بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب آدم أحمد يوسف نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي 31 مارس 2017م الموافق 3 رجب 1438ه الخطبة الأولى الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وآله مع التسليم، قال تعالى : (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين). ايها الاحباب هذه الايام نتفيأ ظلال الذكري ال 47 لاحداث مارس 1970م في الجزيرة ابا وهنا في مسجد الهجرة بودنوباوي وفي الكرمك. تلك الاحداث التي قدم فيها كياننا ارتالا من الشهداء علي راسهم الحبيب المجاهد الشهيد الامام الهادي المهدي. احبابي في الله ان كياننا قد وُلد في رحم المعاناه حيث جاء علي لسان مؤسسه الاول الامام المهدي عليه السلام قوله ( واجعلنا ممن آثر التقوي والوفاق والصبر علي الشدائد والمشاق رغبةً قي دوام القرب والتلاق وقوّ نورنا ليهون علينا ذلك واجعل لنا قوة منك علي تحمل ما يرضيك والقيام به رغبة فيما عندك يا قادر يا كريم يا رزاق واشرح صدورنا بنور منك يا رب يا رب يا رب مع الإنابة اليك وشدة الاشتياق امين) ويلاحظ هنا ان الامام المهدي عندما تعرض للشدائد والمشاق لم يطلب ازالتها بل طلب قوة النور اي قوة الايمان لتحمل تلك الصعاب. فكانت البداية هي التحدي لاكبر امبراطورية والتي كانت تسود العالم بأثره وكانت مستعمراتها لا تغيب الشمس عنها فقد استعمرت بريطانيا والتي كانت تُكنى ببريطانيا العظمي استعمرت الصين والهند واستراليا وجنوب افريقيا واقصي غرب افريقيا. حقيقة كانت بريطانيا متسيدة العالم ولكن عندما قابلت جند الله احباب الامام المهدي انصار الله فكان مصيرها الهزيمة تلو الاخري حتي حرروا مساحة مليون ميل مربع في قلب القارة السمراء في 26 يناير من العام 1885م . نعود ونقول ان احداث مارس 1970م كانت سلسلة من نضالات احفاد الذين صنعوا امجاد السودان في حقبة المهدية. فكانوا حراساً لمشاريع الحق حتي بعد جلاء الاستعمار. كان انصار الله حريصين علي المبادئ والقيم النبيلة التي غرسها اسلافهم فكانوا حماة الدين والديمقراطية والحرية والوطن وحقوق الانسان. وعندما جاءت مايو بليل وكان انقلاباً علي ديمقراطية ارتضاها شعب السودان فما كان من قائد الركب الامام الهادي الا ان عارض نظام مايو رافعاً شعار لا لحكم الفرد لا لا لقهر الشعب لا وداعياً لنظام يحترم كرامة الانسان، نظام فيه العدل والمساواة والسلام. فما كان من نظام مايو الديكتاتوري الذي جاء علي ظهور الدبابات وافواه المدافع والذي تحالف مع نظم شمولية مثله تمثل حلف طرابلس والذي ينضوي تحته نظام عبد الناصر والقذافي والنميري. وقد شارك ثلاثتهم في تلك الجريمة النكراء. حيث امطروا المواطنين العُزل الا من سلاح الايمان امطروهم وابل من القنابل وقذائف اللهب واستعملوا الطيران السوداني والمصري والليبي من يوم الجمعة الموافق 27 مارس وحتي يوم الاحد الموافق 29 مارس واستمر التمشيط حتي يوم الاربعاء يقتلون الاسرى. وفي يوم السبت 28 مارس تحرك الاحباب الانصار وكان معظمهم من طلاب خلوة الامام عبد الرحمن المهدي في ودنوباوي تحركوا تضامناً مع اخوتهم في الجزيرة ابا وساروا في موكب سلمي الي القصر الجمهوري وعندما وصلوا الي كبري النيل الابيض قٌفل الكبري امامهم ثم عادوا الي المسجد فوجدوا عصابة مايو مطوقة المسجد بالدبابات والعربات المدرعة حيث حصدوا ارواح طلاب القرآن واهل الصُفه من الفقراء والمساكين فكانت مجزرة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيل. ولحق الجناة بالامام الهادي وصحبه الميامين في منطقة الكرمك وقتلوهم شر قِتله وهم اسرى وكل ذلك فعله المجرمون في مواطنين عزل احتجوا علي انقلاب عسكري جاء بليل وسرق سلطة الشعب. كان الاعلام المحلي والاقليمي والدولي في بيات شتوي لم يكتب الاعلام عن تلك الجريمة النكراء بحجمها الحقيقي. بل شارك عدد كبير من الطغاة الذين تسلطوا علي شعوبهم في تلك الاحداث الحزينة واعترف بعضهم بما فعلوا واذكر ان مجلة الفجر المصرية اجرت حواراً مع المخلوع حسني مبارك وسُئل متي تعرفت علي عبد الناصر عن قرب؟ فقال عندما تمردت قرية الجزيرة ابا في السودان استدعاني السادات لمقابلة عبد الناصر وتلقيت التعليمات بالمشاركة. اما القذافي عندما زار السودان عقب انتفاضة رجب ابريل 1985م فقال (ظللوني وقالوا لي انهم راديكاليون). وهكذا اعترف المجرمون بجرائمهم في دار الدنيا ويوم القيامة تشهد عليهم ايديهم وارجلهم فيقولون لها لما شهدت علينا فتقول لهم انطقنا الله الذي انطق كل شئ. ان احداث مارس1970م في الجزيرة ابا وودنوباوي والكرمك تعتبر اكبر جريمة انسانية تُرتكب في حق ابرياء مواطنين يطالبون بحقوقهم. فنحن اذ نذكر تلك الاحداث انما نرجع بذاكرة التاريخ الي ذلك الزمان التليد الذي كان فيه اولئك الاطهار الاتقياء الاوفياء الابرار الذين ضحوا بدمائهم الطاهرة الذكية في سبيل الدين والوطن فكان همّ الامام الهادي ان يُجاز الدستور الاسلامي والذي كان في مرحلة القراءة الثانية ولكن شياطين الانس لم يريدوا ذلك لذلك كان ذلك الانقلاب المشؤم الذي كمم الافواة وصفد الايادي وقيد الارجل وجثم علي صدر الوطن ستة عشر اعوام عجافاً فيها تخلف السودان عن ركب الحضارة والتطور والنمو ولم تنشأ مشاريع للتنمية بل كان التأميم لكل الشركات الوطنية ونتج عن ذلك تدهور القيمة الشرائية للجنية السوداني الذي كان قبل مايو يساوي ثلاثة دولار ونصف. وفي عهد مايو كانت الطفرة لكل الدول العربية والاسيوية والافريقية من حيث البنيات التحتية والمشاريع القومية اما مايو فقد حبست السودان في عهد القرون الوسطى. الحديث قال صلي الله عليه وسلم (اللهم من ولى من امر امتي شيئاً فشقى عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من امر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به .. ) او كما قال. الخطبة الثانية ايها الاحباب يوم الاثنين الماضي الموافق 27 مارس الجاري، زار الحبيب الامام الصادق المهدي الجزيرة ابا ليشهد احتفال الانصار بالذكري ال47 لاحداث مارس 1970م. ان الزيارة كانت كيوم عرفه من حيث الحشود الجماهيرية. ان يوم ابا في يوم الاثنين الماضي كانما انبتت الارض وامطرت السماء بشراً. كان الناس كالسيول الهادرة من كل فج عميق ومن كل حدب وصوب. خرج الناس شيباً وشباباً كهولاً وشيوخاً نساءً ورجالاً واطفالاً. خرج الجد وابنه وحفيده وخرجت الجدة وبنتها وحفيدتها يمثلون كل فئات الشعب السوداني، فيهم البروفيسور وحامل درجة الدكتوراة والماجستير وغيرها من الدرجات العلمية الاخري، وفيهم الاُمي الذي لم يجيد القراءة والكتابة. خرجوا حماة لمشاريع الحق والحرية والكرامة خرجوا ولسان حالهم يقول .. يا حفيد المنتظر الكل بعاين ليك ما خابت رجالاً سندت ظهورا عليك ندمان البخاصمك والاله حابيك تلك الحشود لم يصرف عليها الامام ولا الكيان بل مولوا انفسهم وتلك هي محبة في هذا الامام الذي حباه الله بمحبة الناس. وجاء في الاثر ان الله اذا احب عبداً نادي يا جبريل اني قد احببت فلان فينادي جبريل في اهل السماء ان أحبوه ثم يُكتب له القبول عند اهل الارض. وهذا ما شاهده الجميع في هذا الامام. ان الذي حدث في ابا وحدث من قبل في يوم العودة لا يفسره المرء الا بحب من عند الله. والقيت عليك محبة مني، فكان محبوباً. ولو انفقت ما في الارض جميعا لما استطعت ان تملك قلوب الناس. ولله در من قال : قد يعشق المرء من لا مال في يده ويكره القلب من في كفه الذهب ما قيمة الناس الا في مبادئهم لا المال يبقي ولا الالقاب والرتب وقد عشق الناس الحبيب الامام لا لدنيا وهو اليوم معارض لا يمتلك مالاً ولكن يمتلك قلوب الملايين. ينظرون اليه ويكبرون الله ولله دره حيث جاء في الاثر ان لله عباداً اذا رؤا ذُكر. فقول الاحباب الله اكبر ولله الحمد هي كلمة ذكر ولله عباداً اذا رايتهم ذكروك بالله والامام واحد منهم. حفظ الله الامام وامد عمره في طاعة الله ليكون سبباً في خروج الاسلام من هذا النفق المظلم الذي اوقعه فيه المتنطعون والمنكفئون والمتشددون والارهابيون وهو القائل : لا تسمعوا من يقول لكم ان الاسلام خطته الدماء زورُ ذلك الكلم. ان الاسلام خطته الحسنى وغايته ان الشعوب تلتئم فارفعوا علم الاسلام مصطحباً حرية الشعب ليسموا ذلك العلم. أيها الاحباب الراحل المقيم الوالد الحبيب عوض عمسيب حفظ القران الكريم في خلاوي العليقة الشيخ محمد ود مضوي ودرس العلم فكان أحد علماء الأنصار في منطقة بحر ابيض. عاصر الائمة منذ الامام عبد الرحمن والامام الصديق والامام الهادي. وظل على مبدأه حارسا لمشارع الحق حتى لقي ربه راضيا مرضيا في عهد الامام الصادق. الوالد عوض عمسيب كان من اعيان الكيان حيث كانت له صولات وجولات خاصه في عهود الدكتاتوريات. وفي عهد مايو كان من أبرز المعارضين في مدينة كوستي. الحبيب الوالد عوض عمسيب حلو المعشر من الموطئين اكناف الذين يألفون ويؤلفون وكان صاحب فكاه مع الصغر والكبير عرفناه عن قرب في عهد الإنقاذ فكان نعم الوالد ونعم الصديق وافته المنية في غياب الحبيب الامام ويوم الاثنين الماضي عندما زار الحبيب الامام الجزيرة أبا ضربت اسرته أروع الامثال حيث جاء ابناءه وبناته وشقيقة على عمسيب جاءوا الي الحبيب الامام في مقر اقامته في الجزيرة ابا وقالوا له نحن جئنا لنعزيك في ابينا. وبهذا يكون مثلا يحتذي به ونحن نشيد بهذه الخطوة ونأمل ان تكون سنه حسنه يتبعها الاحباب. اللهم ارحم حبيبنا وابانا عوض عمسيب رحمه واسعة وادخله فسيح جناتك مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم ارحمنا وارحم اباءنا وامهاتنا واهدنا واهدي ابناءنا وبناتنا وجنب بلادنا الفتن ماظهر منها وما بطن يا رب العالمبن.