: عكست الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 22 مارس/آذار شكوى الأغلبية العظمى من المصريين من ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الحكومة نجحت بالفعل في التخفيف من حدة بعض الأزمات، خاصة في السلع التموينية مثل السكر، كما أصبحت باقي السلع الغذائية متوافرة في الأسواق، رغم ارتفاع أسعارها. وتباهي الحكومة بنجاحها كذلك في خفض عجز الموازنة وزيادة تصدير السلع والإقلال من الاستيراد. كما تواصل اهتمام الأغلبية بقرب امتحانات المدارس الإعدادية والثانوية والجامعات. واهتمت لأول مرة بقضية سياسية وهي الأزمة التي انفجرت على نطاق واسع بين مصر والسودان واشعلتها تصريحات مسؤولين سودانيين وشبكات التواصل الاجتماعي، وامتلاء الصحف بالأخبار والمقالات عنها . كما واصلت الصحف كذلك تخصيص مقالات عديدة تتناول سيرة حياة وعطاء المفكر المرحوم السيد ياسين. أما الخارجون عن القانون، الذين يعتدون على أملاك الدولة، والهاربون من تنفيذ الأحكام القضائية، وهم كثيرون، فقد اهتموا بمواصلة الشرطة حملاتها ضدهم. كما أن هناك متابعة جماهيرية لحملات هيئة الرقابة الإدارية للقبض على المسؤولين المرتشين. والغريب في الأمر أنهم لم يرتدعوا، رغم ما ينشر عن القبض على غيرهم من المرتشين. وإلى ما عندنا من أخبار أخرى.. مصر والسودان ونبدأ بمصر والسودان والحملات التي تعرض لها الرئيس السوداني عمر حسن البشير بشأن تصريح له عن أن حلايب وشلاتين سودانيتان، وخصصت «الوفد» رأيها أمس الأربعاء في الصفحة الأولى لذلك، وقالت تحت عنوان «عاشت وحدة وادي النيل»: «لا يوجد مواطن مصري أو مواطن سوداني إلا ويعلم يقيناً عمق العلاقات المصرية السودانية، التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ. يعلم الجميع أن الشعب المصري والشعب السوداني هما شعب واحد يعيش على ضفاف نيل واحد، يرتبط بأواصر الدم والمصاهرة، فالمصريون يعيشون في شمال وادي النيل، والسودانيون يعيشون في جنوب وادي النيل، وسيظل الشعبان يذكران هتافهما الخالد «عاشت وحدة وادي النيل شعب واحد نيل واحد». وحزب الوفد المصري الذي أعلن زعيمه خالد الذكر مصطفى النحاس باشا أنه «تقطع يدي ولا أوقع على اتفاقية تفصل السودان عن مصر»، ما يؤكد أن مصر قيادة وشعباً حريصة كل الحرص على نقاء وصفاء ومتانة العلاقة بين الشعب المصري والشعب السوداني. وقد أكد الوفد في تصريح سابق على لسان رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي، الذي التقى أكثر من مرة الرئيس السوداني المشير عمر البشير، الذي أكد في لقائه على تقديره الكبير للرئيس عبدالفتاح السيسي، وأنه منذ أول لقاء جمعهما لمس فيه الوطنية وصدق المشاعر تجاه السودان وشعبها، بل روى الرئيس عمر البشير لرئيس الوفد كيف كان ضابطًا في اللواء السوداني الذي شارك في حرب 1967 وحرب 1973، وحرب الاستنزاف، وكان موقع اللواء على الشاطئ الغربي للقناة، وكيف كان جنود الصاعقة والعمليات الخاصة يعبرون من خلال الكتيبة التي يخدم فيها الضابط عمر البشير وكيف كانوا ينتظرون ببالغ الفرحة الأبطال المصريين بعد عودتهم من العمليات، ويستقبلونهم للاطمئنان عليهم، بما يؤكد ما يكنه الرئيس السوداني من إعزاز وتقدير لمصر وشعبها. ويؤكد الوفد أن حرصنا على تلك العلاقات التاريخية والاستراتيجية يجعلنا نعلن رفضنا لأي هجوم على الشعب السوداني الشقيق أو قيادته، كما نعلن رفضنا لتجاوز أي نائب أو إعلامي في حق أشقائنا في السودان، فالسودانيون والمصريون ليسوا إخوة في العروبة فحسب، وإنما هم شعب واحد انصهر في بوتقة واحدة هي بوتقة المصير المشترك، ومن العار أن نجد وسائل إعلام هنا أو هناك لا تعي هذا الواقع، بل تتطاول أو تهاجم فهذا أسلوب المغيبين الذين لا يدركون خصوصية وأزلية العلاقات المصرية السودانية. على أي حال لا نكون مبالغين إذا قلنا إن الرئيس السوداني عمر البشير يكن كل تقدير وحب لمصر وشعبها، وقد ثبت ذلك يقينًا خلال زيارته الأخيرة لمصر ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبزيارته هذه إلى القاهرة قطع الطريق تمامًا على كل المزايدين والمتربصين، الذين يحاولون دائمًا النيل من العلاقات الراسخة والأزلية بين الدولتين والشعبين المصري والسوداني». تحريك ملف حلايب لكن رغم دفاع «الوفد» عن البشير فإن الدكتور أسامة الغزالي حرب في «الأهرام» لم يعجبه هذا الدفاع وانطلق يهاجم البشير في عموده اليومي في الصفحة الحادية عشرة «كلمات حرة» بقوله: «من أسخف الأنباء التي نصادفها بين الحين والآخر تلك التي ترد علينا بشكل موسمي من جانب مسؤولي حكومة البشير، حول منطقة حلايب. و جاءت آخر تلك الأنباء في تصريح منسوب لرئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود في السودان عبد الله الصادق لصحيفة «سودان تريبيون» قال فيه، إن وزارة الخارجية دعت عدة أطراف تشمل وزارات العدل والداخلية والخارجية، ودار الوثائق القومية ولجنة ترسيم الحدود، لتجميع أعمال اللجان السابقة حول حلايب وتحديث مخرجاتها. ويبدو أن الوزارة تريد تحريك ملف حلايب، وهذا هو نص ما جاء في صحف (الأمس) وحسنا فعلت الدكتورة آمنة نصير عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عندما استنكرت تلك الأنباء، معتبرة أنها «افتعال لمشكلات لا تتحملها المنطقة العربية». وقالت الدكتورة نصير «البشير يريد أن يقدم نفسه بطلا لاسترضاء السودانيين عبر تلك التحركات، وهو يستخدم قضية حلايب وشلاتين من باب المناورات ودعم نفسه كرئيس». وشددت على أن منطقة حلايب وشلاتين مصرية ومواطنيها مصريون، ولا تنازل عنها». والواقع أنه لم يعد سرا الآن أن السيد البشير الذي يحكم السودان اليوم منذ ثمانية وعشرين عاما عقب انقلاب إخواني سيطر على كل مفاصل الدولة السودانية، يفتعل قضية حلايب كلما أراد إثارة ضوضاء وغبار، لصرف الأنظار عن مشكلاته الداخلية، وافتعال شرعية غير موجودة، مثلما قدّم شكوى لمجلس الأمن في يناير/كانون الثاني الماضي، بشأن القضية نفسها. لقد نجح البشير في تمزيق السودان وفصل جنوبه عن شماله، وارتكب جرائم ضد الإنسانية في دارفور دعت المحكمة الجنائية الدولية لملاحقته، ولكنه يثير الآن قضية حلايب المصرية التي شهدت أعلى نسبة تصويت من أبنائها في انتخابات مجلس النواب الأخيرة، ويا ليت حكومة البشير تجد لنفسها قضية أخرى تشغل بها الناس بدلا من اسطوانة حلايب السخيفة». علاقات تاريخية وأمس الأربعاء نشرت «البوابة» المستقلة اليومية في صفحتها الأولى تحقيقا شارك فيه محمد العدسي ونشأت أبو العينين ومحمد بكر عن تصريحات لعدد من أعضاء مجلس النواب منها: «قال اللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي: إن العلاقات بين مصر والسودان تاريخية، وكان ملك مصر يسمى «ملك مصر والسودان» منذ عهد محمد علي، وعقب ثورة يوليو/تموز 1952 ووفاءً من الدولة المصرية للإخوة السودانيين، تم منح الاستقلال للسودان، بناءً على رغبة أبنائه. وأوضح عامر أن المناطق الإدارية في حلايب وشلاتين تحددت بقرار من وزير الداخلية الإنكليزي وقت الاحتلال، بهدف تنظيم الرعي بين القبائل المصرية والسودانية، مشيرا إلى أن خط الحدود الثابت دوليا وفي جميع الخرائط العالمية، هو خط عرض 22 الذي يمثل حدود مصر الجنوبية. وأشار عامر إلى أن مصر تحتضن ما يقرب من 4 ملايين سوداني يعيشون فيها كمواطنين ويحصلون على حقوق المواطن المصري نفسها. مضيفا: «تعودنا من الأشقاء السودانيين على بعض التصريحات في هذا الشأن لكنهم يدركون تماما أن هذه المنطقة أرض مصرية». أيهما الأقدم حضارة مصر أم حضارة السودان؟ ثم نتوجه إلى «الشروق» لنكون مع رئيس تحريرها عماد الدين حسين وقوله في عموده اليومي «علامة تعجب»: «فجأة امتلأت صفحات الفيسبوك وتويتر بآلاف التعليقات، على خلاف مصري سوداني بشأن تصريحات لوزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان قال فيها، إن السودانيين حكموا مصر، وأن النبي موسى كان سودانيا، وكذلك فرعونه، وأن أساتذة تاريخ سودانيين سيقومون بتنقيح كتب التاريخ لإثبات أن حضارة بلاده هي الأقدم، وأن أهرامات البجراوية في منطقة مروى أقدم من الأهرامات المصرية. في تقديري أن الوزير السوداني لم يكن موفقا بالمرة حينما يدخل في ملاسنة بشأن الآثار التي هي موضوع جدلي يناقشه أساتذة وخبراء متخصصون، ومكانه الندوات والمؤتمرات الضيقة المتخصصة، وليس وسائل الإعلام العامة. من حق السودان بالطبع أن يستقبل أي مسؤول أجنبي، شعبي أم رسمي، ومن حقه أن يطور مناطقه الأثرية، لكن ليس من الحكمة لبعض مسؤوليه أن يتصرفوا بهذه الطريقة. ومن المحزن والمؤسف أن الكتابات المصرية بشأن السودان كانت شديدة التفاهة وتفوح منها روح عنصرية. ما لا يعلمه هؤلاء أن هذه الإساءات لا يمكن نسيانها بسهولة ولم يتعظ بعض الإعلاميين السذج من درس معركة أم درمان عقب مباراة مصر والجزائر وقتها، وهي المعركة التي سببت جرحا غائرا لاتزال بعض آثاره موجودة حتى اللحظة». المهم أنه حدث اتصال بين وزيري خارجية البلدين وصدر عنهما البيان التالي الذي نشرته أغلب الصحف المصرية والعربية ومنها «البداية»: «التزاماً منهما بتوجيهات القيادة السياسية في البلدين بضرورة العمل المتواصل على توثيق أواصر التعاون والتضامن والتنسيق المشترك والمضي قدماً نحو تنفيذ برامج التعاون، التي تم إقرارها خلال اجتماعات اللجنة الرئاسية العليا الأخيرة برئاسة الرئيسين عمر حسن أحمد البشير وعبد الفتاح السيسي، أكد الوزيران على رفضهما الكامل للتجاوزات غير المقبولة أو الإساءة لأي من الدولتين أو الشعبين الشقيقين، تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت الأسباب أو المبررات. وشددا على ضرورة تكثيف التعامل بأقصى درجات الحكمة مع محاولات الإثارة والتعامل غير المسؤول من جانب بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الإعلامية، الذين يستهدفون الوقيعة والإضرار بتلك العلاقة، بما لا يتفق وصلابتها ومتانتها والمصالح العليا لشعبي البلدين الشقيقين. وأعرب الوزيران عن تقديرهما الكامل لثقافة وتاريخ وحضارة كل بلد وإيمانهما بأن نهر النيل شريان الحياة الذي يجري في أوصال الشعبين السوداني والمصري، موثقاً عرى الإخاء والمصير المشترك على مر العصور، سوف يظل مصدر الخير والنماء والاستقرار والتنمية خدمة للمصالح الحيوية للبلدين الشقيقين. واتفق الوزيران على عقد جولة التشاور السياسي المقبلة في الخرطوم على مستوى وزيري الخارجية خلال النصف الأول من شهر أبريل/نيسان 2017». القدس العربي