لم تيأس الإدارة الأميركية من إمكانية تحقيق تسوية سياسية في السودان، رغم تضاؤل فرص الحل السلمي واتساع الهوة بين المعارضة -بشقيها المدني والعسكري- والحكومة. ورغم فشل أكثر من 12 جولة مفاوضات سابقة بين أطراف الأزمة السودانية، كانت بجهد أفريقي، فإن ذلك لم يمنع واشنطن من الدخول هذه المرة طرفا حقيقيا مسهلا لعملية جديدة قد تبدو فيها العصا أكثر قربا من الجزرة. فقد بدأ المبعوث الأميركي للسلام في السودان دونالد بوث تحركاته الجديدة بزيارة ولاية النيل الأزرق، ولقاء بعض المجموعات فيها، قبل أن يصل الثلاثاء إلى الخرطوم، التي عمد فيها إلى عقد لقاءات مباشرة مع المسؤولين السودانيين. وقال بوث إنه بحث مع المسؤولين إمكانية تخطي العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق لوقف العدائيات بين الحكومة والمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وأضاف في تصريحات صحفية بعد لقائه إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية أن مباحثاته تناولت العديد من السبل الكفيلة بدفع المفاوضات المقبلة إلى الأمام، مشيرا إلى أنه عبر عن رغبة واشنطن في أن يتحقق السلام في السودان بأسرع ما يمكن. إبراهيم محمود طالب واشنطن ووعد بوث بالاستمرار "في استكشاف المزيد من الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية وتسهيل عملية بناء السلام". ويعضد مساعد الرئيس السوداني قول المبعوث الأميركي مؤكدا أن الولاياتالمتحدة ترى ضرورة إيجاد سبل لتجاوز العقبات التي أدت إلى انهيار جولات المفاوضات السابقة. وقال محمود في تعليقات صحفية إن الرغبة والإرادة يمكنهما تحقيق السلام "الذي أصبح مطلبا محليا وإقليميا ودوليا"، وطالب واشنطن بإقناع الممانعين أولا، حسب وصفه. وحذر المسؤول السوداني من أن من يرفض السلام سيخسر سياسيا؛ "لأننا تنازلنا عن جزء من سيادتنا بأن تقوم الأممالمتحدة بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق التمرد بدلا من المؤسسات الحكومية".