علامة سياسية كبيرة فارغة رهنت تفاصيلها حول جدلية استمرارية الشعبي في قطع ما تبقى من مراحل تنفيذ مخرجات الحوار، بعد الهجمات المرتدة التي سعى عبرها نافذون في الوطني للقفز بالزانة لتجاوز الخط الأحمر للحزب المتمثل في قضايا الحريات التي عكف على صياغتها الراحل الترابي، بجانب أنها كانت من آخر وصاياه لرفقائه قبل رحيله، بيد أن هنالك مياه كثيرة جرت تحت جسر الحوار الوطني بين الشعبي والوطني حول العديد من القضايا السياسية الشائكة بينهما، لكن قضية الحريات المطروحة الآن والتشريعات الدستورية المراد تعديلها كانت بمثابة خميرة العكننة التي أدت إلى تاجيج الصراع مابين الوطني والشعبي حول الحوار، ما يجعل استمرارية الشعبي في الحوار من عدمه رهين بخطوات الوطني في اتجاه طي الخلاف بتمرير المسودة الخلافية كما هي أو تحمل التبعات اللاحقة في حال انسحاب الشعبي من الحوار. تململ الشعبي وفي خطوة فسرها المراقبون بأنها حالة تململ حاقت بالشعبي لجهة وصوله لطريق مسدود حيال التعديلات الدستورية في أعقاب عدم تسليم الشعبي قوائم المشاركين من قياداته في الحكومة المقبلة على كافة المستويات، بعد تعنت الوطني في تنفيذ الاتفاق والالتفاف على المخرجات لجهة العرقلة التي صاحبت إيداع ملحق التعديلات الدستورية الخاص بالحريات إلى المجلس الوطني لإجازتها بجانب اعتزام قيادات الشعبي الدفع بقرار يقضي بإعلان الانسحاب رسمياً من الحوار في ظل المماطلة في تنفيذ مخرجات الحوار والمساس بالقيم الأساسية للشعبي بحسب مصادر الزميلة (المجهر السياسي) *اختلاف أهل البيت بيد أن القيادي بالشعبي أبو بكر عبد الرازق استبعد انسحابهم من الحوار واعتبره خطوة سابقة لأوانها مؤكداً مثابرتهم في اتجاه تمرير مسودة الحريات المطروحة دون إضافة «شولة»، وتابع إن تدثر نافذين من الوطني خلف لجنة التعديلات الدستورية لتعطيل قضايا الحريات لن تثنيهم من الوصول إلى نهايات الحوار، رغم مناكفات الوطني، وزاد أن الوطني سعي لإطلاق حناجر الخطباء بالمساجد لأجل جر حزبه لمعارك انصرافية حسمها الترابي مسبقاً، معتبراً بان الخطبة التي جرت على لسان خطيب مجمع النور الإسلامي عصام أحمد البشير بحضور رئيس الجمهورية المشير البشير الجمعة الماضية، تدل علي مباركة الوطني لخط خطبائه، لأجل النيل من مكتسبات الشعبي من خلال حملة سياسية يتخفى سدنتها وراء عباءة الدين، رغم أحاديث الرئيس البشير للشيخ السنوسي بأن «يرمي لقدام» دون الالتفات إلى العثرات الفقهية، مؤكداً بان مبتغى هذه الحملة هو صرف الأنظار لمنع التعديلات على قانون جهاز الأمن الوطني، وحول إعادة الأمور لنصابها بين الحزبين عول أبوبكر على مقدرة البشير على ايقاف هذا العبث على حد تعبيره، وأكد موقف حزبه من الحريات، وقال إنها خط أحمر لامزايدة حولها، وأردف بأن حزبه يبدو زاهدا بالمشاركة في حكومة ترسي قواعدها على الجبروت والطغيان وتابع « المشتهي الحنيطير يطير» * سير المفاوضات بينما توقع رئيس لجنة إسناد الحوار د.عمار السجاد بأن تمضي لجنة التعديلات الدستورية إلى تمرير مسودة الحريات المطروحة دون جرح أو تعديل، مشيراً الى عدم دقة ما أثير من أنباء حول اتجاه حزبه للانسحاب من الحوار، مؤكدا في حديثه ل(آخر لحظة) على استمرارية سير المفاوضات والترتيبات بين الشعبي والوطني لأجل صياغة التشكيلة الحكومية الجديدة، وتابع «نحن يادوب بدينا « مرحلة النقاش حول كيفية توزيع الجهاز التشريعي بيننا والوطني، كاشفاً النقاب عن اجتماع يلتئم اليوم للجنة التنسيقية العليا للحوار للبت حول المعايير المناسبة في توزيع الحقائب الوزارية بجانب المجالس التشريعية القومية والولائية، وأردف بأن الأمورفي هذا الإطار « ماشة كويس « *فقه كلاسيكي وبالمقابل سعى المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. الطيب زين العابدين إلى رسم صورة قاتمة على جدارية الحوار الوطني في حالة خروج الشعبي، واعتبر الخطوة إن حدثت ستكون كارثة سياسية في جبين الوطني، لاعتبار الشعبي أكبر المدافعين عن الحوار حتى أتهم من قبل البعض بأنه يريد عبر هذا المسلك أن يمضي في اندماجه مع غريمه الوطني، رغم الأصوات التي ترتفع من داخل أسوار الحزب من قبل أمانتي الشباب والمرأة بعدم المشاركة في الحوار، مؤكداً أن بقاء الشعبي ضمن أحزاب الحوار من شأنه أن يعطيه القوة السياسية المطلوبة، رغم عدم تحمس الوطني لوجوده، واصفاً الحالة بين الطرفين بانها أشبه بالمثل « ما بريدو.. وما بحمل براهو» نقاط الخلاف زين العابدين يرى نقاط الخلاف بين الحزبين تتمثل حول طرح الشعبي للقضايا القانونية التي دمغها بميزان الفقه الكلاسيكي العميق الذي خطه الترابي، وأشار إلى عدم استطاعة هيئة علماء الوطني لتفسير هذه المرامي الفقهية التي ينشدها . فيما فسر أستاذ العلوم السياسية بالإسلامية د. راشد التجاني تلويح الشعبي بمغادرة مقعده بالحوار يصنف بأنه لأجل ممارسة المزيد من الضغوط السياسية على الوطني، حتى يرضخ إلى رؤى الشعبي المختزلة حول تنفيذ قضايا الحريات، وفي هذا المسلك استبعد راشد انسحاب الشعبي من الحوار، رغم وجود ثلاث قضايا ظلت محل تجاذب بينه والوطني كقضية المساواة بين الجنسين ونكاح الزوجة بجانب حرية الاعتقادات الدينية ومها يكن من أمر فان المساجلات السياسية بين الشعبي والوطني في مضمار التشريعات القانونية التي برع الشعبي في تسويقها على نسق الراحل الترابي، من شأنها أن تجعل الشعبي يمضي إلى ممارسة لعبة شد الحبل مقابل الحوار الوطني في حالة تعنت الوطني . اخر لحظة