انتشرت المخدرات في السودان بشكل مرعب في سنوات حكم المؤتمر الوطني ، والسبب الرئيس الفساد الذي زلزل أركان الدولة السودانية وهد اقتصادها وحوّل أكارم الناس إلى فقراء وعطالى ومجرمين .. قطعا لسنا في حاجة الى أن نشرح فكل مواطن الان يكتوى بنار عمايل حكومة المؤتمر الوطني، فكل أسرة بها أكثر من عاطل (بدرجة خريج جامعي بكالوريوس) وتعاني الفقر ، ولديها فرد منها أو من أقاربها أو معارفها وقع ضحية للمخدرات تجارة أو تعاطيا، وعليه إذا أرادت الحكومة أن تفعل شيئا لابد أن تقوم بسياسات قوية وصادقة تعمل في اتجاهين : الأول لإصلاح الاقتصاد حتى يتحسن مستوى المعيشة وتنخفض العطالة والفقر وحتى لا يدخل المجال آخرين ، الاتجاه الآخر هو تنفيذ برامج فاعلة تسهم في إيقاف الدافع لمزاولة تجارة المخدرات وبغير هذا إن قالت الحكومة إنها ستحارب المخدرات فهي تكذب . حسب تصريحات رسمية نفذت قوات تتبع لشرطة جنوب دارفور وشرطة مكافحة المخدرات أكبر عملية إبادة لمزارع المخدرات بالبلاد في مناطق متفرقة من محلية الردوم بجنوب دارفور، ، وبلغ حجم الأراضي المزروعة والتي تمت إبادتها(6500) فدان مزروعة بالقنب الهندي والمعروف ب( البنقو ) .. والي جنوب دارفور قال إن تلك الكميات من المخدرات كانت في طريقها لتدمير عقول الشباب واقتصاد البلاد ، مؤكداً على مساعيهم المبذولة لإيجاد مزارع بديلة لمحترفي زراعة المخدرات ويقصد البنقو، وماذا عن مزارع التمباك ؟ هل ستصلها الحملات؟ منذ سنوات والحكومة تردد هذا الكلام بعد ان تقوم بالحملة ذاتها وحتى الآن لم تفعل شيئا ، فهل تريد من تجار البنقو انتظارها إلى حين أن تكتمل مساعيها مثلا وهي أساسا لم تفكر بطريقة جادة في إيجاد سياسات حتى تطمئن قلوبهم ويتوقف دافعهم لمزولتها ، والغريبة أن الأمر ليس صعبا فمناطق زراعة البنقو وكذلك التمباك مناخها مناسب لزراعة الكثير من المحاصيل ذات القيمة العالية ، ولكن الحكومة لا تريد تنفيذ سياسة حقيقية ،و كل برامج مكافحة المخدرات التي تقوم بها عبارة عن عروض ومسرحيات لديها مآرب شخصية منها . كثير من الدول استطاعت أن تخفض تجارة المخدرات بدرجة كبيرة رغم تأريخها الطويل فيها، فقط لأنها تمكنت من ضمان الحياة الكريمة لمواطنيها عبر برامج اقتصادية فعالة فاوقفت الدافع لمزاولتها، فقد استطاعت باكستان ، من خلال برنامج التنمية البديلة الذي استغرق خمسة عشر عاماً ، من القضاء شبه التام على إنتاج الخشخاش، بعد أن كانت أحد أهم الدول المنتجة له في العالم ، ولم تعد تايلاند منتجة للأفيون، وتمكنت بيرو من خفض إنتاج الكوكا بنسبة 50% في سبع سنوات بعد أن كانت الأولى عالميا ، أما دولة بوليفيا فقد أقامت مشروعا باسم خط الكرامة فتمكنت من خلاله من تقليص الأراضي المزروعة بالكوكا إلى 78%، ونجحت جمهورية لاوس- وهي ثالث أكبر منتج للأفيون في العالم- في تخفيض المساحات المزروعة بنسبة 90%، وتمكنت لبنان من القضاء بالكامل على زراعة خشخاش الأفيون في وادي البقاع، ونجحت تركيا في القضاء على إنتاج الأفيون خلال عقد التسعينيات، وحل محله إنتاج قش الخشخاش لاستخدامه في صناعة الأدوية ، وعليه يمكن ان يكون للسودان تجربته المميزة ايضا ولكن كيف - ياحسرة - في ظل حكومة لا تملك ضميرا . البدائل التي يمكن أن تطبقها الحكومة لتوقف تجارة المخدرات وزراعة البنقو وكذلك التمباك كثيرة ، ولكنها لا تفعل.. فقط هي تتحدث وما أكذب أحاديثها . الجريدة