وزارة المعادن تشدِّد على استخدامه الصحيح موطنون بالشمال والغرب يطالبون بإيقاف استعماله الأبحاث الجيولوجية: "السيانيد" يُستخدم عالمياً في قطاع التعدين الخرطوم: تيسير الريح ما جاءت به الأخبار من تمكن المئات من أهالي بلدة (صواردة) في الولاية الشمالية، من إيقاف إمداد الكهرباء لمصنع يستخدم مادة (السيانيد) في تعدين الذهب بالقرب من محطة المياه، ونجحوا في إصدار قرار من القاضي المقيم في المنطقة بإيقاف العمل في نصب أعمدة الكهرباء، وفي ذات التوقيت فقد خرج مواطنون في بلدة سودري بشمال كردفان احتجاجاً على إنشاء مصنع يستخدم (السيانيد)، إذن في الاحتجاجات شمالاً وغرباً تبدو متشابهة في تفاصيله وغاياتها ويشدد السكان المحليون بمناطق إنتاج الذهب على رفضهم القاطع قيام مصانع تستعمل هذه المادة التي يصفونها بالقاتلة . صواردة والثورة العارمة قبل أن تتخذ حكومة الولاية الشمالية قراراً قضى بإيقاف عمليات تشييد مصنع بمنطقة صواردة لاستخراج الذهب عبر مادة السيانيد، فإن السكان المحليين في المنطقة التي تقع ضمن الحدود الجغرافية لمحلية وادي حلفا خرجوا في عدد من الاحتجاجات العارمة، عندما تفاجأ المواطنون بفريق فني يعمل على نصب الأعمدة لتوصيل الكهرباء لمصنع بالمنطقة، قبل أن ينجح المدير الإداري للوحدة الإدارية بعبري الذي وصل المنطقة برفقة القاضي المقيم، في نزع فتيل الاحتجاجات بعد إعلانه للمواطنين الغاضبين إيقاف العمل إلى ما بعد وصول لجنة الخبراء التي كونتها اللجنة الشعبية لحماية البيئة لدراسة آثار المصنع، وكانت اللجنة السداسية المكونة من مناديب 6 قرى متضررة من قيام المصنع دعت المواطنين إلى وقفة احتجاجية وإقامة خيمة للاعتصام أمام المصنع، لإجبار الشركة الدولية للتعدين على إغلاق المصنع أو ترحيله، وطالب المحتجون بإزالة المصنع من أطراف الأحياء السكنية، بسبب الآثار المدمرة لمادة السيانيد، لأن المصنع يعمل على معالجة المخلفات المشبعة بالزئبق المحرم دولياً بالسيانيد القاتل، الذي يتسبب في نفوق الطيور والأسماك في المنطقة القريبة من المصنع. تكرار المشهد وفي ولاية شمال كردفان خرج المئات من سكان مدينة سودري في مظاهرةٍ جابت أرجاء المدينة منددة بقيام مصنع للتعدين يختص باستخلاص الذهب يستخدم (مادة السيانيد)، أكد المواطنون أن المظاهرات سلمية تدعو لإغلاق المصنع. السيانيد كما توضح الحقيقة بحثنا على الشبكة العنكوبتية للتعرف على مادة السيانيد ووجدنا أن التحذير منها لا ينحصر على السودان، يُنتج السيانيد الصناعي انطلاقاً من مادة الأمونياك وبعض الهيدروكاربورات، ويُستعمل السيانيد الاصطناعي في عدة مجالات من بينها مجال التعدين والصناعة المنجمية، بهدف استخراج الفلزات الثمينة كالفضة من معادنها الخام، وتتم عبر سحق الحجر الخام بدقة، بواسطة كسّارات آلية ضخمة، وغمر المسحوق الدقيق في محلول السيانيد، وبعد مدة من التفاعل وتكون أوحال وجزيئات معدنية يتم استخراج الفضة أوالذهب بإضافة نجارة الزنك أو الألومنيوم إلى المحلول، ثم تحميضه بحامض "الكيبريتيك" لإزالة الزنك أو الألومنيوم الزائد، وبعد ذلك يتم تجفيف الوحل وتسخينه في فرن خاص تصل فيه درجة الحرارة إلى أكثر من 900 درجة مئوية مع التهوية لأكسدة الحديد والرصاص المتواجدين، ينتج عن ذلك منتوج أولي قد يتكون من 90% من الفضة (أو الذهب). نفايات خطرة أما البقايا الناتجة عن هذه العملية فهي عبارة عن نفايات صناعية شديدة السمية بسبب أملاح السيانيد التي تحتويها، وقد يتم تخزين هذه النفايات عادة في أحواض يتم بناؤها بطريقة خاصة ومفتوحة للهواء الطلق وغير نافدة بإحكام تام على شكل سدود، وتحت تأثير الشمس والرياح على هذه الأوحال يتم تجفيفها عن طريق التبخر مما قد يجعل السيانيد يتلاشى ويكوِّن السيانات ثم الكاربونات وهي مركبات غير سامة، لكن الشركات الرأسمالية تتفادى هذه العملية، نتيجة تكاليفها العالية، ويقومون بطرح تلك النفايات على شكل أوحال شديدة السمية مباشرة في الوديان ومجاري المياه ليتم دمج تلك السموم في الفرشاة المائية الباطنية ودمجها في السلسلة الغدائية المحلية لينتج عن ذلك أمراض خبيثة وعاهات صحية مستدامة. استعمالات أخرى هناك استخدامات واسعة لغاز هايدروجين السيانيد وأملاح السيانيد مثل طلاء المعادن وصهر المعادن والصناعات البلاستيكية والصناعات الكيماوية والتصوير الفوتغرافي واستخراج الذهب والمواد المستخدمة في مكافحة الحشرات الضارة، واستخدام السيانيد كسم له تاريخ طويل يعود لآلاف السنين في الإمبراطورية الرومانية للفتك بالمعارضين، كما استعملته النازية خلال الحرب العالمية الثانية ضد السجناء، فضلاً عن ذلك يستعمله الجيش الأمريكي على نطاق واسع. ترحيب ورفض وبالعودة إلى احتجاجات سودري، وهذا الصدد فقد أعرب المواطن بسودري ميرغنى مفرح الطاهر ترحيبهم بأي جهة تود أن تستثمر في أي مجال فقط عليها أن تتبع الأسس المتعارف عليها في العقود وما يتبعها من شروط ، وأضاف في حديث ل(الصيحة): فيما يتعلق بمصنع الكرته بسودري وأسباباً تحفظاتنا عليها، أوﻻً: الموقع غير مناسب وهو على مرمى حجر من المدينة والأدهى والأمر تم ترحيل السلخانة التي تمدنا باللحوم والبروتينات من جوار المصنع مسافة 4 كيلو والمصنع باق في محله (ودي صورة مقلوبة)، ويشير إلى أن المادة البديلة للسيانيت قيل اسمها اليوريا وهي عباره عن سماد زراعي وأيضاً تستخدم في الكريمات، وأفاد: وبحسب علمهم هنالك مادة الآن يودون استخدامها واسمها الهيب وهي ماده فتاكة ويمنع استخدامها في الأراضي الرملية، ويرى أن مثل هذه المصانع تصرف مياهاً بكميات هائلة تقدر ب10 آلاف برميل يومياً، وهم في سودري عانوا كثيراً بما فيه الكفاية كي يجدوا قطرة ماء، وأردف: لقد ناهضنا هذا الأمر وطرقنا كل الأبواب ابتداء من اللجنة الشعبية والعمدة والأمير وأعضاء مجلس الوﻻية بالمحلية ووزير المعادن ومكتب الوالي، وأضاف أن المسيرة السلمية عبروا فيها عن رفضهم التام لقيام هذا المصنع وسلموا مذكره للمعتمد، وأضافوا أن أصحاب المصنع قالوا لهم (إن المصنع حيشغل موظفين وعمالاً)، مؤكدين أن الرافضين لوجود المصنع هم الشباب لإدراكهم مدى الخطر الذي ستواجهه المنطقة جراءه، وذهب المواطن محمد موسى إسماعيل إلى أن خروج سودري عن بكرة أبيها في تظاهرة شاملة كانت تحت شعار (أخذنا قرار، المصنع ضار)، جابت شوارع سودري في مظاهرة سلمية نساء ورجالاً وأطفالاً وكباراً كانوا يطالبون بترحيل مصنع يعمل بمادة السيانيد المادة المسببة للأمراض والسرطانات، علماً بأن هذا المصنع تم إنشاؤه علي مقربة من السكن على بعد 500 متر و400 متر من المسلخ الرئيسي لمدينة سودري . موقف عمدة المدينة ويشير إلى أن العام الماضي شهد مخاطبة عمدة المنطقة للمواطنين داخل المسجد الكبير وطالبهم بالخروج في مظاهرة لإيقاف المصنع لأنه يستخدم مادة السيانيد المسببة للسرطانات والأمراض، ويلفت إلى أنه وبعد مرور عام فإن العمدة جاء ووقف في المسجد وأكد أن المصنع أحضر مادة بديلة للسيانيد وأنها ليست ضارة، ودعا المواطنين للموافقة على قيام المصنع، وأشار يومها إلى أن أصحاب المصنع قالوا له: (جبنا مادة بديلة اسمها اليوريا)، ولكن وبعد التقصي عن المادة الجديدة واستفسار خبراء الجيلوجيا عنها، تبين أن المادة نباتية وليست لها علاقة باستخلاص الذهب. أضرار قاتلة ويجمع مختصون علي تأثير غاز "السيانور" على إنزيم مهم بالجسم يسمى "سيتوكروم أوكسيديز" يعتمد عليه في نقل الأكسجين من الدم إلى الأنسجة، وبتوقف هذا الإنزيم عن القيام بوظيفته يبقى "الهيموجلوبين" محملاً بالأكسجين غير قادر على تمريره للأنسجة، ويعود الدم إلى الرئتين محملاً بالأكسجين ويصير لون الجسم أحمر قرمزياً نظراً لوجود الدم المؤكسد (المحمل بالأكسجين) في الأوردة والشرايين والشعيرات الدموية. يتسبب ذلك في حدوث خلل في وظائف الأعضاء لحرمانها من الأكسجين، ويحدث ما يسمى باختناق الأنسجة، ويُعتبر الجهاز العصبي (الدماغ) والقلب الأعضاء جد حساسة لأيونات السيانيد وأول من يتأثر بها نظراً لحاجتها الكبيرة للأوكسيجين، ويؤدي هذا التعرض لمركبات السيانيد في المحيط المنجمي إلى الزيادة في مستويات السيانيد في الدم، ويسبب مجموعة متنوعة من الأعراض كالضعف البدني والشلل (والتي يمكن أن تكون دائمة)، تلف الأعصاب، قصور الغدة الدرقية وكثرة الإجهاض لدى النساء الحوامل. كما أن هناك أيضاً أضراراً تلحق الكبد والكلى. وتؤدي جرعة واحدة عن طريق الفم من 50 إلى 200 ملغ من مادة السيانيد إلى الموت مباشرة. تحذيرات وكانت الهيئة العامة للأبحاث الجولوجية التابعة لوزارة المعادن قد طالبت كافة قطاعات التعدين المستخدمة للسيانيد، الالتزام الصارم عند الاستخدام وفق الأسس العلمية والمهنية والضوابط البيئية المتبعة، وشددت على أنها تعمل عبر أسس علمية لتحقيق أعلى درجات السلامة للإنسان والبيئة في كل عملياتها الميدانية والإنتاجية"، وقالت إن كل الدراسات العلمية والتجارب أكدت كفاءة مادة السيانيد في استخلاص الذهب حيث تصل نسبة الاستخلاص إلى أكثر من 90%، وأضافت: السيانيد يستخدم عالمياً في قطاع التعدين، ويخضع استخدام المادة لبروتوكولات ومواصفات دولية معروفة تتعامل معه ومعتمدة لدى الحكومات ومراكز البحوث والمواصفات، وأوضحت هيئة الأبحاث أن السيانيد وفي حالة الاستخدام الصحيح يتفكك ويتحول إلى مركباته الأولية بحيث يصبح مادة غير سامة ولا تؤثر على الإنسان أو الحيوان أو البيئة بشكل عام، وأكدت أنها يتوفر لديها نظم رقابة محكم لكل عمليات التعدين في مراحله وطرقه المختلفة عبر فرق متخصصة حيث يتم استخدام السيانيد في عمليات استخلاص الذهب عبر إشراف فني كامل من مختصين وفقاً للاشتراطات والمعايير البيئية التي وضعتها وزارتا المعادن والبيئة.