخاص مثاليا للوصول بالإنجاز إلى مستويات عالية الجودة والكفاءة بالمعايير الدولية. وتختصر كلمة عويضة مرشد المرر رئيس دائرة الشؤون البلدية والنقل في أبوظبي ورئيس مجلس إدارة "مساندة" في الإعلان عن هذه المشاريع أمس، المعابر الأولى لفلسفة التنمية في البلاد. فالمسألة "تعزيز لمكونات البنية التحتية لتتناسب مع حجم نمو المنطقة وارتفاع عدد سكانها وتتلاءم مع متطلبات التنمية والتطور، واحتياجات المجتمع المحلي، وتعزيز مستوى الارتقاء بالمرافق لتتناسب مع هذا النمو وتلبية احتياجات وتطلعات السكان وإسعادهم، ودعم معايير التنمية المستدامة". ويلفت اقتصاديون في الإمارات إلى حرص أبوظبي على السهر على كيفية إنجاز المشاريع وليس فقط على إنجازها. بمعنى أن إدارة تلك المشاريع خاضعة لمعايير الشفافية الكاملة في طرح المناقصات وتوقيع ومراقبة العقود وتأمين المنافسة بين الموردين والمقاولين وانتهاج حوكمة تنتج أفضل سبل لتحقيق الأهداف من نقاط البداية إلى نهاياتها. على أن دبلوماسيين غربيين لا يجدون في ضجيج الورش وغبار المشاريع إلا توقا لدى القيادة السياسية للبلاد لعبور أنواء المنطقة بأعلى درجات الصلابة والقوة التي توفّر لها أعلى درجات المرونة في مقارعة التحديات الإقليمية والدولية.