مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطول امسيه لرجال الامن لالقاء القبض على فتحى نورى عباس ديسمبر 1992
نشر في الراكوبة يوم 14 - 02 - 2017

لم يكن حزب البعث مشاركا فى حكومات الفترة الديمقراطيه التى اعقبت ثورة ابريل المجيدة بالرغم من الفعاليات الجسورة التى ساهم بها فى الانتفاضه ضد نظام نميرى لكنه واصل نشاطه فى عنفوان الثورة وظل يحذر الشعب من الردة على الديمقراطيه وتربص فلول النظام به واهميه ابعاد سدنه مايو من الحياة الديمقراطه الى ان تم اعادة تجميع قواهم واكملوا استعدادهم للانقضاض على الديمقراطه وظل البعث يعلنها محذرا الشعب والسلطة الدمقراطيه ولكن لم يستبينو النصح الا فى ضحى الغد وحتى بعد نشر تفاصيلها فى مجله الدستور قبل ايام محدودة من الانقضاض على الديمقراطيه ...
كانت هذة المقدمه ضروريه لنفهم لماذا تم استهداف البعث من قبل الجبهه الاسلاميه بالرغم من انه لم يكن من مبررات الاستيلاء على السلطة فى عشيه الانقلاب المشؤم وتمت مصادرة ممتلكاته حتى اليوم وزج المئات من مناضليه فى المعتقلات والتنكيل بهم واعدام ضباطهم العسكرين فى القوات المسلحه بدون محاكمات واخفى قبورهم عن زويهم حتى الان وشرد الالاف ممن كانو فى الخدمه المدنيه بحجة الانتماء للبعث تحت سواتر التمكين.
لم اكن متواجدا فى الخرطوم ليلة نحر النظام الديمقراطى كنت فى بغداد لزيارة قصيرة وعلمت بما حاق بالوطن وكان قراري العودة الى داخل الوطن بصحبه الرفيق ميرغنى احمد على، و احمد جمعة.
وصلت الخرطوم عبر القاهرة وقمنا بترتيب اخفاء الكادر الذى نجى من الاعتقال واعادة ترتيب ادراة نشاط الحزب مع بقيه الرفاق فى اجواء حذره يتم فيها اعتقال البعثين اينما وجدوا...
كنت دائما اقضى بعض فترات ما بعد الفطور مع صديقى العزيز ميمى عبدالرحمن وهو من نجباء سرة شرق بعيدا عن دوائر الاهل المقربين ولحكمة لم اتيقن كنهها الى مؤخرا بعد خروجى من المعتقل حيث كانو مرابطين فى مداخل الورشه فى المنطقه الصناعيه الجديدة.... منذ الصباح حتى نهايه يوم العمل .لم اذهب اليه ذلك اليوم ولم اغادر شقتى المستاجرة للسكن مع اسرتى فى الطائف مربع 22 ومعظم منازلها تحت التشيد .بالقرب من شيخ حسن طنون متعه الله بالصحه والعافيه
فى الثالثه من ظهر ذلك اليوم حضر الى فى الشقه منزعجا رفيقى حامد وهو على بعد شارع من سكنى وليس من عادته الخروج من عرينه فى مثل هذا الوقت ... متسائلا ان كان لدى ذوى قربى يبحثون عن مسكنى لزيارتك وهم يستغلون عربه بوكس ولا يشبهون الحلفاوين ؟؟؟
وقد احاطو بسيارتى التى كان يستغلها حامد وسألوه ان كانت هى سيارة فتحى ...
قلت له لا احد يبحث عنى من الاهل منذ الانقلاب المشؤم وهم ينتهون دائما من زيارة الخال فى الديوم ويقدرون ظروفى النضاليه واذا كانت لهم رساله مهمة يتركونها هناك ولا يبحثون ..عنى.. او....
عن مسكنى .....اذن ... مساحه الشكوك لديه تعززت تماما... واتفقنا على مغادرة المنطقه قبل ان يعاودو الكرة والبحث لان دوائر بحثهم اصبحت قريبه جدا .. .وعليه العودة سريعا وتحضير شنطه احتياجاته الشخصيه لمغادرة منطقه الطائف ورشحنا منزل احد الرفاق فى الامتداد للانتقال بصور مؤقته ..
ورجع حامد الى مقره لتحضير نفسه للخروج من المنطقه، وجلست الى زوجتى ..لتهيئتها لما يمكن ان يحدث وتلقينها كيفيه التصرف بحكمه فى مثل هذة الظروف التى يمكن ان تغيبنى عنهم لفترة غير معلومه والاعتناء برضيعها نورى ثانى اولادى ونظمت كل شئ يمكن ان يحدث وفى انتظار .. رفيقى حامد.
رن جرس الهاتف.. وقمت بالرد عليه ولم اجد احدا فى الطرف الاخر.... !! ثم عاود الرنين ..بدون ..التحدث الى اكثر من ثلاثه مرات... هذه الحركات زادت من هواجسي ويقيني اني فى مواجهه شئ ما ... وطال انتظارى للرفيق حامد بدون جدوى... حتى غربت الشمس تماما وادركنا الليل بسكونه ... ثم عاود التلفون رنينه وفى هذة المرة سمعت صوتا يسالنى ...انت... لسه... بزهج ... وامتعاض .. قاعد..؟؟.... وقفل الخط .... اذن لابد من الخروج لاستطلاع الامر وخرجت من الشقه فى الساعه التاسعه من دون ان اغير ملابسى (عراقى وسروال.. وسفنجات ) واتجهت بشوارع جانبيه الى حيث يسكن رفيقى حامد ...
الأجواء هادئه تماما ومعظم الشوارع مظلمه وغير صالحه للمشى .. لمخلفات البناء المنتشرة .. سلكت زقاقا غير مطروق للحركه ليلاً حتى وصلت باب العمارة وبه حوش كبير يسع لسيارات السكان بارتياح والباب الرئيسي شبه مغلق كما هو معتاد ولا شئ يوحي بأمر غريب فدلفت الى الحوش الذى يعادل نصف مساحة القطعه المبنيه. حتى وصلت مدخل شقة رفيقي الارضية وايضا وجدت الباب شبه مغلق، دفعت بكل يسر وتسربت ا الى الداخل كاشفا البهو الرئيسى داخل الشقه ..... و ... .. و اول ما لفت نظرى وجود عدد من الشباب متحلقين حول التلفزيون واشكالهم غريبه لكن كل واحد فيهم يحضن بندقيته الآليه من طراز كلاشنكوف بشكل ظاهر واستعدلوا فى جلستهم تجاهي ....اذن هو الكمين الذى ينتظرنى... ونصب... بهدوء... في غياب سكان العمارة ... وقضي الأمر تماماً بالنسبه لى.
بادرتهم بسؤال مباشر ان كان عمر موجودا معهم وهو زوج ابنه مصطفى كبارة ويسكن فى الطابق العلوى ...
فى لطف لا يشبه تصرفاتهم لاحقاً، قالوا لي تعال هنا جوّه ... انت منو ... وداير منو ؟؟؟
قلت لهم ابحث عن عمر لعله متواجد معكم فهو جار ولم اجدة فى شقته ....
انت اسمك منو يا زول ؟؟؟
بدون تردد قلت لهم انا عبد المجيد .. وابحث عن عمر لأمر هام و يبدو انه ليس جالساً من بينكم وهممت بالخروج ...الا ..ان أحدهم بادرني بعدد من الاسئله ... من شاكله انت ساكن وين وشغال وين ..قبيلتك شنو... وقفز أحد الحاضرين، موجهاً سؤال مباشر ... يازول.. أنت حلفاوى ؟؟
بتعرف فتحى نورى .!!؟؟
هنا ادركت ان هنالك بصيص امل للمخارجه طالما لم يتعرفو على وبادرتهم بنفس اسالتهم ، من هو فتحى!! وماذا يشتغل واين يسكن ؟؟
ولم أجد اجوبه منهم بل سخرو منى باننى حلفاوى غير اصلى وكيف ساكن فى هذة المنطقه ولا تعرف فتحى
تعذرت بكبر منطقه حلفا وليس بالضرورة معرفه كل سكان حلفا وهذا شيء طبيعى لمنطقه متراميه الاطراف .....فى هذه الاثناء اتصل قائد التيم وطلب احضار احد الحلفاويين يعمل معهم للتعرف على هذا الزائر وطلب منى ان اجلس بضعه دقائق معهم وعادو الى متابعه المسلسل فى التلفزيون دون الاكتراث بى فى انتظار القادم ليفتى فى امرى وتتسرب الدقائق فى انتظار ممل الا ان نتفجاء بدخول غفير العمارة علينا حاملا كيس الفول للعشاء وتوجهه مباشرة الى المطبخ دو الاكتراث بهؤلاء الغرباء ولا حتى مجرد تحيتهم ........ هنا غمز احدهم الى زميلهم .....قوم شوف الدخل جوا ..دا.. وشوف شايل شنو ..ما...يقوم يكتلنا كمان !!! لحق به واحضرة امامنا وبداء بتفتيش ما يحمله ولم يكن سوى فول مصرى للعشاء ثم اجرى عليه تفتيش شخصى ولم يعثر على شئ وصاحبى الغفير مذهول بما يجرى ولا يدرك اية مصيبه تكاد ان تحل به ومن يسهر على حراستهم اها يا زول اسمك منو وجاى تسوى شنو هنا ...؟؟ قال انا احمد واعمل غفيرا فى هذه العمارة اها بتعرف كل السكان ؟؟ ايوا ..... يخرب بيتك يا احمد الجابك شنو هسى .. وبقت عيونك زايغه كدا ونفسك قايم (دا مع نفسى طبعا )
طيب بتعرف الزول دا ؟؟؟
ايوا ......دا صاحب حامد ......
اسمو منو يا زول ......... ؟؟
دا ما فتحى .......يخرب بيتك يا احمد
اكتسح الجميع مشاعر البهجه والسرور وسرعان ما ترك الغفير .. واتخذ كل منهم ركنا قصياً، واخرجو اجهزة الاتصال وتعالى صيحاتهم ..بينما سارع اثنين منهم شاهرين اسلحتهم ووقفوا بجانب الكرسي الذى اجلس عليه وتشاغلت عنهم بشد انتباهى الى ما يعرض فى التلفزيون وكأن الامر لا يعنيني ولم أبدى اى انزعاج لما يجرى من حولى واحاط بى الجميع يتفرسون وجهى وكانهم غير متاكدين بانه هو المطلوب و ها هو امامهم ما خرجو له منذ الصباح ...نعم انه هو ولا يعجبهم برود رد فعلى تجاه ما يجرى ..عكس ما تحوطو له من اعداد وتدريب للمواجهه ... ولم تمضى سوى بضع دقائق واسمع اصوات عدد من السيارات تتوقف فى الحوش الخارجى ...ويدخل البهو كتيبه كامله وهم فى حاله استعداد للمواجهه شاهرين اسلحتهم ويتوسطهم رجل منتشى بشكل طاؤسى ظاهر ولا يحمل سلاح ويبدو من ملامحه ودلاله انه الضابط المكلف وتوجهه نحوى مباشرة .. ولم اكترث به ولا برجاله وظللت مشغولا بالتلفزيون وكان ما الامر لا يعنينى رغم يقينى .. وقف بجانبى وانتهرنى ... قوم فوق.... فتحى.....الا...تعرفنى........ نعم انه اللواء عادل حمادة لعنة الله عليه اين ما حل .. فى قبرة الان وسيبعث ملعونا يوم يبعثون بما اقترفته ايديه فى حق جميع البعثيين الذى مرو عليه .. وامر هو باعتقالهم وعزبو وفق تعليماته واشرف على مصادرة ممتلكاتهم حتى الشخصيه ....نعم كل مناضلى البعث يحتفظون له بصورة بشعه فى اذهانهم ويشعرون بالخسران على وفاته قبل ان ينالو منه كما كان يشعر به وسوف نورد نماذج من سلوكه لاحقا
نعم انه هو وقد انتصب امامى وهو شبهه رجل محاط بجنود مدججين تحت امرتهم وبئس قائد توهموه هؤلاء الشبان الذين رمتهم اقدارهم ليقتاتو من المهام القذره ظنا منهم انهم يحسنون عملا اقل ما فيه انهم يكملون نواقص اشباه الرجال الذين ياتمرون بهم
كشف عن ابتسامه صفراء موجها اوامره للجنود ..عفارم عليكم .. يلا اخذوه...وتقدم منى اثنين ..وقامو بتفتيشى رغم انى لا ارتدى شيئا سوى العراقى ... واستلم احدهم مفاتيح سيارتى التى لم اراها ثانيا حتى اليوم .. واقتادونى الى الخارج وعند الباب وجدت اربعة سيارات تاتشر وعربه بوكس وقبل ان اصعد الى صندوق احداها اخروجو منديل قزر من احدهم لعصب عيونى بشدة واجلسونى فى الخلف بينما بعض الجنود جلسو على جانبى السيارة وتحرك الركب وهم يطلقون صيحاتهم .. العويرة المعبرة عن تحقيق نصر ما . ...وبسرعه فائقه ..... وهستيريه ..تحركنا .. الى ان وصل الموكب الى بوابه القيادة العامه .. ولم نتوقف كثيرا ..الى ان وصلنا ..العمارة الحمراء ... داخل مجمع القيادة ....العامه و تم انزالى وازاحو عصبة العين ... وكان اول سؤال من الجندى ... فتحى انت وين؟؟ بدون تردد اجبتهم اننى فى القيادة العامة اطلق ضحكه ساخرة لا ادرى ان كان لاجراأتهم الوهميه الفاشله ام نوع من الاستقبال .....قادنى نحو الحائط وطلب منى الوقوف امامها بدون الالتفات الى الخلف حيث هم وقوف فى انتظار توجيهات ذلك الملعون .... طال انتظارى وقوفا اكثر من ساعه .... وفجاأة .دب الحراك من الخلف وشعرت بوجود عدد من الناس حولى للتعرف على .. ولم اتعرف عليهم .. وبعد ان انصرفو جميعا احضرو كرسيين وتربيزة جلس حولها ذالك الضابط المشؤوم وتم اجلاسى فى الكرسى الاخر ثم بادرنى ان كنت احتاج كوب ماء او شاى ....ورفضت ذلك ... قال اذن نبدا ....قال لى .. فتحى انت متورط فى قضيه كبيرة ضد الدوله عقوبتها الاعدام !! اذا ... تعاونت !! ويمكننا ان نلتمس لك مخرجا وننهى المساله بشىء من الود اذا قبلت التعاون معنا بشكل ايجابى ...!!!
قلت له اكمل اجراءاتك كما تشتهى وليس لدى ما اخشى منه او اعينك به على رفاقى....فانا بعثى .. وكفى .
وقف صارخا ...بوريك .. والتف من الخلف وانزل قبضة يديه على رقبتى من الخلف ... بعنف ترك اول وسام على كتفى فى مواجهته وسرعان ما تدخل الحارس وطلب منه ترك هذة المهمة له ... واقتادنى الى حيث كنت واقفا مستقبلا بوجهى الحائط واستعان بخرطوش توصيلات المياه للضرب على ظهرى ويطلب منى بين ضربه واخرى .. التعاون مع الكمندان ..... امام رفضى ...تبادل الحراس على ضربى بلا هوادة حتى انهكت تماما ......ثم .. تم استدعائى من جديد من قبل ذلك القميئ ... وعاجلنى بالقاء صندوق مليئ بشارات النجوم...لعمل الدبابير لرتب الضباط على وجهى مباشرتا....صائحا فى وجهى ...دا..شنو ..دا .. لقينا فى مكتبك ...ملابس عسكريه وعلبة الدبابير ....!!! عايزين تعملو انقلاب وتركبو دبابير بى مزاجكم ؟؟ سالته ساخرا واين مكتبى ؟؟
[.. اها جنكم كضب ...دى عليك بالثابته وكمان فى شهود على ذلك ..عامل لى تغطيه بورشه ... انت قايلنا ..فارات ... يا حيوان !! ..الورشة دى بنصادرها زى المطبعه !!
(علمت لاحقا انهم داهمو فى نفس الليله ورشة صحبى محمد عبدالرحمن المتخصصه فى صناعه الاثاثات وعبثو فى كافه ارجاء الورشه وبعثرو محتويات مكتب صديقى يبحثون عن شيء ما يسعفهم فى تلفيق و الباس المستهدف تهمة يبرر افعالهم وعثرو على الملابس وعلبه الدبابير فى احدى الدواليب وتغافلو عمدا وجود عقد التزام بين كمال عبدالرحمن شقيق محمد عبدالرحمن ويعمل معه فى نفس الورشه وبين حرس الصيد لتوريد ملابس الضباط الخاصه بهم !!)
[.... شوف يا عادل ...انا بعثى ملتزم ولا انكر ذلك والتزم بمواقف البعث المعلنه منذ اول اسبوع سيطرت فيها المجموعه الانقلابيه من عساكر الجبهه الاسلاميه على البلاد عندك اى سطر فى بيان البعث انا حاضر وان كنت تبحث عن شيء وفق هواجسكم وقلقكم من الخوف ...هذا لا يعنينى .. وهذة الممتلكات تخص صاحبها اينما وجدتها وهو اقدر على الدفاع عن ممتلكاته وتبرير ما عثرتم عليها ...
شوف ليك موضوع مختلف ......
اها انت بيتك بى وين ....انا ما عندى بيت !! رقم حسابك فى البنك كام كدى ملينى رقمو ..!! .. ليس لدى اى حساب بنكى .. دى عربيتك .. ايوا ...
انت بدل ان تبحث فى الورش كان الاجدر بك ان تبحث عن مسكنى .. ودا شغلك مش شغلى انا .......طاخ وعينك ما تشوف الى النور بضربه خاطفه على وجههى ...حسبى الله من ذلك الوغد ....هو بروح من ربنا فين .. ساكون خصيما له فى اليوم الموعود .... وعندها قرر مصادرة سيارتى .. و ابقائى فى معتقله ...حتى 1994
حيث تم ترحيلى الى بيت الاشباح وهى عبارة عن زنازين تم تفصيل بنيانها مع سور منزل كان يسكنه مامون عوض ابو زيد فى الخرطوم شرق جوار سيتى بنك ...لكن كانت المفاجأ لى ليس فى وجود رفيقى حامد الذى تم اعتقاله اثناء تجهييز شنطته منذ وقت مبكر فى احدى هذة الزنازين بل وجود الرفيق مامون السمانى ولم ادرى انه كان قد سبقنى الى نفس الكمين فى شقه حامد وكانت دهشتى بترحيل كل سكان العمارة الى هذة الزنازين الشبيهه بالحمامات بحجه عدم ادلائهم بمكان فتحى وعدم معرفتهم له وحقا انا لا اعرفهم وتم حبسهم شهرا كاملاً
كما تاسفت بشدة لمنظر عريس مذهول قذف به القدر جاء الى هذة العمارة يقضى شهر العسل فى احدى الشقق ولم اسمع بمقدمه ولم اراه الى على هذه البقعه القذرة كم تمنيت ان اراه لاحقا ولم اتمكن لانى نسيت سحنته ولم اتعرف على اسمه وشد انتباهى وجود احد ضباط البوليس كان فى زيارة احد اصدقائه فى العمارة ارتبط قدرة بى لكنه اول من زار اسرتى بعد اطلاق سراحه وهو اول من سالنى .. عندما التقينا فى الحمام بعد عدة ايام ...هل انت فتحى نورى ...؟؟ قلت نعم ..ياخى طلعو زيتى .. وانا ما بعرفك .. انت عامل شنو اصلا ؟؟
اصبحت لاحقا صديقا لهذا الضابط وتم رفده من الخدمه وهو المقدم شرطه صلاح الفحل القيادى فى الوطنى الاتحادى ...لكن اتكيفت لما لقيت احمد الغفير برضو محشور فى احدى الزنازين ..وما يجينى زول يقول لى حرام عليك دا ما عندو زنب فى الحصل .. ايوا انا ذاتى ما عندى زنب ولا اعتقد ان الشعب السودانى عندو زنب فى الحاصل عليه اخير على اذان الصبح استقر بى المقام على ارضيه زنزانه انفراديه اتوسد سفنجتى على بلاطها صيفا وشتاء وخريفا حتى تم الافراج عنى عام 1994 وبذا انتهت هذة الليله الطويله ..لكنى اعدكم ان اكتب لاحقا عن العنكبوت وليس خيوطه ..فى.سلسله اعتقالات لم تتوقف حتى الان فى 2016
شكرا لحسن متابعتكم وصبركم على
فتحى نورى عباس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.