(جيب جنيه تاني) وبحسب صاحب البقالة فإن الجنيهان لم تعد كافية للحصول على قارورة مياه بعد أن ارتفعت أسعارها بحسب ما جاء في الإعلان التوضيحي لشركات المياه المعدنية والمياه الغازية لا يعدم التاجر مبرر الزيادة حين يضعه على مشجب ارتفاع الدولار بحسب مبررات الشركات المنتجة لم تكن موجة الغلاء لتقف عند محطة المياه وحدها، فالغاز ترتفع أسعاره أيضاً في الايام الفائتة والأزمة الاقتصادية تكاد تخنق البلاد ومواطنيها لكن بالنسبة لهيئة علماء السودان فإن الغلاء الفاحش في الأسعار هو نذير للناس بضرورة العودة إلى الله وبنص بيانها (إن الغلاء : " بلاغ من عند الله سبحانه وتعالى للأمة إلى أن تتوب وتعود إلى الله) بالنسبة للشيوخ، فإن علاج أزمة الجنيه يتم عبر انتهاج سبيل التوبة. يعود الخبير الاقتصادي عصام عبد الوهاب بوب لترديد قوله إن الطريق الوحيد لمعالجة التراجع المريع والمتسارع في قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية هو زيادة الإنتاج، و يضيف البروف عاملا آخر يتعلق بضرورة تحقيق الإصلاح السياسي و إيقاف الحروب. تبدو الوصفة التي يقدمها الاقتصاديون غير كافية لكبح جماح تراجع الجنيه وهو يتجاوز سقف الخمسة عشر جنيها كقيمة له في مقابل الدولار الأمريكي وكمن يبحث عن العلاج للأزمة المستفحلة يخطوا نواب البرلمان القومي في اتجاه إقامة جلسة استثنايئة مستعجلة هدفها الرئيس البحث عن الأسباب التي أدت لانخفاض العملة الوطنية وبحث طرق المعالجات المتاحة من أجل تجاوز المزيد من الانهيار، فبحسب ما رشح من أنباء فإن ثمة تحركات يقودها نواب برلمانيون من أجل عقد جلسة برلمانية طارئة يتم فيها نقاش أسباب ارتفاع الأسعار وتراجع العملة الوطنية في البلاد. البرلمان في معركة الدولار قبله كانت الحكومة قد خاضت في ذلك الوحل و أعلنت عن تفاهمات بينها ورجال الأعمال من أجل كبح جماح الدولار وذلك عبر التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة ربما لم يكف هذا الأمر وحده لإيقاف نزيف الجنيه حيث تسربت أنباء عن لجوء السلطات الأمنية لتوقيف المضاربين في الدولار من تجار السوق الموازي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضع نهاية للأزمة. بالنسبة للحراك العام في السوق وفي أسعار السلع اليومية فإن الأسعار تزحف بمتوالية هندسية وكأنها تمد سخريتها للسياسات الاقتصادية المتبعة ولتبريرات المسؤولين في المالية بخصوص تراجع العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، بالنسبة للنواب فإن معركتهم ضد الدولار تقف الآن في مرحلة التلويح من أجل المواجهة ربما هنا يخرج السؤال: ترى لأي مدى يمكن أن ينجح البرلمان فيما فشلت فيه الجهات الأخرى؟ بالنسبة للكثيرين فإن البرلمان ونوابه لا يملكون المقدرة لمواجهة الأزمة ناهيك عن وضع حلول لها فأزمة تراجع العملة لم تكن وليدة اللحظة قد تكون وصلت الآن إلى طريق اللا عودة وهو طريق تم رصفه بحسب كثيرين بناء على السياسات الاقتصادية التي أجازها النواب أنفسهم في وقت سابق. فعقب انفصال الجنوب في العام 2011 قفز سعر الدولار إلى 5 جنيهات مقابل الجنيه منذ ذلك الحين بدأت سلسلة الخطط الاقتصادية لمواجهة هذا التراجع في سعر العملة الوطنية منذها لم تتوقف الخطط ولم يتوقف الانهيار للعملة ولم تتوقف الأحاديث حول السعي الجاد من أجل تثبيت سعر الصرف وهو ما لم يتحقق بالنسبة للكثيرين، فإن الانهيار الاقتصادي لم يكن سوى تعبير عن حالة العجز السياسي مقرونة بحالة ضعف الإنتاج في دولة تتوقف فيها معظم الدوائر الإنتاجية ويتم توظيف الأموال في عمليات الصرف على السياسة (حرباً وسلماً). تخطي الدولار الرقم 15 في مقابل الجنيه يفرض سؤالاً رئيساً هل هي أزمة اقتصاد أم أزمة سياسة، بحسب رؤية الخبراء فإن الأمر يتخذ بعدين، اقتصادي متعلق بانهيار ميزان التصدير في مقابل الاستيراد، و سياسي يرتبط بحالة اللا استقرار. كانت المفارقة أنه وفي أثناء جولة أديس التي انفضت بين الحكومة و المعارضة المسلحة دون التوصل إلى نتيجة إيجابية كان رئيس وفد التفاوض من قبل الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان يقول إن سعيهم من أجل السلام ينطلق أساساً من بحثهم عن سبيل لإيقاف تراجع العملة الوطنية ولقطع الطريق أمام موت الجنيه السوداني وهو ما يعزز من فرضية أن الحرب هنا لا تقتل الإنسان وحده و إنما معه عملته، وهذا هو ذات الحديث الذي ردده الخبير في مجال الاقتصاد عصام بوب الذي لم يذهب بعيداً حين قال إن عافية الجنيه في عافية الشعب و في عافية الحكومة إن هي سعت من أجل تحقيق الاستقرار السياسي، عليه فإنه يمكن للنواب أن ينجحوا في إيقاف انهيار العملة الوطنية في حال نجحوا في إقناع الحكومة، في أن تجنح للسلام وتسعى حثيثاً من أجل إيقاف النزيف، بغير ذلك فإن الجلسة الطارئة ستنتهي فقط إلى حصولهم على قيمتها بسعر ذات الجنيه مع استمرار الانهيار اليوم التالي